الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا) .
والإسناد في كليهما مجازي علاقته السببية. وفي الآية مقابلة بين ثلاث
وثلاث: أضاء وأظلم، لهم وعليهم، مشوا وقاموا، لأن المراد ب " قاموا "
وقفوا ولم يمشوا لشدة الظلام.
* وقد على " أظلم " بـ " عليهم " لأن الإظلام مضر.
والإضاءة بـ " لهم " لأنها مفيدة.
فقرن كلا منهما بما يناسبه.
* *
*
ذهب وخطف:
(وَلوْ شَاءَ اللهُ لذَهَبَ بسَمْعهمْ وَأبْصَارهمْ إن اللهَ عَلى كلً شَىْء
قَدِير) .
(لذَهَبَ بسَمْعهِمْ) مجاز لغوي حقيقته: لأزال سمعهم وأبصارهم.
وسره البلاغي فوقَ إبراز المعقول في صورة المحسوس.
لتسجيل الشقاء عليهم واستمرارهم في تلك الخطوب الأليمة.
لأن الذهاب هنا فيه معنى الإمساك بالشيء المذهوب به، وفيه معنى المصاحبة على حد قولهم: ذهب السلطان بماله -
لأنه أبلغ من أذهب السلطان ماله، ومن: ذهب ماله - لما في الصورة الأولى
من الإمساك والاستصحاب وهذا المجاز صنو المجاز السابق:
(يَكَادُ البَرْقُ يَخْطفُ أبْصَارَهُمْ) . . ولكننا إذا قارنا بينهما ظهرت لنا دقة التعبير فى القرآن الكريم عجيبة عاجبة:
فى جانب " البرق " كان اللفظ المستعار (الخطف) المفهوم من الفعل
" يخطف "، وفي جانب " الله " كان المستعار " الذهاب " المفهوم من الفعل
" لذهب " والسر في اختلاف لفظي المستعار عجيب.
لأن مفهوم الخطف أن يكون هناك تربص وترقب للفرصة.
فإذا ما سنحت كانت الحركة السريعة في الانقضاض للخطف.
ولا بدَّ للخاطف من التولي السريع ناجياً بنفسه وبما خطف.
والخاطف خائف وجل.
أما الذهاب في: " لذهب " فلا يقتضي شيئاً من ذلك، فالآخذ الذاهب قد
يكون أخذه على سبيل القوة والاستعلاء - كما هنا - فلا تربص ولا ترقب، ولا تَحين فرصة ولا انقضاض ولا فرار خشية اللحاق ولا طلب يُتوقع من المأخوذ منه لأن الآخذ قادر قوى. والمأخوذ منه عاجزٌ ضعيف، ولأنه لا حَول له ولا قوة
يعصمانه من حَولِ وقوة الله.
لهذه الاعتبارات - والله أعلم - كان اختلاف لفظي المجاز كل واقع موقعه
لا نابٍ ولا مستكره ولا وقوع في مخالفة حس أو شرع.
وهذه خاصة من خصائص التعبير القرآني.
تنتظم الأسلوب كله من " الحمد "
فى افتتاح فاتحة الكتاب. . . إلى " الناس " في اختتام خاتمته.
* * *