الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوجده فأخذه.
وأرجف المنافقون في المدينة بكل خبر سوء، فإذا بلغهم أنَّ المسلمين أصابهم جَهْد وبلاء تباشروا به وفرحوا وقالوا: قد كنَّا نعلم ذلك ونحذر منه، وإذا أُخبروا بسلامة منهم وخير حزنوا. وعرف ذلك منهم فيهم كل عدو لهم بالمدينة، فلم يبقَ أحد من المنافقين أعرابي ولا غيره إلا استخفى بعمل خبيث ومنزلة خبيثة، واستعلن، ولم يبق ذو علَّة إلا وهو ينظر الفَرَج فيما ينزل الله في كتابه، ولم تزل سورة «براءة» تنزل حتى ظنَّ الناس بالمؤمنين الظنون، وأشفقوا أن لا ينفلت منهم كبير ولا صغير أذنب في شأن التوبة قط ذنباً إلا أُنزل فيه أمر بلاء حتى انقضت. وقد وقع بكل عامل تبيان منزلته من الهدى والضلالة. انتهى. وذكره في كنز العمال عن ابن عساكر وابن عابد - بطوله.
إستئذان الجدّ بن قيس عن الغزو وما قاله عليه السلام له وما نزل فيه من القرآن
وأخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه قال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في وجه من مغازيه إلا أظهر أنه يريد غيره؛ غير أنه في غزوة تبوك قال: «يا أيها الناس، إنِّي أريد الروم، فأعلمهم، وذلك في زمان من البأس، وشدة الحرّ، وجدب من البلاد، وحين كانت الثمار، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص عنها. فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في جَهازه ذلك قال للجَدّ بن قيس: «يا جدّ، هل لك في جِلاد بني الأصفر؟» فقال: يا رسول الله، إئذن لي ولا تفتنِّي، لقد علم
قومي أنَّه ليس من أحد أشدّ عجباً بالنساء مني، وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يَفْتِنَّني، فأْذن لي يا رسول الله، فأعرض عنه وقال:«قد أذنت لك» . فأنزل الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لّي وَلَا تَفْتِنّى أَلا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} (التوبة: 49)، يقول ما وقع فيه من الفتنة بتخلّفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبته بنفسه عن نفسه (أعظم) ما يخاف من فتنة نساء بني الأصفر:«وإن جهنم لمحيطة بالكافرين» يقول لِمَنْ ورائه. وقال رجل من جملة المنافقين: لا تنفروا في الحر، فأنزل الله تعالى:{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} (التوبة: 81) . قال: ثم إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جدّ في سفره، وأمر الناس بالجهاد، وحضّ أهل الغنى على النفقة والحُملان في سبيل الله. فحمل رجال من أهل الغنى وأحسنوا؛ وأنفق عثمان رضي الله عنه في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم منها، وحمل على مائتي بعير. كذا في التاريخ لابن عساكر وأخرجه البيهقي السِيَر عن عروة رضي الله عنه مختصراً. وذكره في البداية عن ابن إسحاق عن الزُّهري ويزيد ابن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر - بنحوه.
وأخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى غزوة تبوك قال للجدّ بن قيس: «ما تقول في مجاهدة بني الأصفر؟» قال: يا رسول الله، إِنِّي أمرؤ صاحب نساء، ومتى أرى نساء بني الأصفر أفتتن، أفتأذن لي في الجلوس ولا تَفْتِنِّي؟ فأنزل الله:{وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لّي وَلَا تَفْتِنّى أَلا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} (التوبة: 49) . قال الهيثمي: وفيه يحيى