الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيع انتهاء. ولا بد من القبض، وأن لا يكون الموهوب ولا عوضه شائعا؛ لأنه هبة ابتداء وقد قررناه في كتاب الهبة، بخلاف ما إذا لم يكن العوض مشروطا في العقد؛ لأن كل واحد منهما هبة مطلقة، إلا أنه أثيب منها فامتنع الرجوع.
قال: ومن باع بشرط الخيار فلا شفعة للشفيع؛ لأنه
ــ
[البناية]
م: (بيع انتهاء) ش: لأنه هبة ابتداء.
واعلم أن الهبة على عوض، فإن كان وجد فيه التقابض وإن قبض أحدهما دون الآخر فلا شفعة فيه.
وقال زفر: تجب الشفعة بالعقد كما ذكره القدوري في " شرح مختصر الكرخي " بقوله: قالت الثلاثة: وهذا بناء على أن الهبة بشرط العوض بيع ابتداء وانتهاء عند زفر، وعندنا تبرع ابتداء بيع انتهاء حتى لا يجبر على التسليم، ولا يملك قبل القبض ولا يصح في المشاع ولا تثبت فيه الشفعة، فإذا تقابضا إلا أن يثبت أحكام البيع، وصورته أن يقول وهبت هذا الملك على أن تعوض كذا. وأجمعوا على أنه لو قال وهبت هذا لك بكذا إنه بيع، كذا في " المختلف ".
م: (ولا بد من القبض) ش: أي في العوضين م: (وأن لا يكون الموهوب ولا عوضه شائعا؛ لأنه هبة ابتداء) ش: فالشيوع يمنعها م: (وقد قررناه في كتاب الهبة) ش: بشرط العوض أنها تبرع ابتداء ومعاوضة انتهاء في كتاب الهبة م: (بخلاف ما إذا لم يكن العوض مشروطا في العقد) ش: يعني لا تثبت الشفعة حينئذ أصلا لا في الموهوب ولا في العوض.
م: (لأن كل واحد منهما) ش: أي من الهبة والعوض م: (هبة مطلقة) ش: عن العوض؛ لأن الأول هبة أثيب عليها، والثاني أمر في إبطاله حق الرجوع لا أن يكون عوضا عن الأول حقيقة. ولهذا لو أعطى عشرة دراهم لمن أعطاه درهما عوضا عن ذلك جاز. ولو كان عوضا لم يجز؛ لأنه يكون ربا فلا تثبت الشفعة. بخلاف ما إذا كان العوض مشروطا؛ لأنه يصير تبعا من كل وجه عند القبض؛ لأنه مشروط أيضا فيثبت أحكام البيع.
فإن قلت: إنه هبة ابتداء، ويصير بيعا بالقبض، فلا يكون نظير المقبوض.
قلت: نعم، ولكن الشفعة تتعلق بالبناء، فمن هذا الوجه يصير مثل المقبوض فتجب الشفعة بطريق الدلالة.
م: (إلا أنه أثيب منها فامتنع الرجوع) ش: أي إلا أن الواهب عوض من الهبة فامتنع رجوعه عنها؛ لأن امتناع الرجوع لمكان التعويض فلا يصير تبعا.
[الشفعة فيما إذا باع أو اشترى بشرط الخيار]
م: (قال: ومن باع بشرط الخيار فلا شفعة للشفيع) ش: أي قال القدوري م: (لأنه) ش: أي
يمنع زوال الملك عن البائع. فإن أسقط الخيار وجبت الشفعة؛ لأنه زال المانع عن الزوال، ويشترط الطلب عند سقوط الخيار في الصحيح؛ لأن البيع يصير سببا لزوال الملك عن ذلك.
قال: وإن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة لأنه لا يمنع زوال الملك عن البائع بالاتفاق
ــ
[البناية]
يمنع زوال الملك عن البائع. فإن أسقط الخيار وجبت الشفعة؛ لأنه زال المانع عن الزوال، ويشترط الطلب عند سقوط الخيار في الصحيح؛ لأن البيع يصير سببا لزوال الملك عن ذلك.
قال: وإن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة لأنه لا يمنع زوال الملك عن البائع بالاتفاق لأن خيار البائع م: (يمنع زوال الملك عن البائع) ش: والشفعة تجب بخروج البيع عن ملك البائع، فصار كالإيجاب بلا قبول م:(فإن أسقط الخيار وجبت الشفعة؛ لأنه زال المانع) ش: وهو عدم المبيع عن ملك البائع بواسطة الشرط م: (عن الزوال) ش: أي زوال الشفعة.
وقال تاج الشريعة: أي زوال ملك البائع أراد أنه ملك البائع فوجبت الشفعة لتعقلها به. وقال الأسبيحابي في " شرح الطحاوي ": ولو كان الخيار لهما جميعا فلا شفعة فيها أيضا لأجل خيار البائع.
ولو شرط البائع الخيار للشفيع فلا شفعة له فيها أيضا؛ لأنه لما شرط الخيار للشفيع صار كأنه شرط لنفسه، فإن أجاز الشفيع البيع جاز وبطلت شفعته؛ لأن البيع من جهة الشفيع تم فصار كأنه باع.
وإن فسخ فلا شفعة له أيضا؛ لأن ملك البائع لم يزل ولكن الحيلة له في ذلك أن لا يجبر، ولا يفسخ حتى يجيز البائع البيع، أو يجوز بمضي المدة فحينئذ له الشفعة. وكذلك لو باع داره على أن يضمن له الشفيع الدرك عن البائع والشفيع حاضر فضمن جاز البيع لا شفعة له؛ لأن البيع تم بضمانه فلا شفعة له لأنه ترك منزلة البائع.
ولو أن المشتري اشترى دارا وشرط الخيار للشفيع ثلاثة أيام كان للشفيع الشفعة؛ لأن اشتراط الخيار له كاشتراطه للمشتري وذلك لا يمنع وجوب الشفعة.
م: (ويشترط الطلب عند سقوط الخيار في الصحيح) ش: احترز به عن قول بعض المشايخ أنه لا يشترط الطلب عند وجوب البيع؛ لأنه هو السبب، والأصح أنه يشترط عند سقوط الخيار م:(لأن البيع يصير سببا لزوال الملك عند ذلك) ش: أي عند سقوط الخيار، أراد سببا هو علة؛ لأن البيع بشرط الخيار قبل انقضاء المدة سبب يشبه العلة، وليس بعلة. وإنما يصير علة عند سقوط الخيار فيشترط الطلب عند ذلك كما في البيع البات يشترط الطلب عقبه.
م: (قال: وإن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة) ش: هذا أيضا من ألفاظ القدوري وجبت الشفعة م: (لأنه) ش: أي لأن خيار المشتري م: (لا يمنع زوال الملك عن البائع بالاتفاق) ش: وبه قال أحمد في وجه، والشافعي في قول، وهو رواية المزني، وفي " شرح الوجيز ": وهذا هو الأصح عند عامة الأصحاب.
والشفعة تبتني عليه على ما مر، وإذا أخذها في الثلاث وجب البيع لعجز المشتري عن الرد ولا خيار للشفيع؛ لأنه يثبت بالشروط وهو للمشتري دون الشفيع. وإن بيعت دار إلى جنبها، والخيار لأحدهما فله الأخذ بالشفعة، أما للبائع فظاهر لبقاء ملكه في التي يشفع بها، وكذا إذا كان للمشتري،
ــ
[البناية]
وقال أحمد في ظاهر مذهبه، والشافعي في قول: لا تسقط الشفعة لشفعته إلا بعد سقوط خيار المشتري كما في خيار البائع، وهو رواية عن أبي حنيفة وهو قول مالك في " الحلية "، واختاره أبو إسحاق المروزي من أصحابنا، وهو رواية الربيع. قيدنا بالاتفاق لأن الاختلاف هل يدخل في ملك المشتري، أو لم يدخل فعندهما يدخل خلافا لأبي حنيفة، وقد عرف في موضعه م:(والشفعة تبتني عليه) ش: أي على زوال الملك م: (على ما مر) ش: في أول باب الشفعة، وهو قوله: والوجه فيه إنما تجب الشفعة إذا رغب البائع من ملك الدار
…
إلى آخره.
م: (وإذا أخذها في الثلاث) ش: أي إذا أخذ الشفيع الشفعة في مدة الخيار التي هي الثلاث، وقيد بالثلاث ليكون على الاتفاق م:(وجب البيع لعجز المشتري عن الرد) ش: وإنا ذكرنا هذا لأن المشتري بخيار الشرط لو رد المبيع بحكم الخيار قبل الأخذ بالشفعة لم يثبت البيع وينفسخ من الأصل، فحينئذ لا يتمكن الشفيع من طلب الشفعة، لأن هذا ليس بإقالة هل انفسخ من الأصل، فكان السبب منعدما في حقه من الأصل إليه أشار إلى هذا في " المبسوط ".
م: (ولا خيار للشفيع) ش: أي لا يثبت الخيار الذي كان للمشتري للشفيع، وإن كان انتقال إضافة الضعف من المشتري إلى الشفيع م:(لأنه ثبت بالشرط) ش: أي لأن الخيار ثبت بالشرط كاسمه م: (وهو) ش: أي الخيار كان م: (للمشتري دون الشفيع) ش: أي لم يكن للشفيع فلا يثبت له.
م: وإن بيعت دار إلى جنبها) ش: أي إلى جنب الدار المشفوعة م: (والخيار لأحدهما) ش: أي والحال أن الخيار لأحد المتعاقدين م: (فله الأخذ بالشفعة) ش: أي الخيار للبائع فالشفعة له، وإن كان للمشتري م:(أما للبائع فظاهر لبقاء ملكه في التي يشفع بها) ش: حق إذ الخيار منع خروج ملكه، فإن أخذها بالشفعة كان نقضا لبيعه؛ لأن قدر ملكه وإقدام البائع على ما يقدر ملكه في مدة الخيار نقض البيع؛ لأنه لو لم يجعل نقضا لبيعه ملكا إذا جاز البيع فيهما ملكها المشتري من حين العقد حتى يستحق بزوائدها المتصلة والمنفصلة فيتبين أنه أخذ الشفعة بغير حق.
م: (وكذا إذا كان للمشتري) ش: أي وكذا الحكم إذا كان الخيار للمشتري يعني له الأخذ
وفيه إشكال أوضحناه في البيوع فلا نعيده. وإذا أخذها كان إجازة منه للبيع، بخلاف ما إذا اشتراها ولم يرها حيث لا يبطل خياره بأخذ ما بيع بجنبها بالشفعة؛ لأن خيار الرؤية لا يبطل بصريح الإبطال
ــ
[البناية]
بالشفعة م: (وفيه إشكال) ش: أي وفي ثبوت الخيار للمشتري إشكال، وهو أنه لا يثبت له الملك عند أبي يوسف كيف يأخذها بالشفعة، وقد كان البلخي يدعي المناقضة على أبي حنيفة رحمه الله حيث قال: إذا كان الخيار للمشتري لا يملك البيع، وهاهنا نقول بقولنا خذ الشفعة، وهو مستلزم للمالك وحل الإشكال إن طلب الشفعة يدل على اختياره الملك فيها؛ لأن ما يثبت إلا بدفع ضرر سوء الجوار وذلك بالاستدامة فيتضمن ذلك سقوط الخيار سابقا عليه فيثبت الملك من وقت الشراء فيتبين أن الجوار كان ثابتا.
فإن قلت: الملك الثابت في ضمن طلب الشفعة يكون بطريق الإسناد فيثبت من وجه دون وجه.
قلت: نعم إذا انعقد الإجماع على الاستناد وهاهنا ليس كذلك فإن عنده يثبت الملك بطريق الاقتضاء.
وعندهما يكون الملك للمشتري فصار الملك مجتهدا فيه فيثبت قطعا، بخلاف ما إذا باع بشرط الخيار ثم بيعت دار بجنبها ثم أجاز البائع وقت البيع، وإجازة البيع دليل إعراضه عن الشفعة، فلو أخذ المشتري يكون حق الشفعة بملك الغير. وأما في مسألتنا فيملك نفسه فافترقا.
م: (أوضحناه في البيوع فلا نعيده) ش: أوضحنا الإشكال في البيوع. قال في " النهاية ": هذه الحوالة في حق الإشكال غير رائجة بل فيه جواب الإشكال وهو قوله: ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار بجنبها
…
إلى آخره.
وقيل: إذا كانت الحوالة في حق جواب الإشكال رائجة كانت في حق السؤال كذلك؛ لأن الجواب يتضمن السؤال. وقيل: لم يقل في بيوع هذا الكتاب فيجوز إن كان أوضحه في بيوع " كفاية المنتهي ".
م: (وإذا أخذها كان إجازة منه للبيع) ش: أي وإذا أخذ المشتري المبيعة، كان إجازة منه للبيع الذي كان له فيه الخيار م:(بخلاف ما إذا اشتراها ولم يرها) ش: أي بخلاف ما إذا اشترى المشتري الدار الأولى، والحال أنه لم يرها م:(حيث لا يبطل خياره بأخذ ما بيع بجنبها بالشفعة؛ لأن خيار الرؤية لا يبطل) ش: خياره م: (بصريح الإبطال) ش: قبل وجود الرؤية؛ لأن بطلانه
َ