الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهى أيضاً في القرآن مادة مجاز. لأنها لم ترد على وجه الحقيقة إلا فى
موضع واحد وهو آية " الأنفال "، أما في آيتى البقرة والنساء فقد جاءت على طريق المجاز الاستعاري.
* *
*
دور المرض في المجاز:
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) .
استعمال المرض في القلوب يكون حقيقة. ويكون مجازاً. فيكون حقيقة إذا
أصابها مرض جعلها عاجزة عن أداء واجبها نحو الجسم من تغذيته بالدم وتنقيته من الشوائب.
ويكون مجازاً للدلالة على فساد المعتقَد والحقد والحسد وما أشبه ذلك من
الأمراض التي لا تعلق لها بصحة الأجسام.
والقلب الخالى من هذه الأمراض المجازية قد استعار له القرآن كلمة " سليم "
من " السلامة " ضد المعنى الأول. فقال سبحانه: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) .
قال الراغب: المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وذلك ضربان:
الأول: مرض جسمى وهو المذكور في قوله تعالى: (وَلا عَلى المريض
حَرَجٌ) .
الثاني: عبارة عن الرذائل كالجهل والجُبن والبخل والنفاق. . وغيرها من
الرذائل الخلقية نحو قوله تعالى: (فِى قُلوبِهِم مَرَضٌ) .
فالمراد بالمرض الذي في القلوب هو الكفر والنفاق، وهذا على سبيل المجاز
الاستعاري، والاستعارة فيه تصريحية أصلية.
ويذكر الراغب سبب تشبيه الكفر وغيرهما بالمرض ويرجع ذلك لما يأتي:
إما لأنها مانعة من إدراك الفضائل كالمرض المانع للبدن من التصرف الكامل.
وإما لأنها مانعة من تحصيل الحياة الأخروية.
وإما لميل النفس بها إلى الاعتقادات الرديئة. . ميل البدن المريض إلى
الأشياء المضرة.
ومعنى: (فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) أي: كفراً ونفاقاً. . مجاز كذلك جاء
مشاكلاً للمجاز الأول.
وإسناد زيادة المرض إلى الله مجاز عقلي عند صاحب الكشاف، وقد تقدم
وجهه فيما سبق.
أما: (وَلهُمْ عَذَابٌ أليمٌ) . ففى إسناد " الأليم " إلى ضمير العذاب
مجاز عقلي عند الجميع حيث أسند الإيلام إلى ضمير العذاب.
ونظيره قول الشاعر:
وَخَيْلٍ قَدْ دَلفْتُ لهَا بِخَيْلٍ. . . تَحِيَّةُ بَيْنهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ
حيث أسند الوصف: " وجيع " إلى ضمير الضرب. لأن الضرب سبب الإيجاع كما أن العذاب سبب الإيلام. فالعلاقة فيهما السببية.
والقرينة حالية.
وقد استعار القرآن هذه المادة: " مرض " من دلالتها الوضعية إلى معان
مجازية في إحدى عشرة آية هي:
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ. .)
(إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ) .
(وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) .
(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) .
(أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا. . .) .
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12))
(فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) .
(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ)
(فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ)
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) .