الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس: عن فاطمة بنت المنذر رحمها اللَّه قالت:
«كنا نخمر وجوهنا، ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما» (1).
وفي تعبير أسماء رضي الله عنها بصيغة الجمع في قولها: «كنا نغطي وجوهنا من الرجال» دليلٌ على أن عمل النساء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كان على تغطية الوجوه من الرجال الأجانب، واللَّه أعلم، أما حديث فاطمة بنت المنذر، فيفيد أن تغطية الوجه في الإِحرام كان عامًّا في النساء، لا في زمن الصحابة فقط؛ بل فيما بعدهم أيضًا.
الدليل السابع: حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما
- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
(1) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، 1/ 328، وابن خزيمة، برقم 2690، والحاكم، 1/ 45، وصححه، ووافقه الذهبي، وتقدم تخريجه.
(2)
إبراز الحق، للمباركفوري، ص 49.
جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا» . فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» (1).
قال الترمذي: «وفي الحديث رخصة للنساء في جَرِّ الإزار؛ لأنه يكون أستَرَ لهن» .
وقال البيهقي: «في هذا دليل على وجوب ستر قدميها» .
وفي رواية لأحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رخَّص للنساء أن يُرْخين شبرًا، فقلن: يا رسول الله إذًا تنكشف أقدامُنا، فقال: «ذِرَاعاً ولا يَزِدْنَ عليه» (2).
وفي رواية له أخرى عن ابن عمر رضي الله عنها أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم سألنه عن الذيل، فقال:«اجعلنَه شِبرَا» ، فقلن: شبراً لا يَسْتُرُ من عَورَةِ، فقال:«اجعلْنَه ذرَاعَا» ، فكانت إحداهن إذا أرادت أن تتخذ درعاً
(1) أخرجه أحمد، 9/ 158، برقم 5173، وأبو داود، كتاب اللباس، باب في قدر الذيل، برقم 4117، والترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في ذيول النساء، برقم 1730، وقال: حسن صحيح، والنسائي، كتاب الزينة، باب ذيول النساء، برقم 5336، وفي الكبرى له، كتاب الزينة، ذيول النساء، برقم 9651، وابن ماجه، كتاب اللباس، باب ذيل المرأة كم يكون، برقم 3580، قال الألباني في جلباب المرأة المسلمة، ص80:«حسن صحيح» ، وقال محققو المسند في التعليق على الحديث رقم 4489، 8/ 73:«إسناده صحيح على شرط الشيخين، دون ما يتعلق بذيول النساء، ففيها انقطاع بين نافع وبين أم سلمة، وسيأتي موصولاً بهذه الزيادة بإسناد صحيح» .
(2)
انظر: سنن النسائي، 8/ 209، برقم 5336، وابن ماجه، برقم 3580، وأحمد، برقم 5173.
أرخت ذراعَاً، فجعلته ذيلاً (1).
قال العلامة التويجري رحمه الله: «وفي هذا الحديث والحديثين بعده دليل على أن المرأة كلها عورة في حق الرجال الأجانب؛ ولهذا لما رخّص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في إِرخاء ذيولهن شبرًا، قلن له: إنَّ شبراً لا يستر من عورة، والعورة ها هنا القدم، كما هو واضح من باقي الروايات عن ابن عمر، وأم سلمة رضي الله عنهم.
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم النساء على جعل القدمين من العورة، وإذا كان الأمر هكذا في القدمين، فكيف بما فوقهما من سائر أجزاء البدن؟ ولا سيما الوجه الذي هو مجمع محاسن المرأة؟ وأعظم ما يَفْتَتِنُ به الرجال، ويتنافسون في تحصيله إن كان حسناً.
ومن المعلوم أن العشق الذي أضنى كثيراً من الناس، وقتل كثيراً منهم، إنما كان بالنظر إلى الوجوه الحسنة، لا إلى الأقدام وأطراف الأيدي، ولا إلى الحلي والثياب، وإذا كان قدم المرأة عورة يجب سترها، فوجهُها أولى أن يُسْتَر، واللَّه أعلم» (2).
وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: «هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب، فالتنبيه
(1) مسند أحمد، 5/ 455، برقم 5636، وصححه محققو المسند لغيره، 5/ 455.
(2)
الصارم المشهور، ص 97 - 98.