الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الجهاد
تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وترغيبه على الجهاد وإنفاق الأموال خروج النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر واستشارته الصحابة وأقوالهم رضي الله عنهم
أخرج بن أبي حاتم، وابن مردويه - واللفظ له - عن أبي عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة -: «إني أُخبرت عن عِير أبي سفيان أنَّها مقبلة؛ فهل لكم أن نخرج قِبَل هذه العير لعلّ الله يُغَنِّمنَاها؟» فقلنا: نعم. فخرج وخرجنا. فلما سرنا يوماً أو يومين قال لنا: «ما ترون في القوم فإنهم قد أُخبروا بمخرجكم؟» فلنا: لا - والله - ما لنا طاقة بقتال القوم، ولكنا أردنا العير. ثم قال:«ما ترون في قتال القوم؟» فقلنا مثل ذلك. فقام المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال: إذاً لا نقول لك - يا رسول الله - كما قال قوم وموسى لموسى عليه السلام: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلآ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة: 24) . قال: فتمنّينا - معشر الأنصار - لو أنّا قلنا مثل ما قال المقداد أحبّ إِلينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله عز وجل على رسوله: {كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقّ وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَِّرِهُونَ} (الأنفال: 5) - وذكر تمام الحديث. كذا في البداية وقد ذكره بتمامه في مجمع الزوائد؛ ثم قال:: رواه البزّار بتمامه، والطبراني ببعضه وفيه: عبد العزيز
بن عمران وهو متروك. انتهى.
وقد أخرج الإِمام أحمد كما في البداية عن أنس رضي الله عنه قال: إستشار النبي صلى الله عليه وسلم مَخْرَجه إِلى بدر، فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه، ثم استشارهم فأشار عليه عمر رضي الله عنه، ثم استشارهم فقال بعض الأنصار: إياكم يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار، فقال بعض الأنصار: يا رسول الله، إذاً لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام:«إذهب أنت وربك فقاتلا إِنا ها هنا قاعدون» ، ولكن - والذي بعثك بالحق - لو ضربت أكبادها إلى برك الغِماد لاتَّبعناك. قال ابن كثير: هذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الصحيح.
وعند الإِمام أحمد أيضاً من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان. قال: فتكلّم أبو بكر رضي الله عنه فأعرض عنه، ثم تكلّم عمر رضي الله عنه فأعرض عنه. فقال سعد بن عبادة رضي الله عنه: إيّانا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحار لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا» ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس. كذا في البداية. وأخرجه ابن عساكر أيضاً عن أنس بنحوه كما في كنز العمال.
وأخرج ابن مَرْدَويْه عن علقمة بن وقَّاص الليثي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر حتى إذا كان بالرَّوْحاء خطب الناس فقال: «كيف ترون؟» فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، بَلَغنا أنهم بكذا وكذا. قال ثم خطب الناس فقال:«كيف ترون؟» فقال عمر رضي الله عنه مثل قول أبي
بكر. ثم خطب الناس فقال: «كيف ترون؟» فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله إيانا تريد، فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط، ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتي بَرك الغِماد من ذي يَمَنٍ لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى عليه السلام:«إذهب أنت وربك فقاتلا إِنّا ها هنا قاعدون» ولكن إذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكم متَّبعون، ولعلَّ أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامضِ، فصِلْ حبالَ من شئتَ، واقطع حبال من شئتَ، وعاد من شئتَ، وسالم من شئتَ؛ وخذ من أموالنا ما شئت. فنزل القرآن على قول سعد رضي الله عنه:{كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقّ وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَِّرِهُونَ} (الأنفال: 5) - الآيات. وذكر الأمويُّ في مغازيه، وزاد بعد قوله: وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منَّا كان أحب إِلينا ممّا تركت، وما أمرت به من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غُمْدان لنسيرن معك. كذا في البداية.
وذكره ابن إسحاق وفي سياقه: قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال:«أجل» . قال: فقد آمنّا بك، وصدَّقناك، وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامضِ - يا رسول الله - لما أردت فنحن معك، فالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضتَه لخضناه معك، ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقَى بنا عدونا غداً. إنا لصُبُرٌ في الحرب، صُدْقٌ عند اللقاء، لعل الله يُرِيك منا ما تقرُّ به عينك، فسِرْ على بركة الله. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشّطه، ثم قال:«سيروا وأبشروا؛ فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله، لكأنِّي الآن أنظر إلى مصارع القوم» كذا في البداية.
ترغيبه صلى الله عليه وسلم في الجهاد قبل المعركة وقول عمير بن الحمام رضي الله عنه
وأخرج الإِمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بُسْبُساً عيناً ينظر ما صنعتْ عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحد غيري وغير النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا أدري ما استثني من بعض نسائه - قال فحدّثه الحديث. قال: فخرج رسول الله فتكلّم فقال: «إنَّ لن طَلِبَة، فمن كان ظَهْره حاضراً فليركب معنا» . فجعل رجال يستأذنونه في ظهورهم في عُلْو المدينة. قال: «لا، إلا من كان ظهره حاضراً» . وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إِلى بدر، وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يتقدمّنّ أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه» ، فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» . قال: يقول عُمير بن الحُمام والأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال:«نعم» . قال: بَخٍ بَخٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما يحملك على قول: بَخٍ بَخٍ؟» قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءَ أن أكون من أهلها قال: فإنَّك من أهلها. قال فأخرج تمرات من قَرْنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها حياة طويلة. قال: فرمى ما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل رحمه الله. ورواه مسلم أيضاً كذا في البداية. وأخرجه البيهقي أيضاً بطوله: والحاكم مختصراً.
وعند ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرَّضهم وقال: