المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثمن روائع " المعاني " في القرآن الكريم* من أسرار الحذف.* من أسرار التقديم في القرآن.* التقديم غير الاصطلاحي

- ‌الفصل الأولمن أسرار الحذف

- ‌ شروط الحذف:

- ‌ لماذا حذف " يا " مع " رب

- ‌ حذف "لا" مع "تفتأ

- ‌ حذف الواو وذكره:

- ‌ توجيه النص مع الحذف وعدمه:

- ‌ رد ابن المنير على هذا الرأي:

- ‌ إضافة:

- ‌ موضع ثالث لحذف الواو:

- ‌ هل توجيه الزمخشري مقنع

- ‌ حذف حرف الجر " الباء

- ‌ توجيهي للمسَألةَ:

- ‌ صورة أخرى لحذف الحرف في القرآن:

- ‌ توجيهات العلماء للمسألة:

- ‌ سبب الحذف هنا:

- ‌ إيضاح:

- ‌ حذف الفعل اكتفاءً بآخر:

- ‌ الحذف للتحذير والإغراء:

- ‌ حذف الفعل إذا وقع جواب سؤال:

- ‌ سبب هذا الحذف:

- ‌ حذف الفاعل على غير قياس:

- ‌ مماثلة عجيبة

- ‌ سبب حذف الفاعل فيها:

- ‌ وما سر الحذف إذن

- ‌ أسباب أخرى لحذفهما:

- ‌ حذف الخبر مع " لا " النافية:

- ‌ مناقشة مثالين:

- ‌ وجه لحذف ياء المتكلم مع " رب

- ‌ حذف المفعول به:

- ‌ الأغراض البلاغية لحذف المفعول به:

- ‌ سبب قرآنى بحت:

- ‌ خلاف حول آية:

- ‌ نقد وتوجيه:

- ‌ كراهة نسبة الرسالة هي السبب:

- ‌ عزة المطلب هي السبب:

- ‌ مجرد الاختصار وحده لا يكفي:

- ‌ ورعاية الفواصل وحدها لا تكفي:

- ‌ أنواع الحذف:

- ‌ والخلاصة:

- ‌خصائص الحذف القرآني

- ‌ شهادة عدلين:

- ‌الفصل الثانيمن أسرار التقديم في القرآن الكريم

- ‌ معارضة:

- ‌ مبنى إفادة التقوي:

- ‌ مرجحات رأي:

- ‌ التقديم والتأخير في الفعل المنفي:

- ‌ مقارنة:

- ‌ موقف المتأخرين من هذا الرأي:

- ‌ ملاحظة:

- ‌ مناقشة الخطيب له:

- ‌ تقديم المفعول به:

- ‌ تقديم المفعول للإنكار:

- ‌ تعقيب:

- ‌ تعقيب:

- ‌ ملحظ مهم فات ابن الصائغ:

- ‌ سر هذا التقديم:

- ‌ مقارنة بين ثلاثة نصوص:

- ‌ ملحظ آخر فات ابن الصائغ:

- ‌ خطأ وقع فيه ابن الصائغ:

- ‌ عرض ونقد وتحليل:

- ‌ رأي صائب:

- ‌ السموات لم تُقدَّم على الأرض دائماً:

- ‌ تقديم ذو وجهين:

- ‌ مقارنة بين المنهجين:

- ‌ مراعاة النظم:

- ‌ مأخذنا على ابن الأثير:

- ‌ تقديم الظرف:

- ‌ تعقيب:

- ‌ أبرز ملامح منهج ابن الأثير:

- ‌ توجيه آخر:

- ‌ رأي لنا في المسألة:

- ‌ أبرز ملامح منهج المفسرين:

- ‌ اقتراح:

- ‌الفصل الثالثالتقديم غير الاصطلاحيأو اختلاف النظم في العبارات ذات المعنى الواحد

- ‌ نوع ثالث من التقديم:

- ‌ رأينا في الموضوع

- ‌ ما يهدى إليه النظر في هذا الموضع:

- ‌ ماذا قال المفسرون:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ الموضع الرابع " التوحيد والخَلق

- ‌ توجيه ميسور:

- ‌ الموضع الخامس: " الذِينَ آمَنُواْ، وَالذِينَ هَادُواْ

- ‌ رأي الإسكافي:

- ‌ تخريجنا لهذه المواضع:

- ‌ بين المفسرين والإسكافي

- ‌ الموضع السادس " وَمَا أُهلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ

- ‌ مقامان مختلفان:

- ‌ الموضع السابع " القَوَامة والشهادة

- ‌ قيمة هذه النقول:

- ‌ دلالة النص نفسه:

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع الثامن " اطمئنان القلوب

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع التاسع " وكَفَى بِاللهِ شَهِيداً

- ‌ التفاوت في التحدي هو السر:

- ‌ الموضع العاشر " التلاوة وتعليم الكتاب

- ‌ نظرة فاحصة تكشف السر:

- ‌ فهم آخر:

- ‌ الموضع الحادى عشر " لَا يَقْدِرُونَ عَلى شَىْءٍ مِمَّا كَسَبُواْ

- ‌ بحث عن السر:

- ‌ الموضع الثاني عشر " الكِبَر والعُقْر

- ‌ ملاحظة أمرين:

- ‌ الموضع الثالث عشر " وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ الموضع الخامس عشر " رزق الآباء والأبناء

- ‌ الموضع السادس عشر " لقَدْ وَعِدنا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ

- ‌ رأيي في الموضوع:

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع السابع عشر " وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى

- ‌ رأي السكاكي:

- ‌ الموضع الثامن عشر " الأكل الرغد

- ‌ الموضع التاسع عشر " الشفاعة والعدل

- ‌ توجيه الزركشي لهاتين الآيتين:

- ‌ جولة مع المفسرين:

- ‌ رأيي في المسألة:

- ‌ الموضع العشرون " اللعب واللهو

- ‌ مفهوم اللعب واللهو:

- ‌ اللعب في القرآن:

- ‌ التوجيه البلاغي للنص:

- ‌ لماذا قدَّم " اللهو على اللعب " إذن

- ‌ إجمال:

- ‌الباب الرابعمن سحر البيان في القرآن الكريم* التشبيه والتمثيل.* المجاز في القرآن الكريم.* المجاز القرآني

- ‌الفصل الأولالتشبيه والتمثيل

- ‌ مجموعات التشبيه والتمثيل في القرآن:

- ‌ صورة ثانية - حالهم مع كل ما يجب فهمه:

- ‌ صورة ثالثة - أكلهم كأكل الأنعام:

- ‌ صورة رابعة - الكافرون وسلب الإحساس:

- ‌ صورة خامسة - قسوة قلوبهم وتحجرها:

- ‌ صورة سادسة - الكافرون والظلمات:

- ‌ ومعنى آخر نلمحه:

- ‌ صورة سابعة - الكافرون والموت:

- ‌ إجمال:

- ‌ ضعف المعتقد:

- ‌ ومثلان آخران - رجلان لا يستويان:

- ‌ وصورة أخرى - الذباب هو المنتصر:

- ‌ بَلهٌ مضحك:

- ‌ هلع قاتل:

- ‌ وضعف بالغ:

- ‌ صورة أولى - صفوان ووابل:

- ‌ وصورة أخرى - ريح ورماد:

- ‌ وصورة أخرى - ريح وصِرٌّ:

- ‌ وصورة أخرى - سراب وظلمات:

- ‌ وصورة أخرى - هباء منثور:

- ‌ صوة أولى - ترهقهم ذلِة:

- ‌ وتصعَّد منهك:

- ‌ وصورة رابعة - صيحات وصواعق:

- ‌ مآل الكافرين:

- ‌ وقفة جامعة:

- ‌ وصف الحور والوِلْدَان:

- ‌ ملامح مشتركة بين الصور الثلاث:

- ‌ قياس واضح يُلزمهم بالتصديق:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ أهوال القيامة:

- ‌معان دقيقة

- ‌ وقفة تأمل:

- ‌ التشبيه المقلوب:

- ‌ فكرة للدرس:

- ‌ البيع، والرِّبَا:

- ‌ خصائص تشبيهات القرآن:

- ‌ صورتان فيهما دقة:

- ‌ سر آسر:

- ‌ وهم مدفوع:

- ‌ وجه الشبه في تشبيهات القرآن:

- ‌ ووهم آخر مدفوع:

- ‌ مدخول الأداة في التشبيه المركب:

- ‌ عود للتشبيه المسلوب:

- ‌ نوع فريد من التشبيه في القرآن:

- ‌ التشبيه والتمثيل أصيلان في أسلوب القرآن:

- ‌الفصل الثاني1 -المجاز في القرآن الكريم

- ‌ عرض سريع:

- ‌ لماذا يستخدم القرآن المصدر المؤول

- ‌ مقارنة سريعة:

- ‌ صمت. وكلام:

- ‌ طبع " و " ختم " أختان:

- ‌ وصف جامع:

- ‌ تفرقة عجيبة:

- ‌ منهج القرآن في " طبع " و " ختم

- ‌ ربط " تنافى " ختم " و " طبع

- ‌ الخداع في جانب الله:

- ‌ ولكن ما خداع الله لهم

- ‌ توجيه جديد للآية:

- ‌ النفاق ". . كلمة مدنية:

- ‌ دور المرض في المجاز:

- ‌ المرض. . حقيقة ومجازاً:

- ‌ موازنة ضرورية:

- ‌ مقتضى الظاهر ومخالفته:

- ‌ المعاني التي أفادتها " مَدَّ " في القرآن:

- ‌ العَمَه. . العمى:

- ‌ طريق المجاز فيهما:

- ‌ محاولة لتوجيه المعنى في الموضعين:

- ‌ الاشتراء والضلالة:

- ‌ استعمالات " شَرَى " وقانونها:

- ‌ المجاز اللغوي في " شَرَى

- ‌ التجارة والربح:

- ‌ المجاز في " التجارة " عقلي:

- ‌ الكافرون واستيقاد النار:

- ‌ بين التشبيه والاستعارة:

- ‌ الكافرون. . والصيِّب:

- ‌ عبارة تنبئ عن إحساس نفسي:

- ‌ إحاطة علم الله:

- ‌ صياغة القرآن لمادة " أحاط

- ‌ المعاني الواردة فيها:

- ‌ الكافرون والبرق:

- ‌ منهج القرآن في مادة " خطف

- ‌ ذهب وخطف:

- ‌الفصل الثالث2 -المجاز القرآني

- ‌ موضوع هذه الآيات:

- ‌ مجاز على وجوه ثلاثة:

- ‌ بنو إسرائيل والرجفة:

- ‌ الحقيقة والمجاز في مادة " أخذ

- ‌ صيغ مادة " أخذ

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ الإسناد المجازي لمادة " رجف

- ‌ الدعاء:

- ‌ مادة " كتب " في القرآن:

- ‌ ملاحظات مهمة:

- ‌ التوبة والرجوع الحسي:

- ‌ التعميم والتخصيص في الرحمة:

- ‌ واسع ". . وصفاً لله سبحانه:

- ‌ مسوغات الوصف:

- ‌ وصورتان أخريان:

- ‌ الوسع وصفاً للأرض:

- ‌ موضع آخر بين الحقيقة والمجاز:

- ‌ حصيلة هذه الجولة:

- ‌ مادة " تبع في القرآن

- ‌ وقفة مع هذه المادة:

- ‌ ملاحظات مهمة:

- ‌ الرسول في التوراة والإنجيل:

- ‌ الطيبات والخبائث:

- ‌ حل " في القرآن:

- ‌ ملحظ عجيب:

- ‌ والسر:

- ‌ طاب " في القرآن:

- ‌ منهج القرآن في " طاب

- ‌ المعاني المرادة من " خبث

- ‌ الإصر والأغلال

- ‌ وضع " بين الحقيقة والمجاز:

- ‌ استنتاجات:

- ‌ معاني " غل

- ‌ ثلاث كنايات:

- ‌ النور " في القرآن:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ النور للهدى والإيمان:

- ‌ السر البلاغي لهذا المنهج:

- ‌ محاولات يائسة:

- ‌ لماذا أفرد القرآن " النور " وجمع " الظلمات

- ‌ خصائص المجاز القرآني:

- ‌ سكوت الغضب ووضع الحرب:

- ‌ عض الأنامل وعض الأيدي:

- ‌ منهج فريد:

- ‌ وضوح المناسبة:

- ‌ الذوق في القرآن:

- ‌ الذوق لغة وبياناً:

- ‌ مقام المخالفات:

- ‌الباب الخامسالبديع. . في القرآن الكريم* المحسِّنات المعنوية.* المحسِّنات اللفظية.* قيمة البديع القرآني

- ‌الفصل الأولالمحسِّنات المعنوية

- ‌ سبب الخلط:

- ‌ الطباق والتشبيه المسلوب:

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ شروط الطباق:

- ‌ أصالة المشاكلة في القرآن:

- ‌ تعقيب:

- ‌ رأي لابن الأثير:

- ‌ قياس المذهب الكلامى:

- ‌الفصل الثانيالمحسِّنات اللفظية

- ‌ الجناس:

- ‌ من صور الجُناس في القرآن:

- ‌ الجُناس يجامع فنوناً أخرى:

- ‌ وظيفة الجناس:

- ‌ مقومات الجمال في الجناس:

- ‌ منزلة جُناس القرآن:

- ‌ ائتلاف اللفظ مع المعنى سمة للقرآن كله:

- ‌ المس والذوق:

- ‌ ذل اليهود ومسكنتهم:

- ‌ غرابة اللفظ لغرابة المعنى:

- ‌ نقد وتحليل:

- ‌ ابن أبى الإصبع يناقض نفسه:

- ‌ والسؤال الآن:

- ‌ معان آخرى للتمثيل:

- ‌الفصل الثالثقيمة البديع القرآني

- ‌ المعنى الإجمالى لهاتين الآيتين:

- ‌ صور البديع فيما تقدم:

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ كثرة وجوده:

- ‌ المبالغة:

- ‌ صحة التقسيم:

- ‌ الإيجاز:

- ‌ نصوص معيبة:

- ‌ بين القرآن والناس:

- ‌ ملاحظتان مهمتان:

- ‌قائمة المصادر والمراجعللجزء الثاني

الفصل: ‌ أنواع الحذف:

- حذف جواب القَسَم:

ما أكثر حذف جواب القَسَم في القرآن. وقد جاء ذلك في مطالع

السور مثل: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا. .)، ومثل:(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)، وَمثلَ:(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)، ومثل:

(وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) .

وتقدير الجواب في الأول: لتبعثن.

وفي الثاني: إنه لمعجز - يعني القرآن،

وفي الثالث: ليس الأمر كما زعموا.

وفي الرابع: ليعذبن.

هذا في مطلع السور.

أما في درج الكلام فإن السيوطي يرى في قوله تعالى:

(لأعَذبُنهُ عَذَاباً شَدِيداً) . أن جملة القسم محذوفة. .

والتقدير: والله قسمي.

وفي حذف الشرط أو جوابه أو حذف جواب القَسَم فإن دليل الحذف ما بقى

من الأجزاء، أما السبب البلاغي فلتقدره النفس بأى صورة مناسبة وفيه تكثير المعنى فقد قدر صاحب النحو الوافي جواب القَسَم في قوله تعالى:

(وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ) . بقوله: ما نفعكم.

وقدَّره المفسرون بقولهم: لكان هذا القرآنَ. .

وهو أرجح مما ذهب إليه صاحب النحو الوافي.

* *

*‌

‌ أنواع الحذف:

ذكر السيوطي في كتابه " معترك الأقران " أن الحذف يأتي على أربعة

أنواع هي:

الأول - الاقتطاع: وهو حذف بعض أحرف الكلمة لغير علة صرفية

أو نحوية، وقد حكى

ص: 69

السيوطي أن ابن الأثير، يمنع ورود هذا النوع في القرآن الكريم.

ثم ذكر رأى الؤيدين لوروده فيه ذاكراً أمثلتهم وأدلتهم كورود الحروف المقطعة في أوائل السور - على رأى مَن يقول إنها ترمز إلى أسماء الله - ثم قال:. . وادعى بعضهم أن " الباء " في قوله تعالى: (وامْسَحُواْ برُءُوسكُمْ)

أول كلمة " بعض " ثم حذف الباقى.

ومثل قراءة: " ونادوَا يا ماَلِ " بالترخيم.

ويبدو أن السيوطي يميل إلى رأى ابن الأثير في إنكاره ورود هذا النوع فى

القرآن على الرغم من أنه ذكر أمثلة أخرى منها حذف همزة " أنا " في قوله

تعالى: (لكِنا هُوَ اللهُ رَبِّى) - إذ جعل التقدير: لكن أنا هو الله ربي.

وكذلك أورد أربعة أمثلة أخرى لقراء مختلفين: " ويسمك السماء أن تقع

علرض ". و. . " وبما أنزليك " و " ومن تعجل في يومين فلثم عليه "

و" إنها لحدى الكبر ".

وقد راجعتُ كلام ابن الأثير في ذلك. فلم أجده قد صرَّح بعدم وجوده بل

اكتفي بتعليقه على بعض أمثلته من غير القرآن بقوله: " فهذا وأمثاله مما يقبح

ولا يحسن وإن كانت العرب قد استعملته فإنه لا يجوز لنا أن نستعمله ".

والمثال الذي علق عليه ابن الأثير هو قول الشاعر:

كَأن إبْرِيَقُهمْ ظبْي عَلى شَرَفٍ. . . مُفَدَّمِ بِسِبَا الكِتانِ مَلثُومُ

والتقدير: بسبائب الكتان.

والذي أذهب إليه أن ابن الأثير قد جانبه التوفيق في إنكاره.

ومن أقوى الأدلة عليه ما ذكره السيوطي نفسه من أمثلة تقدم ذكرها.

ص: 70

على أن في القرآن أمثلة أخرى لم يذكرها السيوطي.

وأكثر ما يكون ذلك فى أسماء المصادر مثل قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) .

والأصل: إنباتاً.

ولعل السر في العدول عن الأصل أمران:

الأول: لفظي وهو التخلص من كسرين يؤديان إلى نوع ما من الثقل إذا قارنا بين الصورتين: الأصلية، والتي عليها التعبير. لأن " الضاد " من أرض

مكسورة كما أن " الهمزة " من المصدر - وهي أول حرف فيه - مكسورة.

الثاني: معنوي لأن المصدر " إنباتاً " يدل على مجرد الحَدَث. أما اسمه

" نباتاً " فيدل على صورة النبات بعد خلقه وترعرعه. فضلاً عن دلالته على

الحَدث. ولا شك أن ما دل على معنيين أولى مما دل على معنى واحد.

والمقام هنا يقتضي ذلك لأنه بيان لقُدرة الله سبحانه.

وقد جيء بالمصدرالأصلى في قوله تعالى: (ثُمَّ يُعِيدكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ

إخْرَاجاً) والمقام واحد.

فلماذا إذن خولف نسق الآية الثانية عن نسق الأولى؟

والجواب من وجهين:

أولاً: لأن ما أطلقنا عليه " ثقل لفظي " في الأولى لو جيء بالأصل.

زال هنا في هذه الآية لسكون ما قبل همزة المصدر المكسورة.

ثانياً: لأنه لو قال: " خروجاً " بدل (إخراجاً ". والخروج مصدر خرخ

اللازم لأشعر ذلك - ولو في الوهم - أن الناس مختارون لخروجهم من المقابر

خارجون بقدرتهم.

وهذا الفهم لا يستقيم مع المقام.

وإنما لم يراع هذا الوجه فى الأولى لأن النبات

لا تُتصور له إرادة محضة.

ومنه كذلك حذف الياء من قوله

ص: 71

تعالى حكاية عن الخضر عليه السلام: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) .

وقوله سبحانه: (والليْلِ إذا يَسْرِ) .

فقد جاء حذف الياء فى الموضعين واجتزئ عنهما بالكسرة وبهذا يتضع ضعف ما ذهب إليه ابن الأثير.

الثاني - الاكتفاء:

وهو ما يقتضي المقام فيه ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط فيكتفى بأحدهما

عن الآخر لنكتة ويختص غالباً بالارتباط العطفى كقوله تعالى:

(سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) . أي والبرد.

وفي تخصيص الحر بالذكر دون البرد قيلَ:

لأنَ الخطاب أصلاً كان للعرب وهم في بلاد حارة.

فذكر ما هو أهم وهذا أوجه ما قيل في توجيه الآية.

وقوله تعالى: (بيَدكَ الخَيْرُ) . أي والشر، وذكر الخير دون الشر

لرغبة الناس فيه. أو لأنَه أكثر وجوداً من الشر.

ذكر الرأيين السيوطي فى المعترك أيضاً.

ومن أمثلته أيضاً الآيات الآتية: (وَلهُ مَا سَكَنَ فِى الليْلِ وَالنهَارِ) .

(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصلَاةَ) .

والتقدير في الأولى: وما تحرك.

وخص السكون لأنه الأصل.

والتقدير فى الثانية: والشهادة، وخص الغيب بالذكر لأنه أدخل في باب المدح. ولاستلزامه الإيمان بالشهادة

وهناك أمثلة كثيرة لهذا النوع فلنكتف بما ذكرناه.

ص: 72

الثالث - الاحتباك:

وهو أن يحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، ومن الثاني ما ثبت نظيره فى

الأول.

ويطلق عليه الزركشي: " الحذف المقابلي " فيقول: " هو أن يجتمع في الكلام

متقابلان. فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه ".

ومبنى هذه التسمية من الحبك. وهو الشد والإحكام وتحسين أثر الصنعة فى

الثوب، فحبك الثوب شد ما بين خيوطه بحيث يمنع عنه الخلل وأصله من

قولهم: " بعير محبوك العرى: أي محكمها، والاحتباك شد الإزار.

فكأن هذا النوع من الحذف يُكسب الكلام قوة وزينة.

القوة من حيث استيفاء الأقسام، والزينة من حيث الحذف المتناظر.

ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى:

(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) .

والتقدير: ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق. والذي ينعق به.

فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه.

ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه.

ومن أمثلته قوله تعالى: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) .

والتقدير: تدخل غير بيضاء. وأخرجها تخرج بيضاء.

فحذف من الأول: تدخل بيضاء ومن الثاني: وأخرجها.

ومنه قوله تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) .

ص: 73

والتقدير: يعذب المنافقين فلا يتوب عليهم أو يتوب عليهم فلا يعذبهم، وهذا فن بديع فيه روعة وخلابة.

قال السيوطي: ومن لطيفه قوله تعالى: (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ) . أي فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الَله. وأخرَى كافرةَ

تقاتل في سبيل الطاغوت.

قال الكرماني: " وله في القرآن نظائر وهو أبلغ ما يكون من الكلام "

حكاه عنه السيوطي في المعترك.

وأنت ترى أن هذا الأسلوب شبيه بالميزان الدقيق الحساس. .

فما أحرى أن يسمى به.

الرابع - الاختزال:

وهو ما ليس واحد مما سبق. والمحذوف فيه إما اسم أو فعل أو حرف أو أكثر.

والأظهر أن يسمى " الحذف العام " لأنه لا يمكن التفرقة بينه وبين الأقسام

الثلاثة المتقدمة لا من حيث المحذوف. ولا من حيث كيفية الحذف.

فأمثلته - إذن - هي ما تقدم لأنه يشمل حذف المضاف والمضاف إليه. والصفة والموصوف والفعل وهكذا.

ومن أمثلته قوله تعالى: (الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) ، أي حج أشهر.

وقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَليْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) أي نكاح أمهاتكم.

وقوله تعالى: (لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ الممَاتِ) أي ضعف

عذاب.

وقوله تعالى: (للهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ) أي من قبل الغلب

ومن بعده.

ص: 74