الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهلك في يد المشتري، ثم استحق وغرمه ليس له أن يستعين بالغلة في أداء الثمن إليه؛ لأن الخبث ما كان لحق المشتري إلا إذا كان لا يجد غيره؛ لأنه محتاج إليه فله أن يصرفه إلى حاجة نفسه، فلو أصاب مالا يتصدق بمثله إن كان غنيا وقت الاستعمال، وإن كان فقيرا فلا شيء عليه لما ذكرنا.
قال: ومن غصب ألفا فاشترى بها جارية فباعها بألفين، ثم اشترى بالألفين جارية فباعها بثلاثة آلاف درهم فإنه يتصدق بجميع الربح، وهذا عندهما. وأصله: أن الغاصب أو المودع إذا تصرف في المغصوب أو الوديعة وربح لا يطيب له الربح عندهما.
ــ
[البناية]
باع الغاصب العبد المغصوب بعد الاستغلال م: (فهلك في يد المشتري) ش: أي فهلك العبد في يده م: (ثم استحق) ش: أي البعد بأن ظهر له مستحق م: (وغرمه) ش: أي غرم المشتري العبد، أي قيمته م:(ليس له أن يستعين بالغلة في أداء الثمن إليه) ش: أي ليس للبائع أن يستعين بغلة العبد في أداء الثمن إلى المشتري م: (لأن الخبث ما كان لحق المشتري) ش: حتى يزول بالصرف إليه، بخلاف الأول؛ لأن الخبث فيه لحق الملك فيزول بوصول الغلة إليه.
م: (إلا إذا كان) ش: أي الغاصب م: (لا يجد غيره) ش: أي غير الغلة بتأويل الكسب أو الأجر أو المال م: (لأنه محتاج إليه) ش: لتفريغ ذمته وتخليص نفسه عن الحبس م: (فله) ش: أي وللمحتاج م: (أن يصرفه إلى حاجة نفسه) ش: وهو أولى بذلك؛ لأنها ملكه وإن كان فيه خبث م: (فلو أصاب مالا) ش: يعني لو أصاب مالا، بعد أن صرف الغلة عن الضمان م:(يتصدق بمثله إن كان غنيا وقت الاستعمال) ش: أي وقت استهلاك الثمن.
م: (وإن كان فقيرا) ش: يوم استهلك الثمن م: (فلاشيء عليه) ش: يعني ليس عليه أن يتصدق بشيء من ذلك م: (لما ذكرنا) ش: إشارة إلى قوله: لأنه محتاج إليه، كذا قال الأترازي. وقال الكاكي: هذا إشارة إلى قوله: وما هذا حاله فسبيله التصدق.
وفي " الذخيرة ": هذا إذا أجر العبد أما إذا أجر العبد نفسه صحت الإجارة، فإنه يأخذ العبد الأجرة يأخذها المالك مع العبد بلا خلاف لأحد، ولو أخذه الغاصب من العبد وأتلفه لا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يجب عليه الضمان، وبه قالت الثلاثة؛ لأنه أتلف مال الغير وله نعم أنه مال المالك؛ ولكنه لا عصمة له في حق الغاصب، فأشبه نصاب السرقة بعد القطع.
[نماء المغصوب وزيادته في يد الغاصب]
م: (قال: ومن غصب ألفا) ش: أي قال في " الجامع الصغير ": م: (فاشترى بها جارية فباعها بألفين ثم اشترى بالألفين جارية فباعها بثلاثة آلاف درهم، فإنه يتصدق بجميع الربح، وهذا عندهما) ش: أي التصدق بجميع الربح عند أبي حنيفة، ومحمد رحمهما الله؛ لأنه ملك خبيث، وبه قال الشافعي في الجديد، وأحمد في رواية، وبعض أصحاب مالك رحمهم الله، وقال
خلافا لأبي يوسف رحمه الله وقد مرت الدلائل. وجوابهما في الوديعة أظهر؛ لأنه لا يستند الملك إلى ما قبل التصرف؛ لانعدام سبب الضمان فلم يكن التصرف في ملكه، ثم هذا ظاهر فيما يتعين بالإشارة، أما فيما لا يتعين كالثمنين فقوله في الكتاب: اشترى بها إشارة إلى أن التصدق إنما يجب إذا اشترى بها ونقد منها الثمن. أما إذا أشار إليها ونقد من غيرها أو نقد منها وأشار إلى غيرها أو أطلق إطلاقا ونقد منها يطيب له، وهكذا قال الكرخي رحمه الله؛ لأن الإشارة إذا كانت لا تفيد التعيين لا بد أن يتأكد بالنقد لتحقق الخبث
ــ
[البناية]
الشافعي رحمه الله في القديم، وأحمد رحمه الله: الربح للمالك، والمشتري ملكه.
ولو دفع الملك من الحر إلى آخر مضاربة فالحكم في الربح على ما ذكرنا من الخلاف، وليس للمالك من أجر العامل شيء عند أحمد؛ لأنه لم يأذن له بالعمل في ماله، ولا على الغاصب إن كان المضارب عالما بالغصب وإن عمل لزم أجر عمله على الغاصب كالعقد الفاسد.
م: (وأصله) ش: أي أصل الخلاف م: (أن الغاصب أو المودع إذا تصرف في المغصوب أو الوديعة وربح لا يطيب له الربح عندهما خلافا لأبي يوسف، وقد مرت الدلائل) ش: أي في مسألة: ومن غصب عبدا فاستغله م: (وجوابهما) ش: أي جواب أبي حنيفة، ومحمد رحمهما الله م:(في الوديعة أظهر؛ لأنه لا يستند الملك إلى ما قبل التصرف لانعدام سبب الضمان فلم يكن التصرف في ملكه) ش: فيكون الربح خبيثا.
م: (ثم هذا) ش: أي عدم طيب الربح م: (ظاهر فيما يتعين بالإشارة) ش: كالعروض؛ لأن العقد يتعلق بها حتى لو هلك قبل القبض يبطل البيع فيستفيد الرقبة، واليد في المبيع بملك خبيث فيتصدق به م:(أما فيما لا يتعين كالثمنين) ش: أي الدراهم والدنانير م: (فقوله في الكتاب) ش: أي قول محمد في " الجامع الصغير " م: (اشترى بها إشارة إلى أن التصدق إنما يجب إذا اشترى بها، ونقد منها الثمن) ش: قال فخر الإسلام.؛ لأن ظاهر هذه العبارة يدل على أنه أراد بها.
م: (أما إذا أشار إليها، ونقد من غيرها، أو نقد منها وأشار إلى غيرها أو أطلق إطلاقا ونقد منها يطيب له) ش: وهذه أربعة أوجه، ففي واحد منها لا يطيب، وفي الباقي يطيب، وذكر في " المبسوط ": وجها آخر لا يطيب فيه أيضا، وهو أنه دفع إلى البائع تلك الدراهم أولا ثم اشترى منه بتلك الدراهم م:(وهكذا قال الكرخي رحمه الله) ش: أراد أن هذا التفصيل في الجواب هو قول الكرخي م: (لأن الإشارة إذا كانت لا تفيد التعيين) ش: يستوي وجودها وعدمها فعند ذلك م: (لا بد أن يتأكد بالنقد) ش: منها م: (لتحقق الخبث) ش: والفتوى على قول الكرخي، ذكره في " التتمة "، و " الذخيرة " لكثرة الحرام دفعا للحرج عن الناس.
وقال مشايخنا رحمهم الله لا يطيب له قبل أن يضمن، وكذا بعد الضمان بكل حال وهو المختار لإطلاق الجواب في الجامعين والمضاربة قال: وإن اشترى بالألف جارية تساوي ألفين فوهبها، أو طعاما فأكله لم يتصدق بشيء، وهذا قولهم جميعا؛ لأن الربح إنما يتبين عند اتحاد الجنس
ــ
[البناية]
م: (وقال مشايخنا رحمهم الله: لا يطيب له قبل أن يضمن، وكذا بعد الضمان بكل حال) ش: أي في الوجوه كلها م: (وهو المختار لإطلاق الجواب في الجامعين) ش: أي في " الجامع الكبير "، و " الجامع الصغير " م:(والمضاربة) ش: أي وفي المضاربة من كتاب " المبسوط "، حيث قال: يتصدق بجميع الربح مطلقا.
م: (قال: وإن اشترى بالألف جارية) ش: أي قال في " الجامع الصغير ": وإن اشترى الغاصب بالألف المغصوبة والحرام جارية م: (تساوي ألفين فوهبها، أو طعاما) ش: أي أو كان طعاما م: (فأكله لم يتصدق بشيء) ش: بل يرد عليه مثل ما غصب م: (وهذا قولهم جميعا؛ لأن الربح إنما يتبين عند اتحاد الجنس) ش: بأن يصير الأصل، وما زاد عليه دراهم ولم يصر فلا يظهر الربح.
وفي " جامع أبي اليسر ": هل يباح له الوطء والأكل؟ الصحيح أنه لا يباح؛ لأن في السبب نوع خبيث، ولهذا المعنى بعض الظلمة الذين فيهم قليل تقوى يشترون الأشياء نسيئة ويصرفونها إلى حوائجهم، ثم يقضون الأثمان.
وفي " جامع المحبوبي "، و" نوادر أبي سماعة ": غصب ثوبا، أو كرا فاشترى به طعاما لا يسعه أن يأكل حتى يؤدي قيمة الثوب أو مثل الكر. ولو غصب دراهم فاشترى بها طعاما وسعه أكله؛ لأن الثوب إذا استحق ينتقض البيع، بخلاف ما إذا استحقت الدراهم. ولو اشترى بالثوب، والكر المغصوبين جارية لا يحل له وطؤها. أما لو تزوج بالثوب أو بالكر حل وطؤها؛ لأن باستحقاق المهر لا ينتقض النكاح.