الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المأذون
الإذن: هو الإعلام لغة. وفي الشرع: فك الحجر وإسقاط الحق عندنا والعبد بعد ذلك يتصرف لنفسه بأهليته لأنه بعد الرق بقي أهلا للتصرف بلسانه الناطق وعقله المميز وانحجاره عن التصرف لحق المولى؛ لأنه ما عهد تصرفه إلا موجبا لتعلق الدين
ــ
[البناية]
[كتاب المأذون]
[تعريف العبد المأذون]
م: (كتاب المأذون) ش: إيراده عقيب الحجر ظاهر التناسب إذ الإذن بعد الحجر.
م: (الإذن هو الإعلام لغة) ش: يعني من حيث اللغة. قال الجوهري: أذن له في الشيء إذنا وأذن بمعنى علم، ومنه قَوْله تَعَالَى:{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] ، وأذنه له أذنا بفتحتين استمع، انتهى.
قال تاج الشريعة: وفيما نحن فيه إعلام؛ لأن المولى يعلم عبده بفك حجره ويعلم الناس بذلك أيضا. وفي " المغرب " الإذن من الإذن هو الاستماع يقال استأذنه فلم يأذن له وهو مأذون له وهي مأذون لها وترك الصلة ليس من كلام العرب كما في المحجور عليه.
م: (وفي الشرع فك الحجر وإسقاط الحق عندنا) ش: أي فك الحجر الثابت بالرق حكما ورفع المانع من التصرف حكما، والمولى إذا إذن لعبده في التجارة فقد أسقط عن نفسه الذي كان للعبد؛ لأنه محجور عن التصرف في مال المولى قبل إذنه فيصير عندنا بمنزلة المكاتب. وعند الشافعي وأحمد وهو إنابة وتوكيل.
وقال الأترازي: وإنما قيد بقوله عندنا احترازا عن قول زفر والشافعي، فإن الإذن عندهما توكيل وإنابة في التصرف. وفائدة الخلاف أن الإذن بالتجارة لا يتخصص حتى لو أذن له في نوع يكون مأذونا في أنواع التجارة عندنا خلافا لهما أو لزفر أيضا كما يجيء إن شاء الله تعالى.
م: (والعبد بعد ذلك) ش: أي بعد إسقاط الحق م: (يتصرف لنفسه بأهليته) ش: فيكون تصرفه لنفسه لا لمولاه بالتوكيل والإنابة م: (لأنه بعد الرق بقي أهلا للتصرف بلسانه الناطق وعقله المميز) ش: أي لأن العبد بعد الرق صار أهلا للتصرفات إذ ركن التصرف كلام معتبر شرعا لصدوره عن مميز ومحل التصرف ذمه صالحة لالتزام الحقوق، وهما لا يفوتان بالرق، إذا صلاحية الذمة للالتزام من كرامات البشرية وبالرق لا يخرج عن كونه بشرا غير أن امتناعه م:(وانحجاره عن التصرف لحق المولى؛ لأنه ما عهد) ش: أي بما عرف م: (تصرفه إلا موجبا لتعلق الدين
برقبته أو كسبه وذلك مال المولى فلا بد من إذنه كيلا يبطل حقه من غيره رضاه ولهذا لا يرجع بما لحقه من العهدة على المولى ولهذا لا يقبل التوقيت حتى لو أذن لعبده يوما كان مأذونا أبدا حتى يحجر عليه
ــ
[البناية]
برقبته أو كسبه وذلك) ش: أي ما ذكر من رقبته أو كسبه م: (مال المولى فلا بد من إذنه كيلا يبطل حقه من غيره رضاه) ش: فإذا أذن فقد رضي بإسقاط حقه.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون صحة تصرفه بأهلية نفسه م: (لا يرجع) ش: أي البعد م: (بما لحقه من العهدة على المولى) ش: لأنه يتصرف في ذمته بإيجاب الثمن فيها حتى لو امتنع عن الأداء حال الطلب حبس وذمته خالص حقه لا محالة، ولهذا لو أقر بالقصاص على نفسه صح، وإن كذبه المولى فكان الشراء حقا له، وهذا المعنى يقتضي نفاذ تصرفاته قبل الإذن أيضا، لكن شرطنا إذنه دفعا للضرر عنه بغير رضاه.
فإن قيل: المأذون عدم أهليته لحكم التصرف وهو الملك، فينبغي ألا يكون أهلا لنفس التصرفات، ولأن التصرفات الشرعية إنما تراد لحكمها وهو ليس بأهل لذلك. أجيب بأن حكم التصرف ملك اليد والرقيق أصيل في ذلك كما أشرنا إليه.
فإن قيل: لو كان العبد بتصرفه بأهليته والإذن فك الحجر لما كان للمولى ولاية الحجر بعده امتناع عن الإسقاط فيما يستقل؛ لأن الساقط لا يعود.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون الإذن إسقاطا عندنا م: (لا يقبل التوقيت حتى لو أذن لعبده يوما كان مأذونا أبدا حتى يحجر عليه) ش: لأن تصرفه بحكم مالكيته الأصلية، وإنها عامة لا تختص بنوع ومكان ووقت.
فإن قيل: قوله فك الحجر وإسقاط الحق مذكور في حيز التعريف فكيف جاز الاستدلال عليه؟. أجيب عنه بجوابين: أحدهما أنه ليس باستدلال، وإنما هو تصحيح النقل بدل يدل على أنه عندنا معروف بذلك. والثاني أنه حكمه الشرعي وهو تعريفه، وكان الاستدلال عليه من حيث كونه حكما لا من حيث كونه تعريفا، لا يقال: لا يصح الاستدلال على عدم التخصيص والتوفيق بإذن الإذن عبارة عن فك الحجر والإطلاق وتمليك اليد، فإن القضاء إطلاق وإثبات للولاية مع أنه قابل للتخصيص.
وكذا الإعارة والإجارة تمليك للمنفعة وإثبات اليد على العين مع أنه قابل للتخصيص؛ لأنا نقول القاضي لا يعمل لنفسه بل هو نائب عن المسلمين، ولهذا يرجع بها لحقه من العهدة في مال المسلمين، بخلاف العبد فإنه لا يرجع على المولى بما لحقه من العهدة.
لأن الإسقاطات لا تتوقت، ثم الإذن كما يثبت بالصريح يثبت بالدلالة كما إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا عندنا، خلافا لزفر والشافعي رحمهما الله.
ــ
[البناية]
وأما المستأجر والمستعير فإنه يتصرف في محل هو ملك الغير بإيجاب صاحب الملك له وإيجابه في ملك نفسه يقبل التخصيص فافهم م: (لأن الإسقاطات لا تتوقت) ش: كالطلاق والعتاق وتأجيل الدين وتأخير المطالبة، إذ الساقط يتلاشى م:(ثم الإذن كما يثبت بالصريح يثبت بالدلالة كما إذا رأى عبده يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا عندنا خلافا لزفر والشافعي رحمهما الله) ش: ومالك وأحمد هذا من باب بيان الضرورة وقد عرف في الأصول.
قالوا السكوت محتمل الرضاء وفرط الغيظ وقلة الالتفات إلى تصرفه لعلمه بكونه محجورا، والمحتمل يكون حجة.
قلنا: جعل سكوته حجة؛ لأنه موضع بيان إذ الناس يعاملون العبد حيث علمهم بسكوت المولى ومعاملتهم قد تفضي إلى لحوق ديون عليه وإذا لم يكن مأذونا تتأخر المطالبة إلى ما بعد العتق وقد يعتق وقد لا يعتق. وفي ذلك إضرار للمسلمين بإيتاء حقهم ولا ضرار في الإسلام، وليس للمولى فيه ضرر يتحقق؛ لأن الدين قد يلحقه وقد لا يلحقه، فكان موضع بيان أنه راض به، والسكوت في موضع الحاجة إلى البيان بيان.
فإن قيل: عين ذلك التصرف الذي رآه من البيع غير صحيح، فكيف يصح غيره، وكذا إذا رأى أجنبيا يبيع من ماله وسكت لم يكن إذنا فما الفرق؟. أجيب بأن الضرورة في التصرف الذي رآه مستحق بإزالة ملكه عما يبيعه في الحال فلا يثبت بسكوته، وليس في ثبوت الإذن في غير ذلك لما قلنا إن الدين قد يلحقه.
ولا يلزم من كون السكوت إذنا بالنظر إلى ضرر متوهم كونه إذنا بالنظر إلى متحقق وهو الجواب عن بيع الأجنبي ماله وفي الرهن لم يكن سكوته إذنا؛ لأن جعله إذنا يبطل ملك المرتهن عن اليد، وقد لا يصل إلى يده من محل آخر، فكان في ذلك ضرر محقق، لا يقال الراهن أيضا يتطور ببطلان ملكه عن الثمن فترجح ضرر المرتهن تحكم؛ لأن بطلان ملكه عن الثمن موقوف؛ لأن بيع المرهون موقوف على ظاهر الرواية وبطلان ملك المرتهن عن البديات فكان أقوى.
وأما الرقيق عبدا كان أو أمة إذا زوج نفسه فإنما لم يصر السكوت فيه إذنا قال بعض الشارحين ناقلا عن " مبسوط شيخ الإسلام "؛ لأن السكوت إنما يصير إذنا وإجازة دفعا للضرر على أحد في نكاح العبد والأمة؛ لأن النكاح يكون موقوفا؛ لأن نكاح المملوك المولى لما فيه من إصلاح ملكه ومنافع بضع المملوكة كذلك، وليس لأحد إبطال ملكه بغير رضاه فكان موقوفا وأمكن فسخه فلا يتضرر به أحد.