الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الرابعة: ما جاء في حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه
ما - قال: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ» ، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ (1)، سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ (2)، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» ، قَالَ فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ» (3).
فقال من يحتج بالسفور في قول جابر رضي الله عنه: «سفعاء الخدين» يدل على أنها كانت كاشفة عن وجهها، إذ لو كانت متحجبة لما رأى خديها، ولما علم بأنها سفعاء الخدين.
والجواب: أولاً: أن الحديث ليس فيه حجة لأهل السفور، قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: «وأجيب عن حديث جابر هذا بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها، وأقرها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابراً رأى وجهها،
(1) سطة النساء: أي جالسة وسطهن.
(2)
أي: فيهما تغير وسواد.
(3)
أخرجه البخاري، في مواضع من صحيحه، منها: كتاب العيدين، باب العلم الذي بالمصلى، برقم 977، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، برقم 4 - (885)، واللفظ له.
وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال، كما قال نابغة ذبيان:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
…
فتناولته واتقتنا باليدِ (1)
فعلى المحتج بحديث جابر المذكور أن يثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك» (2).
وقال الشيخ حمود بن عبد اللَّه التويجري رحمه الله: «وأما حديث جابر رضي الله عنه فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى تلك المرأة سافرة بوجهها، وأقرها على ذلك، حتى يكون فيه حجة لأهل السفور، وغاية ما فيه أن جابرًا رأى وجه تلك المرأة، فلعل جلبابها انحسر عن وجهها بغير قصد منها، فرآه جابر، وأخبر عن صفته، ومن ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رآها كما رآها جابر، وأقرها فعليه الدليل» (3).
ثانياً: أنه قد روى هذه القصة المذكورة من الصحابة غير جابر، ولم يذكروا كشف المرأة عن وجهها، قال الشيخ حمود التويجري أيضاً رحمه الله: «ومما يدل على أن جابرًا رضي الله عنه قد انفرد برؤية وجه المرأة التي خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري رضي الله عنهم رَوَوْا خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وموعظته للنساء،
(1) ديوان النابغة، ص 40.
(2)
أضواء البيان، 6/ 597.
(3)
الصارم المشهور، ص 117 - 118.
ولم يذكر واحد منهم ما ذكره جابر رضي الله عنه من سفور تلك المرأة وصفة خديها.
فأما حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه فرواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وقال:«صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَقَامَتِ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَتْ: بِمَ نَحْنُ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ (1)» (2).
فوصف ابن مسعود رضي الله عنه المرأة التي خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ليست من عِلية النساء، أي ليست من أشرافهن، ولم يذكر عنها سفورًا، ولا صفة الخدين.
وأما حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما فرواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«يا معشر النساء تصدقن، وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار» ، فقالت امرأة منهن جَزْلَة: وما لنا يا رسول اللَّه؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن
(1) أي: الزوج، أي يجحدن إحسان أزواجهن.
(2)
رواه أحمد، 7/ 119، برقم 4019، والحاكم، 2/ 191، وأبو يعلى، 9/ 48، والترمذي مختصراً، كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الحلي، برقم 635، ومصنف ابن أبي شيبة، 2/ 351، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، برقم 3075.
العشير» الحديث (1)، فوصف المرأة بأنها كانت جزلة، ولم يذكر ما رواه جابر من سَفْع خَدَّيها.
وامرأة جزلة أي تامّةُ الخَلْق، ويجوز أن تكون ذات كلام جزل أي: قوي شديد.
وقال النووي: جزلة بفتح الجيم وإسكان الزاي، أي ذات عقل ورأي، قال ابن درَيد: الجزالة العقلُ والوقار (2).
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فرواه الإمام أحمد، والشيخان، وأهل السنن إلا الترمذي، وفيه: «فقالت امرأة واحدة لم يُجِبْهُ غيرها منهن: نعم يا نبي اللَّه، لا يُدرى حينئذٍ من هي، قال: فتصدقن
…
» الحديث (3).
وقال النووي رحمه الله في قوله: «لا يدري حينئد من هي» : معناه لكثرة النساء، واشتمالهن بثيابهن لا يُدرى من هي؟».
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما لم يذكر عن تلك المرأة سفورًا، ولا عن غيرها من النسوة اللاتي شهدن صلاة العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان شهودُ ابن عباس رضي الله عنهما لصلاة العيد في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فرواه الترمذي، وقال: «حديث
(1) مسلم، كتاب الإيمان، باب نقصان الإيمان بنقص الطاعات
…
برقم 79.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 66.
(3)
أخرجه البخاري، كتاب العيدين، باب موعظة الإمام النساء يوم العيد، برقم 979، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، برقم 884.
غريب صحيح»، وفيه: «فقالت امرأة منهن: ولم ذلك يا رسول اللَّه؟
…
» الحديث (1).
وأما حديث أبي سعيد رضي الله عنه، فأخرجاه في الصحيحين وفيه: «فقلن: وبم يا رسول اللَّه؟
…
» الحديث (2).
فهؤلاء خمسة من الصحابة رضي الله عنهم، ذكروا نحو ما ذكره جابر
رضي الله عنه، من موعظة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، وسؤالهن له عن السبب في كونهن أكثر أهل النار، ولم يذكر واحد منهم سفورًا، لا عن تلك المرأة التي خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن غيرها، وهذا يقوي القول بأن جابراً رضي الله عنه قد انفرد برؤية وجه تلك المرأة، ورؤيته لوجهها لا حجة فيه لأهل التبرج والسفور؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآها سافرة بوجهها، وأقرها على ذلك» (3).
ثالثًا: قال الإمام النووي رحمه الله في شرح حديث جابر هذا عند مسلم: «قَوْله: (فَقَالَتْ اِمْرَأَة مِنْ سِطَة النِّسَاء) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ: سِطَة بِكَسْرِ السِّين، وَفَتْح الطَّاء الْمُخَفَّفَة، وَفِي بَعْض النُّسَخ (وَاسِطَة النِّسَاء) قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ مِنْ خِيَارهنَّ، وَالْوَسَط الْعَدْل وَالْخِيَار،
(1) الترمذي، كتاب الإيمان، باب في استكمال الإيمان، برقم 2613، والطبراني في الأوسط، 2/ 36، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 1/ 205.
(2)
البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، برقم 304، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات
…
، برقم 79 دون ذكر اللفظة مورد الشاهد.
(3)
الصارم المشهور، ص 118 - 122 بتصرف.
قَالَ: وَزَعَمَ حُذَّاق شُيُوخنَا أَنَّ هَذَا الْحَرْف مُغَيَّر فِي كِتَاب مُسْلِم، وَأَنَّ صَوَابه (مِنْ سَفَلَة النِّسَاء)، وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي مُسْنَده، وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنه، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ أَبِي شَيْبَة: اِمْرَأَة لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَة النِّسَاء، وَهَذَا ضِدُّ التَّفْسِير الْأَوَّل، وَيُعَضِّدهُ قَوْله: بَعْده: «سَفْعَاء الْخَدَّيْنِ» ، هَذَا كَلَام الْقَاضِي، وَهَذَا الَّذِي ادَّعَوْهُ مِنْ تَغْيِير الْكَلِمَة غَيْر مَقْبُول بَلْ هِيَ صَحِيحَة، وَلَيْسَ الْمُرَاد بِهَا مِنْ خِيَار النِّسَاء كَمَا فَسَّرَهُ هُوَ، بَلْ الْمُرَاد امْرَأَة مِنْ وَسَط النِّسَاء جَالِسَة فِي وَسَطهنَّ، قَالَ الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره مِنْ أَهْل اللُّغَة: يُقَال وَسَطْت الْقَوْم أَسِطهُمْ وَسْطًا وَسِطَة أَيْ تَوَسَّطْتهمْ» (1).
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: «وَهَذَا التَّفْسِيرُ الْأَخِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ، فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ثَنَاءٌ الْبَتَّةَ عَلَى سَفْعَاءِ الْخَدَّيْنِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ جَابِرًا ذَكَرَ سَفْعَةَ خَدَّيْهَا لِيُشِيرَ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ شَأْنُهَا الِافْتِتَانُ بِهَا; لِأَنَّ سَفْعَةَ الْخَدَّيْنِ قُبْحٌ فِي النِّسَاءِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: «سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ، أَيْ: فِيهَا تَغَيُّرٌ وَسَوَادٌ» ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ: «وَالسَّفْعَةُ فِي الْوَجْهِ: سَوَادٌ فِي خَدَّيِ الْمَرْأَةِ الشَّاحِبَةِ، وَيُقَالُ لِلْحَمَامَةِ سَفْعَاءُ لِمَا فِي عُنُقِهَا مِنَ السَّفْعَةِ، قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
مِنَ الْوُرْقِ سَفْعَاءُ الْعِلَاطَيْنِ بَاكَرَتْ
…
فُرُوعَ أَشَاءٍ مَطْلَعَ الشَّمْسِ أَسْحَمَا (2)
(1) شرح النوي على صحيح مسلم، 6/ 175.
(2)
البيت في ديوان حميد بن ثور الهلالي، ص 24 بلفظ: من الورق حماء العلاطين باكرت .... وهكذا لا يكون البيت شاهداً لما في الحديث.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: السَّفْعَةُ فِي الْخَدَّيْنِ مِنَ الْمَعَانِي الْمَشْهُورَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَنَّهَا سَوَادٌ وَتَغَيُّرٌ فِي الْوَجْهِ، مِنْ مَرَضٍ أَوْ مُصِيبَةٍ أَوْ سَفَرٍ شَدِيدٍ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيِّ يَبْكِي أَخَاهُ مَالِكًا:
تَقُولُ ابْنَةُ الْعُمَرِيِّ مَا لَكَ بَعْدَمَا
…
أَرَاكَ خَضِيبًا نَاعِمَ الْبَالِ أَرْوَعَا
فَقُلْتُ لَهَا طُولُ الْأَسَى إِذْ سَأَلْتِنِي
…
وَلَوْعَةُ وَجْدٍ تَتْرُكُ الْخَدَّ أَسْفَعَا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنَ السَّفْعَةِ مَا هُوَ طَبِيعِيٌّ كَمَا فِي الصُّقُورِ، فَقَدْ يَكُونُ فِي خَدَّيِ الصَّقْرِ سَوَادٌ طَبِيعِيٌّ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:
أَهْوَى لَهَا أَسْفَعُ الْخَدَّيْنِ مُطَّرِقُ
…
رِيشَ الْقَوَادِمِ لَمْ تُنْصَبْ لَهُ الشَّبَكُ
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ السَّفْعَةَ فِي الْخَدَّيْنِ إِشَارَةٌ إِلَى قُبْحِ الْوَجْهِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إِنَّ قَبِيحَةَ الْوَجْهِ الَّتِي لَا يَرْغَبُ فِيهَا الرِّجَالُ لِقُبْحِهَا، لَهَا حُكْمُ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا» (1).
رابعاً: أن هذه المرأة ربما تكون من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، فلا تثريب عليها في كشف وجهها على النحو المذكور، ولا يمنع ذلك من وجوب الحجاب على غيرها، قال تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ
(1) أضواء البيان، 6/ 597 - 599، ومما يؤيده أن الإمام ابن قدامة: أشار إلى استثناء القواعد، من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا من قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} الآية، فحكى: عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: «فنسخ، واستثنى من ذلك {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} الآية، ثم قال ابن قدامة: «وفي معنى ذلك الشوهاء التي لا تشتهى» . المغني، 6/ 560.
النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1).
يؤيد ذلك أن الراوي وصفها بأنها سفعاء الخدين، أي فيهما تغير وسواد، فهي من الجنس المعذور في السفور، حيث لم يكن بها داع من دواعي الفتنة، ويؤيده أيضَاً ما تعارف عليه النساء غالباً من أن المرأة التي تجرؤ على سؤال الرجال هي أكبرهن سناً، والعلم عند اللَّه تعالى (2).
خامساً: أن هذا الحديث ليس فيه ما يدل على أن هذه القصة كانت قبل الحجاب أو بعده، فيحتمل أنها كانت قبل أمر اللَّه تعالى النساء أن يضربن بخمرهن على جيوبهن، وأن يدنين عليهن من جلابيبهن.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: «إما أن تكون هذه المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً، فكشف وجهها مباح، ولا يمنع وجوب الحجاب على غيرها، أو يكون قبل نزول آية الحجاب، فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة، وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة» (3).
(1) سورة النور، الآية:60.
(2)
انظر: الصارم المشهور، ص 122، نظرات، ص 68، رسالة الحجاب، ص 32، فصل الخطاب، ص 96، الحجاب للسندي، ص 44 - 45.
(3)
رسالة الحجاب، ص 32، ولا يمتنع أن تشرع في السنة الثانية، وتخرج النساء إليها قبل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك لو قلنا إنه كان في السنة السادسة.