الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وأما تقديم " حكيم " على " عليم " في الأنعام. فلأن المقام
تشريع الأحكام ومنه تقديم العبادة على الاستعانة في قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) .
وذلك لأنها سبب حصول الإعانة. ويتفق ضياء الدين بن الأثير مع ابن الصائغ فى هذا التوجيه.
*
تقديم ذو وجهين:
ويخالفهما العز بن عبد السلام إذ يقول.
" وقدم (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) على (إِيَّاكَ نَسْتَعينُ) - لأن (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
- خبر بمعنى الدعاء فيكون من التصف المختَص بالعبد. والعبادة مختصة
بالله تعالى فقدم (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ليقع ما لله في نصفه، وما للعبد في نصفه.
أو قُدم اهتماماً بالعبادة لأنهم يُقدِّمون الأهم ".
فالتقديم هنا عند العز محتمل لوجهين:
أن يكون لما بينه من جَعْل ما لله لله، وما للعبد للعبد.
وهذا التوجيه تبدو فيه روح عبد السلام فقيهاً محدثاً.
أن يكون التقديم من أجل أهمية العبادة على الاستعانة.
وهنا يبدو هو بلاغياً متذوقاً.
8 -
الكثرة على القلة: ومن أمثلته عنده قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) . قَذم " الظالم " لكثرته، ثم " المقتَصد "
ثم
" السابق ". وجعل منه تقديم السارق على السارقة والزانية على الزاني لأن
السارق أكثر من السارقة، والزانية أكثر من الزاني.
ويرى العلامة أبو السعود في تفسيره: أن المرأة هي الداعية إلى الزنا وبها
تتعلق الرغبات. . لذلك قُدِّمت.
والذي أراه: أن تقديم السارق على السارقة لأن معرَّة السرقة في الرجل أكبر
شأناً منها في المرأة. . لأنه المكلف بجلب الرزق لنفسه ولمن يعول.
فوقوعه فى السرقة قدح في قُدرته. وتقصير في مهمته.
فكان حرياً به وهو الرجل القادرعلى العمل والكدح أن لا يفعل ما يقعد به عن الشرف والكرامة.
وأما تقديم الزانية. . فلأنها أيضاً تلحقها من المعرَّة منه ما لا يلحق الزاني،
فقد يترك بها الزنا علامات مادية كزوال البكارة والحمل السفاح وما إلى هذه
الاعتبارات، فقدم في كل موضع ما يناسبه باعتبار ما ذكرناه، والنكات - كما يقولون - لا تتزاحم، فقد يكون المراد بالتقديم جميع ما سبق ما دام لا تناقض أو تنافى بينهما.
9 -
الترقى من الأدنى إلى الأعلى: وقد مثل له بأمثلة كثيرة منها قوله
تعالى: (ألهُمْ أرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أمْ لهُمْ أيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا) .
قال: بدأ بالأدنى لغرض الترقي. لأن اليد أشرف من الرِجل، والعين أشرف
من اليد، والسمع أشرف من البصر.
10 -
التدلي من الأعلى إلى الأدنى: ومن أمثلته - عنده - قوله تعالى:
(لَا يُغَادرُ صَغِيرةً وَلَا كَبِيرَةً إلَّا أحْصَاهَا) .
* *