الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الولاء
قال: الولاء نوعان ولاء عتاقة ويسمى ولاء نعمة، وسببه العتق على ملكه في الصحيح، حتى لو عتق قريبه عليه بالوراثة كان الولاء له وولاء موالاة، وسببه العقد، ولهذا يقال: ولاء العتاقة، وولاء الموالاة،
ــ
[البناية]
[كتاب الولاء]
[تعريف الولاء وأنواعه]
م: (كتاب الولاء) ش: أورده عقيب المكاتب؛ لأنه من آثار زوال ملك الرقبة، قيل: الإعتاق أيضا زوال ملك الرقبة فكان ينبغي أن يذكر عقيبه. أجيب بأن فيه أثرا من آثار المكاتب وهو المرجح لإيراده هاهنا دون عقيب الإعتاق، ثم الولاء والولاية بالفتح النصرة والمحبة، إلا أنه اختص في الشرع بمولى العتق، والموالاة اشتقاقه من الولي وهو القرب، وحصل الثاني بعد الأول من غير فصل. وفي عرف الفقهاء عبارة عن تناصر يوجب الإرث والعقل.
م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله م: (الولاء نوعان ولاء عتاقة) ش: أي أحدهما ولاء عتاقة، وتنوع الولاء إلى نوعين باختلاف السبب م:(ويسمى) ش: أي ولاء العتاقة م: (ولاء نعمة) ش: اقتداء بكتاب الله تعالى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37](سورة الأحزاب الآية: 37) أي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالإعتاق، والآية في زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
م: (وسببه) ش: أي سبب ولاء العتاقة م: (العتق على ملكه في الصحيح) ش: احترز بالصحيح عن قول أكثر أصحابنا حيث قالوا: إن سببه الإعتاق مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» وجه الصحيح ما أشار إليه بقوله م: (حتى لو عتق قريبه عليه) ش: أي على الشخص م: (بالوراثة) ش: بأن ورث ابنه وأباه م: (كان الولاء له) ش: أي للذي ورثه ولا إعتاق هنا، فعلم أن السبب هو العتق والحكم يضاف إلى سببه، يقال: ولاء العتاقة، ولا يقال ولاء العتاق.
وقال الأترازي: استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» ضعيف فإن من يملك القريب يعتق عليه ويثبت الولاء بإجماع أهل العلم وفيه نظر؛ لأن عندهم إذا ملك قريبه يعتق عليه، ولا يثبت الولاء لعدم الإعتاق، نص عليه تاج الشريعة وغيره، فكيف يقول: ويثبت الولاء بإجماع أهل العلم. والأوجه أن يقال: جعل العتق سببا أولى لعمومه بخلاف الإعتاق، ولأن في الإعتاق عتقا بدون عكس، والاستدلال بما فيه العموم أولى.
م: (وولاء موالاة) ش: أي النوع الثاني: ولاء موالاة وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى م:
والحكم يضاف إلى سببه والمعنى فيهما التناصر، وكانت العرب تتناصر بأشياء. وقرر النبي عليه الصلاة والسلام تناصرهم بالولاء بنوعيه، فقال صلى الله عليه وسلم:«إن مولى القوم منهم وحليفهم منهم»
ــ
[البناية]
(وسببه) ش: أي ولاء الموالاة م: (العقد، ولهذا يقال: ولاء العتاقة وولاء الموالاة) ش: بإضافة الولاء إلى العتاقة والموالاة م: (والحكم يضاف إلى سببه) ش: كما عرف في الأصول م: (والمعنى فيهما التناصر) ش: هذا بيان مفهومهما الشرعي، أراد أن الولاء في الشرع عبارة عن التناصر، سواء كان ذلك ولاء عتاقة أو ولاء موالاة ومن آثار التناصر العقد والإرث.
ثم أشار إلى بيان ذلك بقوله م: (وقد كانت العرب تتناصر بأشياء) ش: بالقرابة والصداقة والمؤاخاة والحلف والعصبية وولاء العتاقة وولاء الموالاة.
م: (وقرر النبي عليه الصلاة والسلام تناصرهم بالولاء بنوعيه) ش: وهما ولاء العتاقة وولاء الموالاة ثم فسر ذلك بقوله م: (فقال صلى الله عليه وسلم «إن مولى القوم منهم وحليفهم منهم» ش: هذا الحديث رواه أربعة من الصحابة رضي الله عنهم:
الأول رفاعة بن رافع الزرقي روى حديثه أحمد في "مسنده " وابن أبي شيبة في "مصنفه " في كتاب "الأدب" حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن أبي عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبد الله بن رفاعة أي رافع الزرقي عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مولى القوم منهم وابن أختهم منهم وحليفهم منهم» ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الطبراني في "معجمه " ورواه الحاكم في "المستدرك " في تفسير سورة الأنفال، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ورواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب ثنا عمرو بن خالد الحراني ثنا زهير ثنا عبد الله بن
والمراد بالحليف مولى الموالاة لأنهم كانوا يؤكدون الموالاة بالحلف
ــ
[البناية]
عثمان به، وذكر فيه قصة ولفظه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر:"اجمع لي قومك" فجمعهم فلما حضروا باب النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر رضي الله عنه فقال قد جمعت لك قومي فسمع ذلك الأنصار فقالوا قد نزل في قريش الوحي فجاء المستمع والناظر يسمعون ما يقال لهم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقام بين أظهرهم فقال: "هل فكيم من غيركم"، قالوا: نعم فينا حليفنا وابن أخينا وموالينا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حليف القوم..» إلى آخره، ورواه أحمد أيضا ثنا عفان ثنا بشر بن المفضل ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم به.
الثاني: أبو هريرة رضي الله عنه روى حديثه البزار في "مسنده " ثنا رزيق بن البخت ثنا محمد بن عمرو بن وائل عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حليف القوم منهم وابن أخيهم منهم» .
الثالث: عمرو بن عوف، روى حديثه الدارمي وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم والطبراني في "معجمه " من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عمرو بن عوف «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا معهم فدخل بينهم ثم قال:"ادخلوا علي ولا يدخل علي إلا قرشي" قال فتسللت فدخلت فقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر قريش هل معكم أحد ليس منكم"، قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: معنا ابن الأخت والمولى والحليف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابن أخت القوم منهم وحليفهم منهم ومولاهم منهم» ومن طريق ابن أبي شيبة رواه إبراهيم الحربي في كتابه " غريب الحديث ".
الرابع: عتبة بن غزوان روى حديثه الطبراني في "معجمه ": ثنا الحسن بن على العمر، ثنا عبد الملك بن بشير الشامي، ثنا عمر أبو حفص، ثنا عتبة بن غزوان عن أبيه ابن غزوان «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لقريش:"هل فيكم من ليس منكم" قالوا: ابن أختنا عتبة بن غزوان، قال:"ابن أخت القوم منهم، وحليف القوم منهم» ورواه ابن سعد في " الطبقات " أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدي عن عتبة بن غزوان فذكره، فهذه الأحاديث ترد على أبي الحسن بن الغر حيث يقول في كتابه " التنبية على مشكلات الهداية " الثابت مولى القوم منهم، وأما قوله وحليف القوم منهم فلا تعرف في كتب الحديث هذه الزيادة.
م: (والمراد بالحليف مولى الموالاة لأنهم كانوا يؤكدون الموالاة بالحلف) ش: أي المراد بقوله صلى الله عليه وسلم «وحليفهم هو مولى الموالاة» ولقائل أن يقول لا نسلم أن يكون المراد بالحليف مولى الموالاة ومن أين علم أنهم كانوا يؤكدون الموالاة بالحلف، بل الحلف أنهم كانوا يتحالفون على أن يكونوا يدا