الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الأغراض البلاغية لحذف المفعول به:
1 -
البيان بعد الإبهام. كما في فعل المشيئة والإرادة ونحوهما إذا لم
يكن في تعلقه بمفعوله غرابة.
ومثاله من القرآن: (فَلوْ شَاءَ لهَدَاكُمْ أجْمَعِينَ) .
وقوله: (وَلوْ شَاءَ اللهُ لجَمعَهُمْ عَلى الهُدَى) .
فإذا كان في التعلق غرابة امتنع الحذف.
ومثلوا له من غير القرآن بقول الشاعر:
وَلوْ شِئْتُ أنْ أبْكِى دَماً لبَكَيْتُهُ. . . عَليْهِ وَلكِنْ سَاحَةُ الصبْرِ أوْسَعُ
فقد صرَّح بالمفعول به ولم يحذف لأنه بكاء لم وهو غريب في العادة ولو حُذفَ
لم يُعْلم.
وفي البيان بعد الإبهام يقول عبد القاهر: " وذلك أن في البيان إذا ورد بعد
الإبهام، وبعد التحريك له أبداً لطفاً لا يكون إذا لم يتقدم ما يحرك.
وأنت إذا قلت: لو شئتَ. علم السامع أنك قد علقت هذه المشيئة في المعنى بشيء. فهو يضع في نفسه أن ههنا شيئاً
تقتضى مشيئته له أن يكون أو لا يكون.
فإذا قلت: لم تفسد سماحة حاتم - عرف ذلك الشيء. وليس يخفى أنك لو رجعت فيه إلى ما هو أصله فقلت: لو شئتَ ألا تُفسد سماحة حاتم لم تفسدها. . صرتَ إلى كلام غث. وإلى شيء يمجه السمع. وتعافه النفس ".
وهذا السبب وجيه. فلا اعتراض عليه.
2 -
دفع توهم غير المراد:
ومثَّلوا له بقول الشاعر:
كمْ ذدِْتَّ عَنِّى مِنْ تَحَامُلِ حَادثِ. . . وَسَوْرَةِ أيامٍ حَزَزْنَ إلى العَظم
أى حززن اللحم إلى العظم. وإنما حُذِفَ المفعول لئلا يتوهم متوهم أن الحز كان إلى اللحم فقط. وهذا يُشعر بتهوين أمر الملمة المدفوعة.
والمقام مقام مدح المناسب فيه عِظم النعمة.
لذلك طوى ذكره لأنه يفهم المراد ابتداءً.
وهذا أيضاً توجيه دقيق ولا شيء فيه.
3 -
إظهار كمال العناية بوقوعه على المفعول. ومثلوا له بقول البحتري يمدح المعتز.
قَدْ طلبْنَا فَلمْ نَجِدْلكَ فِى السُّؤ. . . دُدِ وَالمجدِ والمكَارِم مِثْلاً
أى قد طلبنا لك مِثْلاً في هذه المظان فلم نجده. فحذف المفعول الذي هو
" مِثْلاً " لأن غرضه أن يوقع نفى الوجود على صريح لفظ المثل دون ضميره.
وفي ذلك إظهار لكمال العناية بوقوع النفي على المفعول. ولو ذكره لوقع النفى على الضمير فيفوت المراد.
وفي البيت توجيه آخر مؤداه: (إن الحذف هنا لكراهة أن يواجه المدوح بأن له مثلاً. والذي أراه أن التوجيه الأول في البيت أحق بالاعتبار في توجيه الحذف.
وإن كان في التوجه الثاني رقة وعذوية.
4 -
قصد التعميم في المفعول مع الاختصار. وقد مثلوا له بقوله تعالى:
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) .