الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
- قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ - وفي رواية: المسجد - فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ» (1).
قال المناوي: «إذا شهدت إحداكن العشاء» أي أرادت حضور صلاتها مع الجماعة بنحو مسجد، وفي رواية مسلم بدل «العشاء»:«المسجد» .
«فلا تَمسَّ طيبًا» من طيب النساء قبل الذهاب إلى شهودها أو معه؛ لأنه سبب للافتتان بها، بخلافه بعده في بيتها، وتخصيص العشاء ليس لإخراج غيرها، بل لأن تطيُّب النساء إنما يكون غالبًا في أول الليل.
قال ابن دقيق العيد: «ويُلحق بالطيب ما في معناه؛ لأن سبب المنع ما فيه من تحريك داعية الشهوة، كحُسْنِ الملبس، والحلي الذي يظهر، والهيئة الفاخرة.
فإن قلت: فلمَ اقتصر في الحديث على الطيب؟ قلت: لأن الصورة أن الخروج ليلًا، والحليَّ، وثياب الزينة مستورة بظلمته، وليس لها ريح يظهر، فإن فُرضَ ظهوره كان كذلك.
فإن قلتَ: فلمَ نكَّر الطيب؟ قلت: ليشمل كل نوع من الأطياب
(1) مسلم، كتاب الصلاة، باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ وَأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مُطَيَّبَةً، برقم 443.
التي يظهر ريحها؛ فإن ظهر لونه وخفي ريحه فهو كثوب الزينة؛ فإن فُرض أنه لا يُرى لكونها متلففة، وهي في ظلمة الليل احتمل أن لا تدخل في النهي» (1).
فإذا كان التبخر والتعطر محرمًا على من تريد المسجد؛ فإنه يكون مُحرَّمًا بالأولى على من تخرج من بيتها متعطرة متبخِّرة لغيره، سيَّما تلك التي تطوف الأسواق بقَدِّها، وتختال في الطرقات بمشيتها، وتغشى الحدائق ودور الخيالة (السينما) بنفسها.
لهذا عدَّ ابن حجر المكي الهيتمي الشافعي خروجها متعطرة من الكبائر فقال: «الكبيرة التاسعة والسبعون بعد المائتين: خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة، حتى ولو أذِنَ لها زوجها بذلك، ثم قال بعد أن أورد عدة أحاديث: «عُدَّ هذا - أي كون التعطر كبيرة من الكبائر - هو صريح هذه الأحاديث، وينبغي حمله ليوافق قواعدنا يعني قواعد الشافعية - على ما إذا تحققت الفتنة، أما مع مجرّد خشيتها فهو مكروه، أو مع ظنها فهو حرام غير كبيرة كما هو ظاهر» (2).
وقال ابن حزم: «ولا يحلُّ لهنَّ أن يخرجن متطيبات، ولا في ثياب حسان، فإن فعلنَ فليمنعها» (3)، أي فليمنعها الزوج من ذلك.
(1) فيض القدير، 1/ 387 - 388 باختصار. وانظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام،
1/ 168، وفتح الباري، 2/ 350، وأوجز المسالك، 4/ 104.
(2)
الزواجر عن اقتراف الكبائر، 2/ 45.
(3)
المحلى، 4/ 129.