المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر - حياة الصحابة - جـ ٢

[محمد يوسف الكاندهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الجهاد

- ‌قصة تبوك وما أنفق الصحابة في ذلك من والأموال

- ‌إستئذان الجدّ بن قيس عن الغزو وما قاله عليه السلام له وما نزل فيه من القرآن

- ‌إنفاق الصحابة رضي الله عنهم المال في غزوة تبوك

- ‌إهتمامه صلى الله عليه وسلم ببَعْث أسامة رضي الله عنه في مرض وفاته

- ‌وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودخول الصحابة المدينة

- ‌مشايعة أبي بكر جيش أسامة

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعمر رضي الله عنهما

- ‌مشاورة أبي بكر أكابر الصحابة في غزو الروم وخطبته في ذلك

- ‌خطبة عمر ومتابعته في إمضاء رأي أبي بكر في الجهاد

- ‌تبشير علي أبا بكر وسروره بما قال علي وخطبته في استنفار الصحابة

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه إلى أهل اليمن للجهاد في سبيل الله

- ‌رغيب عثمان بن عفان رضي الله عنه على الجهاد

- ‌تحريض علي رضي الله عنه يوم صفِّين

- ‌خطبة علي على تثاقلهم في النَّفْر

- ‌ترغيب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على الجهاد خطبة سعد يوم القادسية

- ‌خطبة عاصم بن عمرو يوم القادسية

- ‌رغبة عمر في السير في سبيل الله وقوله: إن الجهاد أفضل من الحج

- ‌رغبة ابن عمر رضي الله عنهما في الجهاد

- ‌قول عمر في فضيلة من يخرج ويحرس في سبيل الله

- ‌قصة عمر ومعاذ في الخروج مع أبي بكر

- ‌ترجيح عمر للمهاجرين الأولين على رؤساء القوم في المجلس

- ‌قول سهيل بن عمرو للرؤساء الذين قدَّم عمر المهاجرين عليهم

- ‌رغبة خالد بن الوليد في الجهاد وطلبه القتل في سبيل الله

- ‌رغبة بلال في الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار المقداد على القعود عن الجهاد لآية النَفْر

- ‌صة أبي طلحة في ذلك

- ‌قصة أبي أيوب في ذلك

- ‌قصة أبي خيثمة في ترك نعيم الدنيا والخروج في سبيل الله

- ‌حزن الصحابة رضي الله عنهم على عدم القدرة على الخروج

- ‌الإِنكار على من أخّر الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على ابن رواحة

- ‌إنكار عمر على معاذ بن جبل تأخيره الخروج

- ‌العتاب على من تخلَّف عن سبيل الله وقصَّر فيه

- ‌قصة كعب بن مالك الأنصاري

- ‌إنكار عبد الله بن عمرو بن العاص على رجل ترك الجهاد

- ‌الإِنكار على من لم يتم الأربعين في سبيل الله

- ‌الخروج لثلاثة أربعينات في سبيل الله

- ‌الخدمة في الجهاد في سبيل الله خدمة المفطرين للصائمين في سبيل الله

- ‌خدمة الصحابة لرجل يشتغل بالقرآن والصلاة

- ‌الصوم في سبيل الله

- ‌صوم عبد الله بن مخرمة يوم اليمامة

- ‌الصلاة في سبيل الله

- ‌صلاة النبي عليه السلام في عسفان

- ‌قيام الليل في سبيل الله

- ‌تكبير الصحابة وتسبيحهم عند الصعود والنزول

- ‌الدعاء عند الإِشراف على القرية

- ‌الدعاء عند افتتاح الجهاد

- ‌دعاؤه عليه السلام في وقعة أُحد والخندق

- ‌الدعاء عند الجهاد

- ‌الإهتمام بالتعليم في الجهاد

- ‌جلوس الصحابة حِلَقاً في السفر

- ‌ثواب الإِنفاق في الجهاد

- ‌إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله

- ‌أقوال عمر في الشهداء

- ‌الحراسة في سبيل الله

- ‌تحمل الأمراض في الجهاد

- ‌جراحة طلحة بن عُبيد الله وعبد الرحمن بن عوف

- ‌جراحة جعفر بن أبي طالب

- ‌صة رافع بن خديج ورجلين من بني عبد الأشهل

- ‌تمني الشهادة والدعاء لها

- ‌قصة ثابت بن الدحداحة

- ‌يوم الرَّجيع قصة قتل عاصم وخبيب وأصحابهما

- ‌يوم مؤتة بكاء ابن رواحة عند الخروج وأبياته في سؤال الشهادة

- ‌تشجيع ابن رواحة الناس على الشهادة

- ‌يوم اليرموك قتل عكرمة بن أبي جهل في أربعمائة من المسلمين

- ‌بقية قصص الصحابة رضي الله عنهم في رغبتهم في القتل في سبيل الله

- ‌إستشهاد البراء بن مالك يوم العقبة بفارس

- ‌ قتال طلحة يوم أُحد

- ‌قتله طلحة العبدري يوم أُحد

- ‌بُكاءُ النبي عليه السلام عندما رآه مقتولا

- ‌شجاعة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌شجاعة أبي دُجانة سِماك بن خَرَشة الأنصاري

- ‌شجاعة قتادة بن النعمان

- ‌شجاعة سَلَمة بن الأكوع

- ‌أبو قتادة على فرس الأخرم

- ‌شجاعة أبي حدرد أبو عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه

- ‌شجاعة خالد بن الوليد رضي الله

- ‌إقتحامه الحديقة من الجدار وقتاله مع القوم وحده

- ‌الندامة والجزع من الفرار

- ‌جزع المهاجرين والأنصار على الفرار يوم الجسر

- ‌الدلالة على من يعين الخارج في سبيل الله

- ‌البدل في البعث

- ‌تشييع المجاهد في سبيل الله وتوديعه

- ‌تشييع أبي بكر جيش أسامة

- ‌تشييع ابن عمر للغزاة وما قال لهم

- ‌كتابة إسم من خرج في سبيل الله

- ‌الصلاة والطعام عند القدوم

- ‌خروج إمرأة من بني غِفَار معه عليه السلام

- ‌خروج أم حَرَام بنت ملحان خالة أنس

- ‌خدمة الرِّبِّيع بنت مُعَوِّذ وأم عطية وليلى الغفارية في الجهاد

- ‌خروج النساء للخدمة يوم خيبر

- ‌قتال صفية يوم أُحد ويوم الخندق

- ‌إتخاذ أُم سُلَيم خنجراً للقتال يوم حُنَين

- ‌خروح الصبيان وقتالهم في الجهاد

- ‌شهادة عمير

- ‌قول أبي ذر رضي الله عنه في الخلاف

- ‌خطبة عمر والبيعة العامة على يد أبي بكر

- ‌ الناس أبا بكر بَيْعة

- ‌خروج أبي بكر للجهاد وحيداً وقول علي في ذلك

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعبد الرحمن بن عوف

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه في إستخلاف عمر ووصيته له وللناس

- ‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر

- ‌من يتحمل الخلافة

- ‌صفات الخليفة كما يراها عمر رضي الله عنه

- ‌لين الخليفة وشدته

- ‌حصر من يقع منه الإنتشار في الأمة

- ‌مسألة خراج البحرين

- ‌إستشارة عمر وعثمان عبد الله بن عباس

- ‌خطبة بليغة لعمر في المشاورة

- ‌كتاب عمر إلى سعد في الحرب

- ‌التأمير في السفر

- ‌من يتحمل الإِمارة

- ‌كتاب عمر في تأمير الأمراء

- ‌الإِنكار عن قبول الإِمارة

- ‌وصية أبي بكر لرافع الطائي في أمر الإِمارة

- ‌ما وقع بين أبي بكر ورافع في الإِمارة

- ‌إِيثار الصحابة الغزو على الإِمارة

- ‌إنكار ابن عمر على القضاء بين الناس

- ‌ما وقع بين ابن عمر وأم المؤمنين حفصة بشأن دومة الجندل

- ‌إنكار عمران بن حصين على قبول الإِمارة

- ‌إحترام الخلفاء والأمراء وطاعة أوامرهم

- ‌ما وقع بين عوف

- ‌طاعة الأمير إنما تكون في المعروف

- ‌وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي ذر في احترام الأمير

- ‌قصة إمرأة مجذومة في احترام الأمير

- ‌خطورة عصيان الأمير

- ‌حق الأمير على الرعية

- ‌نصيحة العباس لابنه في هذا الأمر

- ‌عمل عمران بن حصين في الأموال

- ‌شرائط عمر على العمال

- ‌كتاب عمر إِلى عمرو بن العاص في كسر المنبر

- ‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العِلَيَّة

- ‌قصة المرأة المخزومية

- ‌قصة رجلين من الأنصار في هذا الأمر

- ‌عدل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌عدل عمر الفاروق رضي الله عنه

- ‌ما كان يعمله عمر رضي الله عنه في الموسم للعدل بين الناس

- ‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين

- ‌قصة جارية وعدل عمر رضي الله عنه

- ‌قصة نبطي مع عبادة بن الصامت

- ‌قصة بكر بن شذَّاخ مع يهودي

- ‌كتاب عمر إلى أمير جيش في منع قتل المشركين

- ‌إجراء عمر من بيت المال على شيخ من أهل الذمة

- ‌عدل علي رضي الله عنه

- ‌خوف الخلفاء رضي الله عنهم

- ‌وصية أبي بكر عند الوفاة في استخلاف عمر ووصيته لعمر

- ‌كتابه رضي الله عنه إِلى عمرو والوليد بن عقبة

- ‌وصية أبي بكر الصديق لشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما

- ‌وصايا عمر رضي الله عنه

- ‌وصية عمر بن الخطاب للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما

- ‌وصية عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما

- ‌وصايا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأمرائه

- ‌نصيحة الرعية الإِمام

- ‌كتاب أبي عبيدة ومعاذ إلى عمر وكتابه إليهما

- ‌سيرة الخلفاء والأمراء

- ‌قصة أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌قصة قسْم المال بين المسلمين وما وقع بين عمر وعلي فيه

- ‌قصة رجل عرض ناقة سمينة في الصدقة

- ‌جود أم المؤمنين عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما

- ‌إنفاق ما يحبّ

- ‌قول أبي ذر: إِن في المال ثلاثة شركاء

- ‌قصة عبد الله بن زيد رضي الله عنه

- ‌من أقرض الله تعالى قصة بيع بي الدحداح بستانه بنخلة في الجنة

- ‌الإِنفاق على الإِسلام

- ‌ إنفاق عثمان في جيش العسرة

- ‌الإِنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة

- ‌إنفاق عثمان بن أبي العاص رضي الله

- ‌قصة دُكَين بن سعيد الخثعمي في ذلك

- ‌الصدقات قصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌إطعام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌إطعام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌إطعام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌إطعام جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌ضيافة الأضياف الواردين إلى المدينة الطيبة

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لأهل الصفَّة

- ‌ضيافة الذين يريدون الإِسلام

- ‌ضيافة أهل الصفة في رمضان

- ‌إكساء الحلل وقسمها

- ‌إطعام المجاهدين

- ‌كيف كانت نفقة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تدوين عمر رضي الله عنه الديوان للعطايا

- ‌رجوع عمر إلى رأي أبي بكر وعلي رضي الله عنهم في القَسْم

- ‌قَسْم علي بن أبي طالب رضي الله عنه المال

- ‌كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رأي عمر رضي الله عنه في حق المسلمين في المال

- ‌قسم طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه المال

- ‌قسم الزبير بن العوام رضي الله عنه المال

- ‌قسم أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وحذيفة رضي الله عنهم

- ‌الإحتياط عن الإِنفاق على نفسه وذوي القربى من بيت المال

- ‌ما وقع بين عمر وابنته حفصة في شأن مال المسلمين

- ‌قصة قَسْم المسك والعنبر الذي جاء من البحرين

- ‌قصة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في هذا الأمر

- ‌قصة أخرى له صلى الله عليه وسلم مع جبريل في ذلك

- ‌رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المال

- ‌قصته مع أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رد حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌قصته مع عمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌رد عامر بن ربيعة رضي الله عنه القطيعة

- ‌رد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المال

- ‌قصة عائشة مع إمرأة مسكينة

- ‌قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

- ‌قوله عليه السلام لمّا قدم أبو عبيدة بمال من البحرين

- ‌رواية الحسن البصري في قصة فروة كسرى وسواريه

- ‌رواية بن عباس في بكائه على بسط الدنيا

- ‌سؤاله لأم سَلَمة على بسط المال وجوابها له

- ‌حديث البخاري في خوف خباب

- ‌عيادة سعد بن أبي وقاص لسلمان وما وقع بينهما

- ‌سبب جزع سلمان رضي الله عنه عند الموت

- ‌خوف أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة القرشي رضي الله

- ‌خوف أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا

- ‌زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن الدنيا

- ‌فراشه عليه السلام

- ‌حديث سلمى إمرأة أبي رافع في أكله عليه السلام

- ‌زهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌حديث عائشة في أن أبا بكر لم يترك شيئا

- ‌زهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌زهده رضي الله عنه في الأكل

- ‌قصته مع ابنه عبد الله وابنته حفصة في ذلك

- ‌قصته مع عتبة بن فرقد في ذلك

- ‌زهد عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌بيعة سيفه لشراء الإِزار

- ‌زهد مصعب بن عمير رضي الله عنه

- ‌ما أصاب مصعباً من البلاء بعد الإِسلام

- ‌زهد عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌زهد سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌زهد أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌زهد أبي الدرداء رضي الله عنه حديثه رضي الله عنه

- ‌ما وقع بينه وبين عمر رضي الله عنهما

- ‌زهد معاذ بن عفراء رضي الله عنه

- ‌زهد اللجلاج الغطفاني رضي الله عنه

- ‌زهد عبد الله بن عمر رضي الله عنه عيشه رضي الله عنه

- ‌زهده بعد وفاة النبي عليه السلام

- ‌وصيته عليه السلام لأم المؤمنين عائشة

- ‌إنكار عمر على ابنه عبد الله حين رأى عنده اللحم

- ‌كتاب عمر إلى أبي الدرداء لما ابتنى بدمشق قنطرة

- ‌وصية أبي بكر لسلمان عند الوفاة

- ‌ما وقع بين أبي ذر وأبي الدرداء في بناء بيت

الفصل: ‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر

بَيْعتي، وحلَّ عنكم عَقْدي، وردَّ عليكم أمركم: فأمِّروا عليكم من أحببتم، فإنَّكم إن أمَّرتم في حياةٍ مني كان أجدر أن لا تختلفوا بعدي. فقاموا في ذلك وخَلَّوه تخلية فلم تستقم لهم، فرجعوا إليه فقالوا: رَهْ لنا يا خليفة رسول الله. قال: فلعلكم تختلفون. قالوا: لا. فقال: فعليكم عهد الله على الرضا. قالوا: نعم. قال: فأمهلوني أنظر لله ولدينه ولعباده. فأرسل أبو بكر إلى عثمان فقال: أشر عليَّ برجل، فواا إنك عندي لها لأهل وموضع، فقال: عمر (فقال) : أكتب فكتب حتى انتهى إلى الإِسم فغُشي عليه فأفاق، فقال: أكتب عمر.

‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر

وعند الّلأَلكائي عن عثمان بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم قال: لما حضرت أبا بكر الصديق الوفاةُ دعا عثمان بن عفان رضي الله عنه فأملى عليه عهده، ثم أُغمِي على أبي بكر قبل أن يملي أحداً، فكتب عثمان: عمر بن الخطاب، فأفاق أبو بكر فقال لعثمان: كتبتَ أحداً؟ فقال: ظننتك لمآبك وخشيت الفُرقة فكتبت عمر بن الخطاب. فقال: يرحمك الله أما لو كتبت نفسك لكنت لها أهلاً. فدخل عليه طلحة بن عبيد الله فقال: أنا رسول مَنْ ورائي إليك، يقولون: قد علمت غِلظة عمر علينا في حياتك فكيف بعد وفاتك إذا أفضيت إليه أُمورنا؟ والله سائلك عنه، فانظر ما أنت قائل. فقال: أجلسوني. أبالله تخوِّقوني، قد خاب أمرؤ ظنَّ من أمركم وهماً، إذا سألني الله قلت: إستخلفت على أهلك خيرهم لهم، فأبلْغهم هذا عنِّي.

ص: 254

حديث أم المؤمنين عائشة في هذا الأمر

وعند ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما حضر أبا بكر الوفاة إستخلف عمر، فدخل عليه علي، وطلحة رضي الله عنهما فقالا: من إستخلفت؟ قال: عمر. قالا: فماذا أنت قائل لربك؟ قال: أبالله تُفْرِقاني، لأنا أعلم بالله وبعمر منكما، أقول: إستخلفت عليهم خير أهلك. كذا في الكنز. وأخرجه البيهقي بنحوه عن عائشة رضي الله عنها، وابن جرير بمعناه عن أسماء بنت عُمَيس رضي الله عنها.

حديث زيد بن الحارث في هذا الأمر

وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن الحارث أن أبا بكر رضي الله عنه حين حضرهُ الموتُ أرسل إلى عمر يستخلفه، فقال الناس: تستخلف علينا عمر فظاً غليظاً؟ فلو قد وعلينَا كان أفظّ وأغلظ، فا تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر؟ فقال أبو بكر: أبربِّي تخوِّفوني؟ أقول: اللهمّ إستخلفت عليهم خير أهلك. كذا في الكنز.

جعل الأمر شورى بين المستصلحين له حديث مقتل عمر وجعله الأمر في النفر الستة وثناء ابن عباس عليه

أخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما طعن أبو لؤلؤة

ص: 255

عمر رضي الله عنه طعنه طعنتين، فظن عمر أنَّ له ذنباً في الناس لا يعلمه، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما وكان يحبه ويدنيه ويسمع منه - فقال: أحب أن نعلم: عن ملأ من الناس كان هذا؟ فخرج ابن عباس فكان لا يمر بملأ من الناس إلا وهم يبكون، فرجع إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، ما مررتُ على ملأ إلا رأيتهم يبكون، كأنهم فقدوا اليوم أبكار أولادهم. فقال من قتلني؟ فقال: أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة. قال ابن عباس: فرأيت البشْر في وجهه، فقال: الحمد لله الذي لم يبتلني أحد يحاجّني بقول لا إله إلا الله. أما إِني قد نهيتكم أن تجلبوا إلينا من العلوج أحداً فعصيتموني.

ثم قال: أدعوا لي إِخواني. قالوا: ومن؟ قال: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم فأرسل إليهم، ثم وضع رأسه في حِجْري. فلما جاؤوا قلت: هؤلاء قد حضروا، قال: نعم، نظرت في أمر المسلمين فوجدتكم - أيها الستة - رؤوس الناس وقادتهم، ولا يكون هذا الأمر إِلا فيكم، ما استقمتم يستقم أمر الناس، وإن يكن إختلاف يكن فيكم - فما سمعته ذكر الإختلاف والشقاق وإِن يكن؛ ظننت أنَّه كائن، لأنه قلَّما قال شيئاً إلا رأيتُه ثم نزفه الدم، فهمسوا بينهم حتى خشيت أن يبايعوا رجلاً منهم، فقلت: إِن أمير المؤمنين حيّ بعد ولا يكون خليفتان ينظر أحدهما إلى الآخر. فقال: إحملوني فحملناه، فقال: تشاوروا ثلاثاً، ويصلِّي بالناس صُهَيب. قالوا: من نشاور يا أمير المؤمنين؟ قال: شاوروا المهاجرين والأنصار وسَرَاة من هنا من الأجناد.

ثم دعا بشَرْبة من لبن فشرب، فخرج بياض اللبن من الجرحين، فعرف أنَّه الموت، فقال: الآن لو أنَّ لي الدنيا كلَّها لافتديت بها من هول المُطَّلَع، وما ذاك - والحمد لله - أن أكون رأيت إلا خيراً. فقال (ابن عباس) وإن قلت

ص: 256

فجزاك الله خيراً، أليس قد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزَّ الله بك الدين والمسلمين إِذ يخافون بمكة، فلما أسلمت كان إِسلامك عزَّاً، وظهر بك الإِسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهاجرت إلى المدينة فكانت هجرتك فتحاً، ثم لم تَغِب عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال المشركين من يوم كذا ويوم كذا. ثم قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ، فوازرت الخليفة بعده على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت بمن أقبل على من أدبر حتى دخل الناس في الإِسلام طوعاً وكرهاً. ثم قُبض الخليفة وهو عنك راضٍ. ثم وَلِيت بخير ما وليَ الناس، مصَّرَ الله بك الأمصار، وجبى بك الأموال، ونفى بك العدو، وأدخل الله بك على كل أهل بيت من توسِعتهم في دينهم وتوسِعتهم في أرزاقهم؛ ثم ختم لك بالشهادة؛ فهنيئاً لك.

فقال: والله إنّ المغرور من تَغرونه، ثم قال: أتشهد لي يا عبد الله عند الله يوم القيامة؟ فقال: نعم، فقال: اللهمَّ لك الحمد، ألصِق خدي بالأرض يا عبد الله بن عمر فوضعته من فخذي على ساقي فقال: ألصق خدي بالأرض، فترك لحيته وخدَّه حتى وقع بالأرض، فقال: ويلك وويلَ أمك يا عمر إن لم يغفر الله لك يا عمر ثم قُبض رحمه الله. فلما قُبض أرسلوا إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال: لا آتيكم إن لم تفعلوا ما أمرك به من مشاورة المهاجرين والأنصار وسَراة من هنا من الأجناد. قال لحسن - وذُكر له فعل عمر رضي الله عنه عند موته وخشيته من ربه - فقال: هكذا المؤمن جمع إحساناً وشفقة، والمنافق جمع إساءة وغرَّة، والله ما وجدت فيما مضى ولا فيما بقي عبداً إزداد إساءة إلا إزداد غرَّة. قال الهيثمي: وإسناده حسن.

ص: 257

حديث ابن سعد في دَيْن عمر ودفنه مع صاحبيه واستخلافه النفر الستة

وأخرج بن سعد، وأبو عبيد، وابن أبي شيبة، والبخاري، والنِّسائي وغيرهم عن عمرو بن ميمون - فذكر الحديث في قصة شهادة عمر رضي الله عنه وفيه: فقال لعبد الله بن عمر: أنظر ما عليَّ من الدَّين فأحسبه، فقال: ستة وثمانون ألفاً. فقال: إِن وفَى بها مال آل عمر فأدِّها عني من أموالهم، وإلا فسَلْ بني عدي بن كعب، فإن تفِ أموالهم وإِلا فسَلْ قريشاً، ولا تعْدُهم إلى غيرهم فأدِّها عني. إذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلِّم وقل: يستأذن عمر بن الخطاب - ولا تقل: أمير المؤمنين فإني لست اليوم بأمير المؤمنين - أن يدفن مع (صاحبيه) . فأتاها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فوجدها قاعدة تبكي فسلَّم ثم قال: يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفن مع (صاحبيه) . قالت: قد كنت - والله - أريده لنفسي، ولأوثرنَّه اليوم على نفسي. فلما جاء قال: ما لديك؟ قال: أذنت لك. فقال عمر: ما كان شيء بأهمَّ عندي من ذلك، ثم قال؛ إذا أنا متُّ فاحملوني على سريري، ثم استأذن فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لك فأدخلني وإن لم تأذن فردَّني إلى مقابر المسلمين.

فلا حُمل كأنَّ الناس لم تصبهم مصيبة إلا يومئذٍ، فسلَّم عبد الله بن عمر، فقال: يستأذن عمر بن الخطاب فأذنت له (فدفن رحمه الله حيث أكرمه (الله مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر) . فقالوا له حين حضره الموت: إستخلف،

ص: 258

فقال: لا أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، فأيهم إستخلفوا فهو الخليفة بعدي، فسمَّى علياً، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعداً رضي الله عنهم فإن أصابت الإِمرة سعداً فذاك، وإلا فأيُّهم إستخلف فليستعن به، فإني لم أنزعه عن عجز ولا خيانة، وجعل عبد الله يشاورونه معهم وليس له من الأمر شيء. إجتمعوا قال عبد الرحمن بن عوف: إجعلوا أمركم إلى ثلاثة نفر، فجعل الزبير أمره إلى عليٌّ، وجعل طلحة أمره إلى عثمان، جعل سعد أمره إلى عبد الرحمن. فأتمر أولئك الثلاثة حين جُعل الأمر لهم. فقال عبد الرحمن: أيكم يتبرأ من الأمر، ويجعل الأمر ليّ؟ ولكم الله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين. قالا: نعم، فخَلا بعليِّ فقال: إن لك من القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقدم، ولي الله عليك لئن أستُخلف لتعدلنَّ ولئن إستخلفتُ عثمان لتسمعنَّ ولتطيعنَّ. قال: نعم. وخلا بعثمان فقال له مثل ذلك، فقال عثمان؛ نعم. ثم قال لعثمان: إبسط يدك يا عثمان، فبسط يده، فبايعه وبايعه عليٌّ والناس.

حديث ابن أبي شيبة وابن سعد في هذا الشأن أيضا

وعند ابن أبي شيبة، وابن سعد عن عمرو أيضاً أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما حُضر قال: أدعو لي علياً، وطلحة، والزبير، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعداً رضي الله عنهم فلم يكلَّمأحداً منهم إلا علياً، وعثمان. فقال لعلي: يا علي، لعلَّ هؤلاء النفر يعرفون لك قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما آتاك الله من العلم والفقه، فاتَّقِ الله إن وليت هذا الأمر، فلا ترفعنَّ بني فلان على رقاب الناس. وقال لعثمان: يا عثمان، لعلَّ هؤلاء القوم

ص: 259