الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما استمرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم سفره وأجمع السير، إستخلف على المدينة سِباع بن عُرْفُطة الغِفاري - ويقال محمد بن مَسْلمة رضي الله عنهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أستكثروا من النِّعال، فإنَّ الرجل لا يزال راكباً ما دام متنعِّلاً» . فلمَّا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلَّف ابن أُبيّ عنه فيمن تخلَّف من المنافقين، وقال: يغزو محمد بني الأصفر مع جَهْد الحال والحرّ والبلد البعيد إلى ما لا قبل له به يحسب محمد أن قتال بني الأصفر اللعب؟ ونافق من هو معه على مثل رأيه. ثم قال ابن أُبيّ: والله، لكأنِّي أنظر إلى أصحابه غداً مُقَرَّنين في الحبال - إِرجافاً برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه -. فلمَّا رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنيّة الوَداع إِلى تبوك وعقد الألوية والرايات دفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر، ورايته العظمى إلى الزبير، ودفع راية الأوس إِلى أُسَيد بن الحُضَير؛ ولواء الخزرج إلى أبي دُجَانة ويقال إلى الحُباب بن المنذر رضوان الله عليهم أجمعين. وكان الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ألفاً، ومن الخيل عشرة آلاف فرس، وأمر كل بَطْن من الأنصار أن يتَّخذ لواءه ورايته، والقبائل من العرب فيها الراياتُ والألوية. انتهى بحذف يسير.
إهتمامه صلى الله عليه وسلم ببَعْث أسامة رضي الله عنه في مرض وفاته
وشدة إهتمام أبي بكر رضي الله عنه بذلك في أول خلافته بَعْث أسامة وانتداب الأوّلين فيه وإنكاره صلى الله عليه وسلم على من طعن في تأميره أسامة
أخرج ابن عساكر من طريق الزُّهري عن عُرْوة عن أسامة بن زيد رضي
الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يُغير على أهل أُبْنَى صباحاً وأن يحرِّق. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة: «إمضِ على إسم الله» . فخرج بلوائه معقوداً، فدفعه إلى بُرَيدة بن الحُصَيب الأسلمي، فخرج به إلى بيت أُسامة. وأمرت أُسامة فعسكر بالجُرف، وضرب عسكره في موضع سقاية سليمان اليوم. وجعل الناس يأخذون بالخروج؛ فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره، ومن لم يقضِ حاجته فهو على فراغ. ولم يبق أحد من المهاجرين الأوَّلين إلا انتُدب في تلك الغزوة: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، في رجال المهاجرين. والأنصار عِدَّة: قتادة بن النعمان، وسَلَمة بن أسلم بن حريش رضي الله عنهم.
فقال رجال من المهاجرين - وكان أشدهم في ذلك قولاً عيَّاش بن أبي ربيعة -: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فكثرت القالة في ذلك. فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض ذلك القول، فردَّه على من تكلم به، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً - وقد عصب على رأسه بعصابة وعليه قطيفة - ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد أيها الناس: فما مقالةٌ بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟ فوالله لئن طَعَنتم في إمارتي أسامة، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله. وايْمُ الله، إنْ كان للإِمارة لخَليق، وإنَّ ابنه من بعده لخليق بالإِمارة. وإِنْ كان لأحبَّ الناس إِليّ، وإِنَّ هذا لمن أحب الناس إليّ، وإنهما لمخيَّلان لكل خير، فاستوصوا به خيراً، فإنه من خياركم. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيته وذلك يوم السبت لعشر ليالٍ خَلَون من ربيع الأول.