المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين - حياة الصحابة - جـ ٢

[محمد يوسف الكاندهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الجهاد

- ‌قصة تبوك وما أنفق الصحابة في ذلك من والأموال

- ‌إستئذان الجدّ بن قيس عن الغزو وما قاله عليه السلام له وما نزل فيه من القرآن

- ‌إنفاق الصحابة رضي الله عنهم المال في غزوة تبوك

- ‌إهتمامه صلى الله عليه وسلم ببَعْث أسامة رضي الله عنه في مرض وفاته

- ‌وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودخول الصحابة المدينة

- ‌مشايعة أبي بكر جيش أسامة

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعمر رضي الله عنهما

- ‌مشاورة أبي بكر أكابر الصحابة في غزو الروم وخطبته في ذلك

- ‌خطبة عمر ومتابعته في إمضاء رأي أبي بكر في الجهاد

- ‌تبشير علي أبا بكر وسروره بما قال علي وخطبته في استنفار الصحابة

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه إلى أهل اليمن للجهاد في سبيل الله

- ‌رغيب عثمان بن عفان رضي الله عنه على الجهاد

- ‌تحريض علي رضي الله عنه يوم صفِّين

- ‌خطبة علي على تثاقلهم في النَّفْر

- ‌ترغيب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على الجهاد خطبة سعد يوم القادسية

- ‌خطبة عاصم بن عمرو يوم القادسية

- ‌رغبة عمر في السير في سبيل الله وقوله: إن الجهاد أفضل من الحج

- ‌رغبة ابن عمر رضي الله عنهما في الجهاد

- ‌قول عمر في فضيلة من يخرج ويحرس في سبيل الله

- ‌قصة عمر ومعاذ في الخروج مع أبي بكر

- ‌ترجيح عمر للمهاجرين الأولين على رؤساء القوم في المجلس

- ‌قول سهيل بن عمرو للرؤساء الذين قدَّم عمر المهاجرين عليهم

- ‌رغبة خالد بن الوليد في الجهاد وطلبه القتل في سبيل الله

- ‌رغبة بلال في الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار المقداد على القعود عن الجهاد لآية النَفْر

- ‌صة أبي طلحة في ذلك

- ‌قصة أبي أيوب في ذلك

- ‌قصة أبي خيثمة في ترك نعيم الدنيا والخروج في سبيل الله

- ‌حزن الصحابة رضي الله عنهم على عدم القدرة على الخروج

- ‌الإِنكار على من أخّر الخروج في سبيل الله

- ‌إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على ابن رواحة

- ‌إنكار عمر على معاذ بن جبل تأخيره الخروج

- ‌العتاب على من تخلَّف عن سبيل الله وقصَّر فيه

- ‌قصة كعب بن مالك الأنصاري

- ‌إنكار عبد الله بن عمرو بن العاص على رجل ترك الجهاد

- ‌الإِنكار على من لم يتم الأربعين في سبيل الله

- ‌الخروج لثلاثة أربعينات في سبيل الله

- ‌الخدمة في الجهاد في سبيل الله خدمة المفطرين للصائمين في سبيل الله

- ‌خدمة الصحابة لرجل يشتغل بالقرآن والصلاة

- ‌الصوم في سبيل الله

- ‌صوم عبد الله بن مخرمة يوم اليمامة

- ‌الصلاة في سبيل الله

- ‌صلاة النبي عليه السلام في عسفان

- ‌قيام الليل في سبيل الله

- ‌تكبير الصحابة وتسبيحهم عند الصعود والنزول

- ‌الدعاء عند الإِشراف على القرية

- ‌الدعاء عند افتتاح الجهاد

- ‌دعاؤه عليه السلام في وقعة أُحد والخندق

- ‌الدعاء عند الجهاد

- ‌الإهتمام بالتعليم في الجهاد

- ‌جلوس الصحابة حِلَقاً في السفر

- ‌ثواب الإِنفاق في الجهاد

- ‌إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله

- ‌أقوال عمر في الشهداء

- ‌الحراسة في سبيل الله

- ‌تحمل الأمراض في الجهاد

- ‌جراحة طلحة بن عُبيد الله وعبد الرحمن بن عوف

- ‌جراحة جعفر بن أبي طالب

- ‌صة رافع بن خديج ورجلين من بني عبد الأشهل

- ‌تمني الشهادة والدعاء لها

- ‌قصة ثابت بن الدحداحة

- ‌يوم الرَّجيع قصة قتل عاصم وخبيب وأصحابهما

- ‌يوم مؤتة بكاء ابن رواحة عند الخروج وأبياته في سؤال الشهادة

- ‌تشجيع ابن رواحة الناس على الشهادة

- ‌يوم اليرموك قتل عكرمة بن أبي جهل في أربعمائة من المسلمين

- ‌بقية قصص الصحابة رضي الله عنهم في رغبتهم في القتل في سبيل الله

- ‌إستشهاد البراء بن مالك يوم العقبة بفارس

- ‌ قتال طلحة يوم أُحد

- ‌قتله طلحة العبدري يوم أُحد

- ‌بُكاءُ النبي عليه السلام عندما رآه مقتولا

- ‌شجاعة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌شجاعة أبي دُجانة سِماك بن خَرَشة الأنصاري

- ‌شجاعة قتادة بن النعمان

- ‌شجاعة سَلَمة بن الأكوع

- ‌أبو قتادة على فرس الأخرم

- ‌شجاعة أبي حدرد أبو عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه

- ‌شجاعة خالد بن الوليد رضي الله

- ‌إقتحامه الحديقة من الجدار وقتاله مع القوم وحده

- ‌الندامة والجزع من الفرار

- ‌جزع المهاجرين والأنصار على الفرار يوم الجسر

- ‌الدلالة على من يعين الخارج في سبيل الله

- ‌البدل في البعث

- ‌تشييع المجاهد في سبيل الله وتوديعه

- ‌تشييع أبي بكر جيش أسامة

- ‌تشييع ابن عمر للغزاة وما قال لهم

- ‌كتابة إسم من خرج في سبيل الله

- ‌الصلاة والطعام عند القدوم

- ‌خروج إمرأة من بني غِفَار معه عليه السلام

- ‌خروج أم حَرَام بنت ملحان خالة أنس

- ‌خدمة الرِّبِّيع بنت مُعَوِّذ وأم عطية وليلى الغفارية في الجهاد

- ‌خروج النساء للخدمة يوم خيبر

- ‌قتال صفية يوم أُحد ويوم الخندق

- ‌إتخاذ أُم سُلَيم خنجراً للقتال يوم حُنَين

- ‌خروح الصبيان وقتالهم في الجهاد

- ‌شهادة عمير

- ‌قول أبي ذر رضي الله عنه في الخلاف

- ‌خطبة عمر والبيعة العامة على يد أبي بكر

- ‌ الناس أبا بكر بَيْعة

- ‌خروج أبي بكر للجهاد وحيداً وقول علي في ذلك

- ‌قول أبي بكر عند وفاته لعبد الرحمن بن عوف

- ‌كتاب أبي بكر رضي الله عنه في إستخلاف عمر ووصيته له وللناس

- ‌جواب أبي بكر لطلحة إذ خالفه في استخلاف عمر

- ‌من يتحمل الخلافة

- ‌صفات الخليفة كما يراها عمر رضي الله عنه

- ‌لين الخليفة وشدته

- ‌حصر من يقع منه الإنتشار في الأمة

- ‌مسألة خراج البحرين

- ‌إستشارة عمر وعثمان عبد الله بن عباس

- ‌خطبة بليغة لعمر في المشاورة

- ‌كتاب عمر إلى سعد في الحرب

- ‌التأمير في السفر

- ‌من يتحمل الإِمارة

- ‌كتاب عمر في تأمير الأمراء

- ‌الإِنكار عن قبول الإِمارة

- ‌وصية أبي بكر لرافع الطائي في أمر الإِمارة

- ‌ما وقع بين أبي بكر ورافع في الإِمارة

- ‌إِيثار الصحابة الغزو على الإِمارة

- ‌إنكار ابن عمر على القضاء بين الناس

- ‌ما وقع بين ابن عمر وأم المؤمنين حفصة بشأن دومة الجندل

- ‌إنكار عمران بن حصين على قبول الإِمارة

- ‌إحترام الخلفاء والأمراء وطاعة أوامرهم

- ‌ما وقع بين عوف

- ‌طاعة الأمير إنما تكون في المعروف

- ‌وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي ذر في احترام الأمير

- ‌قصة إمرأة مجذومة في احترام الأمير

- ‌خطورة عصيان الأمير

- ‌حق الأمير على الرعية

- ‌نصيحة العباس لابنه في هذا الأمر

- ‌عمل عمران بن حصين في الأموال

- ‌شرائط عمر على العمال

- ‌كتاب عمر إِلى عمرو بن العاص في كسر المنبر

- ‌مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العِلَيَّة

- ‌قصة المرأة المخزومية

- ‌قصة رجلين من الأنصار في هذا الأمر

- ‌عدل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌عدل عمر الفاروق رضي الله عنه

- ‌ما كان يعمله عمر رضي الله عنه في الموسم للعدل بين الناس

- ‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين

- ‌قصة جارية وعدل عمر رضي الله عنه

- ‌قصة نبطي مع عبادة بن الصامت

- ‌قصة بكر بن شذَّاخ مع يهودي

- ‌كتاب عمر إلى أمير جيش في منع قتل المشركين

- ‌إجراء عمر من بيت المال على شيخ من أهل الذمة

- ‌عدل علي رضي الله عنه

- ‌خوف الخلفاء رضي الله عنهم

- ‌وصية أبي بكر عند الوفاة في استخلاف عمر ووصيته لعمر

- ‌كتابه رضي الله عنه إِلى عمرو والوليد بن عقبة

- ‌وصية أبي بكر الصديق لشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما

- ‌وصايا عمر رضي الله عنه

- ‌وصية عمر بن الخطاب للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما

- ‌وصية عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما

- ‌وصايا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأمرائه

- ‌نصيحة الرعية الإِمام

- ‌كتاب أبي عبيدة ومعاذ إلى عمر وكتابه إليهما

- ‌سيرة الخلفاء والأمراء

- ‌قصة أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌قصة قسْم المال بين المسلمين وما وقع بين عمر وعلي فيه

- ‌قصة رجل عرض ناقة سمينة في الصدقة

- ‌جود أم المؤمنين عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما

- ‌إنفاق ما يحبّ

- ‌قول أبي ذر: إِن في المال ثلاثة شركاء

- ‌قصة عبد الله بن زيد رضي الله عنه

- ‌من أقرض الله تعالى قصة بيع بي الدحداح بستانه بنخلة في الجنة

- ‌الإِنفاق على الإِسلام

- ‌ إنفاق عثمان في جيش العسرة

- ‌الإِنفاق على الفقراء والمساكين وأهل الحاجة

- ‌إنفاق عثمان بن أبي العاص رضي الله

- ‌قصة دُكَين بن سعيد الخثعمي في ذلك

- ‌الصدقات قصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌إطعام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌إطعام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌إطعام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌إطعام جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌ضيافة الأضياف الواردين إلى المدينة الطيبة

- ‌دعوته صلى الله عليه وسلم لأهل الصفَّة

- ‌ضيافة الذين يريدون الإِسلام

- ‌ضيافة أهل الصفة في رمضان

- ‌إكساء الحلل وقسمها

- ‌إطعام المجاهدين

- ‌كيف كانت نفقة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تدوين عمر رضي الله عنه الديوان للعطايا

- ‌رجوع عمر إلى رأي أبي بكر وعلي رضي الله عنهم في القَسْم

- ‌قَسْم علي بن أبي طالب رضي الله عنه المال

- ‌كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رأي عمر رضي الله عنه في حق المسلمين في المال

- ‌قسم طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه المال

- ‌قسم الزبير بن العوام رضي الله عنه المال

- ‌قسم أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وحذيفة رضي الله عنهم

- ‌الإحتياط عن الإِنفاق على نفسه وذوي القربى من بيت المال

- ‌ما وقع بين عمر وابنته حفصة في شأن مال المسلمين

- ‌قصة قَسْم المسك والعنبر الذي جاء من البحرين

- ‌قصة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في هذا الأمر

- ‌قصة أخرى له صلى الله عليه وسلم مع جبريل في ذلك

- ‌رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المال

- ‌قصته مع أبي موسى الأشعري في ذلك

- ‌رد حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌قصته مع عمر رضي الله عنهما في ذلك

- ‌رد عامر بن ربيعة رضي الله عنه القطيعة

- ‌رد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المال

- ‌قصة عائشة مع إمرأة مسكينة

- ‌قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

- ‌قوله عليه السلام لمّا قدم أبو عبيدة بمال من البحرين

- ‌رواية الحسن البصري في قصة فروة كسرى وسواريه

- ‌رواية بن عباس في بكائه على بسط الدنيا

- ‌سؤاله لأم سَلَمة على بسط المال وجوابها له

- ‌حديث البخاري في خوف خباب

- ‌عيادة سعد بن أبي وقاص لسلمان وما وقع بينهما

- ‌سبب جزع سلمان رضي الله عنه عند الموت

- ‌خوف أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة القرشي رضي الله

- ‌خوف أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وبكاؤه على بسط الدنيا

- ‌زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن الدنيا

- ‌فراشه عليه السلام

- ‌حديث سلمى إمرأة أبي رافع في أكله عليه السلام

- ‌زهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌حديث عائشة في أن أبا بكر لم يترك شيئا

- ‌زهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌زهده رضي الله عنه في الأكل

- ‌قصته مع ابنه عبد الله وابنته حفصة في ذلك

- ‌قصته مع عتبة بن فرقد في ذلك

- ‌زهد عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌بيعة سيفه لشراء الإِزار

- ‌زهد مصعب بن عمير رضي الله عنه

- ‌ما أصاب مصعباً من البلاء بعد الإِسلام

- ‌زهد عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌زهد سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌زهد أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌زهد أبي الدرداء رضي الله عنه حديثه رضي الله عنه

- ‌ما وقع بينه وبين عمر رضي الله عنهما

- ‌زهد معاذ بن عفراء رضي الله عنه

- ‌زهد اللجلاج الغطفاني رضي الله عنه

- ‌زهد عبد الله بن عمر رضي الله عنه عيشه رضي الله عنه

- ‌زهده بعد وفاة النبي عليه السلام

- ‌وصيته عليه السلام لأم المؤمنين عائشة

- ‌إنكار عمر على ابنه عبد الله حين رأى عنده اللحم

- ‌كتاب عمر إلى أبي الدرداء لما ابتنى بدمشق قنطرة

- ‌وصية أبي بكر لسلمان عند الوفاة

- ‌ما وقع بين أبي ذر وأبي الدرداء في بناء بيت

الفصل: ‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين

فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عمرو رضي الله عنهما يأمره بالقدوم ويقدَم بابنه معه. فقدم فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط ضرب. فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: إضرب ابن الألأمَينْ. قال أنس: فضرب والله لقد ضربه ونحن نحب ضربه؛ فلما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه. ثم قال للمصري: ضَعْ على صلعة عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين إِنّما ابنه الذي ضربني وقد استَقَدْت منه. فقال عمر لعمرو؛ مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ قال: يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني. كذا في منتخب كنز العمال.

‌مؤاخذة عمر عامله على البحرين

أخرج ابنجري رعن يزيد بن أبي منصور قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن عامله على البحرين ابن الجارود أو ابن أبي الجارود أتِيَ برجل يقال له أدِرْياس قامت عليه بينة بمكاتبة عدو المسلمين، وأنه قد همَّ أن يلحق بهم، فضرب عنقه وهو يقول: يا عُمَرَاه، يا عمراه فكتب عمر رضي الله عنه إلى عامله ذلك فأمره بالقدوم عليه؛ فقدم فجلس له عمر وبيده حربة. فدخل على عمر فعَلا عمر لحيته بالحربة وهو يقول: أدرياس لبيك، أدرياس لبيك وجعل الجارود يقول: يا أمير المؤمنين إنه كاتبهم بعورة المسلمين وهمّ أن يلحَق بهم. فقال عمر: قتلته على همِّه وأيّنا لم يهمه، لولا أن تكون سُنَّة لقتلتك به. كذا في الكنز.

حديث زيد بن وهب في ذلك

وأخرج البيهقي عن زيد بن وَهْب قال: خرج عمر رضي الله عنه ويداه

ص: 338

في أخذنه - وهو يقول: يا لَبيْكاه، يا لَبيْكاه قال الناس: ما له؟ قال: جاءه بريد من بعض أمرائه أن نَهَراً حال بينهم وبين العبور ولم يجدوا سفناً، فقال أميرهم: أطلبوا لنا رجلاً يعلم غَوْر النهر، فأُتي بشيخ فقال: إِني أخاف البرد - وذلك في البرد - فأكرهه فأدخله، فلم يُلْبِثْه البرد، فجعل ينادي: يا عُمَراه فغرق. فكتب إِليه، فأقبل، فمكث أياماً معرضاً عنه، وكان إذا وجد على أحد منهم فعل به ذلك. ثم قال: ما فعل الرجل الذي قتلته؟ قال: يا أمير المؤمنين ما تعمدت قتله، لم نجد شيئاً يُعبر فيه، وأردنا أن نعلم غَوْر الماء، ففتحنا كذا وكذا. فقال عمر: لَرَجلٌ مسلم أحبُّ إليّ من كل شيء جئت به، لولا أن تكون سنّةً لضربت عنقك، فأعطِ أهلَ ديته، واخرج فلا أراك. كذا في الكنز.

قصة أبي موسى ورجل وكتاب عمر في ذلك

وأخرج البيهقي عن جرير أنَّ رجلاً كان مع أبي موسى رضي الله عنه فغنموا مغنماً، فأعطاه أبو موسى نصيبه ولم يُوَفِّه، فأبى أن يأخذه إلا جميعه، فضربه أبو موسى عشرين سوطاً وحلق رأسه.f فجمع شعره وذهب به إلى عمر رضي الله عنه. فأخرج شَعَراً من جيبه فضرب به صدر عمر. قال: ما لك؟ فذكر قصته. فكتب عمر إلى أبي موسى:

«سلام عليك، أما بعد، فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا، وإني أقسم عليك إن كنت فعلت ما فعلت في ملأ من الناس (إلا) جلست له في ملأ فاقتصَّ منك، وإِن كنت فعلت ما فعلت في خلأ فاقعد له في خلأ فليقتص منك» .

فلما دُفع إليه الكتاب قعد للقصاص. فقال الرجل: قد عفوت عنه صلى الله عليه وسلم كذا في كنز العمال.

ص: 339

قصة فيروز الديلمي مع فتى من قريش

وأخرج ابن عساكر عن الحرماوي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى فيروز الديلمي رضي الله عنهما:

«أما بعد: فقد بلغني أنه قد شغلك أكل اللباب بالعسل، فإذا أتاك كتابي هذا فأقدَم على بكرة الله، فأغزُ في سبيل الله» .

فقدم فيروز فاستأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له، فزاحمه فتى من قريش، فرفع فيروز يده فلطم أنف القرشي، فدخل القرشي على عمر مستدمي. فقال له عمر: من فعل بك؟ قال: فيروز، وهو على الباب، فأذن لفيروز بالدخول فدخل. فقال: ما هذا يا فيروز؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنا كنا حديثي عهد بملك، وإنك كتبت إهليّ ولم تكتب إِليه، وأذنت لي بالدخول ولم تأذن له، فأراد أن يدخل في إذني قبلي، فكان مني ما قد أخبرك. قل عمر رضي الله عنه: القِصاص. قال فيروز: لا بدَّ؟ قال: لا بد. فجثى فيروز على ركبتيه وقام الفتى ليقتص منه. فقال له عمر رضي الله عنه: على رِسْلك أيها الفتى حتى أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وهو يقول: «قُتل الليلة الأسود العنسي الكذّاب، قتله العبد الصالح فيروز الديلمي؟» أفتراك مقتصاً منه بعد إِذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الفتى: قد عفوت عنه بعد إذ أخبرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا. فقال فيروز لعمر: أفترى هذا مُخرجي مما صنعت إِقراري له وعفوه غير مستكره؟ قال: نعم. قال فيروز: فأشهدك أن سيفي، وفرسي، وثلاثين ألفاً من مالي هبة له.

ص: 340