الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيادة الألم من غير حاجة، فصار كما إذا جرحها ثم قطع الأوداج، وإن ماتت قبل قطع العروق لم تؤكل لوجود الموت بما ليس بذكاة فيها.
قال: وما استأنس من الصيد فذكاته الذبح، وما توحش من النعم فذكاته العقر والجرح، لأن ذكاة الاضطرار إنما يصار إليها عند العجز عن ذكاة الاختيار على ما مر. والعجز متحقق في الوجه الثاني دون الأول وكذا ما تردى من النعم في بئر ووقع العجز عن ذكاة الاختيار لما بينا. وقال مالك رحمه الله: لا يحل بذكاة الاضطرار في الوجهين
ــ
[البناية]
التعمد. وكذلك قال أبو سيف رحمه الله م: (لتحقق الموت بما هو ذكاة) ش: وهو قطع العروق، وبه قال أحمد ومالك - رحمهما الله -، وحكي عن علي، وابن المسيب - رحمهما الله - أنها لا تؤكل. قلنا: عموم الأحاديث، وتحقيق الذكاة.
م: (ويكره) ش: هذا لفظ القدوري م: (لأن فيه زيادة الألم من غير حاجة، فصار كما إذا جرحها ثم قطع الأوداج) ش: حيث يحل ويكره م: (وإن ماتت قبل قطع العروق لم تؤكل لوجود الموت بما ليس بذكاة فيها) ش: أي الشاة.
وفي " شرح الكافي ": قال الفقيه أبو بكر الأعمش: وإنما لو كانت تعيش قبل قطع العروق أكثر ما يعيش المذبوح حتى يحل قطع العروق ليكون الموت مضافا إليه، أما إذا كانت لا تعيش إلا كما يعيش المذبوح فإنه لا يحل؛ لأنه يحصل الموت مضافا إلى الفعل السابق فلا يحل.
[ذكاة ما استأنس من الصيد]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وما استأنس من الصيد فذكاته الذبح) ش: وهو أي الذي استأنس أي الحيوان الذي صار أنيسا لبني آدم في البيوت ثم أريد ذبحه فذكاته الذبح وهو ما بين اللبة، واللحيين؛ لأنه صار كالشاة.
م: (وما توحش من النعم فذكاته العقر والجرح) ش: أي والحيوان الذي صار وحشيا بأن اختلط بالموحش بالبوادي من النعم وهي الإبل والبقر والغنم. وكلمة من في الموضعين للبيان، لأنه صار كالوحشي. وذكاة الوحشي بالعقر، والجرح كيفما اتفق م:(لأن ذكاة الاضطرار إنما يصار إليها عند العجز عن ذكاة الاختيار على ما مر) ش: أشار به إلى قوله: والثاني كالبدل من الأول. اهـ. م: (والعجز متحقق في الوجه الثاني) ش: وهو توحش النعم م: (دون الأول) ش: وهو إيناس الصيد.
م: (وكذا ما تردى من النعم في بئر) ش: أي سقط بأن وقع الجمل، أو البقر، أو الشاة في بئر م:(ووقع العجز عن ذكاة الاختيار لما بينا) ش: أشار به إلى قوله: لأن ذكاة الاضطرار إنما يصار إليه عند العجز، وبقولنا قال الشافعي، وأحمد، والثوري رحمهم الله م:(وقال مالك رحمه الله: لا يحل بذكاة الاضطرار في الوجهين) ش: يعني في الاستئناس الصيد وتوحش النعم.
لأن ذلك نادر، ونحن نقول: المعتبر حقيقة العجز وقد تحقق فيصار إلى البدل، كيف وأنا لا نسلم الندرة بل هو غالب
ــ
[البناية]
وبقوله قال الليث وربيعة م: (لأن ذلك نادر) ش: فلا يتغير عن حكمه الأصلي.
م: (ونحن نقول: المعتبر حقيقة العجز، وقد تحقق فيصار إلى البدل، كيف وأنا لا نسلم الندوة بل هو غالب) ش: يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن لها أوابد كأوابد الوحش» يعني أن لها توحش كتوحش الوحش، فقد اعتبر التوحش.
فإن قلت: روي أن ناضحًا وقع في بئر، فسئل سعيد بن المسيب رحمه الله: أو ننحر من مؤخره وكان رأسه في السفل، فقال: لا إلا في نحر إبراهيم عليه السلام.
قلت: وروى مسلم عن زائدة: أخبرنا سعيد بن مسروق عن عباية عن جده قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فأصاب الناس جوع شديد فأصابوا إبلا وغنما، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات القوم، فعجلوا وذبحوا وقد نصبت القدور، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفيت، ثم قسم بينهم فعدل عشرا من الغنم ببعير فند بعير من إبل القوم، وليس في القوم إلا خيل يسيرة، فرماه رجل بسهم فحبسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم منها، فاصنعوا به هكذا» .
وأخرجه البخاري رحمه الله أيضا بإسناده إلى عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى محمد رحمه الله في كتاب " الأصل "، وفي كتاب " الآثار " أيضا: أخبرنا أبو حنيفة عن سعيد بن مسروق عن عباية أبو رفاعة عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أن بعيرا تردى في بئر بالمدينة، فلم يقدر على نحره فوخز بسكين من قبل خاصرته حتى مات، فأخذ منه ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عشيرا بدرهمين.
وقال محمد أيضا: أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد عن إبراهيم في مترد في بئر على إذا لم يقدر على منحره فحيث ما جاءت فهو منحره. وقال محمد رحمه الله: وبه أخذ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله.
وقال البخاري رحمه الله في " صحيحه ": ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش، وأجازه ابن مسعود رضي الله عنه، وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردى في بئر من حيث قدرت، ورأى ذلك علي، وعمر، وعائشة رضي الله عنهم: إلى هنا لفظ البخاري في " صحيحه "، فإذا كان كذلك فالتمسك بقول ابن المسيب بعيدا جدا قوله: فأكفيت أي أفرغت، قوله: فند بعير أي شذ وهرب، قوله: عشيرا بفتح العين المهملة، وكسر الشين المعجمة.
وفي الكتاب: أطلق فيما توحش من النعم. وعن محمد رحمه الله: أن الشاة إذا ندت في الصحراء، فذكاتها العقر. وإن ندت في المصر لا تحل بالعقر لأنها لا تدفع عن نفسها. فيمكن أخذها في المصر فلا عجز، والمصر وغيره سواء في البقر والبعير لأنهما يدفعان عن أنفسهما فلا يقدر على
ــ
[البناية]
وقال خواهر زاده في " شرحه ": فقد اختلفوا في تفسير العشير، قال بعضهم: هو العشر؛ لأن العشر أو العشير سواء كالنصف والنصيف، وقال بعضهم: العشير الأمعاء. قال الأترازي: هذا تفسير ما صح عندي، وما وجدته في كتب اللغة. قلت: لعل هذا عشارة بضم العين وهي القطعة من كل شيء، وهو المناسب هنا على ما لا يخفى، ويكون وقع فيه التصحيف من النساخ.
م: (وفي الكتاب أطلق فيما توحش من النعم) ش: أي في " مختصر القدوري " رحمه الله أطلق الحكم، ولم يفصل بين الند في الصحراء، وفي المصر. م:(وعن محمد رحمه الله: أن الشاة إذا ندت في الصحراء فذكاتها العقر، وإن ندت في المصر لا تحل بالعقر؛ لأنها لا تدفع عن نفسها فيمكن أخذها في المصر فلا عجز. والمصر وغيره سواء في البقر والبعير لأنهما يدفعان عن أنفسهما فلا يقدر أخذهما، وإن ندا في المصر فيتحقق العجز) ش: لأن البقر يدفع بقرته، والبعير بشفره ونابه، ويخاف القتل منهما فيقع العجز عن ذكاة الاختيار فيهما.
وفي " العيون ": قال محمد رحمه الله في رجل رمى حمامة أهلية في الصحراء، وسمى فلا تؤكل لأنه ما [
…
] إلى المنزل إلا لأن تكون حمامة لا تهتدي إلى منزلها.
وروى ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله في البعير أو الثور يند فلا يقدر على أخذه قال: إن علم أنه لا يقدر على أخذه إلا أن يجتمع لها جماعة كثيرة فله أن يرميه، وأما الشاة فلا يجوز إذا كانت في المصر؛ لأن البعير يند ويصول ويمتنع. والثور نطيح فيمتنع، وفي الأصل: أرأيت إن أصاب قرن البعير أو الظلف سهما هل يؤكل؟ قال: إن دمي حل، وإن لم يدم لا يحل.
وفي " النوادر ": دجاجة تعلقت بشجرة لا يصل إليها صاحبها فرماها، فقال: إن كان يخاف فوتها يؤكل وإلا لا. وفي " النوازل ": بقرة تعسرت عليها الولادة فأدخل صاحبها يده، وذبح الولد، حل أكله، وإن جرح في غير موضع الذبح إن كان لا يقدر على مذبحه يحل أيضا، وإن كان لا يقدر لا يحل.
م: (والصيال كالند) ش: وفي بعض النسخ: كالند، والصيال الجملة م: (إذا كان لا يقدر على