الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
قيمة البديع القرآني
نعرض في هذا الفصل نصوصاً من القرآن الكريم، محاولين توضيح ما فيها
مما أطلقوا عليه " بديعاً " سواء دخل عندهم في المعنوي، أو اللفظي، والفرق
بين ما قلناه فيهما، وما نقوله في هذا الفصل واضح.
1 -
من سورة البقرة (آيات: 26 - 27) :
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) .
جاءت في هاتين الآيتين ضروب عدة من البديع نذكرها فيما يلي:
(أ) المشاكلة: وذلك في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا. .) وهي مشاكلة من النوع الثاني الذي ذكروه في قولهم: " المشاكلة
هى ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقاً أو تقديراً ".
فهى مشاكلة تقديرية. وذلك بناء على ما ذكره المفسرون.
فالزمخشري يقول:
" ويجوز أن تقع هذه العبارة في كلام الكفرة. فقالوا: أما يستحي رب محمد
أن يضرب مثلاً بالذباب - إشارة إلى قوله تعالى: (لن يَخْلقُواْ ذُبَاباً)
فجاءت على سبيل المقابلة وإطباق الجواب على السؤال - وهو فن من كلامهم بديع وطراز عجيب منه قول أبى تمام:
مَنْ مُبْلِغُ أفْنَاءَ يَعُرُبَ كُلِّهَا. . . أني بَنِيتُ الجَارَ قَبْلَ المنزِلَ
ويلاحَظ أن اللفظ " المشاكل " هنا مجازي المعنى حقيقته الترك.
فمعنى: " إن الله لا يستحيي " أي لا يترك الضرب بالبعوضة ترك مَن يستحيي أن يمثِّل بها لحقارتها. . . لأن الحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يُعَاب به أو يُذَم وهو بهذا المعنى مستحيل في جانب الله.
إذن فقد اجتمع هنا لونان بديعيان: المشاكلة. . وقد تقدم شرحها.
(ب) المماثلة أو التمثيل. . وقد سبق أنهم يعتبرونه لوناً بديعياً.
وسبق كذلك أنه عندهم يُطلق على عِدَّة أمور: الاستعارة المفردة، الاستعارة
التمثيلية، المثل السائر.
(ب) الإبهام: وذلك بناء على ما ذكره المفسرون - كذلك - من أن " ما "
فى قوله تعالى: (مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) أن " ما " الأولى إبهامية،
وهى التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهاماً وزادته شياعاً وعموماً.
وكون " ما " إبهامية مشروط بنصب " بعوضة " - كما هي القراءة المشهورة
- وإن رفعت " بعوضة " فإن " ما " تصبح موصولة.
(د) التوجيه: وذلك في قوله تعالى: (فَمَا فَوْقَهَا) فإن الفوقية هنا
لها معنيان، أحدهما: فما تجاوزها في المعنى الذي ضُرِبت فيه وهو القِلة
والحقارة.
وثانيهما: فما زاد عليها في الحجم.
ولما كان أحد هذين المعنيين لم تنصب قرينة على إرادته بعينه، وبقى الفهم
والاعتقاد شركة بينهما حصل النوع البديعي الذي يسمونه " التوجيه "؟ وهو
أن يكون للفظ معنيان لم تقم قرينة على إرادة أحدهما.
والمتأمل يرى أن كلا المعنيين هنا صالح للفهم والاعتقاد.
(هـ) حسن التقسيم: حيث قسَّم الناس بالنسبة لضرب الأمثال بالبعوضة
وما زاد عليها في الحقارة أو ما زاد في الحجم إلى فريقين:
فريق مؤمن مُصدِّق، وآخر كافر مُكذِّب.
(و) المقابلة: حيث طابق بين " آمنوا " و " كفروا " و " يضل "
و" يهدى "، وقد جامعت المقابلة هنا التكافؤ حسبما يرى ابن أبى الإصبع لأن " يهدى " و " يضل " مجازيان.
(ز) التعطف: وذلك في ثلاثة مواضع " مثلاً " و " مثلاً "، " يضل "
و" يضل "، " كثيراً" و " كثيراً".
(ح) البيان بعد الإبهام: وذلك أنه سبحانه قال: (يُضل به كَثيراً
وَيَهْدى به كثيراً) فبئن أن فريقاً يضل به وآخر يهدى، ولم يبين مَن المهدى
ومَنَ المضل، َ ثم عاد فقال:(وَمَا يُضِل بِهِ إلا الفَاسِقِينَ) ليعلم مَن هو
الفريق المضل وفي هذا البيان معنى الاحتراس.
(ط) صحة التفسير: حيث فسَّر " الفاسقين " في قوله تعالى:
(وَمَا يُضِل به إلا الفَاسقينَ) بقوله تعالى: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) .
أى النزاهة: وذلك لأنه سبحانه حين أراد ذمهم لم يستعمل فيه هجين
اللفظ، ولا قبيح المعنى، بل سجَّل عليهم نقضهم ميثاق الله، وترك ما أمر
الله بفعله وفسادهم في الأرض، وأخبر عنهم بأنهم هم الخاسرون لا غيرهم.
(ك) التكافؤ: وهو - كما عرفه ابن أبى الإصبع - أن يكون ركنا الطباق
مجازيين لا حقيقين، وأن تكون أركان المقابلة مجازية كذلك. والتكافؤ بهذا
المعنى وارد في الآية الثانية: (يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْد ميثَاقه وَيَقْطعُونَ
مَا أمَرَ اللهُ بِه أن يُوصَلَ) ، حيث قابل بين النقض وَالتوثقَةَ، والقطع
والوصل، وهذه كلها أركان مجازية، فالنقض لا يكون إلا في المركبات
الحسية، وكذلك التوثقة، والقطع لا يكون إلا في المتماسك الحسي وقد
استعمل هنا مراداً به الترك، والوصل صنو القطع، واستعمل هنا في أمر
معنوي هو: الإتيان والفعل.
(ل) الترشيح: وذلك أنه قال: (يَنقُضُونَ عَهْدَ الله) وهو الذي رشح
لإيقاع النقض على العهد، وهو لا يكون إلا في المركب الحسى و " العهد "
معنى من المعاني، فالذي رشح له أنهم يسمون العهد " حبلاً " على سبيل
الاستعارة.
قال الزمخشري: " فإن قلتَ من أين ساغ استعمال النقض فى إبطال العهد؟
قلتُ: من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة لا
فيه من إثبات الوصلة بين المتعاهدين "
(م) التسجيع: وهذا ظاهر من فاصلتى الآيتين: (وَمَا يُضِل به إلا
الفَاسقينَ) ، (أولئكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) فاتحدت الفاصلتان في حرفَ النون
مسبوقاًََ بحرف مد في الموضعين.
(ن) التذييل: وذلك في قوله تعالى: (أولئكَ هُمُ الخَاسِرُونَ)
فإنه تذييل جاء مؤكداً لما فُهِم من أوصاف الفاسقين.
(س) حسن النسق: حيث جاءت الجمل مترتبة ترتيباً حسناً خالية من
عيوب النظم.
فقد بدأ - سبحانه - بأنه مطلق الإرادة يمثل بما شاء لما شاء.
والناس إزاء هذا التمثيل ضربان: مؤمن مصدِّق، وكافر مستريب، وفي هذا
يضل اللهُ مَن يشاء وهم كثيرون، ويهدي مَن يشاء وهم كثيرون، ثم بيَّن أنه
لا يضل إلا الفاسقين، ثم شرع في بيان صفات الفاسقين فبدأ بنقضهم عهد الله،
وتركهم ما أمر الله به أن يؤتى، ثم عطف عليه كونهم مفسدين في الأرض.
ثم أخبر عنهم بأنهم الخاسرون.
والمتأمل يرى أن كل جزء تقدم على آخر فإنه كالسبب فيه أو أخص منه
وما أتى بعده عام. أو حكم تقدمت مسبباته. فجاء التعبير محكم البناء،
موصول العرى، متلاحم الفقرات.
(ع) الانسجام: وقد عرَّفه ابن أبى الإصبع بأن يكون الكلام منحدراً
كانحدار الماء النسجم بسهولة سبك وعذوبة ألفاظ وسلامة تأليف.
حتى يكون للكلام موقع في النفوس وتأثير في القلوب ما ليس لغيره وإن خلا من البديع.
وهذا الانسجام ينطبق على آيتينا هاتين بل ينطبق على كل موضع في القرآن
الكريم فهو وصف عام له. لم يختص به موضع دون آخر.
(ت) المجاز: هكذا عدُّوا المجاز من فنون البديع، وهو في آيتنا ظاهر فى
بعض مواضعها كالنقض في الإبطال، والتوثق في الحفاظ على عهد الله،
والقطع في الترك والوصل في الفعل، ومن قبل هذا كان الاستحياء في الترك
أيضاً.
(ص) الإدماج: وهو كما عرَّفه ابن أبى الإصبع أن يدمج غرض فى
غرض أو بديع في بديع بحيث لا يظهر إلا أحد الغرضين.
وهذا قد مَرَّ بنا فى موضعين من النص الكريم:
أحدهما: دمج التكافؤ في المقابلة في قوله تعالى:
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا) .
فإن " يضل " و " يهدى " مَجازيان - كماَ سبق -
وهذا تكافؤ مدمج في المقابلة.
وثانيهما: دمج التكافؤ في المقابلة - كذلك - في قوله تعالى:
(يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)
على ما سبق بيانه.
(ق) التفصيل: وهو الواقع بعد " أما " و " أما " في قوله تعالى:
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ. .) .
ولا يقف بنا الأمر عند هذا الحد، فإن لنا أن نصفَ النص بما يأتي:
(ر) ائتلاف اللفظ مع المعنى: لأن كل لفظ فيه قد ائتلف مع معناه. فهما
مقدران بقدر، وموضوعان بحكمة وهذا اللون - وإن مثلوا له ببعض آيات
القرآن - فإنه وصف عام ليس له فيه موطن دون موطن بل القرآن كله موصوف بائتلاف ألفاظه مع معانيه.
(ش) حسن الجوار: وهذا مثل سابقه: وصف عام للقرآن حيث لم تقع فيه
لفظة واحدة متنافرة مع سابق عليها أو لاحق لها، وهو ينطبق على آيتينا
باعتبارهما جزءاً من التنزيل الحكيم.
فهذه أكثر من عشرين لوناً بحثوها في ألوان البديع، وقد جاءت في القرآن
على أحسن موقع وأجمل مطلع.
وهل ترى في هذا النص - وقد علمنا ما فيه من ألوان البديع - قصوراً فى
معناه الذي سيق من أجله؟ أم انتصاراً للفظ على المعنى؟
ليس في النص شىء من هذا. بل هو وافٍ بالمراد في وضوح وقوة، وهذا هو
الفارق بين كلام معجز، وكلام هو عرضة للخطأ والمغالاة.
* *
2 -
من سورة هود (44) :
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) .
هذه الآية الكريمة تصور لنا في إيجاز نهاية قصة الطوفان في عهد نوح عليه
السلام، وقد اشتملت على الألوان البديعية الآتية:
(أ) المناسبة اللفظية التامة، بين " أقلعى " و " ابلعى ".
فقد جمع بين اللفظين وهما هنا موزونان مقفيان بزنة وقافية واحدة وهذا هو معنى المناسبة التامة.
(ب) المطابقة: بين " السماء " و " الأرض " في قوله تعالى: (يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي) وقد مَرُ تعريف المطابقة فلا حاجة إلى ذكره.
(ب) الاستعارة: في قوله تعالى: " أقلعي " و " ابلعي ".
(د) المجاز المرسل: في قوله تعالى: " يا سماء " والحقيقة: يا مطر
السماء والعلاقة: المجاورة.
(هـ) الإشارة: وهي أن يدل اللفظ القليل على المعنى الكثير بحيث يكون
اللفظ لمحة دالة. وذلك في قوله تعالى: " وغيض الماء " لأن الماء لا يغيض
حتى يقلع مطر السماء وتبلع الأرض ما يخرج منها من عيون الماء، فدل هذا
التركيب القليل: " وغيض الماء " على أن كل ذلك قد حدث.
(و) الإرداف: في قوله تعالى: " واستوت على الجوديِّ "
وقد مَرَّ بحث هذه العبارة.
(ز) التمثيل: وقد مَرَّ تعريفه والتمثيل له بهذه العبارة: " وقُضِى الأمر ".
(ح) التعليل: لأن " غِيضَ الماء " عِلَّة الاستواء
(ط) صحة التقسيم: حيث استوعب - سبحانه - حالة الماء حين نقصه.
(ى) الاحتراس: من توهم متوهم أن الماء قد عم مَن لا يستحق الهلاك وقد
تحقق " الاحتراس " بالدعاء على الهالكين.
(ك) الانفصال: لأن لقائل أن يقول: إن لفظة " القوم " يستغنى عنها
للمعنى إذ لو قيل: " وقيل بُعداً للظالمين " لتم الكلام.
(ل) المساواة: لأن لفظ الآية لا يزيد على معناه ولا ينقص عنه، وستأتي
مخالفة هذا الوجه.
(م) حسن النسق: في عطف القضايا بعضها على بعض حسبما وقعت
الأول فالأول.
(ن) ائتلاف اللفظ صع المعنى: لكون كل لفظة لا يصلح غيرها مكانها،
وقد مَرَّ تعريفه.
(س) الإيجاز: لأن الله اقتص قصة السفينة بلفظها مستوعبة في أخصر
عبارة بألفاط غير مطولة.
(ع) التسهيم: لأن من أول الآية إلى قوله تعالى: " أقلعي " يقتضي
آخرها، والتسهيم أن يكون في أول الكلام ما يدل على آخره لأنها تقتضيه.
(ف) التهذيب: لأن مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن كل لفظة
سهلة مخارج الحروف عليها رونق الفصاحة.
(ص) حسن البيان لأن السامع لا يتوقف في فهم معنى هذا الكلام
لوضوحه، وصفائه.
(ق) التمكين: لأن الفاصلة مستقرة في قرارها. مطمئنة في مكانها غير
قلقة ولا مستكرهة.
(ر) الانسجام:: هو تحدر الكلام بسهولة وعذوبة سبك.
(ش) الإبداع: وهو في مجموع الآية.
هذا خلاصة ما ذكره ابن أبى الإصبع في بديع هذه الآية.
ولنا عليها ملاحظة هامة. .
ذلك أنه وصف الآية بالمساواة وجعل المساواة فناً من فنون البديع كما جعل
الاستعارة كذلك.
ثم عاد ووصف الآية بالإيجاز، والإيجاز والمساواة ضدان لا يجتمعان، فإما
أن يكون الكلام مساوياً أو غير مساو بأن يكون موجزاً أو مطنباً، أما أن
يوصف كلام واحد بعينه بأنه مساو مرة وموجز مرة أخرى فهذا شىء غير مفهوم على الإطلاق، ونحن - إذا جاريناه على أن الإيجاز من فنون البديع - فإن الآية موصوفة به لا بالمساواة إذ هي قد اشتملت على نوعى الإيجاز:
ففيها إيجاز الحذف. ويكفي في تصور ذلك أن في الآية قد بنى الفعل
للمفعول في عدة مواضع: " قيل يا أرض " و " غيض " و " قضى الأمر "
و" وقيل بعداً ".
كما طوى ذكر السفينة وأضمر فاعل الفعل " استوت "، وحذف معمول
" أقلعي ". . . وهذا موسوم بإيجاز الحذف.
وفيها إيجاز قصر. . لأن بعض ألفاظها قد حوى كثيراً من المعاني مثل:
" غيض الماء " و " قضى الأمر ".
وبهذا يظهر خلط ابن أبى الإصبع في عَدِّ الآية من باب المساواة مرة والإيجاز
مرة أخرى.
وكيف ساغ له ذلك وهو البلاغي الضليع والناقد الأديب؟
لا أرى سبباً وراء ذلك إلا ولوعه بألوان البديع وكثرة محصوله منها.
* *