الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى: (أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) . . أي فضرب
فانفلق. .
وهكذا. . فأنت ترى أن ما سموه من الحذف بالاختزال شامل لجميع الأقسام
على ما بيَّناه فليس له من نصيب إلا التسمية.
*
*
والخلاصة:
صاحبنا القرآن الحكيم في هذا الفصل في بعض مواطن الحذف فيه.
والذى يدعوه البلاغيون: " أحد مظاهر الإيجاز ":
وهو أن يكون المعنى المفهوم من اللفظ أكثر من الألفاظ التي استُعملت فيه. وهذه فضيلة واحدة عامة من فضائل الحذف في القرآن - أعنى الإيجاز المذكور - وليس الحذف القرآني
ينتهى عند هذه الفضيلة المسماة بالإيجاز. بل له فضائل بيانية أخرى تكاد
تتعدد بتعدد مواضع وروده.
و
خصائص الحذف القرآني
- فيما أرى - يمكن
تلخيصها في الآتى:
* خصائص الحذف القرآني:
أولاً: سلامته من الإجحاف بالمعنى والخلل في الأسلوب فكل حذف فيه
يحكمه أمران:
(أ) دليل قوى يعين على تصوره وقد يعينه تعييناً أحياناً. وكل منهما -
أى التصور والتعيين - بليغ في موضعه.
ففى قوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: (فَصَبْرٌ جَميلٌ)
يحصل تصور المحذوف دون تعيينه.
فيجوز أن يقدر التركيب علىَ هذا الوجه: فأمري صبر جميل، ويجوز أن يكون: فصبر جميل أمثل، وفي هذا تكثير للفائدة.
وفي قوله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) .
يمكن تعيين المحذوف، والتقدير لا محالة: فضرب فانفجرت.
وقد أفاد هذا الحذف مع الإيجاز سرعة حصول الانفجار والسرعة هنا
مطلوبة لأن المقام مقام طلب للنجاة من فرعون وقومه. .
وقد كرر هذا المعنى فى قوله تعالى: (أنِ اضْرِب بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانفَلقَ) . فاتحد الموضعان فى الحذف والغرض.
ْويمكن أن نفهم من هذين الموضعين - فوق فضيلة الإيجاز، وفوق معنى
السرعة - معنى ثالثاً لم أجد أحداً قد نص عليه.
وهو أن الحذف يشير فيهما إلى سرعة امتثال موسى عليه السلام لأمر ربه.
حتى إن الزمن بين تلقيه الأمر وتنفيذه لا يكاد يُذكر لقصره وذلك يكشف لنا - أيضاً - أن موسى عليه السلام كان متلهفاً لا يشير عليه به ربه في التصرف أمام الأزمات.
(ب) الداعي البلاغي الذي دعا إلى الحذف، وهذا الداعي على ما وضع
فيه البلاغيون من بحوث قيمة وثرية.
ما زال مورداً بِكراً في القرآن الكريم.
فالباحث في مواضع الحذف في القرآن واجد جديداً لم يشر إليه القوم
وقد بان لنا - نحن - في غضون هذا الفصل نصيب من ذلك الجديد.
مثل ما ذكرناه فى توجيه الحذف في قوله تعالى حكاية عن إخوة يوسف:
(تَالله تَفْتَؤأْ تَذكُرُ يُوسُفَ) . من أن الحذف كان لضيق المقام،
ومثل ما ذكرَناه من توجيه الحذف في قوله تعالى حكاية عن المشركين:
(أهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) .
حيث أرجعنا حذف عائد الصلة إلى أمر نفسي هو كراهية إيقاع
الفعل المفيد لإثبات الرسالة للنبى صلى الله عليه وسلم على ضميره. لأن أنفسهم لا تساعدهم عليه. . والبلاغيون يعدون الحذف فيه من مجرد الاختصار.