الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مالك رحمه الله: لا تؤكل في الوجهين.
و
المسلم والكتابي في ترك التسمية سواء
وعلى هذا الخلاف إذا ترك التسمية عند إرسال البازي والكلب وعند الرمي، وهذا القول من الشافعي رحمه الله مخالف للإجماع فإنه لا خلاف فيمن كان قبله في حرمة متروك التسمية عامدا. وإنما الخلاف بينهم في متروك التسمية ناسيا. فمن مذهب ابن عمر رضي الله عنهما أنه يحرم. ومن مذهب علي وابن عباس رضي الله عنهما أنه يحل
ــ
[البناية]
فإن قلت: كيف صورة الناس متروك التسمية عمدا؟
قلت: أن يعلم أن التسمية شرط وتركها مع ذكرها، أما لو تركها من لم يعلم باشتراطها فهو في حكم الناسي. ذكره في الحقائق.
[المسلم والكتابي في ترك التسمية سواء]
م: (والمسلم والكتابي في ترك التسمية سواء) ش: حتى إن الكتابي إذا تركها عامدا لا تؤكل، وإذا تركها ناسيا تؤكل، وقد ذكرناه م:(وعلى هذا الخلاف) ش: المذكور م: (إذا ترك التسمية عند إرسال البازي والكلب وعند الرمي) ش: أي رمي السهم إلى الصيد -، فعند الشافعي رحمه الله يؤكل في الوجهين، وعند مالك لا يؤكل في الوجهين، وعندنا بالتفصيل المذكور م:(وهذا القول من الشافعي رحمه الله مخالف للإجماع، فإنه لا خلاف فيمن كان قبله في حرمة متروك التسمية عامدا، وإنما الخلاف بينهم في متروك التسمية ناسيا) ش: أي القول بجواز أكل متروك التسمية عامدا مخالف للإجماع، لأن الإجماع انعقد على عدم جوازه قبل الشافعي رحمه الله، فالمخالف للإجماع المنعقد قبله خارق للإجماع فلا تسمع م:(فمن مذهب ابن عمر رضي الله عنه: أنه يحرم) ش: أشار بهذا إلى بيان الخلاف في متروك التسمية ناسيا فلذلك ذكره بالفاء أي يحرم متروك التسمية ناسيا.
وذكر أبو بكر الرازي رحمه الله في " الأحكام " أن قصابا ذبح شاة ونسي أن يذكر اسم الله سبحانه وتعالى عليها فأمر ابن عمر رضي الله عنهما غلاما له أن يقوم عنده، فإذا جاء إنسان يشتري يقول له إن ابن عمر رضي الله عنهما يقول لك: إن هذه شاة لم تذك فلم يشتر منها شيئا.
م: (ومن مذهب علي وابن عباس رضي الله عنهم: أنه يحل) ش: أي متروك التسمية ناسيا يحل. وفي " موطأ " مالك رحمه الله عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سئل عن الذي ينسى أن يسمي الله سبحانه وتعالى على ذبيحته فقال: يسمي الله ويأكل ولا بأس. وقال الرازي في " الأحكام " وذكر عن علي وابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعطاء وابن المسيب والزهري وطاوس قالوا: لا بأس بأكل ما نسي أن يسمي.
بخلاف متروك التسمية عامدا، ولهذا قال أبو يوسف والمشايخ رحمهم الله: إن متروك التسمية عامدا لا يسع فيه الاجتهاد، ولو قضى القاضي بجواز بيعه لا ينفذ لكونه مخالفا للإجماع. له: قوله عليه الصلاة والسلام: «المسلم يذبح على اسم الله تعالى سمى أو لم يسم»
ــ
[البناية]
الله عليه عند الذبح. وقالوا: إنما هو على الملة م: (بخلاف متروك التسمية عامدا) . ش: حيث لم يختلف أحد من الصحابة والتابعين رحمهم الله في حرمته م: (ولهذا) ش: أي ولأجل انعقاد الإجماع على تحريم متروك التسمية عامدا.
م: (قال أبو يوسف والمشايخ رحمهم الله: إن متروك التسمية عامدا لا يسع فيه الاجتهاد ولو قضى القاضي بجواز بيعه) ش: أي بيع متروك التسمية عامدا م: (لا ينفذ لكونه مخالفا للإجماع) ش: والقاضي إذا قضى بما يخالف الكتاب والسنة والإجماع يرده كما إذا قضى بما يخالف الكتاب والسنة المشهورة، والإجماع من أقوى الحجج، فلا يجوز مخالفته بلا خلاف.
م: (له) ش: أي للشافعي رحمه الله م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «المسلم يذبح على اسم الله سبحانه وتعالى سمى أو لم يسم» ش: والحديث بهذا اللفظ غريب ولكن جاءت أحاديث في معناه؛ منها ما أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن محمد بن يزيد بن سنان عن عبيد الله الجزري عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم وليذكر اسم الله ثم يأكل» .
ومنها ما أخرجه الدارقطني رحمه الله أيضا عن مروان بن سالم، عن الأوزاعي عن عيسى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله سبحانه وتعالى، قال " اسم الله على كل مسلم» وفي لفظ: «على فم كل مسلم» .
ومنها ما رواه أبو داود رحمه الله في " المراسيل " فقال: حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
بن داود عن ثور بن يزيد عن الصلت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله تعالى أو لم يذكر» .
والجواب: أما الحديث الأول: فقال ابن القطان في كتابه: ليس في هذا الإسناد من يتكلم فيه غير محمد بن يزيد بن سنان وكان صدوقا صالحا لكنه شديد الغفلة.
وقال غيره: معقل بن عبيد الله وإن كان من رجال مسلم، لكنه أخطأ في رفع هذا الحديث وقد رواه سعيد بن منصور وعبد الله بن الزبير الحميدي عن سفيان عن عيينة عن عمرو، عن أبي الشعثاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، قوله: ذكر البيهقي وغيره فزادا في إسناده أبا الشعثاء، عن عكرمة، عن ابن عباس ووقفاه.
وقال ابن الجوزي رحمه الله في التحقيق معقل هذا مجهول، وتعقبه صاحب " التنقيح " فقال: بل هو مشهور، وهو ابن عبيد الله الجزري أخرج له مسلم في " صحيحه ".
واختلف قول ابن معين فيه فمرة وثقه ومرة ضعفه. وقد ذكره ابن الجوزي في " الضعفاء " فقال: معقل بن عبيد الله الجزري يروي عن عمرو بن دينار، قال يحيى: ضعيف، لم يزد على هذا، ومحمد بن يزيد بن سنان الحريري هو ابن أبي فروة الرهاوي. قال أبو داود: ليس بشيء.
وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات، والصحيح أن هذا الحديث موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما هكذا رواه ابن سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس، انتهى كلامه.
قلت: أخرجه كذلك عبد الرزاق في " مصنفه " في الحج: حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن عكرمة عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: إن في المسلم اسم الله، فإن ذبح ونسي أن يذكر اسم الله فليأكل، وإن ذبح المجوسي وذكر اسم الله فلا يأكل ".
وأما الحديث الثاني فقال الدارقطني: مروان بن سالم ضعيف. وأعله بن القطان أيضا به. وقال: هو مروان بن سالم العقاري وهو ضعيف. وليس مروان بن سالم المكي. ورواه ابن عدي في " الكامل " وأسند تضعيفه عن أحمد والنسائي وتابعهما. وقال: عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه.
وأما الحديث الثالث فإنه مرسل وهو ليس بحجة عنده. وقال ابن القطان: وفيه مع
ولأن التسمية لو كانت شرطا للحل لما سقطت بعذر النسيان كالطهارة في باب الصلاة. ولو كانت شرطا فالملة أقيمت مقامها كما في الناسي. ولنا: الكتاب وهو قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] . الآية نهي وهو للتحريم.
ــ
[البناية]
الإرسال أن الصلت السدوسي لا يعرف له حال ولا يعرف بغير هذا، ولا روى عنه غير ثور بن زيد، والله سبحانه وتعالى أعلم.
م: (ولأن التسمية لو كانت شرطا للحل لما سقطت بعذر النسيان كالطهارة في باب الصلاة) ش: لأن شرط الشيء ما يتوقف الشيء على وجوده ولا يفترق الحال بين النسيان والعمد كما في الطهارة واستقبال القبلة وستر العورة، فإن من نسي الطهارة لا تجوز صلاته كما لو تركها عمدا، وإنما يفرق بينهما في الموجودات كالأكل والشرب في الصوم م:(ولو كانت) ش: بين التسمية م: (شرطا فالملة أقيمت مقامها) ش: يعني ولئن سلمنا أن التسمية شرط، لكن الملة أقيمت مقامها، م:(كما في الناسي) ش: كما أقيمت الملة مقام التسمية في حق الناسي وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم عن من ذبح فترك التسمية ناسيا قال: «كلوا فإن تسمية الله تعالى في قلب كل امرئ مسلم» .
م: (ولنا: الكتاب وهو قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] الآية نهي وهو للتحريم) ش: وجه الاستدلال أن الله سبحانه وتعالى نص على تحريم متروك التسمية عمدا لأنه نهي.
والنهي لمطلق التحريم، ويدل عليه قوله سبحانه وتعالى:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وأكد النهي بحرف من لأنه في موضع النهي للمبالغة فيقتضي حرمة كل جزء منه، والهاء في قوله سبحانه وتعالى:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] إن كانت كناية عن الآكل في الفسق أكل الحرام، وإن كانت كناية عن المذبوح، فالمذبوح الذي يسمى فسقا يكون حراما كما في قوله سبحانه وتعالى:{أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وفي الآية بيان أن الحرمة لعدم ذكر اسم الله سبحانه وتعالى، لأن التحريم يوصف بذلك الوصف وهو الموجب للحرمة كالميتة والموقوذة. وبهذا يتبين فساد حمل الآية على الميتة وذبائح المشركين، فإن الحرمة هناك ليست لعدم ذكر الله سبحانه وتعالى؛ لأنه وإن ذكر اسم الله سبحانه وتعالى لا يحل.
فإن قلت: ما سوى حالة الذبح فليس بمراد بالإجماع. وأجمع السلف على أن المراد حالة الذبح فلا يكون مجملا.
فإن قلت: لا نسلم أن المراد منه الذكر باللسان بل المراد منه الذكر عليه مطلقا. والذكر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
بالقلب ذكر. قال الله سبحانه وتعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] والمراد منه الذكر بالقلب، وقول القائل:
الله يعلم أن لست أذكره
…
وكيف أذكره إذ لست أنساه
فإن الذكر والنسيان عمل القلب.
قلت: المراد بالنص الذكر باللسان، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى ذكر الذكر عليه.
والذكر عليه لا يكون إلا باللسان، لأن الذكر عليه أن يقصد إيقاع الذكر عليه، وإنما يقصد إلى الذكر بعد العلم به، لأن القصد إلى ما لا يعلم محال وهذا لا يتصور بالقلب، لأنه لما خطر بالبال صار معلوما موجودا. فكيف يتصور القصد إلى إيقاعه.
فإن قلت: الذكر بالقلب مراد بالإجماع، فلا يكون الذكر باللسان مرادا وإلا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. لأن الذكر من حيث القلب حقيقة لأن مدة النسيان تكون بالقلب أو العموم للمشترك.
قلت: لا نسلم بذلك لأن الذكر للأمرين حقيقة لوجود الاستعمال فيهما عرفا وشرعا، وضد الذكر السكوت أيضا. وهو يكون باللسان فكان حقيقة فيهما ولا يلزم عموم المشترك لأنه مشترك معنوي وهو المطلق لا المشترك اللفظي.
فإن قلت: الناسي مخصوص بالإجماع، ولو أريد به ظاهره لجرت المحاجة في السلف وظهر الانعقاد وارتفع الخلاف، فيخص العامل بالقياس وخبر الواحد.
قلت: الناسي غير مخصوص لأنه ذاكر تقدير الكلام القياس المسلم مقام الذكر في حق الناسي بالحديث. وهو معذور مستحق للنظر والتحقيق. والعامد غير معذور.
وقال تاج الشريعة رحمه الله:
فإن قلت: حالة النسيان مخصوصة.
قلت: لو خضت حالة العمد يؤدي إلى إلغاء النص، انتهى.
قلت: الناسي لا يخلو إما أن يكون مرادا منها أو لا، فإن كان مرادا لا يكون مخصوصا وحينئذ يلزم إرادة العامد بالطريق الأولى. وإن لم يكن مرادا يلزم إرادة العامد صونا للنص عن التعطيل.
فإن قلت: المراد بالآية الميتة لأن سبب نزول الآية مجادلة المشركين في الميتة، حيث قالوا
والإجماع وهو ما بينا،
ــ
[البناية]
يأكلون ما يقتلونه ولا يأكلون ما قتله الله سبحانه وتعالى.
قلت: سلمنا السبب ولكن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب؛ لأن اللفظ هو الذي يدل على الحكم لا السبب. فلو كان مختصا بالسبب لم يتجاوز حكم الشرع مكة والمدينة لأن سائر الأسباب ثمة واللفظ عام لأن قوله سبحانه وتعالى: {مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] يتناول الميتة وغيرها مما لم يذكر اسم الله تعالى.
فإن قلت: النصوص معارضة لهذا النص منها قوله سبحانه وتعالى: {كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168] ومنها قوله سبحانه وتعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] استثنى الذكاة من المحرمات، وهي مذكاة، لأن الذكاة هي الجرح بين اللبة واللحيين. ومنها قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] بيانه أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر أنه لا يحرم سوى المذكورات في هذه الآية. ومتروك التسمية غير مذكور في هذه الآية، فكان حلالا.
قلت: أما الجواب عن الآية الأولى فيقول نحن نوجب ذلك لأنه سبحانه وتعالى أمر بأكل الحلال لا الحرام، ومتروك التسمية عامدا حرام، بما تلونا فلا يرد علينا.
والجواب عن الآية الثانية فقول ليس المراد نفي الحرمة عما سوى المذكور من هذه الآية مطلقا، لأن لحم الكلب ولحم الحمار والبغل حرام ولم يذكر في هذه الآية، بل المراد منه أنه لم يجد محرما مما كانوا يعتقدونه حراما في هذه الآية، والدليل عليه ما ذكر قبل هذه الآية وهو قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} [الأنعام: 144] إلى أن قال: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] .
فإن قلت ذبيحة أهل الكتاب حلالا، وإن كان متروك التسمية، لأن ما يعتقدونه أنها ليست بآلة حقيقة، فعلم أن التسمية ليست بشرط.
قلت: إنما حل ذبيحة الكتابي لأنه وجد ذكر اسم الله تعالى من حيث الضرورة لأنهم يدعون ملة التوحيد فاكتفى بذلك القدر في حق المحل، ألا ترى أنا إذا سمعنا أنهم يذكرون اسم الله عزيرا واسم المسيح عند الذبح نقول بحرمة ذبائحهم، ولهذا نقول بحرمة ذبيحة المجوسي لأنه لا يدعي ملة التوحيد.
م: (والإجماع وهو ما بينا) ش:، أشار به إلى قوله فإنه لا خلاف فيمن كان قبله في حرمة
والسنة وهو حديث عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه فإنه عليه الصلاة والسلام قال في آخره: «فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب غيرك» علل الحرمة بترك التسمية "
ــ
[البناية]
متروك التسمية عامدا إلى آخره. م: (والسنة وهو حديث عدي بن حاتم الطائي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فإنه عليه الصلاة والسلام قال في آخره: «فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب غيرك» علل الحرمة بترك التسمية) ش: حديث عدي. هذا أخرجه الأئمة الستة في كتبهم. عن عدي بن حاتم.
«قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني أرسل كلبي وأسمي، فقال " إذا أرسلت كلبك وسميت، فأخذ فقتل فكل، وإن أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه ".
قلت: إني أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر ولا أدري أيهما أخذه، فقال: " لا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب آخر» . رواه البخاري عن آدم عن شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن عدي بن حاتم - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى آخره.
وروى البخاري أيضا وقال: حدثنا موسى بن إسماعيل عن ثابت بن يزيد عن عاصم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسك فقتل فكل وإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله عليها فأمسكن وقتلن فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتل» ، انتهى.
وهذا كله يدل على حرمة متروك التسمية عامدا، لأنه صلى الله عليه وسلم علل الحرمة بترك التسمية عامدا.
فإن قلت: ما الدليل على أن المراد هو العمد.
قلت: روى سعيد بن منصور بإسناده عن راشد بن سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم إذا لم يتعمد» .
ومالك رحمه الله يحتج بظاهر ما ذكرنا إذ لا فصل فيه، ولكنا نقول في اعتبار ذلك من الحرج ما لا يخفى؛ لأن الإنسان كثير النسيان والحرج مدفوع. والسمع غير مجري على ظاهره، إذ لو أريد به لجرت المحاجة وظهر الانقياد وارتفع الخلاف في الصدر الأول والإقامة.
ــ
[البناية]
م: (ومالك رحمه الله يحتج بظاهر ما ذكرنا إذ لا فصل فيه) ش: أي لا فصل في ظاهر ما ذكرنا من الآية لأن قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ، يشمل العمد والنسيان جميعا، لعدم القيد بأحدهما.
وقال صاحب " العناية ": واستدل مالك رحمه الله بظاهر قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ، فإن فيه النهي بالمنع وجه وهو تأكيده بمن الاستغراقية عن كل متروك التسمية، وهو بإطلاقه يقتضي الحرمة من غير فصل وهو أقرب لا محالة من مذهب الشافعي رحمه الله لأنه مذهب ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
قلت: قدمنا أن مذهب مالك رحمه الله ليس كذلك وإنما مذهبه كمذهبنا كما صرح به أصحابنا في كتبهم، والعجب من صاحب العناية لم يبينه على هذا مع قدرته على كتب المالكية حتى قدر مذهبه بما قرره، ثم قال وهو أقرب.
فكأنه رأى هذا صوابا، وعجب منه صاحب " الهداية " مع جلالة قدره نسبه إلى مالك ما ليس بمذهبه. ثم قرره ثم أجاب عنه م:(ولكنا نقول في اعتبار ذلك) ش: أي النسيان م: (من الحرج ما لا يخفى؛ لأن الإنسان كثير النسيان والحرج مدفوع) ش: بالنص وهو قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] .
فيحمل على حالة العمد دفعا للتعارض م: (والسمع) ش: أي المسموع في هذا الباب من الآية والحديث م: (غير مجري على ظاهره) ش: من حيث لم يرد منه العموم ظاهرا، م:(إذا لو أريد به) ش: أي لأنه لو أريد النسيان بالنص م: (لجرت المحاجة) ش: أي التحاجج بين الصحابة بالآية م: (وظهر الانقياد وارتفع الخلاف في الصدر الأول) ش: وهم الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
تقرير هذا الكلام أن الصحابة اختلفوا في متروك التسمية ناسيا، ولم يحتج من قال حرمت بالآية. فلو جرت الحاجة بها لارتفع الخلاف بينهم. فيه نظر انقياد من قال: يحل متروك التسمية ناسيا، ورجع عن قوله حيث لم تجر المحاجة ولم يرجع الخلاف علم أن الآية متروك الظاهر، وليس المراد به النسيان بل المراد منه العمد. م:(والإقامة) ش: مرفوع بالابتداء.
وجواب عن قول الشافعي رحمه الله أقيمت الملة مقام التسمية في حق الناسي،