الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلونَّ رجل بامرأة، ولا تسافرنَّ إمرأة إلا ومعها مَحْرم» . فقام رجل فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت إمرأتي حاجَّة. قال:«إذهب فاحجُجْ مع إمرأتك» .
الصلاة والطعام عند القدوم
صلاته عليه السلام عند القدوم
أخرج البخاري عن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر ضُحًى دخل المسجد، فصلّى ركعتين قبل أن يجلس. وأخرج أيضاً عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما قدمنا المدينة قال لي:«أدخل المسجد فصلّ ركعتين» .
ذبح البقرة عند القدوم لأكل الناس
وأخرج أيضاً عنه قال: إن رسول الله لما قدم المدينة نحر جزوراً أو بقرة. زاد مُعاذ عن شعبة عن محارب سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: إشترى منِّي النبي صلى الله عليه وسلم بعيراً بأُوقيتين ودرهم أو درهمين، فلما قدم صِراراً أمر ببقرة فذُبحت، فأكلوا منها. فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلِّي ركعتين، ووزن لي ثمن البعير.
خروج النساء في الجهاد في سبيل الله خروج عائشة في غزوة بني المصطلق
أخرج ابن إسحاق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أراد سفراً أقرَع بين نسائه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها معه. فلما كان غزوة بني المُصطَلِق أقرع بين نسائه، كما (كان) يصنع، فخرج سهمي عليهنَّ معه؛ فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وكان النساء إِذ ذاك (إِنَّما) يأكلن العُلَق لم يُهَبِجْهنَّ اللحم فيَثْقُلْن؛ وكنت إذ رُحل (لي) بعيري جلست في هودجي؛ ثم يأتي القوم الذين كانوا يُرَحِّلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدُّون بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به.
قالت: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجَّه قافلاً، حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل، ثم أذَّن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عِقْدٌ لي فيه جَزْع ظفار. فلما فرغت انسلَّ من عنقي ولا أدري. فلما رجعت إلى الرَّحْل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده - وقد أخذ الناس في الرحيل -، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خِلافي الذين كانوا يُرَحِّلون
لي البعير، وقد كانوا فرغوا من رَحْلته، فأخذوا الهودج وهم يظنُّون أنِّي فيه كما كنت أصنع، فاحتملوه فشدّوه على البعير ولم يشكُّوا أنِّي فيه، ثم أخذوا برأسه البعير فانطلقوا به؛ فرجعت إلى العسكر وما فيه (من) داع لا مجيب، قد انطلق الناس. قالت: فتلفَّفت بجلبابي، ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو افتُقدت لرجع الناس إِليّ.
قالت: فوالله لمضطجعة إذ مرَّ بي صفوان بن المُعَطَّل السُّلَميّ، وكان قد تخلَّف عن العسكر لبعض حاجاته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف عليَّ - وقد كان يراني قبل أن يُضرب علينا الحجاب - فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متلفِّفة في ثيابي. قال: ما خلّفك - يرحمك الله؟ - قالت: فما كلمته، ثم قرَّب إليَّ البعير، فقال: إركبي واستأخر عني. قالت: فركبت، وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت، ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي، فقال: أهل الإِفك ما قالوا، فارتعج السكر، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك.
ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شيء؛ وقد انتهى الحديث إلىصلى الله عليه وسلم وإلى أبويَّ لا يذكرون لي منه قليلاً ولا كثيراً؛ إلا أنِّي قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي، كنت إِذ اشتكيت رحمني ولطف بي، فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك، فأنكرت ذلك منه. كان إِذ دخل (عليَّ) وعندي أُمي تمرضني. قال:«كيف تيكم؟» لا يزيد على ذلك. قالت: حتى وجدت في نفسي فقلت: يا رسول الله - حين رأيت ما رأيت من جَفائه لي - لو أذنتَ لي فانتقلت إِلى أُمي فمرضتين. قال: «لا عليك» . قالت: فانقلبت إلى أُمي، ولا عِلْم لي بشيء مما كان، حتى نَقِهت
من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة.
وكنا قوماً عَرَباً لا نتخذ في بيوتنا هذه الكُنُف التي تتخذها الأعاجم نعافها ونكرهها، إِنما كنا نخرج في فُسَح المدينة، وإنما كانت النساء يخرجن في كل ليلة في حوائجهن. فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مِسْطَح ابنة أبي رُهْم بن المطَّلب. قالت: فوالله إِنها لتمشي معي إذ عثرت في مِرْطها، فقالت: تعس مِسْطَح، قالت: فقلت: بئس - لعمر الله - ما قلت لرجل من المهاجرين وقد شهد بدراً قلت: أوَما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟ قالت: قلت: وما الخبر؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإِفك. قلت: أوَقد كان هذا؟ قالت: نعم - والله - لقد كان. قال: فوالله ما قدرت على أن أقضيَ حاجتي، ورجعت؛ فوالله ما زلت أبكي حتى ظننتُ أنَّ البكاء سيصدع كبدي. قالت: وقلت لأمِّي: يغفر الله لك تحدَّث الناس بما تحدثوا به، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً؟ قالت: أي بنية، خفِّفي عليك الشأن، فوالله لقلَّما كانت إمرأة حسناء عند رجل يحبُّها لها ضرائر إِلا كَثَّرن وكثّر الناس عليها.
قالت: وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم - ولا أعلم بذلك - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«أيها الناس، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمتُ منهم إِلا خيراً، ويقولون ذلك لرجل - والله - ما علمت منه إلا خيراً، ولا يدخل بيتاً من بيوتي إِلا وهو معي» . قالت: وكان كِبْر ذلك عند عبد الله بن أبيّ بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مِسْطح وحَمْنة بنت جحش، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن إمرأة من نسائه تناصيني في المنزلة عنده غيرها. فأما زينب فعصمها الله بدينها، فلم تقل إِلا خيراً، وأما حمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادّني لأختها، فَشَقِيَتْ بذلك. فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير رضي الله عنه: يا رسول الله إِن يكونوا من الأوس نكفِكَهم، وإن يكونوا من أخواننا من الخزرج فمرنا أمرك، فوالله إِنهم أن تضرب أعناقهم. قالت: فقام سعد بن عبادة - وكان قبل ذلك يرى رجلاً صالحاً - فقال: كذبت - لعمر الله - ما تُضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا. فقال أسَيد
بن حُضَير رضي الله عنه: كذبت - لعمر الله - ولكنَّك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: وتساوَرَ الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيَّين من الأوس والخزرج شر.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليَّ، فدعا علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى خيراً وقاله، ثم قال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيراً، وهذا الكذب والباطل. وأما علي فإنه قال: يا رسول الله إنَّ النساء لكثير، وإنَّك لقادر على أن تستخلف، وسَلِ الجارية فإنها ستصدقُك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بَرِيرَة يسألها. قالت: فقام إِليها علي رضي الله عنه فضربها ضرباً شديداً، ويقول: إصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فتقول: والله ما أعلم إلا خيراً، وما كنت أعيب على عائشة شيئاً إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام منه، فتأتي الشاة فتأكله.
قالت: ثم دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي، وعندي إمرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي - فجلس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«يا عائشة، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتَّقي الله، وإِن كنت قد قرفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إِلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده» . قالت: فوالله إِنْ هو إلا أن قال لي ذلك، فقَلَص دمعي حتى ما أحسُّ منه شيئاً، وانتظرت أبويّ أي يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلّما. قالت: وايْمُ
الله، لأنا كنت أحقرَ في نفسي وأصغرَ شأناً من أن يُنزِّل الله فيَّ قرآناً يُقرأ به ويُصلَّى به، ولكني كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئاً يكذِّب الله به عنِّي، لما يعلم من براءتي، ويخبر خبراً؛ وأما قرآناً يُنزَّل فيّ فوالله لنفسي كانت أحقرَ عندي من ذلك. قالت: فلما لم أرَ أبويَّ يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: والله ما ندري بما نجيبه. قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر رضي الله عنه في تلك الأيام. قالت: فلما استعجما عليّ إستعبرت فبكيتُ، ثم قلت: والله لا أتوب إِلى الله مما ذكرت أبداً. والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، - والله يعلم أنِّي منه بريئة -، لأقولنّ ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدِّقونني قالت: ثم التمست إسم يعقوب فما أذكره. فقلت: ولكن سأقول كما قال يوسف: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (يوسف: 18) .
قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تَغَشَّاه من الله ما كان يتغشَّاه، فسُجِّي بثوبه، ووضعت وسادة من أَدَمٍ تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فوالله ما فزعت وما باليت، قد عرفت أني بريئة، وأن الله غيرُ ظالمي، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجنَّ أنفسُهُما فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس. قالت: ثم سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدَّر من وجهه مثل الجُمان في يوم شاتٍ، فجعل يمسح العراق عن وجهه ويقول: «أبشري