الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعلم أن المزارعة لغة: مفاعلة من الزرع، وفي الشريعة: هي عقد على الزرع ببعض الخارج وهي فاسدة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: جائزة.
ــ
[البناية]
ذلك المكان في ذلك الوقت إذ قال ذلك لبيان التقدير إذ تغير بيان التقدير المزارعة فاسدة بالإجماع وذكر الخصاف في كتاب "الحيل": الحيلة في جواز المزارعة على مذهب أبي حنيفة فقال: الحيلة في المزارعة أن يأخذها مزارعة ثم يتنازعا إلى قاض يرى المزارعة جائزة فيحكم بجوازها عليها فيجوز ذلك إذا قض قاض عليها بأبعاد هذه المزارعة فيجوز إقرارهما بالمزارعة عليهما، انتهى.
وقال الإمام الأسبيجابي في شرح الطحاوي ": ثم الحيلة لأبي حنيفة في جواز المعاملة، والمزارعة أن يستأجر العامل بأجرة معلومة إلى مدة، فإذا انقضت تلك المدة استوجب الأجرة سواء حصل هناك خارج أو لم يحصل، ثم يتراضيا على بعض الخارج مكان الأجرة فيجوز ذلك. فكذلك هنا في المزارعة.
[تعريف المزارعة وحكمها]
م: (اعلم أن المزارعة لغة: مفاعلة من الزرع) ش: قد علم أن باب المفاعلة للمشاركة بين اثنين كالمنازعة، والمخاصمة. وقال ابن الحاجب: وفاعل يشبه أصله إلى أحد أمرين متعلقا بالآخر للمشاركة صريحا فيجيء العكس ضمنا نحو ضاربه وشاركه، فإن ذلك يدل صريحا على نسبة الضرب إلى نفسك متعلقا بالآخر، وضمنا على نسبته إلى الآخر متعلقا بك، ولأجل ذلك جاء غير المتعدي إذا نقل ذلك إلى هذا الباب متعديا نحو لازمة فإن أصله لازم وقد تعدى هاهنا.
وقوله: من الزرع يسير به إلى ثلاثية زرع يزرع زرعا، يقال: زرع أهله الحب إن أنبته ومنه قوله سبحانه وتعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63]{أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64](الواقعة: الآية 63) . وقولهم: زرع الزارع الأرض بمعنى حرثها، وذلك أن يسندها للزراعة من إسناد الفعل إلى السبب فجاز، والزرع مما يستنبط بالبذر. والمزارعة مفاعلة منه وهي معاقدة بين اثنين، وذك أن يدفع الأرض إلى من يزرعها على أن الخارج منها بينهما على ما شرطا، وكذا معناها الشرعي، أشار إليه بقوله:
م: (وفي الشريعة: هي عقد على الزرع ببعض الخارج) ش: يعني هي عقد على الزراعة ببعض ما يخرج من الأرض نحو الثلث، والربع م:(وهي فاسدة عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي الزراعة فاسدة عنده، وقد ذكرناه.
م: (وقالا: جائزة) ش: أي قال أبو يوسف، ومحمد: جائزة، وبه قال أحمد، إذا كان البذر من صاحب الأرض، وكثير من أهل العلم، وهو قول علي، وسعد، وابن مسعود، وقول أبي بكر، وآل علي، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين، وابن المسيب، وطاوس
لما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام عامل أهل خيبر على نصف ما يخرج من ثمر أو زرع،
ــ
[البناية]
وعبد الرحمن بن الأسود، وموسى بن طلحة، والزهري، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وابنه محمد، ومعاذ، والحسن، وعبد الرحمن بن يزيد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
م: (لما روي «أن رسول الله عليه الصلاة والسلام عامل أهل خيبر على نصف ما يخرج من ثمر أو زرع» ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة إلا النسائي، عن نافع، عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع» .
وفي لفظ: «لما فتحت خيبر سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم على أن يعملوا على نصف ما يخرج منها من الثمر، والزرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نقركم فيها على ذلك ما شئنا» ذكره البخاري في مواضع من كتابه، ومسلم، وأبو داود في البيوع، والترمذي، وابن ماجه في الأحكام.
وقال البخاري في "الصحيح ": قال قيس بن مسلم عن أبي جعفر، قال: ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا ويزرعون على الثلث، والربع، وزارع: علي، وسعد بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم، وعروة، وآل أبي بكر، وآل علي، وابن سيرين.
وقال عبد الرحمن بن الأسود: كنت أشارك عبد الرحمن بن يزيد في الزرع. وعامل عمر الناس على أن من جاء بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا، وقال الحسن: لا بأس أن تكون الأرض لأحدهما فيقعان جميعا في خراج فهو بينهما، وروي ذلك عن الزهري، وقال الحسن: لا بأس أن يعطى القطن على النصف.
وقال إبراهيم، وابن سيرين، وعطاء، والحاكم، والزهري، وقتادة: لا بأس بأن يعطى الثوب بالثلث، والربع ونحوه، حدثني إبراهيم بن المنذر، وقال: حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله عن نافع، أن عبد الله بن عمر أخبره «أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج فيها من زرع، أو ثمر، وكان يعطي أزواجه مائة وسق، ثمانون وسقا، وعشرون وسق شعير» إلى هنا لفظ البخاري.
وقال أيضا فيه: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، قال عمرو: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قال: أي عمر: إني أعطيتهم وأغنيهم، فإن أعلمهم أخبرني، يعني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك، ولكن قال:"لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه، خيرا له من أن يأخذ عليها خرجا معلوما".
ولأنه عقد شركة بين المال والعمل، فيجوز اعتبارًا بالمضاربة، والجامع دفع الحاجة فإن ذا المال قد لا يهتدي إلى العمل والقوي عليه لا يجد المال، فمست الحاجة إلى انعقاد هذا العقد بينهما، بخلاف دفع الغنم والدجاج ودود القز معاملة بنصف الزوائد لأنه لا أثر هناك للعمل في تحصيلها فلم تتحقق شركة، وله: ما روي أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن المخابرة وهي المزارعة
ــ
[البناية]
م: (ولأنه) ش: أي ولأن عقد المزارعة م: (عقد شركة بين المال والعمل، فيجوز اعتبارا بالمضاربة) ش: فإنها أيضا عقد شركة بين المال، والعمل من المضارب م:(والجامع) ش: أي وجه القياس على المضارب م: (دفع الحاجة، فإن ذا المال قد لا يهتدي إلى العمل) ش: أي إلى عمل المزارعة فعدم يدريه بذلك م: (والقوي عليه) ش: بالنصب أي وأن القوي على العمل، أي عمل المزارعة م:(لا يجد المال) ش: لفقره وعدم إعطاء الناس له م: (فمست الحاجة إلى انعقاد هذا العقد بينهما) ش: أي إذا كان الأمر كذلك، فقد دعت الضرورة إلى جواز انعقاد عقد المزارعة بين صاحب المال العاجز عن العمل، والفقير القادر على العمل.
م: (بخلاف دفع الغنم والدجاج ودود القز، معاملة بنصف الزوائد) ش: من حيث لا يجوز، وانتصاب معاملة على الحال من الرفع، وأراد بالزوائد الأولاد في الغنم، والأفراخ في الدجاج، والإبريسم في دود القز. وفي " العباب ": القز من الإبريسم معرب؛ لأنه قال الكاكي: الزوائد على تأويل الزائد.
قلت: لا حاجة إلى هذا النفي، بل الضمير فيه للشأن م:(لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (إلا أثر هناك للعمل في تحصيلها) ش: أي في تحصيل الزوائد، أي لا أثر لعمل الراعي، والحافظ في حضور تلك الزوائد، وإنما هي تحصل بالسقي، والرعي، والحيوان يباشرها باختياره فيضاف؛ لأنه فعل فاعل مختار، ولا يضاف إلى غيره م:(فلم تتحقق شركة) ش: أي إذا كان كذلك فلا تتحقق الشركة بين الرافع، والمرفوع، فلا يجوز. بخلاف المضاربة؛ لأن للعمل أثر في الربح فلا يحصل بالضرب في الأرض.
م: (وله) ش: أي لأبي حنيفة م: (ما روي «أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن المخابرة» وهي المزارعة) ش: هذا الحديث رواه جابر، ورافع بن خديج، وزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. أما حديث جابر فأخرجه مسلم عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، والمحاقلة، والمزابنة» . قال عطاء فسرها لنا جابر قال: أما المخابرة فالأرض البيضاء يدفعها الرجل إلى الرجل فينفق فيها، ثم يأخذ من الثمر.
والمحاقلة بيع الزرع القائم بالحب كيلا، والمزابنة بيع الرطب في النخل بالتمر كيلا. وأخرجه الطحاوي أيضا، وقال: حدثنا [
…
] قال: حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن
ولأنه استئجار ببعض ما يخرج من عمله، فيكون في معنى قفيز الطحان. ولأن الأجر مجهول أو معدوم، وكل ذلك مفسد،
ــ
[البناية]
مسلم الطائفي، أخبرني إبراهيم بن ميسرة. أخبرني عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، والمزابنة، والمحاقلة» والمخابرة على الثلث، والربع، والنصف. والمزابنة بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر، وبيع العنب في الشجر بالزبيب والمحاقلة بيع الزرع قائما على أصوله بالطعام كذا فسره الطحاوي.
وفي " الفائق ": المخابرة هي المزارعة على الحرة، وهي النصف، وقال أبو عبيد في " غريب الحديث ": المخابرة هي المضاربة بالنصف. والثلث، والربع وأقل من ذلك وأكثر، وهو الخير أيضا. ثم قال: وكان أبو عبيد يقول: إنما سمي الأكار الخبير لأنه جابر الأرض. والمؤاكرة وهي المخابرة، وقال: ولهذا سمي الأكار؛ لأنه لو أكر. وقال في " مختصر الأسرار ": قال ابن الأعرابي: المخابرة مشتقة من معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، ثم صارت لغة مستعملة.
وأما حديث رافع بن خديج فأخرجه مسلم أيضا «عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: كنا نخابر، ولا نرى بذلك بأسا، حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه فتركناه» .
وأما حديث زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عمر بن أيوب، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن حجاج، عن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة» قلت: وأما المخابرة فهي أن يأخذ الأرض بنصف، أو ثلث، أو ربع، رواه أبو داود في "سننه".
م: (ولأنه) ش: أي: ولأن عقد المزارعة م: (استئجار ببعض ما يخرج من عمله) ش: بدليل أنه لا يصح بدون ذكر المدة، وذلك من خصائص الإجارة م:(فيكون في معنى قفيز الطحان) ش: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان. وقد مر تحقيقه في كتاب الإجارة، وصورته أن يستأجر رجلا ليطحن له كرا من حنطة بقفيز من دقيقها.
م: (ولأن الأجر مجهول) ش: على تقدير وجود الخارج لعدم العلم بأن الثلث، أو الربع يتقدر من الأقفزة عشرة، أو أقل أو أكثر م:(أو معدوم) ش: على تقدير أن لا يخرج من الأرض شيء، أو أصابته آفة م:(وكل ذلك مفسد) ش: أي كل واحد من العلتين مفسد للإجارة م:
ومعاملة النبي عليه الصلاة والسلام أهل خيبر كان خراج مقاسمة بطريق المن والصلح، وهو جائز
ــ
[البناية]
(ومعاملة النبي عليه الصلاة والسلام أهل خيبر كان خراج مقاسمة بطريق المن والصلح، وهو جائز) ش: هذا جواب عما استدلا به من حديث خيبر، وتقريره أنه لم تكن بطريق المزارعة، والمساقاة، بل كانت بطريق الخراج على وجه المن عليهم، والصلح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ملكها غنيمة.
فلو كان أخذها كلها جاز، وتركها في أيديهم بشرط ما يخرج منها فضلا، وكان ذلك خراج مقاسمة، وهو جائز كخراج التوظيف ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في جواز المزارعة، والمعاملة، وخراج المقاسمة أن يوطن الإمام في الخارج شيئا مقدار عشر، أو ثلث، أو ربع، ويشترك الأراضي على ملكهم منا عليهم، فإن لم تخرج الأرض شيئا فلا شيء عليهم، وهذا تأويل صحيح لم ينقل عن أحد من الرواة أنه يضرب في رقابهم أو رقاب أولادهم.
وقال أبو بكر الرازي في شرحه "لمختصر الطحاوي ": ومما يدل على أن ما شرط من نصف التمر. والزرع، وكان على وجه الجزية أنه لم يرد في شيء من الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منهم الجزية إلى أن مات، ولا أبو بكر، وعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إلا بأن أخذاهم ولو لم يكن ذلك الأخذ حين نزلت آية الجزية، والخراج الموظف أن يجعل الإمام في ذمتهم بمقابلة الأراضي شيئا من كل جريب يصلح للزراعة صاعا، ودرهما على ما عرف في كتاب " السير ".
فإن قلت: روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أراضي خيبر على ستة وثلاثين سهما، وهذا يدل على أنها ما كانت خراج مقاسمة.
قلت: إنه يجوز أنه صلى الله عليه وسلم قسم خراج الأرض بأن جعل خراج هذه الأرض لفلان، وخراج هذه لفلان. قلت: روي أن عمر رضي الله عنه -أجلى أهل خيبر ولم يعطهم قسمة الأرض. فيدل ذلك على عدم الملك. قلت: أجاز أنه ما أعطاهم زمان الإجلاء، وأعطاهم بعد ذلك.
فإن قلت: قال ابن قدامة في " المغني ": أحاديث رافع مضطربة تارة يحدث عن بعض عمومته، ومرة عن سماعه، وتارة يقول بقوله: أخبرني عمار، فإذا كانت أخبار رافع هكذا وجب طرحها، ويعمل بالحديث الوارد في شأن خيبر؛ ولأن حديثه فسر بما لا يختلف في فساده، فإنه قال:«كنا نكري الأرض على أن لنا هذه، ولهم هذه، فربما خرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الذهب، والورق فلم ينهنا» . متفق عليه، وفي لفظه: فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس، وهذا خارج عن محل الخلاف فلا دليل ولا تعارض؛ ولأن خبره ورد في الكري بالثلث، أو بالربع، والنزاع في المزارعة، وحديثه الذي فيه المزارعة يحيل على