الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو إنهار الدم المسفوح والتوحية في إخراج الروح لأنه لا يحيى بعد قطع مجرى النفس أو الطعام ويخرج الدم بقطع أحد الودجين فيكتفى به تحرزا عن زيادة التعذيب، بخلاف ما إذا قطع النصف لأن الأكثر باق فكأنه لم يقطع شيئا احتياطا لجانب الحرمة.
قال: ويجوز
الذبح بالظفر والسن والقرن
إذا كان منزوعا.
ــ
[البناية]
بقطعها م: (وهو) ش: أي المقصود م: (إنهار الدم المسفوح) ش: أي إسالته. م: (والتوحية في إخراج الروح) ش: أي الإسراع، والتعجيل في إزهاق الروح وهو بالحاء المهملة من وحاه توحية إذا عجله، ومنه موت وحي أي سريع والوحا بالمد والقصر السرعة م:(لأنه) ش: أي لأن الحيوان م: (لا يحيى بعد قطع مجرى النفس أو الطعام ويخرج الدم بقطع أحد الودجين) ش: فلا يحتاج إلى قطع الآخر لحصول المقصود بأحدهما.
م: (فيكتفى به تحرزا عن زيادة التعذيب) ش: أي اكتفي بقطع أكثر الأربعة للاحتراز عن زيادة تعذيب الحيوان؛ لأن المقصود إذا حصل بالثلاثة يكون قطع الزائد زيادة في تعذيب الحيوان بلا فائدة؛ لأن ما هو المقصود من قطع الودجين يحصل بقطع أحدهما وهو التوحية لأن مجرى النفس إذا انقطع انقطع مجرى الطعام والشراب، يموت الحيوان من ساعته، مقام الثلاثة من الأربعة في تحصيل ما هو المقصود من قطع الأربعة مقام الكل.
م: (بخلاف ما إذا قطع النصف) ش: هذا يتعلق بقوله: فيكتفى به، يعني إذا قطع نصف الأربعة لا يكتفى به ولا يحل م:(لأن الأكثر) ش: أي أكثر المرخص وهو الثلاثة م: (باق فكأنه لم يقطع شيئا) ش: لأن الاثنين لما كانا باقيين كان أكثر [......] وهو الثلاثة باقيا فلا يحل وقيل: لما كان جانب الحرمة مرجحا كان للنصف الباقي حكم الأكثر، فكأنه لم يقطع شيئا، وربما لوح لهذا بقوله: م: (احتياطا لجانب الحرمة) ش: أي لأجل الاحتياط لجانب الحرمة.
فإن قلت: كيف قال لأن الأكثر باق، والشيء إنما يكون أكثر إذا كان ما يقابله قليلا، وهذا القائل للنصف فلا يكون قليلا فلا يكون الباقي كثيرا.
قلت: الشرط قطع الثلاثة إذ المقصود من قطع العروق أنها لازم التوحية. ويحصل ذلك بقطع الثلاثة فاكتفي به، فتركت الواحدة من الأربعة، وإذا ترك الاثنين غير مقطوعين يكون الباقي أكثر من المشروط فافهم.
[آلة الذبح]
[الذبح بالظفر والسن والقرن]
م: (قال: ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعا) ش: أي قال في " الجامع الصغير ": وصورتها فيه: محمد رحمه الله عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمه الله في الرجل يذبح الشاة بظفر منزوع، أو بقرن، أو عظم، وسن منزوعة فينهر الدم ويفري الأوداج، قال: أكره
حتى لا يكون بأكله بأس إلا أنه يكره هذا الذبح. وقال الشافعي رحمه الله: المذبوح ميتة لقوله عليه الصلاة والسلام: «كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج ما خلا الظفر والسن فإنهما مدى الحبشة» . ولأنه فعل غير مشروع، فلا يكون ذكاة كما إذا ذبح بغير المنزوع. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:«أنهر الدم بما شئت» . ويروى «أفر الدم بما شئت»
ــ
[البناية]
هذا الذبح وإن فعل فلا بأس م: (حتى لا يكون بأكله بأس إلا أنه يكره هذا الذبح) ش: وبه قال مالك رحمه الله في رواية.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: المذبوح ميتة) ش: أي المذبوح بهذه الأشياء ميتة، وبه قال أحمد رحمه الله: م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج، ما خلا الظفر والسن فإنهما مدى الحبشة» ش: هذا الحديث ملفق من حديثين: الأول: ما رواه الأئمة في الستة من حديث «رافع بن خديج، قال: كنا مع النبي في سفر، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا نكون من المغازي فلا يكون معنا مدى فقال: " ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكلوا، ما لم يكن سنا أو ظفرا، وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة» . أخرجوا هذا الحديث مختصرا، ومطولا.
الثاني: رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عمن حدثه «عن رافع بن خديج قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليطة فقال: " كل ما أفرى الأوداج إلا سنا أو ظفرا» .
والعجب من الأترازي رحمه الله حيث ذكر حديث رافع هذا في الاحتجاج للشافعي رحمه الله ولم يبينه لتلفيق الحديث الذي ذكره المصنف ثم قال: بيانه أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى الظفر والسن من الآلات التي يقطع بها الجرح، ولم يفصل بين القائم والمنزوع فلم يجز الذبح بهما مطلقا «كل ما أنهر الدم» على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه ومعناه: كل ما أنهر دمه إطلاقا لاسم الحال على المحل في قوله سبحانه وتعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ} [الأعراف: 31] معناه كل ما تحقق فيه إنهار الدم قوله مدى الحبشة، بضم الميم جمع مدية بالضم أيضا وهي سكين القصاب.
م: (ولأنه فعل غير مشروع، فلا يكون ذكاة كما إذا ذبح بغير المنزوع) ش: أي ولأن الذبح بالظفر والسن المنزوعين غير مشروع فإذا لم يكن ذكاة تكون ميتة م: (ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: «أنهر الدم بما شئت» ويروى: «أفر الدم بما شئت» ش: قد مر الكلام في هذا الحديث عن قريب،
وما رواه محمول على غير المنزوع فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك
ــ
[البناية]
والأحسن أن يستدل لأصحابنا بما رواه البخاري في " صحيحه ".
وقال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا معمر عن عبيد الله عن نافع قال: سمعت ابن كعب بن مالك «عن ابن عمر أن أباه أخبره أن جارية لهم ترعى بسلع فأبصرت بشاة من غنمها موتها فكسرت حجرا فذبحتها فقال لأهله: لا تأكلوا حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حتى أرسل إليه من يسأله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أو بعث إليه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأكلها» .
وجه الاستدلال: أن الأصل في النصوص التعليل، والحجر يصلح آلة للذبح لمعنى الجرح فكذا الظفر المنزوع، والسن المنزوعة بخلاف غير المنزوع، فإنه لا يصلح آلة لكونه مدى الحبشة، وهو مجمل الحديث الأول.
م: (وما رواه) ش: أي الشافعي رحمه الله م: (محمول على غير المنزوع، فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك) ش: إظهارا للجلادة. فإنهم لا يقتلعون ظفرا، ويحدون الأسنان بالمبرد، ويقاتلون بالخدش والعض. هكذا ذكره النسفي رحمه الله. وفي " الأسرار ": لو لم يكن تعليله صلى الله عليه وسلم: «فإنها مدى الحبشة» غير المنزوع لأن السن والظفر مطلقا يذكره ويراد به غير المنزوع، أما المنزوع بذكر مقيد، يقال: سن منزوع، والظفر المنزوع ولم يذكر مطلقا.
أما القرن ينبغي أن لا يكره، بالنظر إلى تعليله صلى الله عليه وسلم وقد قال ابن القطان رحمه الله بعد أن ذكر حديث الشافعي رحمه الله المذكور الذي أخرجه مسلم رحمه الله من حديث سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خريج رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث فيه شك في شيئين في اتصاله، وفي قوله:«أما السن فعظم» هل هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أم لا. فقد روى أبو داود رحمه الله عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق، وسفيان الثوري رحمه الله عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده «رافع ابن خديج رحمه الله، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول الله: إنا ملاقو العدو غدا، وليس عندنا مدى أفنذبح بالمروة وشقة العصا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا» .
قال رافع: سأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة، قال: فهذا كما ترى فيه زيادة رفاعة بن عباية وجده رافع، وفيه بيان قوله: أما السن فمن كلام رافع، وليس في حديث مسلم رحمه الله من رواية الثوري وأخيه عن أبيهما ذكر لسماع عباية من جده رافع