الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) .
(لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)) .
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) .
تلك هي مواضع استعمال مادة " عَمَه ". .
وليس المراد بها المعنى اللغوي الذي هو التردد والحيرة، لأن هذا قد يكون وصفاً لبعض المؤمنين، ولذلك أرى أن الكلمة هنا مراد بها أنهم سادرون في ضلالهم لا يفيقون منه.
ودليلي على ذلك القرآن نفسه حيث يقول:
(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) . .
فهم سكارى لا رُشد معهم، ولا هدى ينير لهم الطريق.
* *
*
طريق المجاز فيهما:
إذا استقر ما ذهبتُ إليه فإن طريق التجوز فيه أنه من المجاز المرسل،
والعلاقة هي الإطلاق والتقييد. فقد استعمل في مطلق ضلال بعد اختصاصه
فى اللغة بضلال التردد في الرأي والحيرة فيه.
أما مادة " عمى " فقد جاءت في القرآن حقيقة ومجازاً لغوياً على طريق
الاستعارة التصريحية الأصلية أو التبعية التصريحية، على أن في مواضعها
موضعين قد دَق تقدير المجاز فيهما.
فتكون " حقيقة " إذا أريد بها معيَّن كقوله تعالى:
(عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) .
لأن المراد بالأعمى هنا شخص معيَّن هو عبد الله بن أم مكتوم
كما جاء ذلك في كتب التفسير.
أو تكون في مجال التشريع كما في قوله تعالى:
(ليْسَ عَلى الأعْمَى حَرَجٌ) .
وتكون " مجازاً " إذا استعْملت في شأن الكفر والضلال، والكافرين
والضالين، وقد مَرَّ بنا كثير من أمثلَتها في فصل " التشبيه والتمثيل " ولنذكر
ما لم نذكره هناك:
(فَمَنْ أبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَليْهَا) .
(وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) .
(أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) .
والآيات لم تخرج عن طريق المجاز كذلك، فقد شبَّه ضلال القلوب بعمى
الأبصار، والجامع أن كُلاً منهما يحول بين صاحبه وبين المنافع الشريفة، ففى
المجاز استعارة محسوس لمعقول لقصد الإيضاح والتقرير.
وفيما تقدم مواضع حملت على عمى البصر وعلى عمى البصيرة، وضابطهما
أن المفرد فيها " عمٍ " والجمع: عمين أو عمون، لأنه حينئذ من العَمَه الشامل لعمى البصر وعمى البصيرة كقوله تعالى:(إنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ) .
*
" صورتان دقيقتان:
وقد ورد من هذه موضعان آخران هما: (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) .
وقوله: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) .