الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يجوز أن يكون المشبه الأصنام لا المنافقين. وهذا بعيد لأن الأصنام
لا قول لها. وصياغة الآية تُشعر ب
معان دقيقة
.
* *
* معان دقيقة:
ذلك أن فيها شرطين، أحدهما: الأداة فيه " إذا " وهو: (وَإذا رَأيْتَهُمْ
تُعْجِبُكَ أجْسَامُهُمْ) .
وثانيهما: الأداة فيه " إنْ " وهو: (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) .
وقد وقع الشرط الثاني قبيل التشبيه مباشرة فجاء التشبيه في حيزه.
إذن - فلماذا أوثرت " إذا " في الشرط الأول و " إن " في الثاني؟
ولماذا أولى التشبيه الشرط الثاني وكان الأولى من. حيث الظاهر أن يلى
الشرط الأول ما دام التشبيه منصباً على الأجسام حسبما تقدم عند الزمخشري؟
وفي الإجابة عن هذه الأسئلة أُرجح الآتى:
إيثار " إذا " في جانب الشرط الأول لعله - والله أعلم - لبيان حرصهم على
غشيان مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم طمعاً في الحظوة عنده. ودفعاً للشك فيهم.
ورجاء أن يصيبوا بعض ما يفتح الله عليه من مال. يبتغون من هذا الوجود
إظهار الولاء والطاعة.
فلكثرة وقوعه منهم، وحرصهم عليه، صُدِّر بأداة الشرط المفيدة لتحقق
مدخولها، وهي " إذا " خاصة.
أما إيثار " إن " في جانب القول فلعله - والله أعلم - لحرصهم - كذلك
على عدم القول عنده إلا بحساب خشية أن يفلت منهم لفظ يكشف نواياهم وينم عما تخفى صدورهم من الكفر والنفاق. فلم يكونوا ينطلقون في الحديث عنده
لعدم ثقتهم في أن يقولوا كلاماً كله رائج عنده. فكانوا لا يقولون إلا بحساب
ولا يقولون إلا المنمق من القول.
ولهذه الاعتبارات صدر الشرط بـ " إن " المفيدة للشك في حصول مدخولها
لأن " إن " وظيفتها ذلك الشك.
وأما إيلاء التشبيه الشرط الثاني فلأن له مدخلاً فيه ولو ولى الأول مباشرة
لنبا المعنى.
وذلك لأن معنى الشرط الأول - منفصلاً - لا ينسجم معه معنى التشبيه
لو حُمِلَ عليه فكان لا بدَّ من توسط الشرط الثاني.
فقولهم - إذن - هو سر افتضاحهم وإن حرصوا على تنميقه وتهذيبه.
لذلك أشبهوا " الخُشُب المسندة " التي عفا عليها الدهر فلم تصبح موضع
أمل أو مورد نفع.
وبقى معنى دقيق لم أر مَن تنبَّه له وهو مستفاد من إيلاء التشبيه الشرط
الثاني الذي فعل الشرط فيه: " يقولوا ".
وهذا المعنى هو إيهام أن المشبه هو القول.
على أن يكون المشبَّه به هو صوت الخُشُب المسندة لأنها لو أزيلت عن أماكنها سمعت لها دوياً وطنطنة ليس تحتها معنى وليس لها مدلول.
وهذا يعني أن قولهم هراء لأن كل ما يصدر عنهم في حضرة الرسول إنما هو
مبعثه النفاق والمخادعة.
ومن روائع تشبيهات القرآن: تشبيه المؤمنين بالإخوة مع اختلاف أنسابهم قال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وهو تشبيه بليغ حسب مصطلح أهل الفن نزل فيه وصف الإيمان الصادق بمنزلة القرابة من الأب والأم.
وقال: (فَأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْواناً) . . أي بنعمة الهداية. . .
وزوجات النبي أمهات المؤمنين، قال:(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) . أي في رعاية الحُرمة، مع ملَاحَظة أَنه
لم يقَل: النبي أبو المؤمنين ليتشاكل المعنى. لأن القرآن نفى ذلك في سورة
الأحزاب: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، فما كان له أن ينفى هناك. ويثبت هنا وصدق الله إذَ يقول:
(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) .
ومنها - كذلك - تشبيه ضوء الفجر في أول عهده وظلام الليل في آخر
عهده بالخيط الأبيض. والخيط الأسود في قوله تعالى:
(حَتى يَتَبَيَّنَ لكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ) .
لأنهما يكونان دقيقين فى هذه اللحظة.
ومنهما تشبيه " الجفان " " بالجواب في الاتساع وذلك في قوله تعالى:
(وَجِفَانٍ كَالجَوَابِ) . والجابية الحوض الذي يُجمع فيه الماء.
ومنها تشبيه كراهية بعض المؤمنين للقتال بالسوق إلى الموت في قوله تعالى:
(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) .
ومنها تشبيه الزوج غير مرغوب فيها ولا مُطلقة بالمعلقة في قوله تعالى:
(فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) .
ولعل وجه الشبه هنا الاضطراب والتحير والقلق النفسي الذي ينتاب هذه
الزوج.
ومن التشبيات الضمنية قوله تعالى: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) .
جاء التشبيه الضمنى في هذه الآية في استئنات تعليلى مبيِّن لسبب الأمر
بخفض الصوت. فرفع الصوت ليس فضيلة إذا كان لغير الحاجة. .
والدليل أن صوت الحمير مع أنه أرفع الأصوات هو أنكرها. .
فكأنه شبَّه رافع الصوت بالحمار، وشبَّه صوته بصوت الحمار.
ومنه كذلك قوله: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) . ناهياً عن التكبر،
والصعر: ميل في العنق. والتصعير: إمالتَه عن النظر كبراً.
وأصل الصعر داء يصيب الإبل فتميل عنقها من أجله.
وهذه صورة قبيحة وكأن القرآن يُشبه التكبر بالناقة المنوفة بالصعر قال الشاعر الجاهلى:
إذا الملِكُ الجَبَّارُ صَعَّرَخَدَّهُ. . . مَشَيْنا إليْهِ بِالسُيُوفِ نُعَاتِبُه
* *
3 -
التشبيه السلبى في القرآن الكريم:
أداة التشبيه في كل أسلوب تشبيهى تعقد صلة بين طرفيه، وتنبئك بأن
المشبه تربطه بالمشبه به رابطة هي الصفة المشتركة بينهما. لأن التشبيه فى
أبسط تعاريفه هو إلحاق أمر بأمر في صفة مشتركة بينهما بأداة تشبيه مذكورة
أو مقدرة!
ولكنك تجد في القرآن الكريم - أحياناً - هذه الأداة لا تعقد تلك الصلة بين
طرفى التشبيه، فهى تتوسطهما، وليس بين ذينك الطرفين شبه ما، فقد
يكونان ضدين أو كالضدين أو غيرهما.
ويكثر هذا النوع من التشبيه والذي يمكن أن نصطلح على تسميته - من الآن
- بالتشبيه السلبى كما جاء في العنوان. عندما يتحدث القرآن عن الهدى
والضلال، والكفر والإيمان، والطاعة والعصية.
وإليك النماذج:
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) . ".
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) .
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) .
(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) .
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) .
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) .
(أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) .
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) .
(أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) .
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) .
(أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) .
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) .
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17) .
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) .
(ذَلكً بأنهُمْ قَالوَاْ إنمَا البَيع مِثْلُ الرِّبَا) .
(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) .