الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
من سورة يوسف عليه السلام (26 - 27) :
(قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) .
*
المعنى الإجمالى لهاتين الآيتين:
تكذيب يوسف عليه السلام لدعوى امراً: العزيز، ثم تأييده فيما قال بشهادة شاهد من أهلها لفت نظر العزيز إلى قرائن الأحوال التي منها علم العزيز صدق يوسف عليه السلام وكذب امرأته هو على يوسف.
والناظر فيهما لا يجد تكلفاً في العبارات. ولا نقصاً في المعنى، ومع هذا
فقد جاءت فيها فنون شتى من البديع لم تخرج عن سمات البلاغة الأصيلة،
والبيان الآسر.
وتلك الفنون هي:
1 -
المناقضة: وهي - هنا - مناقضة المتكلم غيره في معنى.
فقد ادعت امرأة العزيز أن يوسف عليه السلام راودها عن نفسها.
فنقض هذا المعنى فى قوله: (هِىَ رَاوَدَتْنِي عَن نفْسِي) .
2 -
الكناية: في قوله أيضاً: (رَاوَدَتْني عَن نفْسي) وحقيقته: طلبت
مني الفحشاء.
والمراودة: أن تنازع غيرك في الإرادة فتريد غير ما يريد، فقد كان
يوسف عليه السلام عزوفاً عنها فأرادت أن تثنيه عن رأيه لتحقق مقصودها.
3 -
النزاهة: لأن في قوله: (راوَدَتْنِي عَن نفْسِي)
بُعداً عن الألفاظ المعيبة. وفيها كذلك الاعتدال في الاتهام
ويبدو هذا جلياً إذا ما قورنت هذه
العبارة: بعبارة امرأة العزيز: (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) .
فهي تدل على نفس حاقدة كَائدة مغيظة إذ لم تكتف بمجرد الاتهام.
بل بالغت فيه مقترحة الجزاء: إما السجن، وإما العذاب الأليم.
4 -
جُناس الاشتقاق: وذلك في قوله تعالى: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ) لأنهما
يرجعان في اللفظ إلى أصل واحد.
5 -
الاستقصاء: وهو في قوله تعالى: (مًنْ أهْلهَا) وصفاً للشاهد،
وفي هذا مدخل عظيم الأثر في براءة يوسف عليه السلام،
وإدانة امرأة العزيز.
6 -
حسن البيان: لأن المعنى في هاتين الآيتين واضح لا يعوق عنه فهم
ولا يغرب عن طالب.
7 -
حسن التفسير: لأن قوله تعالى: (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) ، والآية التي بعدها - كل هَذا تفسير للشهادة
التي أشارت إليهَا العبارة السابقة.
8 -
حسن التقسيم: حيث قسَّم قرائن الواقعة إلى قسمين باعتبار ما حدث
من قَد القميص.
9 -
المزاوجة: حيث زاوج بين الشرط والجزاء، فقَد القميص من القُبُل
يترتب عليه صدقها وكذبه. وقَده من الدبر يترتب عليه كذبها وصدقه.
10 -
الإيهام: حيث ساوى بين امرأة العزيز ويوسف عليه السلام في احتمال دعوى كل منهما في الصدق والكذب، والقرائن التي أشار إليها الشاهد تخص دعواها بالكذب. وتثبت الصدق ليوسف عليه السلام.
11 -
المقابلة: حيث طابق بين القُبُل والدُبُر، والصدق والكذب.
12 -
العكس والتبديل: حيث قدم الصدق مرة وأخره مرة أخرى، وقدم
الكذب تارة وأخره تارة أخرى.
13 -
التمكين: لأن الفاصلة في الموضعين قارة في مكانها لا نافرة
ولا قلقة.
14 -
التسهيم: لأن قوله في الآية الأولى: (إن كانَ قَمِيصُهُ) إلى:
(فَكَذَبَتْ) يدل على الفاصلة وكذلك القول في الآية الثانية.
15 -
التسجيع: لأن الفاصلتين في الموضعين متماثلتان: " الكاذبين "
" الصادقين ".
16 -
لزوم ما لا يلزم: حيث التزم في الفاصلة الياء المكسور ما قبلها وذلك
نلحظه في الموضعين.
17 -
الإيجاز: ففى الآيتين لوحظ حذف بعض الكلمات منها: " قال "
قبل: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِن أَهْلِهَا) وحذف الفاعل في " قد " في الموضعين.
وكان في هذا الحذف من الفخامة والروعة ما فيه.
18 -
حسن النسق: حيث رتبت الأجزاء ترتيباً حسناً فبدأ بتكذيب يوسف
لدعوى امرأة العزيز ثم ذكر شهادة الشاهد الذي أيَّده. ثم تفصيل تلك الشهادة وما يترتب عليها في عرض حسن ونسق جميل.
19 -
الانسجام: وذلك ظاهر من جزالة الألفاظ، وجودة السبك والترتيب
المنطقي لأجزاء القضية.
20 -
الافتنان: وقد عرفه ابن أبى الإصبع بأن يأتي المتكلم في كلامه بفنين
إما متضادين أو مختلفين، وقد جاء ذلك ظاهراً في الجمع بين البراءة والإدانة،
ثم الإدانة والبراءة في قوله تعالى حكاية عن شاهد واقعة امراً: العزيز:
(إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) .