الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا عد من فصاحته ودل على إباحته وإن مات حتف أنفه بخلاف السمك إذا مات من غير آفة لأنا خصصناه بالنص الوارد في الطافي،
ثم الأصل في السمك عندنا أنه إذا مات بآفة يحل كالمأخوذ،
وإذا مات حتف أنفه من غير آفة لا يحل كالطافي وتنسحب عليه فروع كثيرة بيناها في كفاية المنتهى، وعند التأمل يقف عليه المبرز منها: إذا قطع بعضها فمات يحل أكل ما أبين وما بقي؛ لأن موته بآفة، وما أبين من الحي وإن كان ميتا فميتته حلال
ــ
[البناية]
م: (وهذا) ش: أي قول علي رضي الله عنه كله، كله م:(عد من فصاحته) ش: حيث أجاب بلفظتين متجانستين في اللفظ مختلفتين في المعنى. فإن قوله كله، أمر من أكل، يأكل، والضمير فيه يرجع إلى الجراد.
وقوله: كله، تأكيد لما بعده، وهو من ألفاظ التوكيد المعنوي. م:(ودل على إباحته وإن مات حتف أنفه) ش: أي على إباحة أكل الجراد وإن مات من غير آفة م: (بخلاف السمك إذا مات من غير آفة لأنا خصصناه بالنص الوارد في الطافي) ش: وهو حديث جابر رضي الله عنه ثم: وحديث جابر لم يكن فرق بين السمك والجراد فافهم.
[السمك إذا مات بآفة أو حتف أنفه]
م: (ثم الأصل في السمك عندنا: أنه إذا مات بآفة) ش: كالصدمة وإلقائه الماء على طرف ونحو ذلك م: (يحل كالمأخوذ) ش: هذا أصل في اشتراط الآفة في موت السمك لتصير حلالا، وهو أنه إذا مات بآفة يحل كالمأخوذ، أي كالسمك المأخوذ من الماء، فإن أخذه سبب لموته.
فإن قلت: يتوهم فيما ينبذه الماء ما كان طافيا قبل النبذ.
قلت: لم يعتبر هذا الوهم منا وإنما يعتبر في غير السمك من الحيوانات، فإنه إذا توارى عنه الصير، ولم يتبع لا يحل لاحتمال أنه مات من هوام الأرض.
والقياس أن لا يعتبر التوهم في موضع، وإنما اعتبرناه بالنص في ماء السمك، ولم يعتبر هنا لأنه قال: ما لفظ البحر كله.
م: (وإذا مات حتف أنفه من غير آفة لا يحل) ش: لعدم الشرط وهو الآفة، ولهذا قال م:(كالطافي) ش: لأنه ميت حتف أنفه بغير آفة م: (وتنسحب عليه) ش: أي يمتد على الأصل المذكور م: (فروع كثيرة بيناها في كفاية المنتهي وعند التأمل يقف عليها) ش: أي على الفروع م: (المبرز) ش: بالتشديد، من برز الرجل، فإنه أصحابه فضلا أو شجاعة، وثلاثية من برز الرجل يبرز بروزا، أي ظهر، وقوله سبحانه وتعالى:{وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا} [إبراهيم: 21] أي ظهروا.
م: (منها) ش: أي من الفروع م: (إذا قطع بعضها فمات يحل أكل ما أبين وما بقي؛ لأن موته بآفة، وما أبين من الحي وإن كان ميتا) ش: يعني في سائر الحيوانات م: (فميتته حلال) ش: أي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ميتة السمك حلال بخلاف غيره من الحيوانات.
ومنها: وجد في بطنها سمكة أخرى أو قتلها طير الماء، فلا بأس بأكلها لأن الموت يحال إلى سبب ظاهر وهو ابتلاع السمك أو قتل الطير.
ومنها: إذا ألقى سمك في جب ماء فماتت فيه، فلا بأس بأكلها، لأنها ماتت بسبب ضيق المكان عليها، فكان موتها بآفة ظاهرة فيحل دمها إذا جمعها في حظيرة لا يستطيع الخروج منها، وهو يقدر على أخذها بغير صيد، لأن الجمع في مكان ضيق سبب لموتها، وإن كانت تؤخذ بغير صيد، فلا خير في أكلها لانعدام سبب ظاهر يحال الموت إليه، فكان موتها حتف أنفها، فلا يحل.
قال القدوري رحمه الله في " شرحه ": روى هشام عن محمد رحمه الله في السمك إذا كان بعضها في الماء، وبعضها على الأرض إن كان رأسها في الأرض، أكلت لأنه موضع نفسها.
وإذا كان خارجا من الماء، فإن الظاهر أنها ماتت بسبب. وإن كان رأسها وأكثرها في الماء لم تؤكل لأنه موضع حياتها فكان الظاهر أنها ماتت بغير سبب وإن كان رأسها في الماء وأكثرها في الأرض، أكلت لأنه ليس موضع حياتها، فعلم أن موتها بسبب.
وقد شنع ابن حزم على محمد رحمه الله في هذا فقال: هذا قول مخالف للقرآن والسنة، ولأقوال العلماء، والقياس والمعقول. قيل في جوابه: هذا من غاية تعصبه لأن محمدا قال ذلك بالاستدلال من حديث جابر ووجه ما مر.
وقال الولوالجي رحمه الله في " فتاواه ": إذا ماتت السمكة في الشبكة وهو لا يقدر على التخلص منها أو أكلت شيئا ألقاه في الماء لتأكله فماتت منه وذلك معلوم فلا بأس بأكلها لأنها ماتت بآفة.
وفي " الفتاوى الصغرى " ناقلا عن " الجامع الصغير ": إذا وجد السمك ميتا على الماء وبطنه من فوق، لم يؤكل لأنه طافٍ. وإن كان ظهره من فوق أكل لأنه ليس بطاف. وفي " الذخيرة ": لو وجد سمكة في بطن طائفة يؤكل، وإن كانت الطافية لا تؤكل. ولو وجد في حوصلة طائر يؤكل وعند الشافعي رحمه الله لا يؤكل لأنه كالرجيع، ورجيع الطائر عنده نجس.
قلنا: إنما يصير رجيعا إذا تغير. وفي السمك الصغار التي تقلى من غير أن يشق
وفي الموت بالحر والبرد روايتان، والله أعلم بالصواب
ــ
[البناية]
جوفها، قال أصحابنا: لا يحل أكله لأن رجيعته نجس. وعندنا وسائر أجزائه تحل. م: (وفي الموت بالحر والبرد روايتان) ش: أي في موت السمك بحرارة الماء أو برودته روايتان.
إحداهما: أنه لا يؤكل لأنه مات بسبب حادث، فهو كما لو ألقاه الماء على اليبس، والرواية الأخرى: لا يؤكل لأن الحر والبرد صفة من صفات الزمان، فليست من الموت غالبا.
وأطلق القدوري رحمه الله في شرحه مختصر الكرخي الروايتين ولم ينسبها إلى أحد وقال شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله في كتاب " الصيد ": وقد ذكره في غير رواية الأصول خلافا، وقال على قول أبي حنيفة رحمه الله: لا يحل، وعلى قول محمد: يحل. فكذلك قال في " العيون " حيث قال: وقال أبو حنيفة: إذا قتلها برد الماء أو حره لم يؤكل، فهو في منزلة الطافي.
وقال محمد: يؤكل لأنه مات بآفة. فوائد: وفي " الكافي " للحاكم ولا يحل صيد المجوسي ولا ذبيحته إلا فيما يحتاج إليه من التذكية من سمكة أو جرادة وبيضة يأخذها، وما أشبه ذلك، وكذلك المرتد، ولا بأس بصيد المسلم بكلب المجوسي المعلم، كما يذبح بسكينه، ولو ذبح شاة أو بقرة فتحركت بعد الذبح أو خرج منها دم تحل، وإن لم تتحرك ولم يخرج منها الدم، لم تحل، وهنا إذا لم يدرك حياته وقت الذبح، فإن علم حل. ولو ذبح الموقوذة أو المسفوفة البطن أو المريضة وفيها حياة، حل في ظاهر المذهب، بقوله سبحانه وتعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] فيما ذبح، ولا يفصل في ظاهر الرواية.
وفي " المحيط ": وعليه الفتوى. وعن أبي حنيفة رحمه الله: إن كان بحال يعيش يوما لولا الذكاة يحل وإلا لا.
وعن أبي يوسف: إذا كان بحال يعيش أكثر اليوم لولا الذكاة يحل وإلا لا.
وفي " المحيط " ذبح شاة وقيل: إن كان أكثر رأيه أنها حية أكل، وإلا لا.
وقيل: إن تحركت أكل خرج الدم أو لا، وإن خرج الدم ولم يتحرك لم يؤكل تم الجزء الحادي عشر من البناية في شرح الهداية. ويليه الجزء الثاني مبتدئا بكتاب الأضحية.