المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثمن روائع " المعاني " في القرآن الكريم* من أسرار الحذف.* من أسرار التقديم في القرآن.* التقديم غير الاصطلاحي

- ‌الفصل الأولمن أسرار الحذف

- ‌ شروط الحذف:

- ‌ لماذا حذف " يا " مع " رب

- ‌ حذف "لا" مع "تفتأ

- ‌ حذف الواو وذكره:

- ‌ توجيه النص مع الحذف وعدمه:

- ‌ رد ابن المنير على هذا الرأي:

- ‌ إضافة:

- ‌ موضع ثالث لحذف الواو:

- ‌ هل توجيه الزمخشري مقنع

- ‌ حذف حرف الجر " الباء

- ‌ توجيهي للمسَألةَ:

- ‌ صورة أخرى لحذف الحرف في القرآن:

- ‌ توجيهات العلماء للمسألة:

- ‌ سبب الحذف هنا:

- ‌ إيضاح:

- ‌ حذف الفعل اكتفاءً بآخر:

- ‌ الحذف للتحذير والإغراء:

- ‌ حذف الفعل إذا وقع جواب سؤال:

- ‌ سبب هذا الحذف:

- ‌ حذف الفاعل على غير قياس:

- ‌ مماثلة عجيبة

- ‌ سبب حذف الفاعل فيها:

- ‌ وما سر الحذف إذن

- ‌ أسباب أخرى لحذفهما:

- ‌ حذف الخبر مع " لا " النافية:

- ‌ مناقشة مثالين:

- ‌ وجه لحذف ياء المتكلم مع " رب

- ‌ حذف المفعول به:

- ‌ الأغراض البلاغية لحذف المفعول به:

- ‌ سبب قرآنى بحت:

- ‌ خلاف حول آية:

- ‌ نقد وتوجيه:

- ‌ كراهة نسبة الرسالة هي السبب:

- ‌ عزة المطلب هي السبب:

- ‌ مجرد الاختصار وحده لا يكفي:

- ‌ ورعاية الفواصل وحدها لا تكفي:

- ‌ أنواع الحذف:

- ‌ والخلاصة:

- ‌خصائص الحذف القرآني

- ‌ شهادة عدلين:

- ‌الفصل الثانيمن أسرار التقديم في القرآن الكريم

- ‌ معارضة:

- ‌ مبنى إفادة التقوي:

- ‌ مرجحات رأي:

- ‌ التقديم والتأخير في الفعل المنفي:

- ‌ مقارنة:

- ‌ موقف المتأخرين من هذا الرأي:

- ‌ ملاحظة:

- ‌ مناقشة الخطيب له:

- ‌ تقديم المفعول به:

- ‌ تقديم المفعول للإنكار:

- ‌ تعقيب:

- ‌ تعقيب:

- ‌ ملحظ مهم فات ابن الصائغ:

- ‌ سر هذا التقديم:

- ‌ مقارنة بين ثلاثة نصوص:

- ‌ ملحظ آخر فات ابن الصائغ:

- ‌ خطأ وقع فيه ابن الصائغ:

- ‌ عرض ونقد وتحليل:

- ‌ رأي صائب:

- ‌ السموات لم تُقدَّم على الأرض دائماً:

- ‌ تقديم ذو وجهين:

- ‌ مقارنة بين المنهجين:

- ‌ مراعاة النظم:

- ‌ مأخذنا على ابن الأثير:

- ‌ تقديم الظرف:

- ‌ تعقيب:

- ‌ أبرز ملامح منهج ابن الأثير:

- ‌ توجيه آخر:

- ‌ رأي لنا في المسألة:

- ‌ أبرز ملامح منهج المفسرين:

- ‌ اقتراح:

- ‌الفصل الثالثالتقديم غير الاصطلاحيأو اختلاف النظم في العبارات ذات المعنى الواحد

- ‌ نوع ثالث من التقديم:

- ‌ رأينا في الموضوع

- ‌ ما يهدى إليه النظر في هذا الموضع:

- ‌ ماذا قال المفسرون:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ الموضع الرابع " التوحيد والخَلق

- ‌ توجيه ميسور:

- ‌ الموضع الخامس: " الذِينَ آمَنُواْ، وَالذِينَ هَادُواْ

- ‌ رأي الإسكافي:

- ‌ تخريجنا لهذه المواضع:

- ‌ بين المفسرين والإسكافي

- ‌ الموضع السادس " وَمَا أُهلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ

- ‌ مقامان مختلفان:

- ‌ الموضع السابع " القَوَامة والشهادة

- ‌ قيمة هذه النقول:

- ‌ دلالة النص نفسه:

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع الثامن " اطمئنان القلوب

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع التاسع " وكَفَى بِاللهِ شَهِيداً

- ‌ التفاوت في التحدي هو السر:

- ‌ الموضع العاشر " التلاوة وتعليم الكتاب

- ‌ نظرة فاحصة تكشف السر:

- ‌ فهم آخر:

- ‌ الموضع الحادى عشر " لَا يَقْدِرُونَ عَلى شَىْءٍ مِمَّا كَسَبُواْ

- ‌ بحث عن السر:

- ‌ الموضع الثاني عشر " الكِبَر والعُقْر

- ‌ ملاحظة أمرين:

- ‌ الموضع الثالث عشر " وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ الموضع الخامس عشر " رزق الآباء والأبناء

- ‌ الموضع السادس عشر " لقَدْ وَعِدنا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ

- ‌ رأيي في الموضوع:

- ‌ رأي الخطيب الإسكافي:

- ‌ الموضع السابع عشر " وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى

- ‌ رأي السكاكي:

- ‌ الموضع الثامن عشر " الأكل الرغد

- ‌ الموضع التاسع عشر " الشفاعة والعدل

- ‌ توجيه الزركشي لهاتين الآيتين:

- ‌ جولة مع المفسرين:

- ‌ رأيي في المسألة:

- ‌ الموضع العشرون " اللعب واللهو

- ‌ مفهوم اللعب واللهو:

- ‌ اللعب في القرآن:

- ‌ التوجيه البلاغي للنص:

- ‌ لماذا قدَّم " اللهو على اللعب " إذن

- ‌ إجمال:

- ‌الباب الرابعمن سحر البيان في القرآن الكريم* التشبيه والتمثيل.* المجاز في القرآن الكريم.* المجاز القرآني

- ‌الفصل الأولالتشبيه والتمثيل

- ‌ مجموعات التشبيه والتمثيل في القرآن:

- ‌ صورة ثانية - حالهم مع كل ما يجب فهمه:

- ‌ صورة ثالثة - أكلهم كأكل الأنعام:

- ‌ صورة رابعة - الكافرون وسلب الإحساس:

- ‌ صورة خامسة - قسوة قلوبهم وتحجرها:

- ‌ صورة سادسة - الكافرون والظلمات:

- ‌ ومعنى آخر نلمحه:

- ‌ صورة سابعة - الكافرون والموت:

- ‌ إجمال:

- ‌ ضعف المعتقد:

- ‌ ومثلان آخران - رجلان لا يستويان:

- ‌ وصورة أخرى - الذباب هو المنتصر:

- ‌ بَلهٌ مضحك:

- ‌ هلع قاتل:

- ‌ وضعف بالغ:

- ‌ صورة أولى - صفوان ووابل:

- ‌ وصورة أخرى - ريح ورماد:

- ‌ وصورة أخرى - ريح وصِرٌّ:

- ‌ وصورة أخرى - سراب وظلمات:

- ‌ وصورة أخرى - هباء منثور:

- ‌ صوة أولى - ترهقهم ذلِة:

- ‌ وتصعَّد منهك:

- ‌ وصورة رابعة - صيحات وصواعق:

- ‌ مآل الكافرين:

- ‌ وقفة جامعة:

- ‌ وصف الحور والوِلْدَان:

- ‌ ملامح مشتركة بين الصور الثلاث:

- ‌ قياس واضح يُلزمهم بالتصديق:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ أهوال القيامة:

- ‌معان دقيقة

- ‌ وقفة تأمل:

- ‌ التشبيه المقلوب:

- ‌ فكرة للدرس:

- ‌ البيع، والرِّبَا:

- ‌ خصائص تشبيهات القرآن:

- ‌ صورتان فيهما دقة:

- ‌ سر آسر:

- ‌ وهم مدفوع:

- ‌ وجه الشبه في تشبيهات القرآن:

- ‌ ووهم آخر مدفوع:

- ‌ مدخول الأداة في التشبيه المركب:

- ‌ عود للتشبيه المسلوب:

- ‌ نوع فريد من التشبيه في القرآن:

- ‌ التشبيه والتمثيل أصيلان في أسلوب القرآن:

- ‌الفصل الثاني1 -المجاز في القرآن الكريم

- ‌ عرض سريع:

- ‌ لماذا يستخدم القرآن المصدر المؤول

- ‌ مقارنة سريعة:

- ‌ صمت. وكلام:

- ‌ طبع " و " ختم " أختان:

- ‌ وصف جامع:

- ‌ تفرقة عجيبة:

- ‌ منهج القرآن في " طبع " و " ختم

- ‌ ربط " تنافى " ختم " و " طبع

- ‌ الخداع في جانب الله:

- ‌ ولكن ما خداع الله لهم

- ‌ توجيه جديد للآية:

- ‌ النفاق ". . كلمة مدنية:

- ‌ دور المرض في المجاز:

- ‌ المرض. . حقيقة ومجازاً:

- ‌ موازنة ضرورية:

- ‌ مقتضى الظاهر ومخالفته:

- ‌ المعاني التي أفادتها " مَدَّ " في القرآن:

- ‌ العَمَه. . العمى:

- ‌ طريق المجاز فيهما:

- ‌ محاولة لتوجيه المعنى في الموضعين:

- ‌ الاشتراء والضلالة:

- ‌ استعمالات " شَرَى " وقانونها:

- ‌ المجاز اللغوي في " شَرَى

- ‌ التجارة والربح:

- ‌ المجاز في " التجارة " عقلي:

- ‌ الكافرون واستيقاد النار:

- ‌ بين التشبيه والاستعارة:

- ‌ الكافرون. . والصيِّب:

- ‌ عبارة تنبئ عن إحساس نفسي:

- ‌ إحاطة علم الله:

- ‌ صياغة القرآن لمادة " أحاط

- ‌ المعاني الواردة فيها:

- ‌ الكافرون والبرق:

- ‌ منهج القرآن في مادة " خطف

- ‌ ذهب وخطف:

- ‌الفصل الثالث2 -المجاز القرآني

- ‌ موضوع هذه الآيات:

- ‌ مجاز على وجوه ثلاثة:

- ‌ بنو إسرائيل والرجفة:

- ‌ الحقيقة والمجاز في مادة " أخذ

- ‌ صيغ مادة " أخذ

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ الإسناد المجازي لمادة " رجف

- ‌ الدعاء:

- ‌ مادة " كتب " في القرآن:

- ‌ ملاحظات مهمة:

- ‌ التوبة والرجوع الحسي:

- ‌ التعميم والتخصيص في الرحمة:

- ‌ واسع ". . وصفاً لله سبحانه:

- ‌ مسوغات الوصف:

- ‌ وصورتان أخريان:

- ‌ الوسع وصفاً للأرض:

- ‌ موضع آخر بين الحقيقة والمجاز:

- ‌ حصيلة هذه الجولة:

- ‌ مادة " تبع في القرآن

- ‌ وقفة مع هذه المادة:

- ‌ ملاحظات مهمة:

- ‌ الرسول في التوراة والإنجيل:

- ‌ الطيبات والخبائث:

- ‌ حل " في القرآن:

- ‌ ملحظ عجيب:

- ‌ والسر:

- ‌ طاب " في القرآن:

- ‌ منهج القرآن في " طاب

- ‌ المعاني المرادة من " خبث

- ‌ الإصر والأغلال

- ‌ وضع " بين الحقيقة والمجاز:

- ‌ استنتاجات:

- ‌ معاني " غل

- ‌ ثلاث كنايات:

- ‌ النور " في القرآن:

- ‌ سؤال وجواب:

- ‌ النور للهدى والإيمان:

- ‌ السر البلاغي لهذا المنهج:

- ‌ محاولات يائسة:

- ‌ لماذا أفرد القرآن " النور " وجمع " الظلمات

- ‌ خصائص المجاز القرآني:

- ‌ سكوت الغضب ووضع الحرب:

- ‌ عض الأنامل وعض الأيدي:

- ‌ منهج فريد:

- ‌ وضوح المناسبة:

- ‌ الذوق في القرآن:

- ‌ الذوق لغة وبياناً:

- ‌ مقام المخالفات:

- ‌الباب الخامسالبديع. . في القرآن الكريم* المحسِّنات المعنوية.* المحسِّنات اللفظية.* قيمة البديع القرآني

- ‌الفصل الأولالمحسِّنات المعنوية

- ‌ سبب الخلط:

- ‌ الطباق والتشبيه المسلوب:

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ شروط الطباق:

- ‌ أصالة المشاكلة في القرآن:

- ‌ تعقيب:

- ‌ رأي لابن الأثير:

- ‌ قياس المذهب الكلامى:

- ‌الفصل الثانيالمحسِّنات اللفظية

- ‌ الجناس:

- ‌ من صور الجُناس في القرآن:

- ‌ الجُناس يجامع فنوناً أخرى:

- ‌ وظيفة الجناس:

- ‌ مقومات الجمال في الجناس:

- ‌ منزلة جُناس القرآن:

- ‌ ائتلاف اللفظ مع المعنى سمة للقرآن كله:

- ‌ المس والذوق:

- ‌ ذل اليهود ومسكنتهم:

- ‌ غرابة اللفظ لغرابة المعنى:

- ‌ نقد وتحليل:

- ‌ ابن أبى الإصبع يناقض نفسه:

- ‌ والسؤال الآن:

- ‌ معان آخرى للتمثيل:

- ‌الفصل الثالثقيمة البديع القرآني

- ‌ المعنى الإجمالى لهاتين الآيتين:

- ‌ صور البديع فيما تقدم:

- ‌ نتائج مهمة:

- ‌ كثرة وجوده:

- ‌ المبالغة:

- ‌ صحة التقسيم:

- ‌ الإيجاز:

- ‌ نصوص معيبة:

- ‌ بين القرآن والناس:

- ‌ ملاحظتان مهمتان:

- ‌قائمة المصادر والمراجعللجزء الثاني

الفصل: ‌ وقفة جامعة:

ففى " يُغَاثوا " استعارة تهكمية مثل: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) ، وهذا

أنسب للمعنى من جعله من باب المشاكلة اللفظية.

* وصورة ثانية:

علمنا أن " الزقُوم " هي طعام الأثيم. فكيف صورها القرآن إذن؟

(طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) .

يا للهول. . حتى شكل الطعام مخيف. ومذاقه علقم. فيالسوء المنقلب،

وإذا كان هذا طعامهم. شربوا عليه " شرب الهيم " والهيم: الإبل تصاب بداء تشرب منه فلا تروى. فشبهوا بها أحط تشبيه.

قال ذو الرمة:

فَأصْبَحَتُ كَالهَيْمَاءِ لَا الماءُ مُبْرِدُ. . . صَداهَا وَلَا يقضي عَليْهَا هُيَامُهَا

أى: أصبح كالإبل المريضة تشرب فلا تروى. وتتعذب فلا تموت وتستريح

. . وبدهى أننا لم نتناول هذه الجوانب الأربعة. إلا ما جاء منها في أسلوب

التشبيه والتمثيل. وإلا ففى القرآن الكريم كثير من المواضع أفاضت فى

الحديث عنها. ولم تدخل في اعتبارنا بحسب المنهج الذي اتبعناه.

* * *

*‌

‌ وقفة جامعة:

وفيما قدمناه من نماذج رسم القرآن عن طريق التشبيه والتمثيل صورة واضحة لهذا الفريق من الناس. صورة كاملة الملامح واضحة العبارة آسرة البيان.

ونماذج كل مجموعة من المجموعات الأربع السابقة يقوى بعضها بعضاً فى

دقة وإحكام، وتكاد ملامح نماذج المجموعة الواحدة منها. تتشابه منها وتتأصر حتى إنك لتستطيع أن تصوغ عنها صورة واحدة لها خصائص ومميزات.

ص: 234

خذ - مثلاً - ظاهرة بطلان أعمالهم. حتى النهاية واحدة في كل نموذج من

نماذجها وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز البياني لا ينكره منصف.

وفي كل الصور التي ذكرناها يخاطب القرآن كل القُوَى المدركة في الإنسان.

العقل بما له من سلطان. والعواطف بما لها من تأثرات. والحواس على اختلاف ما بينها من طبائع. . . والنفس والوجدان.

ولهذا كانت تشبيهات القرآن وتمثيله صوراً حيَّة لا تتأثر بتقادم دهر ولا يسمو فوقها بيان.

ولنعرض - بعد - لتشبيهات القرآن وتمثيله في شأن المؤمنين حسب الخطة.

* * *

ثانياً: في شأن المؤمنين

في مجالات الترغيب وردت الصور الآتية:

1 -

مضاعفة الأعمال:

(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) .

الغرض من التمثيل ترغيب المؤمنين في الإنفاق في سبيل الله.

وهذا عمل محمود.

لذلك نرى المثل يضع أمام المنفقين في سبيل الله كل وسائل الترغيب والإغراء

المحمود.

فوحدة المال المنفَق - درهماً أو ديناراً - كحبة وُضعتَ في الأرض. . ثم

أنبتت سبع سنابل. السنبلة الواحدة تحمل مائة حبة. فيَكون مجموع ما ينتج

عن الحبة الواحدة سبعمائة حبة. وهذا حد أدنى يحصل عليه المنفقون.

* *

ص: 235

2 -

مقاييس البر:

وأعمال البر لها مقاييس تزكو بها. كشدة الحاجة عند المنفق لما بذل من مال. .

قال تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) .

وقال: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) . . أي لن تنالوا

كمال البر.

وقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) - في رأى مَن يقول على

حُبِّ الطعام.

أو شدة الحاجة عند المنفق إليه. فإن حاجات المحتاجين تتفاوت.

قال تعالى: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) .

وكالإخلاص في الإنفاق. . هذه الاعتبارات تضاعف الجزاء أضعافاً كثيرة.

ولذلك ترقى المثل في درجات الجزاء فقال: (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) . .

فباب الزيادة في الجزاء مفتوح. ولن يقف عند حد السبعمائة المذكورة.

قال الزمخشري: " هذا التمثيل تصوير للأضعاف كأنها ماثلة بين عيني

الناظر. ولا يقدح فيه أن الممثَّل به غير موجود في الواقع.

لأن التمثيل على سبيل الفرض والتقدير ".

* *

ص: 236

3 -

وصورة أخرى " مثل للتكثير ":

(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) .

" الجنة ": البستان. و " الرَّبوة ": المكان المرتفع.

و" الوابل ": المطر العظيم. و " الطل ": المطر القليل.

وخصها بالذكر - أي خصن هذه الجنة التي هذه صفتها - لأن الشجر فيها

أزكى وأحسن ثمراً وقليل الماء يكفي لإروائها ككثرته لكرم منبتها وخصوبة

تربتها.

وهذا تمثيل لمضاعفة الأجر سواء أكانت الأموال النفَقة كثيرة كالوابل.

أو قليلة كالطل. .

قال الزمخشري: " مثل حالهم عند الله بالحنَّة على الربوة. ونفقتهم الكثيرة

والقليلة بالوابل والطل وكلتاهما زاكية عند الله. زائدة في زلفاهم وحسن حالهم عنده".

* *

4 -

الترغيب في الجهاد:

المثلان السابقان يهدفان إلى الترغيب في الإنفاق في سبيل الله.

وهناك مثل آخر يُرغب في الجهاد: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) .

فقد شبَّه المقاتلين في سبيله في تماسكهم وقوة إيمانهم وصلابتهم للعدو

وتصديهم له بالبنيان الذي رُصَّ بعضه إلى بعض ورُصِف.

ص: 237

وقد وصف المشبَّه به " بنيان " بقوله تعالى: (مَرْصُوصٌ) أي قائم.

ولولا هذا الوصف لما جاء التشبيه بهذه المنزلة من الدقة والقوة.

لأن البنيان قد يكون إذا لم يوصف بوصف يفيد الاحتراس " آيلاً للسقوط " أو ساقطاً، فجاء الوصف في الآية الكريمة مانعاً لإرادة شيء من هذا.

مفيداً لقوة البنيان. وشدة تماسكه.

قال الراغب: (كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) أي: محكم كأنما بنى بالرصاص ".

* *

5 -

الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة:

وقال تعالى مُرغباً في الكلمة الطيبة ومُحذراً من الخبيثة: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) .

ههنا شجرتان. . إحداهما ضُرِبت مثلاً للكلمة الطيبة - أئ كلمة طيبة

وهذه الشجرة قد تهيأت لها أسباب النمو والرواء فالتربة خصبة والسقى منتظم، لذلك ضربت جذورها في أرضها الطاهرة فنمت أصولها وطالت فروعها حتى كادت تلامس السماء. ودام ثمرها فهى تؤتيه - بإذن ربها - كل حين.

والثانية أبيدت بمجرد ظهورها فوق الأرض فلم تنم ولم تضرب جذورها فى

الأرض. . وشتَّان بين هاتين الشجرتين.

ص: 238

والأولى حمل الكلمة الطيبة على جنس الكلام الطيب.

والكلمة الخبيثة على جنس الكلام الخبيث لا أن تخص الأولى بكلمة التوحيد. والثانية بكلمة الكفر.

ولا مانع أن تكون كلمة التوحيد أصلاً في الكلمة الطيبة.

وكلمة الكفر أصلاً فى كل كلام خبيث.

والتشبيه في الصورتين تشبيه مفرد - وهو " الكلمة الطيبة " في الأولى،

و" الكلمة الخبيثة " في الثانية - بمركب. وهذا ظاهر.

ووجه الشبه في الأولى ما يترتب على كُل من الآثار النافعة. والمنافع الجمَّة.

أما في الثانية فالوجه عدم ترتب آثار نافعة في كُلا، وإن كان أثر الكلمة

الخبيثة هو إدخال قائلها النار.

ويتصل بمبدأ الترغيب أمور هي:

1 -

المدح والثناء.

2 -

وصف النساء والحور والولدان.

3 -

وصف الجنة.

ونورد أمثلة ذلك من التشبيه والتمثيل القرآني على نفس الترتيب المذكور.

1 -

المدح والثناء:

ويأتي في مقدمة هذا الجانب مدح القرآن للرسول وأصحابه.

قال سبحانه:

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) .

ص: 239

إنها لصورة غنية عن كل شرح، ومثل واضح لا يحتاج إلى بيان، فالزرع

يخرج غضاً طريا، وهكذا كان الإسلام متمثلاً في محمد عليه السلام، ثم

يخرج شطأه فيقويه ويناصره حتى يستغلظ ويقوى ويستوى قائماً على سوقه،

وزرع هذه صفته من شأنه أن يُعجب الزرَّاع ويأخذهم بروائه.

فمحمد عليه السلام أو الإسلام متمثلاً فيه - شبيه بالزرع، والزرع تحيا به النفوس، ويبهج النظر بخضرته وبهائه.

وفي هذا التشبيه كثير من اللطائف والأسرار، منها ما تقدم، ومنها كذلك

أن الإسلام كان سريع الانتشار والاستقرار، يدل على ذلك العطف بالفاء فى

قوله: (أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى) .

ومنها أن الإسلام كان يتم كماله في صورة دقيقة وحكمة وتدبير حيث شُبِّهت أطوار نموه بأطوار نمو الزرع، وهي مراحل طبيعية لا ارتجال فيها ولا مخالفة لسُنَن النشوء والارتقاء.

ثم كان هذا الزرع لقوته وحُسن روائه باعثاً على حالتين: إعجاب الزُرَّاع به، ثم غيظه الكافرين.

" إنه زرع من نوع خاص ينمو ولا يذبل. . يقوى ولا يضعف. . وهكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه ".

ووجه الشبه شيء يبدو صغيراً ثم ينمو ويقوى ويكتمل فيعجب الأحباء.

ويغيظ الأعداء.

ومن ذلك: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) .

ص: 240

فى هذه الآية مدح وثناء للفقراء الزاهدين فيما في أيدى الناس. وهم لشدة

زهدهم وتظاهرهم بالغنى أشبهوا الأغنياء عند الجاهل بحالهم.

ولأن الغنى نوعان: غنى عن المال بالمال. وغنى عن المال بالقناعة والتعفف. والثاني فضيلة من فضائل النفس يستحق أصحابها المدح والثناء. . ولهذا مدحهم القرآن.

* * *

2 -

وصف النساء والحور والوِلْدَان:

وصف القرآن النساء لغاية دينية إذ بها يحفظ الرجل نفسه ودينه من الوقوع

فى المحظور. والقرآن في وصفه للمرأة لم يصف جمالها الحسي. وإنما وصف

جمالها النفسي المعنوي. وبذلك يفارق وصف المرأة في القرآن ما دأب عليه

الشعر الجاهلي من الأوصاف الحِسية. والالتذاذ المادي الوضيع.

وعليه جاء قول الشاعر:

إذا مَا الضَجِيعُ ثَنَى جِيْدَهَا. . . تَثنَتْ عَليْهِ فَكَانَتْ لبَاسَا

فقد شبههن - القرآن - باللباس مرة فقال:

(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) .

واللباس فيه معنى الحفظ والوقاية من الأخطار، وفيه معنى التجمل والزينة

فى أعين الناس، وفيه معنى حفظ العورات وما لا يحب أحد أن يطلع عليه

الناس.

والفرق بين التعبير القرآني وبين قول الشاعر أن المراد باللباس في القرآن

معناه المجازي بكل ما يحمل اللفظ. أما في قول الشاعر فإن اللباس مراد به

معنى حسي مكشوف.

لهذه المعاني شبَّه القرآن النساء باللباس للرجال، ثم شبَّه الرجال باللباس لهن.

لأن كُلاُّ منهما يحفظ الآخر ويحميه ويزينه.

ص: 241