الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسعد وأبو عبيدة، وسعيد بن زيد ومن حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم: صَدَقَ عثمان، ما رأيتَ من رأي فأمْضِه، فإنَّا لا نخالفك ولا نتهمك، وذكروا هذا وأشباهه؛ وعليّ رضي الله عنه في القوم لم يتكلَّم.
تبشير علي أبا بكر وسروره بما قال علي وخطبته في استنفار الصحابة
فقال أبو بكر: ماذا ترى يا أبا الحسن؟ فقال: أرى أنك إن سرتَ إليهم بنفسك أو بعثتَ إِليهم نُصرت عليه إن شاء الله. فقال: بشّرك الله بخير ومن أين علمت ذلك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال هذا الدين ظاهراً على كل من ناوأه حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون» . فقال: سبحان الله، ما أحسن هذا الحديث لقد سررتني به سرَّك الله. ثم إِن أبا بكر رضي الله عنه قام في الناس فذكر الله بما هو أهله، وصلَّى على نبيِّه صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس، إِنَّ الله قد أنعم عليكم بالإِسلام، وأكرمكم بالجهاد، وفضَّلكم بهذا الدين على كل دين، فتجهّزوا عباد الله إلى غزو الروم بالشام، فإني مُؤمِّر عليكم أمراء، وعاقد لكم ألوية، فأطيعوا ربَّكم ولا تخالفوا أمراءكم لِتَحْسُنْ نيتكم وأشربتكم وأطعمتكم، فإنَّ الله مع الذين اتَّقوا والذين هم محسنون.
ما جرى بين عمر، وعمرو بن سعيد وخطبة خالد أخيه في تأييد أبي بكر
قال: فسكت القوم، فوالله ما أجابوا. فقال عمر رضي الله عنه: يا معشر المسلمين، مالكم لا تجيبون خليفة رسول الله وقد دعاكم لما يحييكم؟ أمَا إنه لو كان عَرَضاً قريباً أو سفراً قاصداً لابتدرتموه. فقام عمرو بن سعيد رضي الله عنه فقال: يا ابن الخطاب، ألنا تضرب الأمثال أمثال المنافقين؟ فما منعك مما عبت علينا فيه أن تبدأ به؟ فقال عمر رضي الله عنه: إِنَّه يعلم أني أجيبه لو يدعوني، وأغزو لو يُغزيني. فقال عمرو بن سعيد رضي الله عنه: ولكن نحن لا نغزو لكم إن غزونا، إنما نغزو لله. فقال عمر: وفقك الله، فقد أحسنت فقال أبو بكر لعمرو: إجلس - رحمك الله - فإن عمر لم يُرد بما سمعت أذى
مسلم ولا تأنيبه، إنما أراد بما سمعت أن ينبعث المتثاقلون إلى الأرض إِلى الجهاد.
فقام خالد بن سعيد رضي الله عنه فقال: صدق خليفة رسول الله، إجلس أيْ أخي، فجلس. وقال خالد: الحمد لله الذي لا إله إلا هو، الذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهرَه على الدين كلّه ولو كره المشركون، فالحمد لله منجزِ وعدِه، ومظهرِ وعدهِ، ومهلِك عدوِّه، ونحن غير مخالفين ولا مختلفين، وأنت الوالي الناصح الشفيق، ننفر إذا استنفرتنا، ونطيعك إذا أمرتنا. ففرح بمقالته أبو بكر رضي الله عنه وقال له: جزاك الله خيراً من أخ وخليل؛ فقد كنت أسلمت مرتغِباً، وهاجرت محتسباً، قد كنت هربت بدينك من الكفر لكيما ترضي الله ورسوله وتعلو كلمته، وأنت أمير الناس فسِرْ يرحمك الله. ثم إنه نزل.
ورجع خالد بن سعيد رضي الله عنه فتجهّز. وأمر أبو بكر بلالاً فأذَّن في الناس أنِ انفِرُوا أيَّها الناس إلى جهاد الروم بالشام، والناس يَرَوْنَ أن أميرهم خالد بن سعيد، وكان الناس لا يشكُّون أن خالد بن سعيد أميرهم؛ وكان قد عسكر قبل كل أحد، ثم إن الناس خرجوا إلى معسكرهم من عشرة، وعشرين، وثلاثين، وأربعين، وخمسين، مائة كل يوم حتى اجتمع أناس كثيرون. فخرج أبو بكر رضي الله عنه ذات يوم ومعه رجال من الصحابة حتى انتهى إلى عسكرهم، فرأى عدّة حسنة لم يرضَ عدّتها للروم؛ فقال لأصحابه: ما ترون في هؤلاء إن أرسلتهم إلى الشام في هذه العِدّة؟ فقال عمر رضي الله عنه: ما أرضى هذه العِدة لجموع بني الأصفر. فقال لأصحابه: ماذا ترون أنتم؟ فقالوا: نحن نرى ما رأى عمر، فقال: لا أكتب كتاباً إلى أهل اليمن ندعوهم به إلى