الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والباغي والعادل، والحر والعبد إذا كان مأذونا أو مكاتبا.
قال: وإذا ملك العقار بعوض هو مال وجبت فيه الشفعة؛ لأنه أمكن مراعاة شرط الشرع فيه، وهو التملك بمثل ما تملك به المشتري صورة أو قيمته على ما مر.
قال: ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها أو يخالع المرأة بها، أو يستأجر بها دارا أو غيرها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا؛ لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بينا.
ــ
[البناية]
يجب على الصبيان آباؤهم فإن لم يكونوا فأوصياء الآباء، فإن لم يكونوا فالأجداد من قبل الأب، فإن لم يكونوا فأوصياء الأجداد، فإن لم يكونوا فالإمام والحاكم يقيم لهم من ينوب عنهم، وأهل العدل وأهل البغي في الشفعة أيضا سواء.
م: (والباغي والعادل، والحر والعبد إذا كان مأذونا أو مكاتبا) ش: قيد بقوله إذا كان مأذونا؛ لأنه إذا لم يكن مأذونا فلا شفعة له، وإذا كان بائع الدار غير المولى يستحق المأذون الشفعة بلا خلاف. وإذا كان البائع مولاه يأخذ بالشفعة أيضا إذا كان عليه دين، كذا في " المبسوط "، وقياس قول الثلاثة أن يأخذ كما لو لم يكن عليه دين.
[ملك العقار بعوض هو مال هل تجب فيه الشفعة]
م: (قال: وإذا ملك العقار بعوض هو مال وجبت فيه الشفعة) ش: أي قال القدوري، قيد بقوله بعوض؛ لأنه إذا ملكه بالهبة والصدقة والوصية والإرث لا شفعة له عند عامة أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة. وحكي عن مالك رواية في المنتقل بصدقة أو هبة فيه الشفعة، وبه قال ابن أبي ليلى ويأخذه الشفيع بقيمته. وقيد بقوله هو مال احترازا عما إذا لم يكن مالا كالبينة، فإن البيع باطل فلا شفعة فيه م:(لأنه أمكن مراعاة شرط الشرع فيه وهو التملك بمثل ما تملك به المشتري صورة) ش: فيما لا مثل له كالمكيل والموزون والمقدور المتفاوت م: (أو قيمته) ش: أي فيما لا مثل له وهو الذي يتفاوت آحاده م: (على ما مر) ش: في فصل ما يؤخذ به المشفوع بقوله ومن اشترى دارا بعرض أخذها الشفيع بقيمته، وإن اشتراها بمكيل أو موزون أخذها بمثله.
[الشفعة في الدار التي جعلت صداقا]
م: (قال: ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها) ش: أي قال القدوري، وذلك بأن جعل الدار صداقها فلا شفعة فيها؛ لأن سببها غير السبب المسبب ويملك به التملك م:(أو يخالع المرأة بها) ش: بأن تعطي المرأة الدار لزوجها لتخالع عليها م: (أو يستأجر بها دارا) ش: بأن يجعل الدار أجرة للدار المستأجرة.
م: (أو غيرها) ش: أي أو يستأجر بها غير الدار بأن جعلها أجرة عبد أو حانوت أو رحى م: (أو يصالح بها عن دم عمد) ش: بأن يجعل الدار بدل الصلح عن دم العمد م: (أو يعتق عليها عبدا) ش: بأن قال لعبده أعتقتك على هذه الدار م: (لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بينا) ش: أراد به قوله؛ لأنه أمكن مراعاة شرط الشرع
…
إلى آخره.
وهذه الأعواض ليست بأموال فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع، وعند الشافعي تجب فيها الشفعة؛ لأن هذه الأعواض متقومة عنده، فأمكن الأخذ بقيمتها إن تعذر بمثلها كما في البيع بالعرض، بخلاف الهبة؛ لأنه لا عوض فيها رأسا، وقوله يتأتى فيما إذا جعل شقصا من دار مهرا أو ما يضاهيه؛ لأنه لا شفعة عنده إلا فيه.
ــ
[البناية]
فإن قلت: أليست الغنيمة حصلت بذلك حتى ذكر قوله؛ لأن الشفعة
…
إلى آخره، وهذا تكرار. قلت: لأن هذا دليل مستقل ذكره استظهارا وإن كان الأول كافيا.
م: (وهذه الأعواض) ش: في تزوج الرجل على الدار وخلع المرأة عليها وجعلها أخذه في الإجارة وعوض الصلح عن دم العمد والعتق عليها م: (ليست بأموال، فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع) ش: وبه قال أحمد في الظاهر والحسن والشعبي وأبو ثور وابن المنذر.
م: (وعند الشافعي تجب فيها الشفعة) ش: أي في هذه الأشياء، به قال مالك وأحمد في راوية ابن حامد عنه وابن شبرمة وابن أبي ليلى والحارث العكلي، ثم اختلفوا بكم يأخذه، فقال مالك وابن شبرمة وابن أبي ليلى يأخذه بقيمة النقص؛ لأنا لو أوجبنا عليه مهر المثل لقومنا البضع على الأجانب.
وقال الشافعي وأبو حامد والعكلي: أخذه بالمهر في التزويج والخلع والمتعة، بأن صالح على متعتها؛ لأن البدل فيها الأمثل له، فيأخذ بقيمة البدل وهي المهر:(لأن هذه الأعراض متقومة عنده) ش: أي عند الشافعي، إذ التقويم حكم شرعي شرع لجعل هذه الأشياء مضمونة لهذه الأعواض. وضمان الشيء قيمة ذلك الشيء. وكذا المنافع عنده متقومة كالأعيان، فإذا جعل الدار عوضا عن البضع أو نحوه وقد تعذر على الشفيع الأخذ به فيأخذ بقيمته وهو مهر المثل، كما لو اشترى بعبد وهو معنى قوله: م: (فأمكن الأخذ بقيمتها إن تعذر بمثلها) ش: أي بمثل هذه الأشياء، فيأخذ بقيمتها وهو مهر المثل وأجر المثل في التزوج والخلع والإجارة وقيمة الدار والعبد في الصلح والإعتاق م:(كما في البيع بالعرض) ش: بأن باع الدار بالعرض فإن الشفيع فيه يأخذ بالقيمة لتعذر المثل.
م: (بخلاف الهبة؛ لأنه لا عوض فيها رأسا) ش: يعني بالكلية والشفعة لا يكون إلا فيما فيه عوض م: (وقوله يتأتى) ش: أي الشافعي يتحقق م: (فيما إذا جعل شقصا) ش: أي نصيبا م: (من دار مهرا) ش: إذ لا شفعة عنده في العقار إلا في الشقص.
م: (أو ما يضاهيه) ش: أي أو جعل ما يضاهي المهر، أي يشابهه بأن جعل شقصا من الدار بدل الخلع أو الأجرة أو بدل الصلح أو بدل العتق م:(لأنه لا شفعة عنده إلا فيه) ش: أي لأن الشأن لا شفعة عند الشافعي إلا في الشقص من العقار؛ لأنه لا يرى الشفعة بالجوار.
ونحن نقول: إن تقوم منافع البضع في النكاح وغيرها بعقد الإجارة ضروري، فلا يظهر في حق الشفعة. وكذا الدم والعتق غير متقوم؛ لأن القيمة ما يقوم مقام غيره في المعنى الخاص المطلوب ولا يتحقق فيهما. وعلى هذا إذا تزوجها بغير مهر ثم فرض لها الدار مهرا؛ لأنه بمنزلة المفروض في العقد في كونه مقابلا بالبضع.
ــ
[البناية]
م: (ونحن نقول: إن تقوم منافع البضع في النكاح وغيرها) ش: أي غير منافع البضع م: (بعد الإجارة ضروري) ش: إنابة لحظر المحل وصونا لهذا العقد عن السببية بالإباحة فظهر تقومه في حق هذا المعنى خاصة على خلاف القياس لمكان الضرورة م: (فلا يظهر) ش: أي التقويم م: (في حق الشفعة) ش: لأن الضروري يتعذر ولو بقدر الضرورة.
م: (وكذا الدم والعتق غير متقوم) ش: إنما أفردهما بالذكر؛ لأن تقومهما أبعد؛ لأنهما ليسا بمالين فضلا عن التقوم، واستدل على ذلك بقوله م:(لأن القيمة ما يقوم مقام غيره في المعنى الخاص المطلوب) ش: وهو المالية؛ لأن القيمة إنما سميت بها لقيامها مقام الغير، وإنما تقوم مقام الغير باعتبار المالية لا بغيرها من الأوصاف كالجوهرية والجسمية وغير ذلك، ولا مالية في الدم والعتق.
فإن قلت: تضمن بالقيمة والمعنى الخاص المطلوب منها السكنى، وكذا الثوب المعنى الخاص المطلوب منه دفع الحر والبرد ويضمنان بالقيمة.
قلت: بل المعنى الخاص منهما المالية، لكن طريق الانتفاع يختلف، فينتفع بالدار والسكنى، وفي الغلام بالخدمة واختلاف طرق الانتفاع لا ينافي كون المعنى الخاص من المشفع به هو المالية، والدليل عليه أن من أتلف ثوب إنسان أو قلع بناء دار إنسان يضمن قيمتها ولا ذلك إلا باعتبار المالية، وقد لا يكون الدار للسكنى والثوب للبس.
م: (ولا يتحقق فيهما) ش: أي لا يتحقق المعنى الخاص المطلوب في الدم والعتق؛ لأن العتق إسقاط وإزالة الدم ليس لحق الاستيفاء، وليسا من جنس ما يتمول به ويدخر م:(وعلى هذا إذا تزوجها بغير مهر ثم فرض لها الدار مهرا) ش: أي لا يجب فيها الشفعة، وهذا لبيان أن الفرض عند العقد وبعده سواء في كونهما مقابلا بالبضع م:(لأنه بمنزلة المفروض في العقد في كونه) ش: أي في كون المفروض بعد العتق م: (مقابلا بالبضع) ش: يعني أنهما جعلا هذه مهرا فيكون مقابلة البضع فيكون مبادلة مال بما ليس بمال، فلا يجري فيها الشفعة.
فإن قلت: هذا معاوضة بمهر المثل؛ لأنه لما وقع التزوج بغير مهر وجب مهر بمال فيجري فيها الشفعة.
بخلاف ما إذا باعها بمهر المثل أو بالمسمى لأنه مبادلة مال بمال.
ولو تزوجها على دار على أن ترد عليه ألفا فلا شفعة في جميع الدار عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: تجب في حصة الألف لأنه مبادلة مالية في حقه، وهو يقول: معنى البيع فيه تابع، ولهذا ينعقد بلفظ النكاح ولا يفسد بشرط النكاح فيه ولا شفعة في الأصل، فكذا في التبع، ولأن الشفعة شرعت في المبادلة المالية المقصودة، حتى إن المضارب إذا باع دارا وفيها ربح لا يستحق رب المال الشفعة في حصة
ــ
[البناية]
قلت: إنهما جعلا الدار مهرا لا بدلا عن مهر المثل، ولا بد للمبادلة من جعل أحد الشيئين بدلا والآخر مبدلا منه، والعين مبدل فلا يكون بدلا.
م: (بخلاف ما إذا باعها بمهر المثل أو بالمسمى) ش: يعني يجب فيه الشفعة م: (لأنه مبادلة مال بمال) ش: لا محالة.
وفي " شرح الكافي " ولو صالحها من مهرها على الدار أو صالحها عليه مما يجب لها المهر فللشفيع فيها الشفعة؛ لأنه حينئذ يكون عوضا عن المهر فيكون تبعا حقيقة. وقال في " الشامل " صالحه على دار من جراحة خطأ تجب الشفعة؛ لأن الواجب المال.
فإن قلت: كيف يأخذها والبيع فاسد لجهالة مهر المثل؟
قلت: جاز أن يكون معلوما عندهما، ولأنه جهالة في الساقط فلا يفضي إلى المنازعة فلا يفسد البيع.
م: (ولو تزوجها على دار على أن ترد عليه ألفا فلا شفعة في جميع الدار عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: هذا في مسائل الأصل، ذكرها تفريعا على مسألة القدوري، قوله في جميع الدار، أي في شيء منها م:(وقالا: تجب في حصة الألف) ش: أي يقسم الدار على مهر مثلها وألف درهم فما أصاب الألف تجب فيه الشفعة، وبه قال أحمد م:(لأنه مبادلة مالية في حقه) ش: أي فيما يخص الألف م: (وهو يقول) ش: أي أبو حنيفة م: (معنى البيع فيه تابع) ش: للنكاح م: (ولهذا ينعقد بلفظ النكاح) ش: لكون المقصود وهو النكاح م: (ولا يفسد بشرط النكاح فيه) ش: أي لو كان البيع أصلا يفسد بشرط النكاح، كما لو قال بعت منك هذه الدار بألف على أن تزوجي نفسك مني م:(ولا شفعة في الأصل) ش: وهو نفس الصداق م: (فكذا في التبع) ش: وهو البيع.
م: (ولأن الشفعة) ش: دليل آخر وفيه إشارة إلى دفع ما يقال الشفعة تقتضي المبادلة المالية، وإما أن تكون هي المقصود فممنوع.
ووجهه أن الشفعة م: (شرعت في المبادلة المالية المقصودة) ش: وهنا المقصود هو النكاح دون مبادلة المال بالمال م: (حتى إن المضارب إذا باع دارا وفيها ربح لا يستحق رب المال الشفعة في حصة
الربح لكونه تابعا فيه. قال: أو يصالح عليها بإنكار، فإن صالح عليها بإقرار وجبت الشفعة. قال رضى الله عنه: هكذا ذكر في أكثر نسخ المختصر. والصحيح: أو يصالح عنها بإنكار مكان قوله: أو يصالح عليها؛ لأنه إذا صالح عليها بإنكار بقي الدار في يده فهو بزعم أنها لم تزل عن ملكه،
ــ
[البناية]
الربح) ش: بأن كان رأس المال ألفا فاتجر وربح ألفا ثم اشترى بالألفين دارا في جوار رب المال ثم باعها بالألفين فإن رب المال لا يستحق الشفعة في حق المضارب من الربح. م: (لكونه تابعا فيه) ش: أي لكون الربح تابعا لرأس المال وليس في مقابلة رأس المال شفعة؛ لأن المضارب وكيل رب المال في البيع، وكل من بيع لا تجب الشفعة له، فكذا لا تجب في البيع.
وفي " الإيضاح " و " المغني ": فلو باع المضارب دارا عن المضاربة ورب المال شفيعها لا شفعة، سواء كان في الدار ربع أو ضر، وهذا بخلاف ما لو اشترى دارا ورب المال شفيعها أخذها رب المال وإن وقع الشراء له ولكن في الحكم كأنه مال ثالث. ألا ترى أنه يقدر أن ينزعه من يده.
وفي " شرح الكافي " ولو باع المضارب دارا من غير المضارب كان لرب المال أن يأخذها بالشفعة بدار له من المضاربة ويكون له خاصة؛ لأنه جار بدار المضاربة. ولو باع رب المال دارا له خاصة والمضاربة شفيعها بدار المضاربة، فإن كان فيها ربح فله أن يأخذها لنفسه؛ لأنه جار بقدر نصيبه، وإن لم يكن فيها ربح لم يأخذها؛ لأنه ليس لها بجار.
م: (قال: أو يصالح عليها بإنكار، فإن صالح عليها بإقرار وجبت الشفعة) ش: أي قال القدوري، أي أو يصالح على الدار. والقدوري عطف هذا على قوله أو يعتق عليها عبدا، وهذه المسألة مختلفة الألفاظ في النسخ، والخطأ فيها من الناسخ، كذا في " شرح الأقطع "، ولهذا قال صاحب " الهداية " م:(قال: هكذا ذكر في أكثر نسخ " المختصر ") ش: أي القدوري م: (والصحيح أو يصالح عنها بإنكار مكان قوله: أو يصالح عليها؛ لأنه إذا صالح عليها بإنكار بقي الدار في يده فهو يزعم أنها لم تزل عن ملكه) ش: يعني أن المدعى عليه ينكر مبادلة المال بالمال، ويزعم أنه بقي عليه قديم ملكه، وإنما بذل المال لدفع الخصومة.
بيان ذلك أنه إذا صالح عليها يجب فيها الشفعة، سواء كان الصلح عن إقرار أو إنكار أو سكوت؛ لأن في زعم المدعي أنه يأخذها عوضا عن حقه. وكذا المدعى عليه يعطيها عوضا عن المال الذي يدعى عليه فتجب الشفعة؛ لأنه مبادلة مالية مقصودة، بخلاف ما إذا صالح عنها بإنكار حيث لا تجب فيها الشفعة؛ لأن في زعم المصالح أن الدار ملكه، وإنما دفع المال افتداء ليمينه فلم يملكها بعوض.