الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل قال: وإذا باع دارا إلا مقدار ذراع منها في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا شفعة له لانقطاع الجوار، وهذه حيلة، وكذا إذا وهب منه هذا المقدار وسلمه إليه لما بينا. قال: وإذا ابتاع منها سهما بثمن ثم ابتاع بقيمتها فالشفعة للجار في السهم الأول دون الثاني؛ لأن الشفيع جار فيهما إلا أن المشتري في الثاني شريك فيتقدم عليه، فإن أراد الحيلة
ــ
[البناية]
[فصل الحيل في الشفعة]
[باع دارا إلا بمقدار ذراع منها في طول الحد الذي يلي الشفيع]
م: (فصل)
ش: هذا بيان الحيل التي تبطل بها الشفعة وهو محتاج إليه؛ لأن الشفيع ربما يكون فاسقا مؤذيا أو ظالما متعديا فيحتاج إلى الاجتناب عن جواره.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا باع دارا إلا بمقدار ذراع منها في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا شفعة له لانقطاع الجوار، وهذه حيلة) ش: أي في إسقاط الشفعة م: (وكذا إذا وهب منه هذا المقدار وسلمه إليه) ش: وكذا لا شفعة له إذا وهب منه، أي من فلان هذا المقدار، أي قدر ذراع في طول الحد الذي يلي الشفيع وسلمه إليه، أي إلى الموهوب له مع طريقه حتى تصح الهبة؛ لأن ما وهب مقدار معين، والطريق إذا كان شائعا إلا أنه لا يحتمل القسمة وهبة المشاع فيما لا يحتملها جائزة فيصير شريكا في الطريق ثم يبيع بقية الدار منه بثمن الكل م:(لما بينا) ش: أشار به إلى قوله لانقطاع الجوار.
م: (قال: وإذا ابتاع منها سهما بثمن) ش: أي قال القدوري: وإن اشترى من الدار سهما بثمن معين م: ثم ابتاع بقيتها) ش: أي ثم اشترى بقية الدار م: (فالشفعة للجار في السهم الأول دون الثاني؛ لأن الشفيع جار فيهما، إلا أن المشتري في الثاني شريك فيتقدم عليه) ش: لأن المشتري حيث اشترى الثاني كان هو شريكا؛ لأنه كما اشترى الجزء الأول صار شريكا للبائع فكان عند شراء الباقي شريكا له لا محالة، وحق الشفعة يثبت عند الشراء، وهو عند ذلك شريك، فكان مقدما على الجار.
وقال القدوري في " شرح مختصر الكرخي " قال أبو يوسف: وإن كان المشتري للنصف الثاني غير المشتري للنصف الأول فلم يخاصمه فيه حتى أخذ الجار النصف الأول والجار أحق بالنصف الثاني من المشتري الأول؛ لأن الملك للمشتري الأول زال عن النصف قبل انتقال الشفعة إليه فسقطت شفعته وبقي حق الجار فاستحق النصف الثاني بالجوار كما استحق الأول.
م: (فإن أراد الحيلة) ش: هذه حيلة ترجع إلى تقليد رغبة الشفيع الأول إلى الإبطال؛ لأن
ابتاع السهم بالثمن إلا درهما مثلا، والباقي بالباقي. وإن ابتاعها بثمن ثم دفع إليه ثوبا عوضا عنه فالشفعة بالثمن دون الثوب؛ لأنه عقد آخر والثمن هو العوض عن الدار.
ــ
[البناية]
في الأول ليس للجار أن يأخذ؛ لأن مقدار ذارع من طول حد الشفيع لم يبع م: (ابتاع السهم بالثمن إلا درهما مثلا) ش: أي اشترى السهم الواحد من الدار وهو السهم الذي يلي الشفيع مثلا بالألف إلا درهما م: (والباقي بالباقي) ش: أي وابتاع الباقي من الدار بباقي الثمن وهو الدرهم.
تفسيره ما قاله في " شرح الطحاوي " وهو أن يبيع أولا من الدار أو من الكرم عشرها مشاعا بأكثر من الثمن ثم يبيع تسعة أعشارها ببقية الثمن، حتى إن الشفيع لا يثبت له حق الشفعة إلا في عشرها بثمنه، ولا تثبت له الشفعة في تسعة الأعشار؛ لأن المشتري حين اشترى تسعة أعشارها كان شريكا فيها بالعشر، وهذه الحيلة إنما تكون للخيار أو الخليط؛ لأن الشريك أولى منهما ولا يحتال بها للشريك؛ لأن الشفيع إذا كان شريكا كان له أن يأخذ نصف قيمة الأعشار أيضا بقليل الثمن.
وإن كانت الدار للصغير فإن بيع العشر منهما بكثير الثمن يجوز، وبيع تسعة الأعشار بقليل الثمن لا يجوز؛ لأن بيع مال الصغير بأقل من قيمته قدر ما لا يتغابن الناس فيه لا يجوز، فيكون في هذه الحيل مضرة المشتري وهو أن يلزمه العشر، ولا يجوز شراؤه في تسعة الأعشار. وقد يجوز أن يحتال بهذه الحيلة في دار الصغير وهو أن يبيع من داره جزءا من مائة جزء.
أو يبيع جزءا من ألف جزء وبثمن أكثر من قيمته ثم يبيع بقية الدار بمثل ثمنه، فإنما تثبت له الشفعة في الجزء الأول خاصة، وهذه الحيلة للجار والخليط، فأما إذا كان الشفيع شريكا فإنه يأخذ نصف البقية بنصف.
م: (وإن ابتاعها بثمن ثم دفع إليه ثوبا عوضا عنه فالشفعة بالثمن دون الثوب) ش: هذا لفظ القدوري أيضا وإن اشترى الدار بثمن ثم دفع إلى البائع ثوبا عوضا عن الثمن فالشفعة تكون بالثمن دون الثوب م: (لأنه عقد آخر) ش: أي لأن دفع الثمن عن الثمن عقد آخر م: (والثمن هو العوض عن الدار) ش: فتكون الشفعة بالثمن دون الثوب؛ لأن الشفعة تثبت بمثل الثمن الذي بيعت الدار به. ألا ترى أن البائع لو وهب للمشتري الثمن أو اشترى به دارا أخذها الشفيع بالمسمى حال العقد ولا يأخذ قيمة الدار الثانية لأنها ملكت العقد الثاني، كذلك في مسألتنا.
قال رضي الله عنه: وهذه حيلة أخرى تعم الجوار والشركة فيباع بأضعاف قيمته ويعطى بها ثوب بقدر قيمته، إلا أنه لو استحقت المشفوعة يبقى كل الثمن على مشتري الثوب لقيام البيع الثاني فيتضرر به.
ــ
[البناية]
م: (قال رضي الله عنه: وهذه حيلة أخرى تعم الجوار والشركة) ش: أي قال صاحب " الهداية " هذه المسألة وهي المسألة التي ابتاعها بثمن ثم دفع إليه ثوبا عن الثمن حيلة أخرى يصلح للجوار والشركة، يعني يحتال بها في حق الجوار والشريك بخلاف الحيلتين الأولتين ذكرهما القدوري بقوله: وإذا باع دارا إلا مقدار ذراع.. إلى آخره.
وبقوله: وإن ابتاع منها سهما ثم ابتاع بقيتها.. إلى آخره فإنهما محتال بهما في حق الجار لا الشريك.
ثم بين المصنف رحمه الله كيفية هذه الحيلة بقوله م: (فيباع بأضعاف قيمته) ش: أي يباع المبيع بأضعاف قيمة المبيع م: (ويعطى بها ثوب بقدر قيمته) ش: أي ثم يعطي المشتري بمقابلة ما وجب عليه من أضعاف القيمة ثوبا يكون ذلك الثوب بقدر قيمة المبيع في الواقع بيان، أي يباع المبيع بأضعاف قيمة المبيع، ذلك ما ذكره في " شرح الطحاوي ": أن يبيع ما يساوي ألفا بألفين وينقد من الثمن ألف درهم إلا عشرة دراهم ثم يبيع بألف وعشرة عرضا يساوي عشرة دراهم فحصلت الدار للمشتري بألف درهم في الحاصل، ولكن الشفيع لا يأخذها إلا بألفي درهم.
والأفضل للبائع أن يجعل مكان العرض دينارا يساوي عشرة دراهم، هذا هو الأحوط، حتى إن الدار لو استحقت عن يد المشتري رجع على البائع بمثل ما أعطاه؛ لأنه يبطل الصرف بالاستحقاق.
وهذه الحيلة لجميع الشفعاء لو كان باع ببقية الثمن عوضا سوى الذهب يساوي عشرة دراهم كما ذكرنا، فعند الاستحقاق يرجع المشتري على البائع بألفي درهم ويكون فيه مضرة على البائع.
م: (إلا أنه) ش: استثنى عن قوله: نعم الجوار والشركة أو من قوله، وهذه أخرى، أعني أنها حيلة عامة، إلا أن فيها وهم وقوع الضرر على البائع على تقدير ظهور المستحق يستحق الدار، وهو معنى قوله: م: (لو استحقت المشفوعة) ش: أي الدار المشفوعة م: (يبقى كل الثمن على مشتري الثوب) ش: وهو بائع الدار م: (لقيام البيع الثاني فيتضرر به) ش: أي يتضرر بائع الدار برجوع مشتري الدار عليه بكل الثمن الذي هو أضعاف قيمة الدار، وذلك لأن باستحقاق الدار تبطل المبايعة التي جرت بين مشتري الدار وبائعها في الثوب، فيثبت