الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)
فى الإسراء قدم: " للناس " على: " في هذا القرآن " وفي الكهف قدم:
" في هذا القرآن " على: " للناس " والموضعان متحدا المعنى.
*
*
سؤال وجواب:
فما السر إذن؟ . .
والجواب: المقام في الإسراء مقام تحد وإعجاز. تحد للناس والجن أن يأتوا
بمثل هذا القرآن مشروطاً مظاهرة بعضهم لبعض. فما بالهم لو انفردوا. . وهذا التحدي قد بلغ النهاية باشتراط اجتماعهم.
فالمتحدَى - هنا - نوعان: الإنس والجن. والمقصود بالتحدي بالدرجة الأولى هم الإنس أو الناس. لأنهم هم الذين زعموا أن مقدروهم أن يأتوا بمثل القرآن فكان تقديمهم فيه شبه تعريض بهم. حاصله - والله أعلم - أن ما زعموا محاكاته - أي القرآن - قد صرفنا فيه من كل مثل.
و" صرفنا ": أي رددنا وكررنا غرائب الأمثال لهم ليهتدوا فأبوا إلا الإعراض والبطر بدل أن يشكروا هذه النعَم الموجبة للشكر والداعية إلى الهداية وكيف لهم أن يحاكوه وما هم منه على صَدر، أو ورد.
أما في سورة الكهف. فقدم: " في هذا القرآن " لأن السورة من أول الأمر
أشارت إلى فضل القرآن وأثنت عليه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا) .
ولأن سياق الحديث وارد في أهوال القيامة: (وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) .
والقرآن آخر الكتب نزولاً فكأنه يقول لهم: إن هذا القرآن كان فيه نفعكم.
لأنه الحق فجادلتم فيه ولم تؤمنوا به.
ولأن السورة نفسها - الكهف - قد سردت قصة أهل الكهف وقصة الرجلين وضربت مثلاً للحياة الدنيا، ثم أشارت إلى آدم والملائكة وإباء إبليس السجود لآدم.
وذكرت - تفصيلاً - قصة الإسكندر ذى القرنين ويأجوج ومأجوج فهى -
إذن - سجل حافل بالمثل والقصة.
لهذه الاعتبارات كلها أرى السر في تقديم: " في هذا القرآن " على:
" للناس " والله أعلم.
*
* رأى الخطيب الإسكافي:
يكاد ما ذكرته هنا - قبل اطلاعى على رأى الإسكافي كما مَرَّ - يتفق مع
ما ذكره الخطيب الإسكافي وإن زدتُ عليه في موضعين:
أولاً: اعتبارى في تقديم: " للناس " كونهم معرَّضاً بهم إذ هم المقصود
بالتحدي أولاً.
ثانياً: ما قُدم فيه: " في هذا القرآن " وارد في سياق حديث عن أهوال يوم
القيامة.
كما زاد هو بعض تفاصيل أسلوبية وتحدث عن آية أخرى وهي قوله تعالى:
(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) .
* *