الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) .
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) .
* *
*
وصف جامع:
وبالنظر في هذه الآيات جميعاً يتضح لنا أن القرآن استخدم مادتى: " ختم "
و" طبع ". في مواضع متعددة يشملها وصف واحد هو أن هاتين الكلمتين
تفيدان في هذه النصوص إعراض مَن وقعت في سياق الحديث عنهم عن قبول
الإيمان. وأن القرآن يقرن بهما في كل موضع جاءتا فيه وصفاً يفيد نفى العلم
النافع عنهم. أو وصفاً يُشعر بذمهم وسوء مصيرهم.
وهذا المعنى يؤدى بنفى العلم صراحة في بعض المواضع، وفي بعضها يؤدى بنفى ما يُفهم منه نفى العِلم.
هذا قياس مطرد نجده في كل النصوص الواردة في هذا الشأن.
لِمَ لمْ يتخلف منها واحد؟
ففى آية " البقرة " خُتمت الآية بوصف صريح في ذمهم ومصيرهم السيئ:
(وَلهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ) .
وآية " الجاثية " قرنت الآية بعدة أوصاف لإفادة معنى الذم.
وفي آية " الأعراف " كذلك: (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) .
* *
*
تفرقة عجيبة:
وباستقراء استعمال القرآن لهذه المادة: " ختم " نجد استعمالاتها إذا كانت
فعلاً. مقصورة على مواضع الذم. متضمناً السياق الذي هي فيه وصفاً يُشعر
بذلك الذم متقدماً عليها أو متأخراً عنها.
وقد سبق شرح هذه الظاهرة العجيبة.
أما إذا كانت اسماً فإنها تختص في هذه الحالة بمواضع المدح، وقد جاءت -
كذلك - في سورتين، إحداهما: سورة الأحزاب في قوله تعالى:
(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) ،
وقد أجمع العلماء على أن ختَم الرسل بمحمد عليه السلام وصف شامل لفضائل التعظيم اختص الله به محمداً عليه السلام.
والثانية - سورة المطففين: (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) .
وهذه خاصة من خصائص الأسلوب القرآني إذ يفرِّق بين استعمالات الكلمة
الواحدة فيطرد استعمالها على صورة معينة في موضع ويطرد صورة أو صوراً
أخرى من استعمالاتها أيضاً في موضع آخر.
أما مادة " طبع " فقد استعملت كذلك في معنى الذم.
وقرن استعمالها فى كل موضع بوصف مشعر بذلك الذم.
على أن الغالب في الوصف هنا أن يكون بنفى العِلم أو الإيمان.
أو ما يؤدى إلى نفى العِلم بطريق التجوز في الكلام.
فآيتا " التوبة " اللتان ذكرناهما آنفاً. إحداهما فيها نفى العلم صراحة:
(فَهُمْ لَا يَعْلمُونَ)، والثانية تنفى عنهم " الفقه " الذي هو أخص من العلم:
(فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ) ، وآية " النساء " تنفى عنهم العلم صراحة. . .
أما آيتا سورة " الأعراف " فإحداهما تصريح بنفى " السمع:
(فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) وهذا يتضمن نفى العلم عن طريق المجاز المرسل الذي علاقته السببية. لأن السمع سبب في " العلم " إذ هو وسيلته،
والثانية تُصرَّحَ بنفى الإيمان: (فَمَا كَانُواْ ليُؤْمنُواْ بمَا كَذَّبُواْ به مِن قَبْلُ) ،
وفي نفى الإيمان نفى للعلم النافع عن طريق المجاز المرسل الذي علاقته السببية، لأن السمع سبب فى