المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العلية - حياة الصحابة - جـ ٢

[محمد يوسف الكاندهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الجهاد

- ‌قصة تبوك وما أنفق الصحابة في ذلك من والأموال

- ‌إستئذان الجدّ بن قيس عن الغزو وما قاله عليه السلام له وما نزل فيه من القرآن

- ‌إنفاق الصحابة رضي الله عنهم المال في غزوة تبوك

- ‌إهتمامه صلى الله عليه وسلم ببَعْث أسامة رضي الله عنه في مرض وفاته

- ‌وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودخول الصحابة المدينة

- ‌مشايعة أبي بكر جيش أسامة

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعمر رضي الله عنهما

- ‌مشاورة أبي بكر أكابر الصحابة في غزو الروم وخطبته في ذلك

- ‌خطبة عمر ومتابعته في إمضاء رأي أبي بكر في الجهاد

- ‌تبشير علي أبا بكر وسروره بما قال علي وخطبته في استنفار الصحابة

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه إلى أهل اليمن للجهاد في سبيل الله

- ‌رغيب عثمان بن عفان رضي الله عنه على الجهاد

- ‌تحريض علي رضي الله عنه يوم صفِّين

- ‌خطبة علي على تثاقلهم في النَّفْر

- ‌ترغيب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على الجهاد خطبة سعد يوم القادسية

- ‌خطبة عاصم بن عمرو يوم القادسية

- ‌رغبة عمر في السير في سبيل الله وقوله: إن الجهاد أفضل من الحج

- ‌رغبة ابن عمر رضي الله عنهما في الجهاد

- ‌قول عمر في فضيلة من يخرج ويحرس في سبيل الله

- ‌قصة عمر ومعاذ في الخروج مع أبي بكر

- ‌ترجيح عمر للمهاجرين الأولين على رؤساء القوم في المجلس

- ‌قول سهيل بن عمرو للرؤساء الذين قدَّم عمر المهاجرين عليهم

- ‌رغبة خالد بن الوليد في الجهاد وطلبه القتل في سبيل الله

- ‌رغبة بلال في الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار المقداد على القعود عن الجهاد لآية النَفْر

- ‌صة أبي طلحة في ذلك

- ‌قصة أبي أيوب في ذلك

- ‌قصة أبي خيثمة في ترك نعيم الدنيا والخروج في سبيل الله

- ‌حزن الصحابة رضي الله عنهم على عدم القدرة على الخروج

- ‌الإِنكار على من أخّر الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على ابن رواحة

- ‌إنكار عمر على معاذ بن جبل تأخيره الخروج

- ‌العتاب على من تخلَّف عن سبيل الله وقصَّر فيه

- ‌قصة كعب بن مالك الأنصاري

- ‌إنكار عبد الله بن عمرو بن العاص على رجل ترك الجهاد

- ‌الإِنكار على من لم يتم الأربعين في سبيل الله

- ‌الخروج لثلاثة أربعينات في سبيل الله

- ‌الخدمة في الجهاد في سبيل الله خدمة المفطرين للصائمين في سبيل الله

- ‌خدمة الصحابة لرجل يشتغل بالقرآن والصلاة

- ‌الصوم في سبيل الله

- ‌صوم عبد الله بن مخرمة يوم اليمامة

- ‌الصلاة في سبيل الله

- ‌صلاة النبي عليه السلام في عسفان

- ‌قيام الليل في سبيل الله

- ‌تكبير الصحابة وتسبيحهم عند الصعود والنزول

- ‌الدعاء عند الإِشراف على القرية

- ‌الدعاء عند افتتاح الجهاد

- ‌دعاؤه عليه السلام في وقعة أُحد والخندق

- ‌الدعاء عند الجهاد

- ‌الإهتمام بالتعليم في الجهاد

- ‌جلوس الصحابة حِلَقاً في السفر

- ‌ثواب الإِنفاق في الجهاد

- ‌إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله

- ‌أقوال عمر في الشهداء

- ‌الحراسة في سبيل الله

- ‌تحمل الأمراض في الجهاد

- ‌جراحة طلحة بن عُبيد الله وعبد الرحمن بن عوف

- ‌جراحة جعفر بن أبي طالب

- ‌صة رافع بن خديج ورجلين من بني عبد الأشهل

- ‌تمني الشهادة والدعاء لها

- ‌قصة ثابت بن الدحداحة

- ‌يوم الرَّجيع قصة قتل عاصم وخبيب وأصحابهما

- ‌يوم مؤتة بكاء ابن رواحة عند الخروج وأبياته في سؤال الشهادة

- ‌تشجيع ابن رواحة الناس على الشهادة

- ‌يوم اليرموك قتل عكرمة بن أبي جهل في أربعمائة من المسلمين

- ‌بقية قصص الصحابة رضي الله عنهم في رغبتهم في القتل في سبيل الله

- ‌إستشهاد البراء بن مالك يوم العقبة بفارس

- ‌ قتال طلحة يوم أُحد

- ‌قتله طلحة العبدري يوم أُحد

- ‌بُكاءُ النبي عليه السلام عندما رآه مقتولا

- ‌شجاعة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌شجاعة أبي دُجانة سِماك بن خَرَشة الأنصاري

- ‌شجاعة قتادة بن النعمان

- ‌شجاعة سَلَمة بن الأكوع

- ‌أبو قتادة على فرس الأخرم

- ‌شجاعة أبي حدرد أبو عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه

- ‌شجاعة خالد بن الوليد رضي الله

- ‌إقتحامه الحديقة من الجدار وقتاله مع القوم وحده

- ‌الندامة والجزع من الفرار

- ‌جزع المهاجرين والأنصار على الفرار يوم الجسر

- ‌الدلالة على من يعين الخارج في سبيل الله

- ‌البدل في البعث

- ‌تشييع المجاهد في سبيل الله وتوديعه

- ‌تشييع أبي بكر جيش أسامة

- ‌تشييع ابن عمر للغزاة وما قال لهم

- ‌كتابة إسم من خرج في سبيل الله

- ‌الصلاة والطعام عند القدوم

- ‌خروج إمرأة من بني غِفَار معه عليه السلام

- ‌خروج أم حَرَام بنت ملحان خالة أنس

- ‌خدمة الرِّبِّيع بنت مُعَوِّذ وأم عطية وليلى الغفارية في الجهاد

- ‌خروج النساء للخدمة يوم خيبر

- ‌قتال صفية يوم أُحد ويوم الخندق

- ‌إتخاذ أُم سُلَيم خنجراً للقتال يوم حُنَين

- ‌خروح الصبيان وقتالهم في الجهاد

- ‌شهادة عمير

- ‌قول أبي ذر رضي الله عنه في الخلاف

- ‌خطبة عمر والبيعة العامة على يد أبي بكر

- ‌ الناس أبا بكر بَيْعة

- ‌خروج أبي بكر للجهاد وحيداً وقول علي في ذلك

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعبد الرحمن بن عوف

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه في إستخلاف عمر ووصيته له وللناس

- ‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر

- ‌من يتحمل الخلافة

- ‌صفات الخليفة كما يراها عمر رضي الله عنه

- ‌لين الخليفة وشدته

- ‌حصر من يقع منه الإنتشار في الأمة

- ‌مسألة خراج البحرين

- ‌إستشارة عمر وعثمان عبد الله بن عباس

- ‌خطبة بليغة لعمر في المشاورة

- ‌كتاب عمر إلى سعد في الحرب

- ‌التأمير في السفر

- ‌من يتحمل الإِمارة

- ‌كتاب عمر في تأمير الأمراء

- ‌الإِنكار عن قبول الإِمارة

- ‌وصية أبي بكر لرافع الطائي في أمر الإِمارة

- ‌ما وقع بين أبي بكر ورافع في الإِمارة

- ‌إِيثار الصحابة الغزو على الإِمارة

- ‌إنكار ابن عمر على القضاء بين الناس

- ‌ما وقع بين ابن عمر وأم المؤمنين حفصة بشأن دومة الجندل

- ‌إنكار عمران بن حصين على قبول الإِمارة

- ‌إحترام الخلفاء والأمراء وطاعة أوامرهم

- ‌ما وقع بين عوف

- ‌طاعة الأمير إنما تكون في المعروف

- ‌وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي ذر في احترام الأمير

- ‌قصة إمرأة مجذومة في احترام الأمير

- ‌خطورة عصيان الأمير

- ‌حق الأمير على الرعية

- ‌نصيحة العباس لابنه في هذا الأمر

- ‌عمل عمران بن حصين في الأموال

- ‌شرائط عمر على العمال

- ‌كتاب عمر إِلى عمرو بن العاص في كسر المنبر

- ‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العِلَيَّة

- ‌قصة المرأة المخزومية

- ‌قصة رجلين من الأنصار في هذا الأمر

- ‌عدل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌عدل عمر الفاروق رضي الله عنه

- ‌ما كان يعمله عمر رضي الله عنه في الموسم للعدل بين الناس

- ‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين

- ‌قصة جارية وعدل عمر رضي الله عنه

- ‌قصة نبطي مع عبادة بن الصامت

- ‌قصة بكر بن شذَّاخ مع يهودي

- ‌كتاب عمر إلى أمير جيش في منع قتل المشركين

- ‌إجراء عمر من بيت المال على شيخ من أهل الذمة

- ‌عدل علي رضي الله عنه

- ‌خوف الخلفاء رضي الله عنهم

- ‌وصية أبي بكر عند الوفاة في استخلاف عمر ووصيته لعمر

- ‌كتابه رضي الله عنه إِلى عمرو والوليد بن عقبة

- ‌وصية أبي بكر الصديق لشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما

- ‌وصايا عمر رضي الله عنه

- ‌وصية عمر بن الخطاب للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما

- ‌وصية عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما

- ‌وصايا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأمرائه

- ‌نصيحة الرعية الإِمام

- ‌كتاب أبي عبيدة ومعاذ إلى عمر وكتابه إليهما

- ‌سيرة الخلفاء والأمراء

- ‌قصة أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌قصة قسْم المال بين المسلمين وما وقع بين عمر وعلي فيه

- ‌قصة رجل عرض ناقة سمينة في الصدقة

- ‌جود أم المؤمنين عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما

- ‌إنفاق ما يحبّ

- ‌قول أبي ذر: إِن في المال ثلاثة شركاء

- ‌قصة عبد الله بن زيد رضي الله عنه

- ‌من أقرض الله تعالى قصة بيع بي الدحداح بستانه بنخلة في الجنة

- ‌الإِنفاق على الإِسلام

- ‌ إنفاق عثمان في جيش العسرة

- ‌الإِنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة

- ‌إنفاق عثمان بن أبي العاص رضي الله

- ‌قصة دُكَين بن سعيد الخثعمي في ذلك

- ‌الصدقات قصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌إطعام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌إطعام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌إطعام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌إطعام جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌ضيافة الأضياف الواردين إلى المدينة الطيبة

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لأهل الصفَّة

- ‌ضيافة الذين يريدون الإِسلام

- ‌ضيافة أهل الصفة في رمضان

- ‌إكساء الحلل وقسمها

- ‌إطعام المجاهدين

- ‌كيف كانت نفقة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تدوين عمر رضي الله عنه الديوان للعطايا

- ‌رجوع عمر إلى رأي أبي بكر وعلي رضي الله عنهم في القَسْم

- ‌قَسْم علي بن أبي طالب رضي الله عنه المال

- ‌كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رأي عمر رضي الله عنه في حق المسلمين في المال

- ‌قسم طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه المال

- ‌قسم الزبير بن العوام رضي الله عنه المال

- ‌قسم أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وحذيفة رضي الله عنهم

- ‌الإحتياط عن الإِنفاق على نفسه وذوي القربى من بيت المال

- ‌ما وقع بين عمر وابنته حفصة في شأن مال المسلمين

- ‌قصة قَسْم المسك والعنبر الذي جاء من البحرين

- ‌قصة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في هذا الأمر

- ‌قصة أخرى له صلى الله عليه وسلم مع جبريل في ذلك

- ‌رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المال

- ‌قصته مع أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رد حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌قصته مع عمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌رد عامر بن ربيعة رضي الله عنه القطيعة

- ‌رد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المال

- ‌قصة عائشة مع إمرأة مسكينة

- ‌قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

- ‌قوله عليه السلام لمّا قدم أبو عبيدة بمال من البحرين

- ‌رواية الحسن البصري في قصة فروة كسرى وسواريه

- ‌رواية بن عباس في بكائه على بسط الدنيا

- ‌سؤاله لأم سَلَمة على بسط المال وجوابها له

- ‌حديث البخاري في خوف خباب

- ‌عيادة سعد بن أبي وقاص لسلمان وما وقع بينهما

- ‌سبب جزع سلمان رضي الله عنه عند الموت

- ‌خوف أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة القرشي رضي الله

- ‌خوف أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا

- ‌زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن الدنيا

- ‌فراشه عليه السلام

- ‌حديث سلمى إمرأة أبي رافع في أكله عليه السلام

- ‌زهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌حديث عائشة في أن أبا بكر لم يترك شيئا

- ‌زهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌زهده رضي الله عنه في الأكل

- ‌قصته مع ابنه عبد الله وابنته حفصة في ذلك

- ‌قصته مع عتبة بن فرقد في ذلك

- ‌زهد عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌بيعة سيفه لشراء الإِزار

- ‌زهد مصعب بن عمير رضي الله عنه

- ‌ما أصاب مصعباً من البلاء بعد الإِسلام

- ‌زهد عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌زهد سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌زهد أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌زهد أبي الدرداء رضي الله عنه حديثه رضي الله عنه

- ‌ما وقع بينه وبين عمر رضي الله عنهما

- ‌زهد معاذ بن عفراء رضي الله عنه

- ‌زهد اللجلاج الغطفاني رضي الله عنه

- ‌زهد عبد الله بن عمر رضي الله عنه عيشه رضي الله عنه

- ‌زهده بعد وفاة النبي عليه السلام

- ‌وصيته عليه السلام لأم المؤمنين عائشة

- ‌إنكار عمر على ابنه عبد الله حين رأى عنده اللحم

- ‌كتاب عمر إلى أبي الدرداء لما ابتنى بدمشق قنطرة

- ‌وصية أبي بكر لسلمان عند الوفاة

- ‌ما وقع بين أبي ذر وأبي الدرداء في بناء بيت

الفصل: ‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العلية

ونحن بأذربيجان:

«يا عتبة بن فرقد، إنَّه ليس من كدِّك ولا من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رَحْلك؛ وإياكم والتنعّم وزيّ أهل الشرك ولبوس الحرير» .

‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العِلَيَّة

وأخرج ابن عساكر عن عروة بن رُوَيم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصفَّح الناس، فمر به أهل حمص، فقال: كيف أميركم؟ قالوا: خير أمير إلا أنّه بني عِلِيَّة يكون فيها. فكتب كتاباً وأرسل بريداً، وأمره أن يحرقها. فلما جاءها جمع حطباً وحرق بابها. فأخبر بذلك فقال: دعوه فإنه رسول؛ ثم ناوله الكتاب، فلم يضعه من يده حتى ركب إِليه. فلما رآه عمر رضي الله عنه قال: إلحقني إلى الحرَّة - وفيها إبل الصدقة -. قال: إنزع ثيابك، فألقى إِليه نمرة من أوبار الإِبل، ثم قال: إفتح واسق هذه الإِبل، فلم يزل ينزل حتى تعب، ثم قال: متى عهدك بهذا؟ قال: قريب يا أمير المؤمنين، قال: فلذلك بنيت العِلِّيَّة وارتفعت بها على المسكين، والأرملة، واليتيم. إرجع إلى عملك لا تَعُدْ. كذا في كنز العمال.

مؤاخذة عمر سعداً إذا اتخذ قصرا

وأخرج ابن المبارك، وابن راهَوَيْه، ومسدَّد عن عَتّاب بن رِفاعة قال:

ص: 318

بلغ عمر بن الخطاب أنَّ سعداً رضي الله عنه إتخذ قصراً وجعل عليه باباً، وقال: إنقطع الصوت. فأرسل عر محمد بن مسلمة رضي الله عن - وكان عمر إذا أحب أن يُؤتى بالأمر كما يريد بعثه - فقال: إئتِ سَعْداً وأحرق عليه بابه. فقدم الكوفة، فلما أتى الباب أخرج زَنْده فاستورَى ناراً ثم أحرق الباب، فأُتي سعدٌ فأُخبر، ثم وُصِف له صفته، فعرفه. فخرج إليه سعد، فقال محمد: إنه بلغ أمير المؤمنين عنك أنك قلت: إنقطع الصوت. فحلف سعد بالله ما قال ذلك، فقال محمد: نفعل الذي أمرنا ونؤدِّي عنك ما تقول.

وأقبل يعرض عليه أن يزوّده فأى، ثم ركب راحلته حتى قدم المدينة. فلما أبصره عمر رضي الله عنه قال: لولا حسن الظن بك ما رأينا أنك أدَّيت، وذكر أنه أسرع السير، وقال: قد فعلتُ، وهو يعتذر ويحلف بالله ما قال فقال عمر: هل أمر لك بشيء؟ قال: (ما كرهت من ذلك إنَّ أرض العراق أرض رقيقة، وإنَّ أهل المدينة يموتون حولي من الجوع، فخشيت أن آمر لك فيكون لك البارد ولي الحار) أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشبع المؤمن دون جاره» . كذا في الكنز؛ وقد ذكره في الإِصابة بتمامه إلا أنه قال عن عباية بن رفاعة. وهكذا ذكره الهيثمي عن عباية بطوله ثم قال: رواه أحمد، وأبو

ص: 319

يَعْلى ببعضه، ورجاله رجال الصحيح إلا أن عباية بن رفاعة لم يسمع من عمر. انتهى.

وأخرجه الطبراني عن أبي بَكْرة وأبي هريرة رضي الله عنهما مختصراً إلا أنه وقع في حديثه: فبلغ عمر رضي الله عنه أنه يحتجب عنه، ويغلق الباب دونهم. فبعث عمار بن ياسر رضي الله عنه وأمره إن قدم - والباب مغلق - أن يشعله ناراً. قال الهيثمي: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.

ما وقع بين عمر بن الخطاب وجماعة من الصحابة في الشام

وأخرج ابن عساكر، واليشكري عن جُوَيرية رضي الله عنها قال بعضه عن نافع، وبعضه عن رجل من ولد أبي الدرداء - قال: إستأذن أبو الدرداء عمرَ في أن يأتي الشام. فقال: لا آذن لك إلا أن تعمل. قال: فإني لا أعمل. قال: فإني لا آذن لك. قال: فأنطلقُ، فأُعلّمُ الناس سنّة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأصلِّي بهم، فأذن له. فخرج عمر رضي الله عنه إلى الشام، فلما كان قريباً منهم أقام حتى أمسى. فلما جنّه الليل قال: يا يرفأ إنطلق إلى يزيد ابن (أبي) سفيان، أبصره عنده سُمَّار، ومصباح، مفترشاً ديباجاً، وحريراً من فيء المسلمين، فتسلِّم عليه فيرد عليك السلام، وتستأذن فلا يأذن لك حتى يعلم من أنت. فانطلقنا حتى انتهينا إلى بابه فقال: السلام عليكم. فقال: وعليكم السلام. قال: أدخل؟ قال: ومن أنت؟ قال يرفأ: هذا من يسوءك، هذا أمير المؤمنين. ففتح الباب. فإذا سمّار، ومصباح، وإذا هو مفترش ديباجاً وحريراً. فقال: يا يرفأ، الباب، الباب. ثم وضع الدِّرَّة بين أذنيه ضرباً، وكوَّر المتاع فوضعه وسط البيت، ثم قال للقوم: لا يبرح منكم أحد حتى أرجع إليكم.

ثم خرجا من عنده ثم قال: يا يرفأ إنطلق بنا إلى عمرو بن العاص أبصر عنده سمّار، ومصباح، مفترش ديباجاً من فيء المسلمين، فتسلِّم عليه فيرد عليك، وتستأذن عليه فلا يأذن لك حتى يعلم من أنت. فانتهينا إلى بابه، فقال عمر: السلام عليكم. قال: وعليكم السلام. قال: أدخل؟ قال: ومن أنت؟ قال يرفأ: هذا من يسوءك، هذا أمير المؤمنين. ففتح الباب. فإذا سُمّار ومصباح، وإذا هو مفترش ديباجاً وحريراً. قال: يا يرفأ، الباب،

ص: 320

الباب. ثم وضع الدِّرَّة بين أذنيه ضرباً، ثم كوَّر المتاع فوضعه في وسط البيت. ثم قال للقوم: لا تبرحُنَّ حتى أعود إِليكم.

فخرجا من عنده فقال: يا يرفأ إنطلق بنا إلى أبي موسى أبصره عنده سُمّار، ومصباح، مفترشاً صوفاً من مال فيء المسلمين، فتستأذن عليه، فلا يأذن لك حتى يعلم من أنت. فانطلقنا إليه وعنده سُمَّار ومصباح مفترشاً صوفاً، فوضع الدِّرَّة بين أذنيه ضرباً وقال: أنت أيضاً يا أبا موسى؟ فقال: يا أمير المؤمنين هذا وقد رأيت ما صنع أصحابي، أما والله لقد أصبت مثل ما أصابوا. قال: فما هذا؟ قال: زعم أهل البلد أنه لا يصلح إلا هذا. فكوَّر المتاع فوضعه في وسط البيت وقال للقوم: لا يخرجنَّ منكم أحد حتى أعود إليكم.

فلما خرجنا من عنده قال: يا يرفأ إنطلق بنا إلى أخي لنبصرنه، ليس عنده سمّار، ولا مصباح، وليس لبابه غَلَق، فتسلِّم عليه فيرد عليك السلام، وتستأذن فيأذن لك من قبل أن يعلم من أنت. فانطلقنا حتى إذا قمنا على بابه قال: السلام عليكم. قال: وعليك السلام. قال: أأدخل؟ قال: أدخل. فدفع الباب فإذا ليس له غَلَق. فدخلنا إلى بيت مظلم، فجعل عمر رضي الله عنه يلمسه حتى وقع عليه، فجسّ وساده فإذا برذعة، وجسّ فراشه فإذا بطحاء، وجسّ دثاره فإذا كساء رقيق. فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من هذا أمير المؤمنين؟ قال:

ص: 321

نعم. قال: أما - والله - لقد إستبطأتك منذ العام. قال عمر رضي الله عنه: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟ ألم أفعل بك؟ فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: أتذكر حديثاً حدَّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر؟ قال: أيّ حديث؟ قال: «لِيَكُنْ بَلاغُ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» . قال: نعم. قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا. كذا في كنز العمال.

تفقد الأحوال (قصة عمر وأبي بكر رضي الله عنهما في ذلك)

أخرج الخطيب عن أبي صالح الغِفاري أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء في حواشي المدينة من الليل، فيستسقي لها ويقوم بأمرها، وكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت. فجاءها غير مرّة فلا يُسبق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الصديق رضي الله عنهما الذي يأتيها وهو خليفة. فقال لعمر: أنت لعمري كذا في منتخب الكنز.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الأوزاعي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج في سواد الليل فرآه طلحة، فذهب عمر فدخل بيتاً ثم دخل بيتاً آخر. فلما أصبح طلحة ذهب إِلى ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة، فقال:(لها) ما بال هذا الرجل يأتيك؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى؛ فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، أعثَرات عمر تتبع؟.

ص: 322

الأخذ بظاهر الأعمال (قول عمر رضي الله عنه في ذلك)

أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن ناساً كانوا يُؤخذون بالوحي في عهد رسول الله، وإنَّ الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته؛ ومن أظهر لنا شراً لم نأمنه ولم نصدِّقه وإِن قال: إن سريرته حسنة. كذا في الكنز. وأخرجه البيهقي عن عبد الله مثله وقال: رواه البخاري في الصحيح.

وأخرج ابن سعد والبيهقي عن الحسن قال: إن أول خطبة خطبها عمر رضي الله عنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال:

«أما بعد: فقد ابتليت بكم، وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبيَّ؛ فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا؛ ومهما غاب عنا ولّيناه أهل القوة والأمانة. فمن يحسن نزده حسناً، ومن يسيء نعاقبه؛ ويغفر الله لنا ولكم» .

كذا في الكنز.

ص: 323

النظر في العمل (قول عمر رضي الله عنه في ذلك)

أخرج البيهقي، وابن عساكر عن طاووس أنَّ عمر رضي الله عنه قال: أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل، أقضيت ما غليَّ؟ قالوا: نعم. قال: لا، حتى أنظر في عمله أَعمِل بما أمرته أم لا؟ كذا في الكنز.

تعقيب الجيوش (حديث عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري في ذلك)

أخرج أبو داود، والبيهقي عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه أنَّ جيشاً من الأنصار كانوابأرض فارس مع أميرهم، وكان عمر رضي الله عنه يُعَقِّب الجيوش في كل عام، فشُغل عنهم عمر. فلما مرّ الأجل قفل أهل ذلك الثغر، فاشتد عليه، وأوعدهم وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا عمر إنك غفلت عنا، وتركت فينا ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من إعقاب بعض الغزيَّة بعضاً. كذا في كنز العمال.

رعاية الأمير المسلمين فيما نزل بهم قصة عمر وأبي عبيدة في ذلك في طاعون عَمَواس

أخرج ابن عساكر عن طارق بن شهاب عن أبي موسى أن أمير المؤمنين

ص: 324

كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه حيث سمع بالطاعون الذي أخذ الناس بالشام: إنِّي بدت لي حاجة إليك فلا غنى لي عنك فيها، فإن أتاك كتابي ليلاً فإني أعزم عليك أن تصبح حتى تركب إليّ، وإِن أتاك نهاراً فإِني أعزم عليك أن تمسي حتى تركب إليّ. فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: قد علمت حاجة أمير المؤمنين التي عرضت، وإنه يريد أن يستبقي من ليس بباقٍ. فكتب إِليه: إِني في جند من المسلمين لن أرغب بنفسي عنهم، وإِني قد علمت حاجتك التي عرضت لك، وإنك تستبقي من ليس بباقٍ، فإذا أتاك كتابي هذا فحلِّلني من عزمك، وائذن لي في الجلوس.d

فلما قرأ عمر رضي الله عنه كتابه فاضت عيناه وبكى. فقال له من عنده: يا أمير المؤمنين، مات أبو عبيدة؟ قال: لا، وكأنْ قد. فكتب إِليه عمر رضي الله عنه أن الأردن أرض وبئة وكان قد كتب عمقه، وأن الجابية أرض نَزِهة، فاظهرْ بالمهاجرين إليها. قال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب: أمّا هذا فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين ونطيعه، فأمرني أن أركب وأبوّىء الناس منازلهم. فطُعنت إمرأتي، فجئت أبا عبيدة فانطلق أبو عبيدة يبوىء الناس منازلهم، فطُعن فتوفي، وانكشف الطاعون. قال أبو الموجِّه: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستة وثلاثين ألفاً من الجند، فماتوا فلم يبقَ إلا ستة آلاف رجل. وروى سفيان بن عيينة أخصر منه. كذا في الكنز.

وأخرجه الحاكم من طريق سفيان وفي سياقه: فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: يرحم الله أمير المؤمنين يريد بقاء قوم ليسوا بباقين. قال: ثم كتب إليه أبو عبيدة: إِني في جيش من جيوش المسلمين لست أرغب بنفسي عن الذي

ص: 325

أصابهم. قال الحاكم: رواة هذا الحديث كلهم ثقات وهو عجيب بمرة؛ وقال الذهبي: على شرط البخاري، ومسلم. وأخرجه ابن إسحاق من طريق طارق بطوله، كما في الإِصابة، وفي سياقه: يا أمير المؤمنين، إني قد عرفت حاجتك إليّ، وإني في جند من المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضي الله فيّ وفيهم أمره وقضاءه، فخلِّني من عزمتك يا أمير المؤمنين ودعني في جندي. وأخرجه الطبري أيضاً بطوله عن طارق.

رحمة الأمير حديث أبي أسيد رضي الله عنه في ذلك

أخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر أن أبا أُسَيد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بسَبْي من البحرين، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى إمرأة منهنَّ تبكي. فقال:«ما شأنك؟» فقالت: باع إبني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد: «أبعت إبنها؟» قال: نعم. قال: «فيمن؟» قال: في بني عبس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إركب أنت بنفسك فائت به» . كذا في الكنز.

خطبة عمر في هذا الأمر

وأخرج ابن المنذر، والحاكم، والبيهقي عن بُرَيدة قال: كنت جالساً عند عمر رضي الله عنه إِذ سمع صائحة، فقال: يا يَرْفأ أنظر ما هذا الصوت؟ فنظر ثم جاء فقال: جارية من قريش تبع أمها. فقال عمر رضي الله عنه: أدع لي المهاجرين والأنصار، فلم يمكث إلا ساعة حتى امتلأ الدار والحجرة. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

ص: 326