الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به في مغازيهم. قال الهيثمي: ورجاله وُثِّقوا، وفي بعضهم ضعف اهـ.
وقد تقدم ما بعث به النساء في إعانة المسلمين في جَهَازهم في غزوة تبوك من المَسَك، والمعاضِد والخلاخِل، والأقْرطة، والخواتيم، (وقد مُلىء - أي الثوب المبسوط بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم ممَّا بَعث به النساء يُعِنَّ به المسلمين في جهازهم) .
الإِنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة
قصة أعرابية مع عمر رضي الله عنه
أخرج أبو عبيد في الأموال عن عمير بن سَلَمة الدؤلي رضي الله عنه قال: بينا عمر رضي الله عنه نصف النهار قائلٌ في ظل شجرة وإذ أعرابية، فتوسمت الناس فجاءته، فقالت: إني مرأة مسكينة ولي بنون، وإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان بعث محمد بن مسلمة ساعياً فلم يعطنا، فلعلك - يرحمك الله - أن تشفع لنا إليه، (قال) فصاح بِيَرْفَأ أن أدعُ محمد بن مسلمة. فقالت: إنه أنجح لحاجتي أن تقوم معي إِليه، فقال: إنه سيفعل إن شاء الله (فجاءه يرفأ)، فقال: أجب، فجاء فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فاستحيت المرأة منه، فقال عمر:(والله) ما آلو أن أختار خياركم، كيف أنت قائل إذا سألك الله تعالى عن هذه؟ فدمعت عينا محمد (ثمَّ)، فقال عمر: إنَّ الله بعث (إلينا) نبيه صلى الله عليه وسلم فصدَّقناه، واتبعناه، فعمل بما أمره الله (به) ، فجعل الصدقة لأهلها من المساكين حتى قبضه الله على ذلك؛ ثم استخلف الله أبا بكر فعمل بسنّته حتى قبضه الله، ثم استخلفني فلم آلُ أن أختار خياركم، إنْ بعثتك فأدِّ إليها صدقة العام وعامِ أوَّل وما أدري لعلي (لا) أبعثك، ثم دعا لها بجمل
فأعطاها دقيقاً وزيتاً وقال: خذي هذا حتى تلحقينا بخيبر، فإنا نريدها، فأتته بخيبر فدعا لها بجملين آخرين. فقال: خذي هذا فإن فيه بَلاغاً حتى يأتيكم محمد، فقد أمرته أن يعطيك حقَّك للعام وعام أول. كذا في الكنز.
قصة بنت خفاف بن إِيماء الغفاري مع عمر رضي الله عنهم
وأخرج هو، والبخاري، والبيهقي عن أسلم قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر إمرأة شابة فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي، وترك صبية صغاراً. والله ما يُنضحون كراعاً ولا هم زرع ولا ضرع، وخشيت أن يأكلهم الضَّبعُ وأنا بنت خَفاف بن أيماء الغِفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف معها عمر ولم يمضِ، ثم قال: مرحباً بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطاً في الدار، فحمل عليه غِرارتين ملأهما طعاماً، وجعل بينها نفقة وثياباً، ثم ناولها خِطامه، ثم قال: إقتاديه فلن يفنى حتى يأتيَكم الله بخير. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها فقال عمر: ثكلتك أمك شهد أبها الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم والله إِني لأرى أبا هذه وأخاها وقد حاصرا حصناً زماناً فافتتحناه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانَنا فيه. كذا في الكنز.
إنفاق سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي إنفاقه رضي الله عنه وهو عامل على الشام
أخرج أبو نعيم في الحلية عن حسان بن عطية قال: لما عزل عمر بن الخطاب معاوية عن الشام بعث سعيد بن عامر بن حِذْيَم الجمحي رضي الله عنه قال: فخرج معه بجارية من قريش نضيرةِ الوجه، فما لبث إلا يسيراً حتى أصابته حاجة شديدة. قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فبعث إليه بألف دينار. قال: فدخل بها على إمرأته فقال: إن عمر بعث إلينا بما ترين. فقالت: لو أنك اشتريت لنا أُدْماً وطعاماً وادّخرت سائرها. فقال لها: أوَلاً أدلُّك على أفضل من ذلك؟ نعطي هذا المال من يتَّجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانُها عليه، قالت: فنعم إذاً. فاشترى أخدْاً طعماً، واشترى بعيرَين وغلامين يمتاران عليهما حوائجهم وفرَّقها في المساكين وأهل الحاجة، قال: فما لبث إلا يسيراً حتى قالت له إمرأته: إنه قد نَفِد كذا وكذا، فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه. قال: فسكت عنها. قال: ثم عاودته. قال: فسكت عنها حتى آذته - ولم يكن يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل - قال: وكان رجل من أهل بيته ممّن يدخل بدخوله، فقال لها: ما تصنعين؟ إنك قد آذيتيه وإنَّه قد تصدّق بذلك المال. قال: فبكت أسفاً على ذلك المال. ثم إنه
دخل عليها يوماً فقال: على رسلك، إنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحب أني صُددت عنهم، وإن لي الدنيا وما فيها، ولو أنَّ خَيْرة من خَيْرات الحسان اطَّلعت من السماء لأضاءت أهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر، ولَنصيفٌ تُكْسى خير من الدنيا وما فيها، فلأنت أحرى في نفسي أن أدَعك لهنَّ من أن أدعهنَّ لك. قال: فسمحت ورضيت.
حديث عبد الرحمن بن سابط في ذلك
وأخرجه أيضاً عن عبد الرحمن بن سابط الجُمَحي وفي حديثه: قال: وكان إِذا خرج عطاؤه إبتاع لأهله قوتهم وتصدَّق ببقيته، فتقول له إمرأته: أين فضل عطائك؟ فيقول: قد أقرضته. فأتاه ناس فقالوا: إنّ لأهلك عليك حقاً، وإن لأظهارك عليك حقاً. فقال: ما أنا بمستأثر عليهم ولا بملتمس رضى أحد من الناس لطلب الحور العين، لو اطَّلعت خَيْرة من خيرات الجنة لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس، وما أنا بالتخلِّف عن العَنَق الأول بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«يجمع الله عز وجل الناس للحساب، فيجيء فقراء المؤمنين يَزفّون كما تزف الحمام، فيقال لهم: قِفُوا عند الحساب، فيقولون: ما عندنا حساب ولا آتيتمونا شيئاً، فيقول ربهم: صدق عبادي، فيفتح لهم باب الجنة فيدخلونها قبل الناس بسبعين عاماً» . وقد تقدَّم في قصة أخرى
لسعيد فقال لها: فهل لك في خير من ذلك ندفعها إلى من يأتينا بها أحوج ما نكون إِليها؟ قالت: نعم. فدعا رجلاً من أهل بيته يثق به فصرَّرها صرراً ثم قال: إنطلق بهذه إلى أرملة آل فلان، وإلى يتيم آل فلان، وإلى مسكين آل فلان، وإلى مُبتلى آل فلان. فبقيت منها ذُهَيبة. فقال: أنفقي هذه، ثم عاد إلى عمله. فقالت: ألا تشتري لنا خادماً؟ ما فعل ذلك المال؟ قال: سيأتيك أحوج ما تكونين. أخرجه أبو نعيم في الحلية.
إنفاق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حديث نافع في إِنفاقه رضي الله عنه
أخرج أبو نعيم في الحلية عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما إشتكى فاشتُريَ له عنقود عنب بدرهم، فجاء مسكين فقال: يعطوه إياه، فخالف إليه إنسان، فاشتراه منه بدرهم. ثم جاء به إليه، فجاءه المسكين فسأل، فقال: أعطوه أياه. فخالف إليه إنسان فاشتراه منه بدرهم. ثم جاء به إليه، فجاءه المسكين يسأل فقل: أعطوه إياه. ثم خالف إليه إنسان فاشتراه منه بدرهم، فأراد أن يرجع فمُنع. ولو علم ابن عمر بذلك العنقود ما ذاقه.
حديث نافع من وجه آخر في ذلك
وأخرجه أيضاً من طريق آخر عنه أن ابن عمر رضي الله عنه إشتهى عنباً وهو مريض، فاشتريت له عنقوداً بدرهم فجئت به فوضعته في يده - فذكر بمعناه. وفي آخره: فما زال يعود السائل ويأمر بدفعه إليه حتى قلت للسائل