الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيعة أبي بكر في السقيفة
وعند ابن إسحاق عن الزُّهري عن أنس رضي الله عنه قال: لما بُويع أبو بكر رضي الله عنه في السقيفة وكان الغد؛ جلس أبو بكر على المنبر فقال عمر رضي الله عنه فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إني قد كنتُ قلتُ لكم بالأمس مقالة ما كانت، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهدها إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني (قد) كنت أرى أنَّ رسول الله سيدبر أمرنا - يقول: يكون آخرنا - وإنَّ الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم: صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني إثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه. فبايع
الناس أبا بكر بَيْعة
العامة بعد بَيْعة السقيفة.
ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه با هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس: فإني قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني. الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أزيح علته إن شاء الله، والقويّ فيكم ضعيف (عندي) حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، لا يَدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا يُشيع قوم قط الفاحشة إلا عمهم الله بالبلاء؛ أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. كذا في البداية وقال: هذا إسناد صحيح.
قول رجل في خلافة أبي بكر وخطبة عمر في ذلك وفي قصة سقيفة بني ساعدة
وأخرج أحمد عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رجع إلى رحله - قال ابن عباس: وكنت أقرىء عبد الرحمن بن عوف - فوجدني وأنا أنتظره، وذلك بمنى في آخر حِجّة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فقال عبد الرحمن بن عوف: إِن رجلاً أتى عمر بن الخطاب فقال: إن فلاناً يقول: لو قد مات عمر بايعت فلاناً (والله ما كانت بَيْعة أبي بكر إلا فَلْتة فتمَّت) . فقال عمر: إِني قائم العشية إن شاء الله في الناس فمحذِّرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يَغْصِبوهم أمرهم. قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس، فأخشى أن تقول مقالة يَطير بها أولئك فلا يَعوها لا يضعوها مواضعها، ولكن حتى تَقْدَم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، وتخلص بعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكناً فيعُون مقالتك ويضعونها مواضعها. قال عمر رضي الله عنه: لئن قدمتُ المدينة صالحاً لأكلمنَّ بها الناس في أول مقام أقومه.
فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجَّة - وكان يوم الجمعة - عجَّلت الروح صكَّة الأعمى. - قلتُ لمالك: وما صكَّة الأعمى؟ قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج لا يعرف الحرّ والبرد أو نحو هذا -. فوجدت سعيد بن زيد عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني، فجلست حذاءه تحكُّ ركبتي ركبته. فلم أنشَب أن طلع عمر، فلما رأيته قلت: ليقولنَّ العشيّة على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله. قال: فأنكر سعيد بن زيد ذلك، وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد. فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذن قام فأثنى على الله
بما هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس، فإنِّي قائل مقالة وقد قُدِّر لي أن أقولها لا أدري لعلَّها بين يدي أجلي، فمن وعاها وعَقلَها فليحدِّث به حيث انتهت به راحلته، ومن لم يعها فلا أُحلُّ له أن يكذب عليَّ:
إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرَّجْم، فقرأناها ووعيناها وعقلناها ورجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلُّوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل؛ فالرجم في كتاب الله حقٌّ على من زنى إذا أحْصَن من الرجال والنساء إذ قامت البينة، أو كان الحَبَل، أو الإعتراف. ألا وإنَّا قد كنا نقرأ:«لا ترغبوا عن آبائكم فإنَّ كُفْراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم» ألا وإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطروني كما أُطْرِيَ عيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام - فإنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله» .
وقد بلغني أن قائلاً منكم يقول: لو قد مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترَّن أمرؤ أن يقول: إنَّ بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فلتة فتمَّت. ألا وإنها كانت كذلك؛ إلا أن الله وَقَى شرها، وليس فيكم اليوم من تَقَطَّعُ إليه الأعناق مثل أبي بكر، وإنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن علياً، والزبير ومن كان معهما تخلَّفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلَّف عنها الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت له: يا أبا بكر، إنطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقيَنا رجلان صالحان فذَكَرا لنا الذي صنع القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلت: نريد إخواننا من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم واقضُوا أمركم يا معشر المهاجرين. فقلت: والله لنأتينّهم. فانطلقنا حتى جئناهم
في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مُزَمَّل، فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عُبادة، فقلت: ما له؟ قالوا: وَجِعٌ.
فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله، وقال: أما بعد: فنحن أنصار الله وكتيبة الإِسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط نبينا، وقد دَفَت دافَّة منكم (قال وإذا هم يريدون أن يجتازونا من أصلنا ويغصبونا الأمر)، فلما سكت أردت أن أتكلم - وكنت قد زودت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد -. (فقال أو بكر: على رِسْلك يا عمر، فكرهت أن أغضبه فتكلم) - وهو كان أحكم مني وأوقر - فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته (أو مثلها) أو أفضل (حتى) سكت. فقال:
أما بعد: فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، وما تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيتُ لكم أحد هذين الرجلين (فبايعوا) أيهما شئتم؛ وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، فلم أكره (شيئاً) مما قال غيرها. كان - والله - أن أُقدَّم فتُضرب عنقي لا يقرِّبُني ذلك إلى إثم أحبَّ إليّ أن أتأمَّر على قوم فيهم أبو بكر إلا (أن تغير نفسي عند الموت) . فقال قائل من الأنصار: أن جُذَيْلها المحكَّك، وعُذَيْقُها المرجّب. منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش
- فقلت لمالك: ما يعني وأنا جذيلها المحكك (وعذيقها المرجب)، قال: كأنه يقول: أنا داهيتها.
قال فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى خشينا الإختلاف. فقلت: إبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم قتلتم سعداً، فقلت: قتل الله سعداً، قال عمر: أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمراً هو أرفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بَيْعة أن يُحدثوا بعدنا بَيْعة، فإما (أن) نبايعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فساد، فمن بايَع أميراً من غير مشورة المسلمين فلا بَيْعة له، ولا بَيْعة للذي بايعه تَغِرَّة أن يقتلا.
وذكر الزهري عن عروة رضي الله عنه أن الرجلين اللذين لقياهما: عُويم بن ساعدة، ومعن بن عدي. وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن الذي قال: أنا جُذَيلها المحكك (وعذيقها المرجب) هو الحباب بن المنذر. رواه مالك ومن طريقه أخرج هذا الحديث
الجماعة - كذا في البداية -. وأخرجه أيضاً البخاري، وأبو عبيد في الغرائب، والبيهقي، وابن أبي شيبة بنحوه مطوّلاً - كما في كنز العمال (3138 و 139) .
حديث ابن عباس فيما وقع في السقيفة من الكلام في الخلافة
وعند ابن أبي شيبة في حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم: أنه كان من شأن الناس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، فأُتينا فقيل لنا إِنّ الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة مع سعد بن عبادة يبايعون، فقمت وقام أبو بكر، وأبو عبيدة بن الجراح نحوهم فَزِعين أن يُحدِثوا في الإِسلام. فلقينا رجلَين من الأنصار، رجلاً صدق: - عُويم بن ساعدة، ومعن بن عدي
- فقالا: ين تريدون؟ قلنا: قومكم لِمَا بلغنا من أمرهم. فقالا: إرجعوا فإنَّكم لن تُخالفوا ولن يُؤتى بشيء تكرهونه. فأبينا إلا أن نمضي - وأنا أزوي كلاماً أن أُكلِّم به - حتى انتهينا إلى القوم، وإذا هم عكوف هنالك على سعد بن عبادة وهو على سرير له مريض.
فلما غشِيناهم تكلَّموا فقالوا: يا معشر قريش، منا أمير ومنك أمير. فقال حُبَاب بن المنذر: أنا جُذَيلها المحكَّك وعُذَيقها المرجَّب، إن شئتم - والله - رددناها جَذَعة. فقال أبو بكر: على رِسْلكم، فذهبت لأتكلَّم، فقال: أنصت يا عمر. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الأنصار، إِنا - والله - ما نُنكر فضلكم، ولا بلاغَكم في الإِسلام، ولا حقَّكم الواجب علينا، ولكنَّكم قد عرفتم أنَّ هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب فليس بها غيرهم. وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم؛ فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، فاتقوا الله ولا تصدَعوا الإِسلام، ولا تكونوا أول من أحدث في الإِسلام. ألا وقد رضيت لكم أحد، هذين الرجلين - لي ولأبي عبيدة بن الجراح - فأيهما بايعتم فهو لكم ثقة. قال: فوالله، لئن أُقتل ثم أُحيى، ثم أُقتل ثم أحيى في غير معصية أحبُّ إليَّ من أن أكون أميراً على قوم فيهم أبو بكر. ثم قلت: يا معشر الأنصار، يا معشر المسلمين، إنَّ أولى الناس بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ثاني إثنين إذ هما في الغار - أبو بكر السبَّاق المبين. ثم أخذت بيده وبادرني رجل من الأنصار فضرب على يده قبل أن أضرب على يده. فتتابع الناس ومِيل عن سعد بن عبادة. كذا في كنز العمال.
حديث ابن سيرين فيما وقع في السقيفة في أمر الخلافة
وعند ابن أبي شيبة أيضاً عن ابن سيرين رحمه الله أن رجلاً من زُرَيق قال: لمَّا كان ذلك اليوم خرج أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما حتى أتَوا الأنصار. فقال يا معشر الأنصار، إنا لا ننكر حقكم ولا ينكر حقكم مؤمن، وإنا - والله - ما أصبنا خيراً إلا شركتمونا فيه، ولكن لا ترضى العرب ولا تقرّ إلا على رجل من قريش لأنهم أفصح الناس ألسنة، وأحسن الناس وجوهاً، وأوسط العرب داراً، وأكثر الناس شحمة في العرب، فهلمُّوا إلى عمر فبايعوه. فقالوا: لا. فقال عمر: فلم؟ فقالوا: نخاف الأَثَرة. فقال: أمَّا ما عشت فلا، بايعوا أبا بكر. فقال أبو بكر لعمر: أنت أقوى مني؛ فقال عمر: أنت أفضل مني. فقالها الثانية. فلما كانت الثالثة قال له عمر: إن قوي لك مع فضلك؛ فبايَعوا أبي بكر رضي الله عنه. وأتى الناس عند بَيْعة أبي بكر أبا عبيدة بن الجراح فقال: تأتوني وفيكم ثاني إثنين. كذا في الكنز.
تقديم الصحابة أبا بكر في الخلافة ورضاهم به والرد على من أراد شق عصاهم حديث ابن عساكر وقول أبي عبيدة في خلافة الصديق رضي الله عنه
أخرج ابن عساكر عن مسلم قال: بعث أبو بكر إلى أبي عبيدة رضي الله عنهما هلمَّ حتى أستخلفَك؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ لكل
أمة أميناً، وأنت أمين هذه الأمة» . فقال أبو عبيدة: ما كنت وقدم رجلاً أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤمَّنا. كذا في الكنز. وأخرجه الحاكم عن مسلم البَطِين عن أبي البختري بنحوه وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه، وقال الذهبي: منقطع. اهـ. وأخرجه ابن عساكر، وابن شاهين وغيرهما عن علي بن كثير بنحوه - كما في كنز العمال.
حديث الإِمام أحمد وما قال أبو عبيدة وعثمان في خلافة الصدِّيق
وأخرج أحمد عن أبي البختري قال: قال عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما إبسط يدك حتى أبايعك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«أنت أمين هذه الأمة» . فقال أبو عبيدة؛ ما كنت لأتقدَّم بين يدي رجل أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤمَّنا فأمنا حتى مات. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إِلا أن أبا البختري لم يسمع من عمر اهـ، وأخرجه ابن عساكر أيضاً بنحوه - كما في الكنز. وأخرجه ابن سعد، وابن جرير عن إبراهيم التيمي بنحوه - كما في الكنز، وفي حديثه: فقال أبو عبيدة؛ ما رأيت لك فهَّة (قبلها) منذ أسلمت أتبايعني؟ وفيكم الصدِّيق، وثاني إثنين. وعند خيثمة الأطرابلسي عن حُمران قال عثمان بن عفان: إن أبا بكر الصديق أحقُّ الناس بها - يعني الخلافة - إِنَّه
لصدِّيق، وثاني إثنين، وصاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا في كنز العمال.
إعتذار أبي بكر لقبول الخلافة وقول علي والزبير إِنه أحق الناس بالخلافة
وأخرج الحاكم والبيهقي عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن محمد بن مسلمة كسَرَ سيف الزبير رضي الله عنه، ثم قام أبو بكر رضي الله عنه فخطب الناس واعتذر إليهم وقال: والله ما كنت حريصاً على الإِمارة يوماً ولا ليلة قط، ولا كنت فيها راغباً ولا سألتها الله في سرّ ولا علانية، ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإِمارة من راحة؛ ولكني قلِّدتُ أمراً عظيماً ما لي به طاقة ولا يدٌ إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددتُ أنَّ أقوى الناس عليها مكاني اليوم. فقبل المهاجرون منه ما قال وما اعتذر به. وقال علي، والزبير رضي الله عنهما: وما غضبنا إلا لأنَّا أُخِّرنا عن المشاورة، وإنَّا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّه لصاحب الغار، وثاني إثنين، وإنا لنعرف شرفه وكِبَره، ولقد أمرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حيّ.
حديث ابن عساكر فيما وقع بين علي وأبي سفيان في شأن خلافة الصدِّيق
وأخرج ابن عساكر عن سُوَيد بن غَفْلة قال: دخل أبو سفيان على علي، والعباس رضي الله عنهما فقال: يا علي وأنت يا عباس، ما بال هذا الأمر
في أذلّ قبيلة من قريش وأقلّها، والله لئن شئت لأملأنَّها عليه خيلاً ورجالاً. فقال له علي: لا والله ما أريد أن تملأها عليه خيلا ورجالاً، ولولا أنَّا رأينا أبا بكر لذلك أهلاً ما خلَّيناه وإياها. يا أبا سُفيان إن المؤمنين قومٌ نَصَحَة بعضهم لبعض، متوادّون وإن بعدت ديارهم وأبدانهم. وإن المنافقين قوم غَشَشَة بعضهم لبعض. كذا في الكنز. وهكذا أخرجه أبو أحمد الدِّهْقان بمعناه وزاد في المنافقين: وإن قربت ديارهم وأبدانهم قوم غششة بعضهم لبعض، وإنّا قد بايعنا أبا بكر وكان لذلك أهلاً. كذا في الكنز.
حديث عبد الرزاق والحاكم فيما جرى بين علي وأبي سفيان
وأخرج عبد الرزاق عن ابن أبجر قال: لما بُيع لأبي بكر الصديق جاء أبو سفيان إلى علي فقال: أغلبكم على هذا الأمر أقلُّ بيت في قريش؟ أمَا والله لأملأنها خيلاً ورجالاً (إن شئت) . فقال علي: ما زلت عدوّاً للإِسلام وأهله فما ضرَّ ذلك الإِسلام وأهله شيئاً، إنا رأينا أبا بكر لها أهلاً. كذا في الإستيعاب. وأخرجه الحاكم عن مُرَّة الطيِّب قال: جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي بن أبي طالب فقال: ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلَّة، وأذلها ذلَّة - يعني أبا بكر - والله لئن شئت لأملأنَّها عليه خيلاً ورجالاً. فقال علي: لطال ما عاديت الإِسلام وأهله يا أبا سفيان فلم يضرَّه ذلك شيئاً؛ إنا وجدنا أبا بكر لها أهلاً.
ما وقع بين عمر بن الخطاب وخالد بن سعيد في شأن خلافة الصدِّيق
وأخرج الطبري عن صخر حارس النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان خالد بن سعيد بن العاص باليمن زمن النبي صلى الله عليه وسلم وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بها، وقدم بعد وفاته بشهر وعليه جبّة ديباج، فلقي عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فصاح عمر بمن يليه؛ مزِّقوا عليه جبته أيلبس الحرير وهو في رجالنا في السِّلْم مهجور؟، فمزقوا جبته. فقال خالد: يا أبا الحسن، يا بني عبد مناف، أغُلِبتم عليها؟ فقال علي: أمغالبة ترى أم خلافة قال: لا يغالِب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف. وقال عمر لخالد: فضَّ الله فاك والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلت ثم لا يضر إلا نفسه - الحديث. وأخرجه سيف، وابن عساكر عن صخر مختصراً - كما في الكنز.
حديث أم خالد وما وقع بين أبي بكر وخالد بن سعيد
وأخرج ابن سعد عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر، فقال لعلي، وعثمان رضي الله عنهما: أرضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم؟ فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد وحملها عمر عليه، وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر. ثم مرّ عليه أبو بكر بعد ذلك مُظْهِراً وهو في داره فسلَّم عليه، فقال له خالد: أتحب أن أبايعك؟ فقال أبو بكر: أحبُّ أن تدخل في صُلحِ ما دخل فيه المسلمون. فقال: موعدك العشيّة