الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعفة صفة من صفات الحور العين التي أشار إليها قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} (1)، وقوله عز وجل:{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} (2)، وقوله جل وعلا:{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} (3).
فقوله جل وعلا: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} يعني: أنهن عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن، (عِينٌ) أي: حسان الأعين، جميلات المظهر، عفيفات تقيات نقيات.
فقد جعل سبحانه عفّتهن قرينة حجابهن وقرارهن في خيامهن، وامتدحهن بالعفة مع الجمال، فأعظم ما تكون العفة إذا ما اقترنت بالجمال، وقد وصف بهما يوسف عليه السلام في قول امرأة العزيز:{فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} (4).
خامساً: الحجاب سِتْرٌ:
عن يعلى بن شداد بن أوس رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه تعالى حَيِيٌّ ستير، يحب الحياء والستر» (5) الحديث.
(1) سورة الرحمن، الآية:72.
(2)
سورة ص، الآية:52.
(3)
سورة الصافات، الآية:48.
(4)
سورة يوسف، الآية:32.
(5)
رواه أبو داود، في الحمام: باب النهي عن التعري، 4/ 70، برقم 4014، و4015 والنسائي في الغسل، باب الاستتار عند الاغتسال، 1/ 200، برقم 406، ورواه الإمام أحمد، 29/ 483، برقم 17968، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم 2335.
وقد امتن اللَّه سبحانه وتعالى على الأبوين بنعمة الستر، فقال عز وجل:{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} (1)، وقال سبحانه ممتنًا على عباده:
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: «يتقي اللَّه فيواري عورته، فذاك لباس التقوى» (3).
ولذلك تجد وظيفة اللباس عند من لا يتقون اللَّه، ولا يستحيون منه كعامة الغربيين مثلًا، لا يتجاوز غرض الزينة والرياش، وأما المؤمنون المتقون، فإنهم يحرصون على اللباس أولاً لستر العورات التي يستحيا من إظهارها، ثم بعد ذلك لهم سعة في إباحة الزينة والتجمل.
إن الذنوب معايب يُبْتعدُ عنها، ويُستتر منها، والعورات كذلك معايب يجب أن تستر، ويبتعد عما يحرم منها، وكأن المكثرين من الخطايا هم الذين لا يبالون بما يبدو من عوراتهم، ومن هنا ترى المؤمنين المبتعدين عن الذنوب بعيدين عن إظهار العورات.
والعورات يجب سترها، قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (4).
(1) سورة طه، الآية:118.
(2)
سورة الأعراف، الآية:26.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم، 6/ 1، الطبري في التفسير، 12/ 368،
(4)
سورة الأعراف، الآية:31.
وقال جل وعلا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (1)، ويدخل في حفظ الفروج حفظها عن التكشف، وعن أن يُنظر إليها.
وعن جبار بن صخر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إنا نُهينا أن تُرى عوراتنا» (2).
وحب الستر من أخلاق الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.
* فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إن موسى كان رجلًا حَييًّا سِتِّيرًا، لايرى من جلده شيء، استحياءً منه» (3) الحديث.
وكان من دعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم استر عوراتي، وآمن روعاتي» (4) الحديث، وفي لفظ:«اللَّهم استر عورتي» .
(1) سورة النور، الآيتان: 30 - 31.
(2)
رواه الحاكم 3/ 223، وابن أبي حاتم في العلل، 2/ 276، برقم 2327، والديلمي في الفردوس، 2/ 527، وصححه العلامة الألباني لشواهده في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 4/ 281.
(3)
رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حدثني إسحاق بن نصر، 4/ 156، برقم 3404، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن تفسير سورة الأحزاب، 5/ 359، برقم 3221، والإمام أحمد، 16/ 396، برقم 10678.
(4)
جزء من حديث رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه الإمام أحمد، 8/ 403، برقم 4785، وأبو داود، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، 4/ 479، برقم 5076، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح، 2/ 1273، برقم 3871، والبخاري في الأدب المفرد، ص 411، وابن السني في عمل اليوم والليلة، ص 73، برقم 40، والحاكم، 1/ 517، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وابن حبان في صحيحه، 3/ 241، برقم 961، وصححه النووي في الأذكار، ص 66، وحسنه الحافظ ابن حجر كما في الفتوحات الربانية، 1/ 108، وصححه العلامة الألباني في كثير من كتبه، انظر: صحيح الأدب المفرد، ص 488.