الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمع جابر بن عبد الله يقول: إن معاذاً كان يُصلّي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ يرجعُ فيَؤُمُّ قومَه
(1)
.
69 - باب الإمام يصلي من قُعودٍ
601 -
حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن ابن شهاب
عن أنس بن مالك: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ركبَ فرساً، فصُرع، فجُحِشَ شِقُّه الأيمنُ، فصلّى صلاةً من الصلوات وهو قاعِد، فصلينا وراءه قُعوداً، فلمّا انصرفَ قال: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا صلَّى قائماً فصلُّوا قياماً، وإذا ركعَ فاركعوا، وإذا رفعَ فارفعوا، وإذا
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (700) و (701)، ومسلم (465)، والترمذي (590)، والنسائى في "الكبرى"(911) من طرق عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وعند الترمذي وحده:"المغرب" بدل "العشاء".
وهو في "مسند أحمد"(14307).
وسيأتي مطولاً برقم (790).
قال الإمام العيني في "عمدة القارئ" 5/ 239 استدل الشافعي بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل بناء على أن معاذ كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل، وبه قال أحمد فى رواية، واختاره ابن المنذر، وهو قول عطاء وطاووس وسليمان بن حرب وداود.
وقال أصحابنا (أي الحنفية): لا يصلي المفترض خلف المتنفل، وبه قال مالك في رواية، وأحمد في رواية أبي الحارث وحنبل عنه، وقال ابن قدامة في "المغني" 67/ 3: واختارها أكثر أصحابنا، وهو قول الزُّهريّ والحسن البصري وسعيد بن المسيب والنخعي وأبي قلابة ويحيى بن سعيد الأنصاري لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" متفق عليه، ولأن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام، أشبه صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر
…
قال: سمعَ الله لِمَن حَمِدَه، فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ، وإذا صلَّى جالساً فصلّوا جُلوساً أجمعين"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزُّهريّ.
وهو في "موطأ مالك" 1/ 135، ومن طريقه أخرجه البخاري (689)، ومسلم (411)(80)، والنسائى في "الكبرى"(908).
وقال البخاري بإثر هذه الرواية: قال الحميدي: قوله: "إذا صلى جلوساً فصلوا جلوساً": هو في مرضه القديم، ثمَّ صلى بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم جالساً والناس خلفه قياماً ولم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه البخاري (732) و (733) و (805)، ومسلم (411)، والترمذي (361)، والنسائي في "الكبرى"(652) و (871) و (908)، وابن ماجه (876) مختصراً و (1238) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(12074)، و"صحيح ابن حبان"(2102).
وأخرجه البخاري (378) من طريق حُميد الطويل، عن أنس.
قوله: "فصُرعَ" أي: سقط."فجُحِش" أي: انخدش.
قال الإمام الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" ص 109، ونقله عنه الإمام الزيلعي في "نصب الراية": اختلف الناس في الإمام يصلي بالناس جالساً من مرض، فقالت طائفة: يصلون قعوداً اقتداءً به، واحتجوا بحديث عائشة وحديث أنس:"إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون"، وقد فعله أربعة من الصحابة: جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حُضير، وقيس بن قهد.
وقال أكثر أهل العلم: يصلون قياماً ولا يتابعونه في الجلوس، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وادعوا نسخ تلك الأحاديث بأحاديث أخرى، منها حديث عائشة في "الصحيحين": البخاري (687)، ومسلم (418) أنه عليه السلام صلى بالناس جالساً وأبو بكر خلفه قائم يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر، وليس المراد أن أبا بكر كان إماماً حقيقة، لأن الصلاة لا تصح بإمامين ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام، وأبو بكر كان يبلغ الناس، فيسمي لذلك إماماً.
وانظر "الرسالة" للإمام الشافعي ص 251 - 255، و"الأوسط" 4/ 201 - 209 لابن النذر، و"نصب الراية" 2/ 41 - 48.
602 -
حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا جرير ووكيع، عن الأعمشِ، عن أبي سفيان
عن جابر قال: ركبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فرساً بالمدينة، فصَرَعَه على جِذْمِ نخلةٍ، فانفكَّت قَدَمُه، فأتيناه نعوده، فوجدناه في مَشرُبةٍ لعائشةَ يُسبِّحُ جالساً، قال: فقُمنا خلفَه، فسكت عنَّا، ثمَّ أتيناه مرَّةً أُخرى نَعودُه، فصلّى المكتوبةَ جالساً، فقُمنا خلفَه، فأشار إلينا، فقَعَدنا، قال: فلمَّا قضى الصَّلاةَ قال: "إذا صلَّى الإمامُ جالساً فصلُّوا جُلوساً، وإذا صلَّى الإمامُ قائماً فصلوا قياماً ولا تفعلوا كما يفعلُ أهلُ فارسٍ بعُظمائها"
(1)
.
603 -
حدَّثنا سُليمان بن حرب ومسُلم بن إبراهيم -المعنى- عن وُهَيب، عن مُصعب بن محمَّد، عن أبي صالح
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان -وهو طلحة بن نافع- فإنه صدوق لا بأس به، وباقى رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه مختصراً بسقوط النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرس ابنُ ماجه (3485) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وهو بتمامه في "مسند أحمد"(14205)، و "صحيح ابن حبان "(2112) و (2114).
وانظر ما سيأتي برقم (606).
قوله: "فصرعه" أي: أسقطه."على جِذمِ نخلة" أي: أصل نخلة.
وقوله: "فانفكت قدمُه" قال في "عون المعبود" 2/ 220: انفك العظم، أي: انتقل من مفصله، قال الحافظ زين الدين العراقى في "شرح الترمذي": هذه الرواية لا تنافى الرواية التي قبلها، إذ لا مانع من حصول خدش الجلد وفك القدم معاً، قال: ويحتمل أنهما واقعتان.
والمَشربة، بفتح الراء وضمها: الغرفة.
عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا كبّر فكبّروا، ولا تُكبّروا حتَّى يُكبّر، وإذا ركعَ فاركعوا، ولا تركعوا حتَّى يركعَ، وإذا قال: سمعَ اللهُ لمن حَمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربنا لك الحمدُ -قال مسلم: ولك الحمدُ-، وإذا سجدَ فاسجُدوا، ولا تسجدوا حتَّى يسجُدَ، وإذا صلَّى قائماً فصلُّوا قياماً، وإذا صلَّى قاعداً فصلُّوا قُعوداً أجمعين"
(1)
.
قال أبو داود: "اللهم ربنا لك الحمدُ": أفهمني بعضُ أصحابنا عن سليمان.
604 -
حدَّثنا محمّد بن آدم المِصّيصىّ، حدَّثنا أبو خالدٍ، عن ابن عَجلان، عن زيد بن أسلَمَ، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به" بهذا الخبر، زاد:"وإذا قرأ فإنصِتُوا"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل مصعب بن محمَّد، وباقي رجاله ثقات. وهيب: هو ابن خالد، وأبو صالح ، هو ذكوان السمان.
وأخرجه مسلم (415)، وابن ماجه (960) من طريقين عن أبي صالح، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة.
وهو في "مسند أحمد"(8502).
وأخرجه البخارى (722) و (734)، ومسلم (414) و (416) و (417)، وابن ماجه (1239) من طرق عن أبى هريرة.
وهو في "مسند أحمد"(7144)، و"صحيح ابن حبان"(2107) و (2115).
وانظر ما بعده، وما سيأتى برقم (848).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، أبو خالد -وهو سليمان بن حيان الأحمر- وابن عجلان -وهو محمَّد- صدوقان لا بأس بهما. وتوهم المصنف أبا خالد الأحمر=
قال أبو داود: وهذه الزيادة: "وإذا قرأ فأنصِتُوا" ليست بمحفوظة الوهم عندنا من أبي خالد.
605 -
حدَّثنا القَعنَبى، عن مالك، عن هشام بن عُروة، عن أبيه
عن عائشةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيته وهو جالس فصلى وراءَه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلِسُوا،
= في قوله: "وإذا قرأ فأنصتوا" فيه نظر، كما قال المنذري في "تهذيب السنن" 1/ 313، فقد تابعه عليها محمَّدُ بن سعد الأنصاري عند النسائي فى "الكبرى"(996)، ومحمد ابن ميسر الصاغاني عند أحمد (8889)، وإسماعيل بن أبان الغنوي عند الدارقطني (1245)، والبيهقى 2/ 156. ومحمد بن سعد ثقة، أما الصاغاني والغنوي فضعيفان.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(995)، وابن ماجه (846) من طريق أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.
وهو فى "مسند أحمد"(8889).
ولهذه الزيادة شاهد مِن حديث أبي موسى الأشعري سيأتي برقم (973)، عند المصنف.
وقد صحح هذه الزيادة الإمام مسلم فى "صحيحه" وإن لم يخرجها فيه بإثر حديث أبي موسى (404)(63)، فقال له أبو بكر بن أخت أبي النضر: فحديث أبي هريرة، فقال: هو صحيح يعني "وإذا قرأ فأنصتوا" فقال هو عندي صحيح، فقال: فلم لم تضعه ها هنا؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه.
وقد صححه الإمام الطبري في "تفسيره" 9/ 166، والحافظ المنذري فى "تهذيب السنن" 1/ 313، والحافظ ابن حجر فى "فتح الباري" 1/ 242، وابن حزم في "المحلى" 210/ 3.
وذكر الحافظ ابن عبد البر فى "التمهيد" 11/ 34 بسنده إلى أحمد بن حنبل أنه صحح حديثى أبي موسى وأبي هريرة.
فلما انصَرَفَ قال: "إنما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به، فإذا ركعَ فاركعُوا، وإذا رفعَ فارفَعُوا، وإذا صلّى جالساً فصلّوا جُلوساً"
(1)
.
606 -
حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد ويزيدُ بن خالد بن مَوهَب -المعنى-، أنّ الليثَ حدثهم، عن أبي الزُّبير
عن جابر قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم، فصَلَّينا وراءَه وهو قاعِد، وأبو بكر يكبرُ ليُسمعَ الناسَ تكبيرَه. ثمَّ ساق الحديث
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو في "موطأ مالك" 1/ 135، ومن طريقه أخرجه البخاري (686) و (1113) و (1236).
وأخرجه البخاري (5658)، ومسلم (412)، والنسائى في "الكبرى"(7472)، وابن ماجه (1237) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(24250) و (25149)، و "صحيح ابن حبان"(2104).
(2)
إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزُّبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرس المكي.
وأخرجه مسلم (413)، والنسائي في "الكبرى"(540) و (875) و (1124)، وابن ماجه (1240) من طريقين عن أبي الزُّبير، به.
وهو في "مسند أحمد"(14590)، و "صحيح ابن حبان"(2122).
وانظر ما سلف برقم (602).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 177/ 2: لم يكن هذا في مرض موته صلى الله عليه وسلم، وإنما كان ذلك حين سقط عن الفرس كما في رواية أبي سفيان عن جابر [وهي ما سلف برقم (602)]، إلا أن ابن حبان تمسّك بقوله:"وأبو بكر يُسمع الناس التكبير" وقال: إن ذلك لم يكن إلا في مرض موته، لأن صلاته في مرضه الأول كانت في مَشرُبة عائشة، ومعه نفر من أصحابه، لا يحتاجون إلى من يُسمعهم تكبيره، بخلاف صلاته في مرض موته، فإنها كانت في المسجد بجمع كثير من الصحابة، فاحتاج أبو بكر أن يُسمعهم التكبير. انتهى. ولا راحة له فيما تمسَّك به، لإن إسماع التكبير في هذا لم=
607 -
حدَّثنا عَبدة بن عبد الله، أخبرنا زيد -يعني ابنَ الحُبَاب-، عن محمّد بن صالح، حدَّثني حُصَين من ولد سعدِ بن معاذ
عن أُسيد بن حُضَير أنه كان يَؤُمهم، قال: فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعودُه، فقالوا: يا رسولَ الله، إن إمامَنا مَريضٌ، فقال:"إذا صلَّى قاعِداً فصَلوا قُعوداً"
(1)
.
=يتابع أبا الزُّبير عليه أحد، وعلى تقدير أنه حفظه فلا مانع أن يُسمعهم أبو بكر التكبير في تلك الحالة، لأنه يحمل على أن صوته كان خفياً من الوجع، وكان من عادته أن يجهر بالتكبير، فكان أبو بكر يجهر عنه بالتكبير لذلك، ووراء ذلك كله أنه أمر محتمل لا يُترك لأجله الخبر الصريح بأنهم صلوا قياماً.
(1)
إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن صالح، وحصين -وهو ابن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ- روى عنه جمع، وقال أبو داود في رواية الآجري عنه: حسن الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، إلا أنه لم يدرك أسيد بن حضير المتوفى سنة 20هـ.
وأخرجه الحاكم 289/ 3 من طريق محمَّد بن طلحة التيمي، عن محمَّد بن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن أسيد بن حضير، فذكره. ومحمد بن الحصين له ترجمة في "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 62، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 7/ 235، و"الثقات" لابن حبان 9/ 33، ولم يذكروا في الرواة عنه غير التيمي، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً. أما جده عبد الرحمن فوثقه أبو زرعة ونصَّ على سماعه من عمر.
وأخرجه البخارى في "التاريخ الكبير" 208/ 7 من طريق علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن كثير بن السائب، عن محمود بن لبيد قال: كان أسيد بن حضير يؤم قومه، فمرض أياماً، فوجد من نفسه خفة، فخرج فصلى بنا قاعداً، لم يذكر عيادة النبي صلى الله عليه وسلم له. وكثير بن السائب فيه جهالة.
وأخرجه الدارقطني (1480) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن كثير، به موقوفاً أيضاً.=