الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ومن نحر ناقة أو ذبح بقرة فوجد في بطنها جنينا ميتا لم يؤكل أشعر أو لم يشعر، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قول زفر والحسن بن زياد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: إذا تم خلقته أكل، وهو قول الشافعي رحمه الله لقوله عليه الصلاة والسلام «ذكاة الجنين ذكاة أمه»
ــ
[البناية]
الجلاب في كتاب " التفريع "، والاختيار ذبح البقر، والغنم، ونحر الإبل، فإن ذبح بعيرا من ضرورة فلا بأس بأكله، وإن كان من غير ضرورة أكلها، ومن نحر شاة ضرورة أكلت، وإن كانت من غير ضرورة كره أكلها، ومن نحر من غير ضرورة أو من ضرورة فلا بأس بأكلها انتهى.
[الحكم لو نحر ناقة أو بقرة فوجد بها جنينا]
م: (قال: ومن نحر ناقة، أو ذبح بقرة فوجد في بطنها جنينا ميتا لم يؤكل أشعر أو لم يشعر) ش: أي القدوري: أشعر الجنين: إذا نبت شعره، مثل أعشب المكان إذا نبت عشبه م:(وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قول زفر والحسن بن زياد - رحمهما الله. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: إذا تم خلقته أكل، وهو الشافعي رحمه الله) ش: وأحمد، ومالك.
وفي " المبسوط ": إلا أنه روي عن محمد رحمه الله: إنما يؤكل الجنين إذا أشعر وتمت خلقته، فأما ما قبل ذلك فهو بمنزلة المضغة فلا يؤكل، وبه قال مالك، والليث، وأبو ثور رحمهم الله.
وقال ابن الجلاب في " التفريغ ": وقال: إذا ذبحت الذبيحة فإذا وجد في جوفها جنين ميت فلا بأس بأكله إذا تمت خلقته، ونبت شعره، فإذا لم تتم خلقته، ولم ينبت شعره لم يجز أكله، فإن انفصل منها حيا، أو استهل خارجا انفرد بحكم نفسه، ولم يجز أكله بذكاة أمه فإن ذكي جاز أكله، وإن مات قبل ذكاته لم يجز أكله. وقال الخرقي: الحبلى ذكاتها ذكاة جنينها أشعر أو لم يشعر م: (لقوله عليه الصلاة والسلام: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» ش: هذا الحديث رواه أحد عشر نفسا من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
الأول: أبو سعيد الخدري: أخرج حديث أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن مجالد عن أبي الوداك عن الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ذكاة الجنين ذكاة أمه» قال الترمذي: هذا حديث حسن، وهذا لفظه، ورواه ابن حبان في " صحيحه " وأحمد في " مسنده " عن موسى بن إسحاق عن أبي الوداك به. ورواه الدارقطني في " سننه "، وزاد أشعر أو لم يشعر، فقال: الصحيح أنه موقوف. قال الحافظ: وقال المنذري: إسناده حسن،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ويونس وإن تكلم فيه، فقد احتج به مسلم في " صحيحه ".
الثاني: جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أخرج حديثه أبو داود رحمه الله عن عبيد الله بن أبي زياد القداح عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» وعبيد بن أبي زياد فيه مقال: ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا عبد الأعلى، حدثنا حماد بن شعيب عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه.
الثالث: أبو هريرة رضي الله عنه: أخرج حديثه الحاكم في " المستدرك " عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة رحمه الله مرفوعا، وقال: إسناده صحيح وليس كما قال: فإن عبد الله بن سعيد المقبري متفق على ضعفه. وأخرجه الدارقطني عن عمر بن قيس عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة، وقال عبد الحق: لا يحتج بإسناده. قال ابن القطان: وعلته عمر بن قيس وهو المعروف بسندل، فإنه متروك.
الرابع: ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: أخرج حديثه الحاكم عن محمد بن الحسن الواسطي، عن محمد بن إسحاق، وهو مدلس ولم يصرح بالسماع فلا يحتج به، ومحمد بن الحسن الواسطي ذكره ابن حبان في " الضعفاء ". . وروى له هذا الحديث، وله طريق آخر عنه الدارقطني عن عصام بن يوسف عن مبارك بن مجاهد، عن عبيد الله بن عمر عن نافع به.
وقال ابن القطان: وعاصم رجل لا يعرف له حال، وقال في " التنقيح ": مبارك بن مجاهد ضعفه غير واحد.
الخامس: أبو أيوب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أخرج حديثه الحاكم عن شعبة عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أيوب مرفوعا.
السادس: عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: أخرج حديثه الدارقطني عن علقمة قال: أراه رفعه، ورجاله رجال الصحيح. إلا أن شيخ شيخه أحمد بن الحجاج بن الصلت، قال
ولأنه جزء من الأم حقيقة لأنه يتصل بها حتى يفصل بالمقراض،
ــ
[البناية]
شيخنا الذهبي في ميزانه: هو آفة.
السابع: عبد الله بن عباس، وموسى بن عثمان الكندي عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس، وموسى هذا قال ابن القطان: مجهول.
الثامن: كعب بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أخرج حديثه الطبراني في " معجمه " عن إسماعيل بن مسلم عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك مرفوعا نحوه. قال ابن حبان في كتاب " الضعفاء ": إسماعيل بن مسلم المكي أبو ربيعة ضعيف، ضعفه ابن المبارك، وتركه يحيى، وليس هذا إسماعيل بن مسلم البصري العبدي صاحب المتوكل، ذاك ثقة.
التاسع: أبو أمامة.
العاشر: أبو الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: أخرج حديثهما البزار في " مسنده " عن بشر بن عمارة، عن الأحوص بن حكيم، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، وأبي أمامة - رحمهما الله -، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» وقال البزار: وقد روى هذا الحديث من وجوه عن أبي سعيد الخدري، وأبي أيوب، وغيرهما. وعلى من رواه أبو الدرداء رضي الله عنه.
ورواه الطبراني في " معجمه "، إلا أنه قال: عن راشد بن سعد، عوض خالد بن معدان، وكذلك فعل ابن عدي في " الكامل " ولين بشر بن عمارة، ثم قال: وهو عندي حديثه إلى الاستقامة أقرب، ولا أعرف له حديثا منكرا.
الحادي عشر: علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أخرج حديثه الدارقطني، عن الحارث عنه. والحارث معروف، وفيه موسى بن عثمان الكندي، قال ابن القطان: مجهول، قال عبد الحق في " أحكامه ": هذا حديث لا يحتج بأسانيده كلها، وأقره ابن القطان عليه.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الجنين م: (جزء من الأم حقيقة لأنه يتصل بها حتى يفصل بالمقراض) .
ويتغذى بغذائها ويتنفس بتنفسها. وكذا حكما حتى يدخل في البيع الوارد على الأم ويعتق بإعتاقها. وإذا كان جزءا منها فالجرح في الأم ذكاة له عند العجز عن ذكاته كما في الصيد وله: أنه أصل في الحياة حتى يتصور حياته بعد موتها، وعند ذلك يفرد بالذكاة ولهذا يفرد بإيجاب الغرة
ويعتق بإعتاق مضاف إليه، وتصح الوصية له وبه وهو حيوان دموي، وما هو المقصود من الذكاة، وهو التمييز بين الدم واللحم لا يتحصل بجرح الأم، إذ هو
ــ
[البناية]
ش: أي حتى يفصل الجنين عن أمه بقطع سرته بالمقراض م: (ويتغذى بغذائها ويتنفس بتنفسها) ش: أي بغذاء أمه، وهذا كله دليل على كونه جزءا من الأم.
م: (وكذا حكما) ش: أي وكذا جزء من الأم حكما من حيث الحكم م: (حتى يدخل في البيع الوارد على الأم ويعتق بإعتاقها) ش: أي يعتق الجنين بإعتاق أمه في بني آدم، وقال في " الأسرار ": لو قال: أعتقت الأمة إلا ما في البطن عتق ما في البطن كما لو قال: أعتقتها إلا يدها.
م: (وإذا كان جزءا منها) ش: أي وإذا كان الجنين جزءا من الأم حقيقة وحكما م: (فالجرح في الأم ذكاة له عند العجز عن ذكاته) ش: أي عند عدم القدرة على ذكاة الاختيار في الجنين م: (كما في الصيد) ش: إذا لم يوجد القدرة على ذكاة الاختيار، اكتفي بذكاة الاضطراب وهي الجرح في أي موضع كان، كما في البعير الناد. فكذا اكتفي بذكاة الأم.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - م: (أنه) ش: أي الجنين م: (أصل في الحياة حتى يتصور حياته بعد موتها) ش: أي بعد موت الأم، ولا يتوهم بقاء الجزء حيا بعد الانفصال وبعد موت الأصل.
م: (وعند ذلك) ش: أي عند كونه أصلا في الحياة م: (يفرد بالذكاة) ش: يعني ذكر على حدة ولا يذكى بذكاة أمه م: (ولهذا) ش: أي ولكونه أصلا في الحياة م: (يفرد بإيجاب الغرة) ش: يعني إذا أتلف الأم ومات الجنين من ذلك يضمن التالف، ودية الأم وغرة الجنين. ولو كان جزء الأم لكان بمنزلة اليد والرجل. ولا يجب في هذه الأعضاء شيء بعد إيجاب الدية.
م: (ويعتق) ش: أي الجنين م: (بإعتاق مضاف إليه) ش: أي إلى الجنين دون الأم.
م: (وتصح الوصية له وبه) ش: أي للجنين وبالجنين فلهذه الأشياء كلها أحكام النفوس لا الأجزاء م: (وهو) ش: أي الجنين م: (حيوان دموي) ش: مثل أمه، فلا يكون ذكاة أمه سببا بخروج الدم منه م:(وما هو المقصود من الذكاة، وهو التمييز) ش: أي التمييز وهكذا هو في بعض النسخ أي الفصل من الرطوبات السائلة النجسة. واللحم طاهر أشار إليه بقوله: م: (بين الدم واللحم لا يتحصل بجرح الأم) ش: قوله: لا يحصل خبر لقوله: وما هو المقصود م: (إذ هو) ش: الجنين م:
ليس بسبب لخروج الدم عنه، فلا يجعل تبعا في حقه بخلاف الجرح في الصيد؛ لأنه سبب لخروجه ناقصا، فيقام مقام الكامل فيه عند التعذر. وإنما يدخل في البيع تحريا لجوازه كيلا يفسد باستثنائه، ويعتق بإعتاقها كيلا ينفصل من الحرة ولد رقيق.
ــ
[البناية]
(ليس بسبب لخروج الدم عنه) ش: أي عن الجنين م: (فلا يجعل تبعا في حقه) ش: أي فلا يجعل الجنين تبعا لأمه في حق خروج الدم.
م: (بخلاف الجرح في الصيد) ش: هذا جواب عن قولهما: كما في الصيد، تقريره أن يقال: إن القياس على الصيد غير صحيح؛ لأن أصل الجرح وجد في الصيد م: (لأنه) ش: أي الخروج في الصيد م: (سبب لخروجه ناقصا) ش: أي لخروج الدم عنه حال كونه ناقصا لكونه من غير الذبح م: (فيقام مقام الكامل فيه عند التعذر) ش: أي عند عدم القدرة على الأصل وهو الذبح في الحلق. فأقيم السبب الذي هو الجرح وإسالة الدم مقام المسبب. بخلاف الجنين فإن لم يوجد فيه الجرح أصلا.
م: (وإنما يدخل في البيع) ش: جواب عن قولهما حتى يدخل في البيع الوارد على الأم، تقريره إنما يدخل الجنين في بيع أمه م:(تحريا) ش: أي طلبا م: (لجوازه) ش: البيع م: (كيلا يفسد) ش: أي البيع م: (باستثنائه) ش: أي باستثناء الجنين لأن استثناءه يفسد البيع. م: (ويعتق بإعتاقها) ش: جواب عن قولهما: ويعتق بإعتاقها، أي يعتق الجنين بإعتاق الأم م:(كيلا ينفصل من الحرة ولد رقيق) ش: والولد يتبع الأم في الحرية والرقية.
ولم يجب على قولهما: وتغذى بغذائها، فجوابه أن يقال: لا نسلم ذلك، ولكن هل يبقيه الله تعالى في بطن أمه من غير غذاء؟ . ويوصل الله سبحانه وتعالى الغذاء إليه كيفما شاء فإن قدرته الباهرة لا تعجز عن ذلك.
فإن قلت: هل لأبي حنيفة أثر في ذلك؟
قلت: روى محمد رحمه الله في كتاب " الآثار " قال: أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد عن إبراهيم قال: لا تكون ذكاة نفس ذكاة نفسين، يعني الجنين، وإذا ذبحت أمه لم يؤكل حتى تذكر ذكاته.
فإن قلت: كيف جاز له ترك الحديث المرفوع الصحيح، والعمل بأثر التابعي. قال: قلت: في " الأسرار ": لعل هذا الحديث لم يبلغ أبا حنيفة رحمه الله فإنه لا تأويل له في " المبسوط "، لا يكاد يصح هذا.
قلت: فيه نظر لأننا قد بينا أن الحديث صحيح وما نقله في " الأسرار " حسن. واستدل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
بعضهم لأبي حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الذكاة في الحلق واللبة» بين أن جنس الذكاة في الحلق واللبة لأنه ذكرهما بلام التعريف. ولا معهود إن كان لتعريف الجنس. فلو حل الجنين بدون ذكاة في اللبة والحلق لا يكون الجنس منحصرا فيه.
وقال ابن حزم: لا يترك نفس القرآن وهو قوله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] وقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] بالخبر المذكور، واختار في ذلك قول أبي حنيفة رحمه الله واختاره أيضا زفر والحسن بن زياد كما ذكرناه.
وبهذا قال ابن المنذر، ولم يرو عن أحد من الصحابة والتابعين وسائر العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا بإنشاء الذكاة فيه، إلا ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله، ولا أحسب أن أصحابه وافقوه عليه، وكيف يقول هذا وقد وافقه من أصحابه زفر والحسن بن زياد وقال به إبراهيم النخعي كما بينا.
فإن قلت: لم لا يجيب المصنف رحمه الله عن الحديث.
قلت: قال صاحب " العناية ": لأنه لا يصح الاستدلال، لأنه يروى ذكاة أمه بالرفع والنصب فإن كان منصوبا فلا إشكال أنه شبيه، وإن كان مرفوعا فكذلك، لأنه أقوى في التشبيه من الأول.
وقال الكاكي رحمه الله: والمراد من الحديث التشبيه لا الإنشاء أي ذكاة الجنين كذكاة أمه كقول الشاعر:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها
…
ولكن عظيم الساق منك دقيق
أي عيناك شبيهة بعيني الجنية، ولولا المراد به بما قالوا لقال:" ذكاة الأم ذكاة الجنين " كما يقال: لسان الوزير لسان الأمير، وإن كان يحتمل ما قاله أو يحتمل ما قلنا أيضا فكان من المشترك، فلا يبقى حجة.
قلت: قول صاحب " العناية ": روي ذكاة أمه بالرفع والنصب فيه نظر لأن الحافظ المنذري قال: فإن قلت: ما يقول في رواية أبي داود في حديث أبي سعيد الخدري رحمه الله أي الذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قلت: هو يعارض كتاب الله وهو قوله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وقوله سبحانه وتعالى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3] والجنين الذي خرج ميتا ميتة ومتحقق، وشرط المعارضة المساواة، ولا مساواة بين الكتاب وخبر الواحد فيحمل ذلك على النسخ ويؤول في بطنها الجنين قريب من الموت.