الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج عبد بن حُمَيد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذُكر لنا أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: لو شئت كنت أطيبكم طعاماً، وألينكم لباساً، لكن أستبقي طيباتي. وذُكر لنا أنَّ عمر بن الخطاب لمَّا قدم الشام صُنع له طعام لم يَرَ قبله مثله، قال: هذا لنا، فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ فقال عمر بن الوليد: لهم الجنة، فاغرورقت عَينا عمر وقال: لئن كان حظُّنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة لقد بانوا بَوْناً عظيماً. كذا في المنتخب.
قصته مع ابنه عبد الله وابنته حفصة في ذلك
وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه دخل عليه عمر وهو على مائدته، فأوسع له عن صدر المجلس، فقال: بسم الله ثم ضرب بيده، فلقم لقمة ثم ثنَّى بأخرى، ثم قال: إني لأحد طعمَ دسم ما هو بدَسم اللحم، فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين، إني خرجت إلى السوق أطلب السَّمين لأشتريه فوجدته غالياً، فاشتريت بدرهم من المهزول وجعلت عليه بدرهم سمناً، فأردت أن يتردد عيالي عظماً عظماً. ما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا أكل أحدهما وتصدَّق بالآخر. فقال عبد الله: خذ يا أمير المؤمنين؛ فلن يجتمعا عندي إلا فعلت ذلك. قال: ما كنت لأفعل كذا في الكنز. وأخرج ابن سعد عن أبي حازم قال: دخل عمر بن الخطاب رضي
الله عنه على حفصة ابنته رضي الله عنها فقدَّمت إليه مرقاً بارداً وخبزاً، وصبت في المرق زيتاً، فقال: أُدْمان في إناء واحد لا أذوقه حتى ألقى الله.
ذكر طعامه رضي الله عنه في رواية أنس والسائب بن يزيد
وأخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يومئذٍ أمير المؤمنين يُطرح له صاع من تمر فيأكلها حتى يأكل حشفها. وعن السائب بن يزيد قال: ربما تعشَّيت عند عمر بن الخطاب فيأكل الخبز واللحم، ثم يمسح يده على قدمه، ثم يقول: هذا منديل عمر وآل عمر. وعند الدينوَرَي عن ثابت قال: أكل الجارود عند عمر بن الخطاب فلما فرغ قال: يا جارية هلمِّي الدستار - يعني المنديل يمسح يده - فقال عمر: إمسح يدك بإستِك.
قصصه في تذكيره الناس بآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا}
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قدم على عمر رضي الله عنه ناس من أهل العراق فرأى كأنهم يأكلون تعذيزاً، فقال هذا يا أهل العراق، لو شئت أن يُدَهْمق لي كما يُدَهمق لكم؛ ولكنا نستبقي من دنيانا نجده في آخرتنا، أما سمعتم الله عز وجل قال لقوم: {أَذْهَبْتُمْ
طَيّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} (الأحقاف: 20) ؟.
وعنده أيضاً وهنَّاد عن حبيب بن أبي ثابت عن بعض أصحابه عن عمر رضي الله عنه أنه قدم عليه ناس من أهل العراق فيهم جرير بن عبد الله رضي الله عنه فأتاهم بجفنة قد صنعت بخبز وزيت، فقال لهم: خذوا، فأخذوا أخذاً ضعيفاً، فقال لهم عمر: قد أرى ما تفعلون، فأي شيء تريدون؟ أحلواً وحامضاً وحاراً وبارداً، ثم قَذْفاً في البطون كذا في منتخب الكنز.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حُمَيد عن حُمَيد بن هلال أنَّ حفص بن أبي العاص رضي الله عنه كان يحضر طعام عمر رضي الله عنه وكان لا يأكل، فقال له عمر: ما يمنعك من طعامنا؟ قال: إن طعامك خشن غليظ، وإني راجع إلى طعام ليِّن قد صنع لي فأصيب منه. قال: أتراني أعجز أن آمر بشاة فيُلقى عنها شعرها، وآمر بدقيق فينخل في خرقة، ثم آخر به فيخبز خبزاً رُقاقاً، وآمر بصاع من زبيب فيقذف في سُعْن، ثم يُصبُّ عليه من الماء فيصبح كأنه دم غزال؟ فقال حفص: إني لأراك عالماً بطيِّب العيش. فقال عمر: أجل، والذي نفسي بيده لولا كراهية أن ينقص من حسناتي يوم القيامة لشاركتكم في (ليِّن) عيشكم. كذا في منتخب الكنز.
وعند أبي نُعيم في الحلية عن سالم عبد الله أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه كان يقول: والله ما نعبأ بلذت العيش، أن نأمر بصغار المِعزى فتُسمط لنا. ونأمر بلباب الحنطة فيخبز لنا، ونأمر بالزبيب فينتبذ لنا في الأسعان، حيى إذا صار مثل عين اليعقوب أكلنا هذا، وشربنا هذا، ولكنا نريد أن نستبقي طيّباتنا لأنا سمعنا الله تعالى يقول:{أَذْهَبْتُمْ طَيّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} - الآية -.
قصته مع أبي موسى الأشعري ووفد البصرة في ذلك
وعند ابن المبارك، وابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع وفد أهل البصرة قال: فكنا ندخل عليه وله كلَّ يوم خبز يلتُّ؛ وربما وافيناه مأدوماً بسمن أحياناً وأحياناً بزيت وأحياناً بلبن، وربما وافقنا القدائد اليابسة قد دُقَّت ثم أُغلي بماء، وربما وافقنا اللحم الغريض وهو قليل؛ فقال لنا يوماً: إني - والله - لقد أرى تعذيزكم وكراهيتكم طعامي، وإني - والله - لو شئت لكنت أطيبكم طعاماً وأرقَّكم عيشاً، أما - والله - ما أجهل عن كراكر وأسنمة وعن صِلاء وعن صلائق وصِناب. - قال جرير بن حازم: الصِّلاء المشوي، والصِّناب