المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة - حياة الصحابة - جـ ٢

[محمد يوسف الكاندهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الجهاد

- ‌قصة تبوك وما أنفق الصحابة في ذلك من والأموال

- ‌إستئذان الجدّ بن قيس عن الغزو وما قاله عليه السلام له وما نزل فيه من القرآن

- ‌إنفاق الصحابة رضي الله عنهم المال في غزوة تبوك

- ‌إهتمامه صلى الله عليه وسلم ببَعْث أسامة رضي الله عنه في مرض وفاته

- ‌وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودخول الصحابة المدينة

- ‌مشايعة أبي بكر جيش أسامة

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعمر رضي الله عنهما

- ‌مشاورة أبي بكر أكابر الصحابة في غزو الروم وخطبته في ذلك

- ‌خطبة عمر ومتابعته في إمضاء رأي أبي بكر في الجهاد

- ‌تبشير علي أبا بكر وسروره بما قال علي وخطبته في استنفار الصحابة

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه إلى أهل اليمن للجهاد في سبيل الله

- ‌رغيب عثمان بن عفان رضي الله عنه على الجهاد

- ‌تحريض علي رضي الله عنه يوم صفِّين

- ‌خطبة علي على تثاقلهم في النَّفْر

- ‌ترغيب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على الجهاد خطبة سعد يوم القادسية

- ‌خطبة عاصم بن عمرو يوم القادسية

- ‌رغبة عمر في السير في سبيل الله وقوله: إن الجهاد أفضل من الحج

- ‌رغبة ابن عمر رضي الله عنهما في الجهاد

- ‌قول عمر في فضيلة من يخرج ويحرس في سبيل الله

- ‌قصة عمر ومعاذ في الخروج مع أبي بكر

- ‌ترجيح عمر للمهاجرين الأولين على رؤساء القوم في المجلس

- ‌قول سهيل بن عمرو للرؤساء الذين قدَّم عمر المهاجرين عليهم

- ‌رغبة خالد بن الوليد في الجهاد وطلبه القتل في سبيل الله

- ‌رغبة بلال في الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار المقداد على القعود عن الجهاد لآية النَفْر

- ‌صة أبي طلحة في ذلك

- ‌قصة أبي أيوب في ذلك

- ‌قصة أبي خيثمة في ترك نعيم الدنيا والخروج في سبيل الله

- ‌حزن الصحابة رضي الله عنهم على عدم القدرة على الخروج

- ‌الإِنكار على من أخّر الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على ابن رواحة

- ‌إنكار عمر على معاذ بن جبل تأخيره الخروج

- ‌العتاب على من تخلَّف عن سبيل الله وقصَّر فيه

- ‌قصة كعب بن مالك الأنصاري

- ‌إنكار عبد الله بن عمرو بن العاص على رجل ترك الجهاد

- ‌الإِنكار على من لم يتم الأربعين في سبيل الله

- ‌الخروج لثلاثة أربعينات في سبيل الله

- ‌الخدمة في الجهاد في سبيل الله خدمة المفطرين للصائمين في سبيل الله

- ‌خدمة الصحابة لرجل يشتغل بالقرآن والصلاة

- ‌الصوم في سبيل الله

- ‌صوم عبد الله بن مخرمة يوم اليمامة

- ‌الصلاة في سبيل الله

- ‌صلاة النبي عليه السلام في عسفان

- ‌قيام الليل في سبيل الله

- ‌تكبير الصحابة وتسبيحهم عند الصعود والنزول

- ‌الدعاء عند الإِشراف على القرية

- ‌الدعاء عند افتتاح الجهاد

- ‌دعاؤه عليه السلام في وقعة أُحد والخندق

- ‌الدعاء عند الجهاد

- ‌الإهتمام بالتعليم في الجهاد

- ‌جلوس الصحابة حِلَقاً في السفر

- ‌ثواب الإِنفاق في الجهاد

- ‌إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله

- ‌أقوال عمر في الشهداء

- ‌الحراسة في سبيل الله

- ‌تحمل الأمراض في الجهاد

- ‌جراحة طلحة بن عُبيد الله وعبد الرحمن بن عوف

- ‌جراحة جعفر بن أبي طالب

- ‌صة رافع بن خديج ورجلين من بني عبد الأشهل

- ‌تمني الشهادة والدعاء لها

- ‌قصة ثابت بن الدحداحة

- ‌يوم الرَّجيع قصة قتل عاصم وخبيب وأصحابهما

- ‌يوم مؤتة بكاء ابن رواحة عند الخروج وأبياته في سؤال الشهادة

- ‌تشجيع ابن رواحة الناس على الشهادة

- ‌يوم اليرموك قتل عكرمة بن أبي جهل في أربعمائة من المسلمين

- ‌بقية قصص الصحابة رضي الله عنهم في رغبتهم في القتل في سبيل الله

- ‌إستشهاد البراء بن مالك يوم العقبة بفارس

- ‌ قتال طلحة يوم أُحد

- ‌قتله طلحة العبدري يوم أُحد

- ‌بُكاءُ النبي عليه السلام عندما رآه مقتولا

- ‌شجاعة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌شجاعة أبي دُجانة سِماك بن خَرَشة الأنصاري

- ‌شجاعة قتادة بن النعمان

- ‌شجاعة سَلَمة بن الأكوع

- ‌أبو قتادة على فرس الأخرم

- ‌شجاعة أبي حدرد أبو عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه

- ‌شجاعة خالد بن الوليد رضي الله

- ‌إقتحامه الحديقة من الجدار وقتاله مع القوم وحده

- ‌الندامة والجزع من الفرار

- ‌جزع المهاجرين والأنصار على الفرار يوم الجسر

- ‌الدلالة على من يعين الخارج في سبيل الله

- ‌البدل في البعث

- ‌تشييع المجاهد في سبيل الله وتوديعه

- ‌تشييع أبي بكر جيش أسامة

- ‌تشييع ابن عمر للغزاة وما قال لهم

- ‌كتابة إسم من خرج في سبيل الله

- ‌الصلاة والطعام عند القدوم

- ‌خروج إمرأة من بني غِفَار معه عليه السلام

- ‌خروج أم حَرَام بنت ملحان خالة أنس

- ‌خدمة الرِّبِّيع بنت مُعَوِّذ وأم عطية وليلى الغفارية في الجهاد

- ‌خروج النساء للخدمة يوم خيبر

- ‌قتال صفية يوم أُحد ويوم الخندق

- ‌إتخاذ أُم سُلَيم خنجراً للقتال يوم حُنَين

- ‌خروح الصبيان وقتالهم في الجهاد

- ‌شهادة عمير

- ‌قول أبي ذر رضي الله عنه في الخلاف

- ‌خطبة عمر والبيعة العامة على يد أبي بكر

- ‌ الناس أبا بكر بَيْعة

- ‌خروج أبي بكر للجهاد وحيداً وقول علي في ذلك

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعبد الرحمن بن عوف

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه في إستخلاف عمر ووصيته له وللناس

- ‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر

- ‌من يتحمل الخلافة

- ‌صفات الخليفة كما يراها عمر رضي الله عنه

- ‌لين الخليفة وشدته

- ‌حصر من يقع منه الإنتشار في الأمة

- ‌مسألة خراج البحرين

- ‌إستشارة عمر وعثمان عبد الله بن عباس

- ‌خطبة بليغة لعمر في المشاورة

- ‌كتاب عمر إلى سعد في الحرب

- ‌التأمير في السفر

- ‌من يتحمل الإِمارة

- ‌كتاب عمر في تأمير الأمراء

- ‌الإِنكار عن قبول الإِمارة

- ‌وصية أبي بكر لرافع الطائي في أمر الإِمارة

- ‌ما وقع بين أبي بكر ورافع في الإِمارة

- ‌إِيثار الصحابة الغزو على الإِمارة

- ‌إنكار ابن عمر على القضاء بين الناس

- ‌ما وقع بين ابن عمر وأم المؤمنين حفصة بشأن دومة الجندل

- ‌إنكار عمران بن حصين على قبول الإِمارة

- ‌إحترام الخلفاء والأمراء وطاعة أوامرهم

- ‌ما وقع بين عوف

- ‌طاعة الأمير إنما تكون في المعروف

- ‌وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي ذر في احترام الأمير

- ‌قصة إمرأة مجذومة في احترام الأمير

- ‌خطورة عصيان الأمير

- ‌حق الأمير على الرعية

- ‌نصيحة العباس لابنه في هذا الأمر

- ‌عمل عمران بن حصين في الأموال

- ‌شرائط عمر على العمال

- ‌كتاب عمر إِلى عمرو بن العاص في كسر المنبر

- ‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العِلَيَّة

- ‌قصة المرأة المخزومية

- ‌قصة رجلين من الأنصار في هذا الأمر

- ‌عدل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌عدل عمر الفاروق رضي الله عنه

- ‌ما كان يعمله عمر رضي الله عنه في الموسم للعدل بين الناس

- ‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين

- ‌قصة جارية وعدل عمر رضي الله عنه

- ‌قصة نبطي مع عبادة بن الصامت

- ‌قصة بكر بن شذَّاخ مع يهودي

- ‌كتاب عمر إلى أمير جيش في منع قتل المشركين

- ‌إجراء عمر من بيت المال على شيخ من أهل الذمة

- ‌عدل علي رضي الله عنه

- ‌خوف الخلفاء رضي الله عنهم

- ‌وصية أبي بكر عند الوفاة في استخلاف عمر ووصيته لعمر

- ‌كتابه رضي الله عنه إِلى عمرو والوليد بن عقبة

- ‌وصية أبي بكر الصديق لشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما

- ‌وصايا عمر رضي الله عنه

- ‌وصية عمر بن الخطاب للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما

- ‌وصية عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما

- ‌وصايا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأمرائه

- ‌نصيحة الرعية الإِمام

- ‌كتاب أبي عبيدة ومعاذ إلى عمر وكتابه إليهما

- ‌سيرة الخلفاء والأمراء

- ‌قصة أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌قصة قسْم المال بين المسلمين وما وقع بين عمر وعلي فيه

- ‌قصة رجل عرض ناقة سمينة في الصدقة

- ‌جود أم المؤمنين عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما

- ‌إنفاق ما يحبّ

- ‌قول أبي ذر: إِن في المال ثلاثة شركاء

- ‌قصة عبد الله بن زيد رضي الله عنه

- ‌من أقرض الله تعالى قصة بيع بي الدحداح بستانه بنخلة في الجنة

- ‌الإِنفاق على الإِسلام

- ‌ إنفاق عثمان في جيش العسرة

- ‌الإِنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة

- ‌إنفاق عثمان بن أبي العاص رضي الله

- ‌قصة دُكَين بن سعيد الخثعمي في ذلك

- ‌الصدقات قصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌إطعام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌إطعام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌إطعام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌إطعام جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌ضيافة الأضياف الواردين إلى المدينة الطيبة

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لأهل الصفَّة

- ‌ضيافة الذين يريدون الإِسلام

- ‌ضيافة أهل الصفة في رمضان

- ‌إكساء الحلل وقسمها

- ‌إطعام المجاهدين

- ‌كيف كانت نفقة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تدوين عمر رضي الله عنه الديوان للعطايا

- ‌رجوع عمر إلى رأي أبي بكر وعلي رضي الله عنهم في القَسْم

- ‌قَسْم علي بن أبي طالب رضي الله عنه المال

- ‌كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رأي عمر رضي الله عنه في حق المسلمين في المال

- ‌قسم طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه المال

- ‌قسم الزبير بن العوام رضي الله عنه المال

- ‌قسم أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وحذيفة رضي الله عنهم

- ‌الإحتياط عن الإِنفاق على نفسه وذوي القربى من بيت المال

- ‌ما وقع بين عمر وابنته حفصة في شأن مال المسلمين

- ‌قصة قَسْم المسك والعنبر الذي جاء من البحرين

- ‌قصة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في هذا الأمر

- ‌قصة أخرى له صلى الله عليه وسلم مع جبريل في ذلك

- ‌رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المال

- ‌قصته مع أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رد حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌قصته مع عمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌رد عامر بن ربيعة رضي الله عنه القطيعة

- ‌رد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المال

- ‌قصة عائشة مع إمرأة مسكينة

- ‌قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

- ‌قوله عليه السلام لمّا قدم أبو عبيدة بمال من البحرين

- ‌رواية الحسن البصري في قصة فروة كسرى وسواريه

- ‌رواية بن عباس في بكائه على بسط الدنيا

- ‌سؤاله لأم سَلَمة على بسط المال وجوابها له

- ‌حديث البخاري في خوف خباب

- ‌عيادة سعد بن أبي وقاص لسلمان وما وقع بينهما

- ‌سبب جزع سلمان رضي الله عنه عند الموت

- ‌خوف أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة القرشي رضي الله

- ‌خوف أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا

- ‌زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن الدنيا

- ‌فراشه عليه السلام

- ‌حديث سلمى إمرأة أبي رافع في أكله عليه السلام

- ‌زهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌حديث عائشة في أن أبا بكر لم يترك شيئا

- ‌زهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌زهده رضي الله عنه في الأكل

- ‌قصته مع ابنه عبد الله وابنته حفصة في ذلك

- ‌قصته مع عتبة بن فرقد في ذلك

- ‌زهد عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌بيعة سيفه لشراء الإِزار

- ‌زهد مصعب بن عمير رضي الله عنه

- ‌ما أصاب مصعباً من البلاء بعد الإِسلام

- ‌زهد عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌زهد سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌زهد أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌زهد أبي الدرداء رضي الله عنه حديثه رضي الله عنه

- ‌ما وقع بينه وبين عمر رضي الله عنهما

- ‌زهد معاذ بن عفراء رضي الله عنه

- ‌زهد اللجلاج الغطفاني رضي الله عنه

- ‌زهد عبد الله بن عمر رضي الله عنه عيشه رضي الله عنه

- ‌زهده بعد وفاة النبي عليه السلام

- ‌وصيته عليه السلام لأم المؤمنين عائشة

- ‌إنكار عمر على ابنه عبد الله حين رأى عنده اللحم

- ‌كتاب عمر إلى أبي الدرداء لما ابتنى بدمشق قنطرة

- ‌وصية أبي بكر لسلمان عند الوفاة

- ‌ما وقع بين أبي ذر وأبي الدرداء في بناء بيت

الفصل: ‌الإنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة

به في مغازيهم. قال الهيثمي: ورجاله وُثِّقوا، وفي بعضهم ضعف اهـ.

وقد تقدم ما بعث به النساء في إعانة المسلمين في جَهَازهم في غزوة تبوك من المَسَك، والمعاضِد والخلاخِل، والأقْرطة، والخواتيم، (وقد مُلىء - أي الثوب المبسوط بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم ممَّا بَعث به النساء يُعِنَّ به المسلمين في جهازهم) .

‌الإِنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة

قصة أعرابية مع عمر رضي الله عنه

أخرج أبو عبيد في الأموال عن عمير بن سَلَمة الدؤلي رضي الله عنه قال: بينا عمر رضي الله عنه نصف النهار قائلٌ في ظل شجرة وإذ أعرابية، فتوسمت الناس فجاءته، فقالت: إني مرأة مسكينة ولي بنون، وإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان بعث محمد بن مسلمة ساعياً فلم يعطنا، فلعلك - يرحمك الله - أن تشفع لنا إليه، (قال) فصاح بِيَرْفَأ أن أدعُ محمد بن مسلمة. فقالت: إنه أنجح لحاجتي أن تقوم معي إِليه، فقال: إنه سيفعل إن شاء الله (فجاءه يرفأ)، فقال: أجب، فجاء فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فاستحيت المرأة منه، فقال عمر:(والله) ما آلو أن أختار خياركم، كيف أنت قائل إذا سألك الله تعالى عن هذه؟ فدمعت عينا محمد (ثمَّ)، فقال عمر: إنَّ الله بعث (إلينا) نبيه صلى الله عليه وسلم فصدَّقناه، واتبعناه، فعمل بما أمره الله (به) ، فجعل الصدقة لأهلها من المساكين حتى قبضه الله على ذلك؛ ثم استخلف الله أبا بكر فعمل بسنّته حتى قبضه الله، ثم استخلفني فلم آلُ أن أختار خياركم، إنْ بعثتك فأدِّ إليها صدقة العام وعامِ أوَّل وما أدري لعلي (لا) أبعثك، ثم دعا لها بجمل

ص: 424

فأعطاها دقيقاً وزيتاً وقال: خذي هذا حتى تلحقينا بخيبر، فإنا نريدها، فأتته بخيبر فدعا لها بجملين آخرين. فقال: خذي هذا فإن فيه بَلاغاً حتى يأتيكم محمد، فقد أمرته أن يعطيك حقَّك للعام وعام أول. كذا في الكنز.

قصة بنت خفاف بن إِيماء الغفاري مع عمر رضي الله عنهم

وأخرج هو، والبخاري، والبيهقي عن أسلم قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر إمرأة شابة فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي، وترك صبية صغاراً. والله ما يُنضحون كراعاً ولا هم زرع ولا ضرع، وخشيت أن يأكلهم الضَّبعُ وأنا بنت خَفاف بن أيماء الغِفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف معها عمر ولم يمضِ، ثم قال: مرحباً بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطاً في الدار، فحمل عليه غِرارتين ملأهما طعاماً، وجعل بينها نفقة وثياباً، ثم ناولها خِطامه، ثم قال: إقتاديه فلن يفنى حتى يأتيَكم الله بخير. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها فقال عمر: ثكلتك أمك شهد أبها الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم والله إِني لأرى أبا هذه وأخاها وقد حاصرا حصناً زماناً فافتتحناه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانَنا فيه. كذا في الكنز.

ص: 425

إنفاق سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي إنفاقه رضي الله عنه وهو عامل على الشام

أخرج أبو نعيم في الحلية عن حسان بن عطية قال: لما عزل عمر بن الخطاب معاوية عن الشام بعث سعيد بن عامر بن حِذْيَم الجمحي رضي الله عنه قال: فخرج معه بجارية من قريش نضيرةِ الوجه، فما لبث إلا يسيراً حتى أصابته حاجة شديدة. قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فبعث إليه بألف دينار. قال: فدخل بها على إمرأته فقال: إن عمر بعث إلينا بما ترين. فقالت: لو أنك اشتريت لنا أُدْماً وطعاماً وادّخرت سائرها. فقال لها: أوَلاً أدلُّك على أفضل من ذلك؟ نعطي هذا المال من يتَّجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانُها عليه، قالت: فنعم إذاً. فاشترى أخدْاً طعماً، واشترى بعيرَين وغلامين يمتاران عليهما حوائجهم وفرَّقها في المساكين وأهل الحاجة، قال: فما لبث إلا يسيراً حتى قالت له إمرأته: إنه قد نَفِد كذا وكذا، فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه. قال: فسكت عنها. قال: ثم عاودته. قال: فسكت عنها حتى آذته - ولم يكن يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل - قال: وكان رجل من أهل بيته ممّن يدخل بدخوله، فقال لها: ما تصنعين؟ إنك قد آذيتيه وإنَّه قد تصدّق بذلك المال. قال: فبكت أسفاً على ذلك المال. ثم إنه

ص: 426

دخل عليها يوماً فقال: على رسلك، إنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحب أني صُددت عنهم، وإن لي الدنيا وما فيها، ولو أنَّ خَيْرة من خَيْرات الحسان اطَّلعت من السماء لأضاءت أهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر، ولَنصيفٌ تُكْسى خير من الدنيا وما فيها، فلأنت أحرى في نفسي أن أدَعك لهنَّ من أن أدعهنَّ لك. قال: فسمحت ورضيت.

حديث عبد الرحمن بن سابط في ذلك

وأخرجه أيضاً عن عبد الرحمن بن سابط الجُمَحي وفي حديثه: قال: وكان إِذا خرج عطاؤه إبتاع لأهله قوتهم وتصدَّق ببقيته، فتقول له إمرأته: أين فضل عطائك؟ فيقول: قد أقرضته. فأتاه ناس فقالوا: إنّ لأهلك عليك حقاً، وإن لأظهارك عليك حقاً. فقال: ما أنا بمستأثر عليهم ولا بملتمس رضى أحد من الناس لطلب الحور العين، لو اطَّلعت خَيْرة من خيرات الجنة لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس، وما أنا بالتخلِّف عن العَنَق الأول بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«يجمع الله عز وجل الناس للحساب، فيجيء فقراء المؤمنين يَزفّون كما تزف الحمام، فيقال لهم: قِفُوا عند الحساب، فيقولون: ما عندنا حساب ولا آتيتمونا شيئاً، فيقول ربهم: صدق عبادي، فيفتح لهم باب الجنة فيدخلونها قبل الناس بسبعين عاماً» . وقد تقدَّم في قصة أخرى

ص: 427

لسعيد فقال لها: فهل لك في خير من ذلك ندفعها إلى من يأتينا بها أحوج ما نكون إِليها؟ قالت: نعم. فدعا رجلاً من أهل بيته يثق به فصرَّرها صرراً ثم قال: إنطلق بهذه إلى أرملة آل فلان، وإلى يتيم آل فلان، وإلى مسكين آل فلان، وإلى مُبتلى آل فلان. فبقيت منها ذُهَيبة. فقال: أنفقي هذه، ثم عاد إلى عمله. فقالت: ألا تشتري لنا خادماً؟ ما فعل ذلك المال؟ قال: سيأتيك أحوج ما تكونين. أخرجه أبو نعيم في الحلية.

إنفاق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حديث نافع في إِنفاقه رضي الله عنه

أخرج أبو نعيم في الحلية عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما إشتكى فاشتُريَ له عنقود عنب بدرهم، فجاء مسكين فقال: يعطوه إياه، فخالف إليه إنسان، فاشتراه منه بدرهم. ثم جاء به إليه، فجاءه المسكين فسأل، فقال: أعطوه أياه. فخالف إليه إنسان فاشتراه منه بدرهم. ثم جاء به إليه، فجاءه المسكين يسأل فقل: أعطوه إياه. ثم خالف إليه إنسان فاشتراه منه بدرهم، فأراد أن يرجع فمُنع. ولو علم ابن عمر بذلك العنقود ما ذاقه.

حديث نافع من وجه آخر في ذلك

وأخرجه أيضاً من طريق آخر عنه أن ابن عمر رضي الله عنه إشتهى عنباً وهو مريض، فاشتريت له عنقوداً بدرهم فجئت به فوضعته في يده - فذكر بمعناه. وفي آخره: فما زال يعود السائل ويأمر بدفعه إليه حتى قلت للسائل

ص: 428