المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تقديم المفعول للإنكار: - خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية - جـ ٢

[عبد العظيم المطعني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثمن روائع " المعاني " في القرآن الكريم* من أسرار الحذف.* من أسرار التقديم في القرآن.* التقديم غير الاصطلاحي

- ‌الفصل الأولمن أسرار الحذف

- ‌ شروط الحذف:

- ‌ لماذا حذف " يا " مع " رب

- ‌ حذف "لا" مع "تفتأ

- ‌ حذف الواو وذكره:

- ‌ توجيه النص مع الحذف وعدمه:

- ‌ رد ابن المنير على هذا الرأي:

- ‌ إضافة:

- ‌ موضع ثالث لحذف الواو:

- ‌ هل توجيه الزمخشري مقنع

- ‌ حذف حرف الجر " الباء

- ‌ توجيهي للمسَألةَ:

- ‌ صورة أخرى لحذف الحرف في القرآن:

- ‌ توجيهات العلماء للمسألة:

- ‌ سبب الحذف هنا:

- ‌ إيضاح:

- ‌ حذف الفعل اكتفاءً بآخر:

- ‌ الحذف للتحذير والإغراء:

- ‌ حذف الفعل إذا وقع جواب سؤال:

- ‌ سبب هذا الحذف:

- ‌ حذف الفاعل على غير قياس:

- ‌ مماثلة عجيبة

- ‌ سبب حذف الفاعل فيها:

- ‌ وما سر الحذف إذن

- ‌ أسباب أخرى لحذفهما:

- ‌ حذف الخبر مع " لا " النافية:

- ‌ مناقشة مثالين:

- ‌ وجه لحذف ياء المتكلم مع " رب

- ‌ حذف المفعول به:

- ‌ الأغراض البلاغية لحذف المفعول به:

- ‌ سبب قرآنى بحت:

- ‌ خلاف حول آية:

- ‌ نقد وتوجيه:

- ‌ كراهة نسبة الرسالة هي السبب:

- ‌ عزة المطلب هي السبب:

- ‌ مجرد الاختصار وحده لا يكفي:

- ‌ ورعاية الفواصل وحدها لا تكفي:

- ‌ أنواع الحذف:

- ‌ والخلاصة:

- ‌خصائص الحذف القرآني

- ‌ شهادة عدلين:

- ‌الفصل الثانيمن أسرار التقديم في القرآن الكريم

- ‌ معارضة:

- ‌ مبنى إفادة التقوي:

- ‌ مرجحات رأي:

- ‌ التقديم والتأخير في الفعل المنفي:

- ‌ مقارنة:

- ‌ موقف المتأخرين من هذا الرأي:

- ‌ ملاحظة:

- ‌ مناقشة الخطيب له:

- ‌ تقديم المفعول به:

- ‌ تقديم المفعول للإنكار:

- ‌ تعقيب:

- ‌ تعقيب:

- ‌ ملحظ مهم فات ابن الصائغ:

- ‌ سر هذا التقديم:

- ‌ مقارنة بين ثلاثة نصوص:

- ‌ ملحظ آخر فات ابن الصائغ:

- ‌ خطأ وقع فيه ابن الصائغ:

- ‌ عرض ونقد وتحليل:

- ‌ رأي صائب:

- ‌ السموات لم تُقدَّم على الأرض دائماً:

- ‌ تقديم ذو وجهين:

- ‌ مقارنة بين المنهجين:

- ‌ مراعاة النظم:

- ‌ مأخذنا على ابن الأثير:

- ‌ تقديم الظرف:

- ‌ تعقيب:

- ‌ أبرز ملامح منهج ابن الأثير:

- ‌ توجيه آخر:

- ‌ رأي لنا في المسألة:

- ‌ أبرز ملامح منهج المفسرين:

- ‌ اقتراح:

- ‌الفصل الثالثالتقديم غير الاصطلاحيأو اختلاف النظم في العبارات ذات المعنى الواحد

- ‌ نوع ثالث من التقديم:

- ‌ رأينا في الموضوع

- ‌ ما يهدى إليه النظر في هذا الموضع:

- ‌ ماذا قال المفسرون:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ الموضع الرابع " التوحيد والخَلق

- ‌ توجيه ميسور:

- ‌ الموضع الخامس: " الذِينَ آمَنُواْ، وَالذِينَ هَادُواْ

- ‌ رأي الإسكافي:

- ‌ تخريجنا لهذه المواضع:

- ‌ بين المفسرين والإسكافي

- ‌ الموضع السادس " وَمَا أُهلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ

- ‌ مقامان مختلفان:

- ‌ الموضع السابع " القَوَامة والشهادة

- ‌ قيمة هذه النقول:

- ‌ دلالة النص نفسه:

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع الثامن " اطمئنان القلوب

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع التاسع " وكَفَى بِاللهِ شَهِيداً

- ‌ التفاوت في التحدي هو السر:

- ‌ الموضع العاشر " التلاوة وتعليم الكتاب

- ‌ نظرة فاحصة تكشف السر:

- ‌ فهم آخر:

- ‌ الموضع الحادى عشر " لَا يَقْدِرُونَ عَلى شَىْءٍ مِمَّا كَسَبُواْ

- ‌ بحث عن السر:

- ‌ الموضع الثاني عشر " الكِبَر والعُقْر

- ‌ ملاحظة أمرين:

- ‌ الموضع الثالث عشر " وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ الموضع الخامس عشر " رزق الآباء والأبناء

- ‌ الموضع السادس عشر " لقَدْ وَعِدنا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ

- ‌ رأيي في الموضوع:

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع السابع عشر " وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى

- ‌ رأي السكاكي:

- ‌ الموضع الثامن عشر " الأكل الرغد

- ‌ الموضع التاسع عشر " الشفاعة والعدل

- ‌ توجيه الزركشي لهاتين الآيتين:

- ‌ جولة مع المفسرين:

- ‌ رأيي في المسألة:

- ‌ الموضع العشرون " اللعب واللهو

- ‌ مفهوم اللعب واللهو:

- ‌ اللعب في القرآن:

- ‌ التوجيه البلاغي للنص:

- ‌ لماذا قدَّم " اللهو على اللعب " إذن

- ‌ إجمال:

- ‌الباب الرابعمن سحر البيان في القرآن الكريم* التشبيه والتمثيل.* المجاز في القرآن الكريم.* المجاز القرآني

- ‌الفصل الأولالتشبيه والتمثيل

- ‌ مجموعات التشبيه والتمثيل في القرآن:

- ‌ صورة ثانية - حالهم مع كل ما يجب فهمه:

- ‌ صورة ثالثة - أكلهم كأكل الأنعام:

- ‌ صورة رابعة - الكافرون وسلب الإحساس:

- ‌ صورة خامسة - قسوة قلوبهم وتحجرها:

- ‌ صورة سادسة - الكافرون والظلمات:

- ‌ ومعنى آخر نلمحه:

- ‌ صورة سابعة - الكافرون والموت:

- ‌ إجمال:

- ‌ ضعف المعتقد:

- ‌ ومثلان آخران - رجلان لا يستويان:

- ‌ وصورة أخرى - الذباب هو المنتصر:

- ‌ بَلهٌ مضحك:

- ‌ هلع قاتل:

- ‌ وضعف بالغ:

- ‌ صورة أولى - صفوان ووابل:

- ‌ وصورة أخرى - ريح ورماد:

- ‌ وصورة أخرى - ريح وصِرٌّ:

- ‌ وصورة أخرى - سراب وظلمات:

- ‌ وصورة أخرى - هباء منثور:

- ‌ صوة أولى - ترهقهم ذلِة:

- ‌ وتصعَّد منهك:

- ‌ وصورة رابعة - صيحات وصواعق:

- ‌ مآل الكافرين:

- ‌ وقفة جامعة:

- ‌ وصف الحور والوِلْدَان:

- ‌ ملامح مشتركة بين الصور الثلاث:

- ‌ قياس واضح يُلزمهم بالتصديق:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ أهوال القيامة:

- ‌معان دقيقة

- ‌ وقفة تأمل:

- ‌ التشبيه المقلوب:

- ‌ فكرة للدرس:

- ‌ البيع، والرِّبَا:

- ‌ خصائص تشبيهات القرآن:

- ‌ صورتان فيهما دقة:

- ‌ سر آسر:

- ‌ وهم مدفوع:

- ‌ وجه الشبه في تشبيهات القرآن:

- ‌ ووهم آخر مدفوع:

- ‌ مدخول الأداة في التشبيه المركب:

- ‌ عود للتشبيه المسلوب:

- ‌ نوع فريد من التشبيه في القرآن:

- ‌ التشبيه والتمثيل أصيلان في أسلوب القرآن:

- ‌الفصل الثاني1 -المجاز في القرآن الكريم

- ‌ عرض سريع:

- ‌ لماذا يستخدم القرآن المصدر المؤول

- ‌ مقارنة سريعة:

- ‌ صمت. وكلام:

- ‌ طبع " و " ختم " أختان:

- ‌ وصف جامع:

- ‌ تفرقة عجيبة:

- ‌ منهج القرآن في " طبع " و " ختم

- ‌ ربط " تنافى " ختم " و " طبع

- ‌ الخداع في جانب الله:

- ‌ ولكن ما خداع الله لهم

- ‌ توجيه جديد للآية:

- ‌ النفاق ". . كلمة مدنية:

- ‌ دور المرض في المجاز:

- ‌ المرض. . حقيقة ومجازاً:

- ‌ موازنة ضرورية:

- ‌ مقتضى الظاهر ومخالفته:

- ‌ المعاني التي أفادتها " مَدَّ " في القرآن:

- ‌ العَمَه. . العمى:

- ‌ طريق المجاز فيهما:

- ‌ محاولة لتوجيه المعنى في الموضعين:

- ‌ الاشتراء والضلالة:

- ‌ استعمالات " شَرَى " وقانونها:

- ‌ المجاز اللغوي في " شَرَى

- ‌ التجارة والربح:

- ‌ المجاز في " التجارة " عقلي:

- ‌ الكافرون واستيقاد النار:

- ‌ بين التشبيه والاستعارة:

- ‌ الكافرون. . والصيِّب:

- ‌ عبارة تنبئ عن إحساس نفسي:

- ‌ إحاطة علم الله:

- ‌ صياغة القرآن لمادة " أحاط

- ‌ المعاني الواردة فيها:

- ‌ الكافرون والبرق:

- ‌ منهج القرآن في مادة " خطف

- ‌ ذهب وخطف:

- ‌الفصل الثالث2 -المجاز القرآني

- ‌ موضوع هذه الآيات:

- ‌ مجاز على وجوه ثلاثة:

- ‌ بنو إسرائيل والرجفة:

- ‌ الحقيقة والمجاز في مادة " أخذ

- ‌ صيغ مادة " أخذ

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ الإسناد المجازي لمادة " رجف

- ‌ الدعاء:

- ‌ مادة " كتب " في القرآن:

- ‌ ملاحظات مهمة:

- ‌ التوبة والرجوع الحسي:

- ‌ التعميم والتخصيص في الرحمة:

- ‌ واسع ". . وصفاً لله سبحانه:

- ‌ مسوغات الوصف:

- ‌ وصورتان أخريان:

- ‌ الوسع وصفاً للأرض:

- ‌ موضع آخر بين الحقيقة والمجاز:

- ‌ حصيلة هذه الجولة:

- ‌ مادة " تبع في القرآن

- ‌ وقفة مع هذه المادة:

- ‌ ملاحظات مهمة:

- ‌ الرسول في التوراة والإنجيل:

- ‌ الطيبات والخبائث:

- ‌ حل " في القرآن:

- ‌ ملحظ عجيب:

- ‌ والسر:

- ‌ طاب " في القرآن:

- ‌ منهج القرآن في " طاب

- ‌ المعاني المرادة من " خبث

- ‌ الإصر والأغلال

- ‌ وضع " بين الحقيقة والمجاز:

- ‌ استنتاجات:

- ‌ معاني " غل

- ‌ ثلاث كنايات:

- ‌ النور " في القرآن:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ النور للهدى والإيمان:

- ‌ السر البلاغي لهذا المنهج:

- ‌ محاولات يائسة:

- ‌ لماذا أفرد القرآن " النور " وجمع " الظلمات

- ‌ خصائص المجاز القرآني:

- ‌ سكوت الغضب ووضع الحرب:

- ‌ عض الأنامل وعض الأيدي:

- ‌ منهج فريد:

- ‌ وضوح المناسبة:

- ‌ الذوق في القرآن:

- ‌ الذوق لغة وبياناً:

- ‌ مقام المخالفات:

- ‌الباب الخامسالبديع. . في القرآن الكريم* المحسِّنات المعنوية.* المحسِّنات اللفظية.* قيمة البديع القرآني

- ‌الفصل الأولالمحسِّنات المعنوية

- ‌ سبب الخلط:

- ‌ الطباق والتشبيه المسلوب:

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ شروط الطباق:

- ‌ أصالة المشاكلة في القرآن:

- ‌ تعقيب:

- ‌ رأي لابن الأثير:

- ‌ قياس المذهب الكلامى:

- ‌الفصل الثانيالمحسِّنات اللفظية

- ‌ الجناس:

- ‌ من صور الجُناس في القرآن:

- ‌ الجُناس يجامع فنوناً أخرى:

- ‌ وظيفة الجناس:

- ‌ مقومات الجمال في الجناس:

- ‌ منزلة جُناس القرآن:

- ‌ ائتلاف اللفظ مع المعنى سمة للقرآن كله:

- ‌ المس والذوق:

- ‌ ذل اليهود ومسكنتهم:

- ‌ غرابة اللفظ لغرابة المعنى:

- ‌ نقد وتحليل:

- ‌ ابن أبى الإصبع يناقض نفسه:

- ‌ والسؤال الآن:

- ‌ معان آخرى للتمثيل:

- ‌الفصل الثالثقيمة البديع القرآني

- ‌ المعنى الإجمالى لهاتين الآيتين:

- ‌ صور البديع فيما تقدم:

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ كثرة وجوده:

- ‌ المبالغة:

- ‌ صحة التقسيم:

- ‌ الإيجاز:

- ‌ نصوص معيبة:

- ‌ بين القرآن والناس:

- ‌ ملاحظتان مهمتان:

- ‌قائمة المصادر والمراجعللجزء الثاني

الفصل: ‌ تقديم المفعول للإنكار:

ولهذا جزم السكاكي بإفادة التقديم التخصيص في قوله:

(وَأمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ) . فيمن قرأ بنصب " ثمود ".

وذلك لامتناع تقدير المحذوف قبل المنصوب لالتزام النجاة فاصلاً بين " أما " و " الفاء " ولو قُدَِّر كذلك فات ذلك الالتزام ووقع المحظور.

* *

*‌

‌ تقديم المفعول للإنكار:

ثالثاً: أن يكون لإنكار الفعل على معنى: لا ينبغي أن يكون.

وقد أفاض الإمام عبد القاهر في تحليل هذا الموضوع في أسلوب أدبي آسر، قال - وكلامه فى الهمزة:" وقد تكون إذ يراد إنكار الفعل من أصله، ثم يخرج اللفظ مخرجه ".

وبعد أن أورد أمثلة لتقديم الفاعل، شارحاً وموضحاً لمذهبه، يورد كذلك

أمثلة لتقديم المفعول والياً الهمزة فيقول: " ونظير هذا - أي نظير تقديم الفاعل

- قوله تعالى: (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ) .

أخرج اللفظ مخرجه إذا كان قد ثبت تحريم في أحد أَشياء.

ثم أريد معرِفة عين المحرم، مع أن المراد إنكار التحريم من أصله، ونفى أن

يكون قد حُرِّم شيء بما ذكروا أنه محرم وذلك إن كان الكلام وضع على أن يجعل التحريم كأنه قد كان ثم يقال لهم: أخبرونا عن هذا التحريم الذي زعمتم فيمَ هو؟

أفى هذا أم ذاك؟ أم في الثالث؟ ليتبين بطلان قولهم، ويظهر مكانَ الفرْيَةِ

منهم على الله ".

وقريب من هذا قوله: " واعلم أن حال المفعول - فيما ذكرنا - كحال الفاعل.

أعنى تقديم الاسم المفعول يقتضي أن يكون الإنكار في طريق الإحالة والمنع،

من أن يكون بمثابة أن يوقع به مثل ذلك الفعل

فإذا قلت: أزيداً تضرب؟

ص: 101

كنت قد أنكرت أن يكون زيد بمثابة أن يُضرب أو بموضع أن يُجترأ عليه. ويستجاز ذلك فيه.

ومن أجل ذلك قدم " غير " في قوله تعالى: (قُلْ أغَيْرَ الله أتخِذُ وَلِيًّا) .

وقوله تعالى: (أغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) .

وكان له من الحسن والفخامة ما تعلم أنه لا يكون لو أخر فقيل: أأتخذ غير

الله ولياً؟ . . أتدعون غير الله؟ وذلك لأنه حصل بالتقديم معنى قولك:

أيكون غير الله بمثابة أن يتخذ ولياً؟

و: أيرضى عاقل من نفسه أن يفعل ذلك؟

و: أيكون جهل أجهل وعمى أعمى من ذلك؟

ولا يكون شيء من ذلك إذا قيل: " أأتخذ غير الله ولياً.

وذلك لأنه حينئذ يتناول الفعل أن يكون فقط ولا يزيد على ذلك فاعرفه ".

وهذا البحث جزء من بحث رائع جداً خطه الإمام عبد القاهر فيما يلي همزة

الاستفهام من فعل أو فاعل أو مفعول أو غيرها.

وحاصل مذهبه - في كل أولئك - أن الهمزة يجب أن يليها المسئول عنه.

والمقرر به من فعل أو اسم.

والمعنى يختلف باختلاف المقدم الوالى لهمزة الاستفهام.

هذا في التصور دون التصديق. لأن أجزاء الجملة في التصديق لا يختص

شيء منها فضل اختصاص بالمعنى حتى يكون تقديمه وإيلاؤه الهمزة واجباً.

هذه خلاصة سريعة لنهج البلاغيين في التقديم.

وقد رأينا أنهم يهتمون بتقديم المسند إليه، والمسند، والمعمولات، ومنها المفعول به. . ولا يزيدون على ذلك.

*

ص: 102

ثانياً: منهج ابن الصائغ في التقديم

ذكر هذا المنهج السيوطي في المعترك، وهو بصدد تقسيم التقديم.

وقد قسمه إلى قسمين:

أحدهما: ما أشكل معناه، بحسب الظاهر، فلما عرف أنه من باب التقديم

والتأخير اتضح. وقد أورد على هذا القسم بعض الأمثلة من القرآن الكريم. ومنها ما حكاه عن ابن أبى حاتم عن قتادة في قوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .

قال - يعني قتادة -: هذا من تقديم الكلام يقول: " لا تعجبكَ أموالهم ولا أولادهم فى الحياة الدنيا. إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الآخرة ".

وحكى عن قتادة - كذلك - أنه قال في قوله تعالى:

(إنِّى مُتَوَفِّيكَ ورَافِعُكَ إليَّ) : هذا من المقدَّم والمؤخر، أي:" رافعك إليَّ ومتوفيك ".

وحكى عن عكرمة أنه قال في قوله تعالى: (لهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُواْ

يَوْمَ الحِسَابِ) : هذا من التقديم والتأخير.

يقول: لهم يوم القيامة عذاب شديد بما نسوا.

ونُسبَ إلى ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال في قوله تعالى:

(فَقَالُواْ أرِنَا الَلهَ جَهْرَةً)، أي:" إنما قالوا جهرة أرنا الله "

قال ابن جرير: يعني سؤالهم كان جهرة.

كما حكى عن ابن عباس - أيضاً - أنه قال في قوله تعالى:

(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)

الأصل: هواه إلهه. لأن مَن اتخذ الله هواه غير مذموم.

ص: 103

ويبدو أن السيوطي كان مأخوذاً بهذا النوع من التقديم، لأنا نراه يقول معقباً

عليه: " وهذا جدير أن يُفرد بالتصنيف ".

والذي يأخذه الباحث عليهم في هذا القسم، أنهم يكتفون ببيان ما في العبارة

من تقديم، ولم يذكروا وجه وسر ذلك التقديم، ولماذا خولف فيه الأصل. فمثلاً قوله تعالى:(إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) قالوا: إن فيها تقديماً

وتأخيراً. . وهذا صحيح على بعض الآراء.

لكنهم لم يبينوا لماذا قدمت التوفية على الرفع؟

ويمكن التوصل إليه.

والذي أراه أن السر في ذلك: هو أن الرفع إلى الله لما كان موهماً لانتفاء

حلول الموت بعيسى عليه السلام لو قُدِّم على التوفية.

أراد الله أن يقطع ذلك الوهم ابتداءً فقدم التوفية على الرفع.

دفعاً لذلك الوهم،

والقسم الثاني عند السيوطي عرَّفه بقوله: ما ليس كذلك ثم أشار إلى

أن العلامة شمس الدين بن الصائغ الحنفي وضع فيه كتاباً سماه " المقدمة

فى أسرار الألفاظ المقدمة " وقال في مقدمته: " إن الحكمة الشائعة الذائعة

فى ذلك الاهتمام - أي في التقديم - كما قال سيبوبه في كتابه: كأنهم

يقدمون الذي بيانه أهم، وهم ببيانه أعنى. وهذه الحكمة إجمالية.

وأما أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع ".

إذن فما هي تلك الأسباب كما يراها ابن الصائغ؟

ص: 104