الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا الحائط بين الدارين لأنها تشتمل على الضرر في الطرفين، إذ لا يبقى كل نصيب منتفعا به انتفاعا مقصودا فلا يقسم القاضي، بخلاف التراضي لما بينا.
قال: وإذا كانت دور مشتركة في مصر واحد قسم كل دار على حدتها في قول أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: إن كان الأصلح لهم قسمة بعضها في بعض قسمها
ــ
[البناية]
م: (وكذا الحائط بين الدارين) ش: أي وكذا لا يقسم الحائط الكائن بين الدارين جبرا. وقال الشافعي: إن أراد أحدهما قسمة في نصف الطول في كمال العرض فيه وجهان، أحدهما يجبر الآبي، والأصح أنه لا يجبر، وإن أراد أحدهما قسمته عرضا في كمال الطول، والحائط عرض في الأصح يجبر، وقيل لا يجبر كذا في " الحلية " م:(لأنها تشتمل على الضرر في الطرفين، إذ لا يبقى كل نصيب منتفعا به انتفاعا مقصودا فلا يقسم القاضي) ش: أي إذا كان كذلك فلا يقسمها القاضي.
وفي " شرح الكافي" للأسبيجابي قال أبو حنيفة: إذا كان طريق بين قوم إن اقتسموا لم يكن لبعضهم طريق ولا ممر فأراد بعضهم قسمته لم يقسمه، وكذلك إذا كان في قسمته ضرر على بعض دون بعض في ضيق الطريق وأنه لا يجد طريقا لم أقسمه بينهم إلا أن يتراضوا جميعا، وإذا كان يكون لكل واحد طريق نافذ قسمته وإذا طلب ذلك أحدهم.
وإذا كان طريق بين رجلين إن اقتسما لم يكن لواحد منهما فيه ممر ولكن لكل واحد منهما بقدر أن يفتح في منزله بابا ويجعله طويلا من وجه آخر فأراد أحدهما قسمته بينهما لأنه يقدر على الانتفاع فملكه من طريق آخر، وليس الشرط بقاؤه منتفعا به في هذه الجهة، بل بقاؤه منتفعا به في الجملة وأنه حاصل. وإذا كان مسيل ماء بين رجلين أراد أحدهما قسمته وأبى الآخر وإن كان فيه موضع مسيل الماء سوى هذه أقسمه، وإن لم يكن له موضع إلا بضرر لم أقسمه.
م: (بخلاف التراضي) ش: لالتزامهم الضرر م: (لما بينا) ش: أشار به إلى ما ذكره في أول الفصل بقوله وإن كان كل واحد منهما يستضر لصغره لم يقسمها إلا بتراضيهما.
[كيفية قسمة الدور مشتركة في المصر الواحد]
م: (قال وإذا كانت دور مشتركة في مصر واحد) ش: أي قال القدوري إذا كانت دار مشتركة بين قوم في مصر واحد، وفائدة التقييد بمصر واحد يأتي عن قريب م:(قسم كل دار على حدتها في قول أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي لا يجمع نصيب أحدهم في دار واحدة إلا بالتراضي، وبه قال الشافعي رحمه الله وأحمد، وحكي عن مالك أنه قال: إن كانت متجاورة جاز قسمة الجميع كما قال، وإن كانت متفرقة لا يجوز كما قال أبو حنيفة.
م: (وقالا إن كان الأصلح لهم قسمة بعضها في بعض قسمها) ش: يعني أن القاضي ينظر في
وعلى هذا الخلاف الأقرحة المتفرقة المشتركة. لهما: أنها جنس واحد اسما وصورة ونظرا إلى أصل السكنى أجناس معنى نظرا إلى اختلاف المقاصد ووجوه السكنى، فيفوض الترجيح إلى القاضي. وله: أن الاعتبار للمعنى وهو المقصود، ويختلف ذلك باختلاف البلدان والمحال والجيران والقرب إلى المسجد والماء اختلافا فاحشا، فلا يمكن التعديل في القسمة.
ــ
[البناية]
ذلك، وإن كانت أنصباء أحدهم إذا اجتمعت في دار كان أعدل القسمة جميع ذلك، لأن الدور في حكم جنس واحد لاتحاد المقصود بها وهو السكنى، وباعتبار الاسم واتحاد البلد والجنس الواحد يقسم كالغنم وغيره على ما يأتي الآن.
م: (وعلى هذا الخلاف الأقرحة المتفرقة المشتركة) ش: أي على الخلاف المذكور والأقرحة جمع قراح، وهي أرض خالية عن الشجر والبناء وغيرهما، فعنده لا يقسم قسمة جمع، وعندهما يقسم. ولأصحاب الشافعي فيه خلاف، فقال إسحاق الشيرازي: إن كانت متجاورة جاز قسمة الجمع.
وقال غيره من أصحابه: يجعل كالقراح الواحد إذا كان شربها واحدا.
وأما إذا كان شربها وطريقها مختلفا فهو كالأقرحة لا يقسم قسمة جبر. وفي " الحلية " وهذا أشبه.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (أنها) ش: أي الدور م: (جنس واحد اسما وصورة ونظرا إلى أصل السكنى) ش: لاتحاد المقصود بها م: (أجناس معنى، نظرا إلى اختلاف المقاصد ووجوه السكنى) ش: من الطول والعرض والارتفاع والثبوت والمرافق والجيران والقرب إلى الماء والمسجد والبعد عنهما وغير ذلك، فعند تعارض الأدلة ينظر القاضي في ذلك ويعمل بالأصلح أشار إليه بقوله م:(فيفوض الترجيح إلى القاضي) ش: أي الرأي في ذلك له، فإن رأى أن يقسم كل دار قسم، وإن رأى الجمع فعل، كذا في " الفتاوى الظهيرية ".
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن الاعتبار للمعنى وهو المقصود) ش: أي المعنى هو المقصود م: (ويختلف ذلك) ش: أي المقصود م: (باختلاف البلدان) ش: لأنه قد يكون السكنى في مصر م: (والمحال) ش: مع محلة، لأنه قد يكون محلة آمن من الأخرى وأحسن هو م:(والجيران) ش: جمع جار، لأنه قد يكون الجيران في محلة صلحاء دون جيران الأخرى م:(والقرب إلى المسجد والماء) ش: بأن يكون أحدهما قريبا من المسجد أو من الماء، والأخرى بعيدة منها، وقد يكون أحدهما أفره من الأخرى وغير ذلك من المقاصد م:(اختلافا فاحشا) ش: نصب لقوله مختلف م: (فلا يمكن التعديل في القسمة) ش: أي إذا كان كذلك لا يمكن التعديل فيها، فلا
ولهذا لا يجوز التوكيل بشراء دار،
وكذا لو تزوج على دار لا تصح التسمية كما هو الحكم فيهما في الثوب، بخلاف الدار الواحدة إذا اختلفت بيوته؛ لأن في قسمة كل بيت على حدة ضررا فقسمت الدار قسمة واحدة. قال رضي الله عنه: تقييد الوضع في الكتاب إشارة إلى أن الدارين إذا كانتا في مصرين لا تجتمعان في القسمة عندهما، وهو رواية هلال عنهما. وعن محمد رحمه الله: أنه يقسم إحداهما في الأخرى والبيوت في محلة أو محال تقسم قسمة واحدة؛ لأن التفاوت فيما بينهما يسير
ــ
[البناية]
يقسم جبرا لأنها تصير حينئذ في حكم الأجناس، فيقسم كل دار على حدة م:(ولهذا) ش: أي ولتفاحش الاختلاف م: (لا يجوز التوكيل بشراء دار) ش: كما لا يصح بشراء ثوب للجهالة.
م: (وكذا لو تزوج على دار لا تصح التسمية كما هو الحكم فيهما) ش: أي في التوكيل والتزويج م: (في الثوب) ش: يعني كما لو وكل بشراء ثوب أو يتزوج على ثوب فإنه لا يصح كما ذكرنا م: (بخلاف الدار الواحدة إذا اختلفت بيوتها؛ لأن في قسمة كل بيت على حدة ضررا، فقسمت الدار قسمة واحدة) ش: الحاصل أن الدار لا تقسم قسمة واحدة عند أبي حنيفة إلا برضاء الشركاء، سواء كانت مجتمعة أو متفرقة. والبيوت تقسم قسمة واحدة مجتمعة كانت أو متفرقة لعلة التفاوت بين البيوت والمنازل إن كانت مجتمعة في دار واحدة تقسم كالدار الواحدة تبعا، وإن كانت في دور متفرقة أو كانت في دار واحدة ولكنها متباينة بأن كان أحد المنازل في أقصاها والأخرى في أدناها، فالجواب فيها كالدار في قولهم، لأن المنزل شبيها بالدار، والبيت [
…
] منها.
م: (قال رضي الله عنه: تقييد الوضع بالكتاب) ش: أي قال المصنف تقييد وضع المسألة في " مختصر القدوري "، يعني به الذي قال وإذا كانت دور مشتركة في مصر واحد م:(إشارة إلى أن الدارين كانتا في مصرين لا يجتمعان في القسمة عندهما، وهي رواية هلال عنهما) ش: أي عن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -، وهلال هو ابن يحيى البصري تلميذ أبي يوسف وزفر - رحمهما الله - وهو يسمى بهلال الرأي لفقهه.
م: (وعن محمد: أنه يقسم إحداهما في الأخرى) ش: أي أحد الدارين في المصرين، لأنه جعلهما جنسا واحدا باعتبار اتحاد الاسم كما لو كان في مصر واحد م:(والبيوت في محلة أو محال تقسم قسمة واحدة؛ لأن التفاوت فيما بينهما يسير) ش: لأنها لا تتفاوت في معنى السكنى ما ليست اسم لسقف واحد له دهليز، فلا يتفاوت في المنفعة عادة، ألا ترى أنه يؤجر بأجرة واحدة في كل محلة.
والمنازل المتلازقة كالبيوت، والمتباينة كالدور؛ لأنه بين الدار والبيت على ما مر من قبل، فأخذ شبها من كل واحد.
قال: وإن كانت دارا وضيعة أو دارا وحانوتا يقسم كل واحد منهما على حدة لاختلاف الجنس. قال رضي الله عنه: جعل الدار والحانوت جنسين، وكذا ذكر الخصاف.
وقال في إجارات الأصل: إن إجارة منافع الدار بالحانوت لا تجوز، وهذا يدل على أنهما جنس واحد.
ــ
[البناية]
م: (والمنازل المتلازقة كالبيوت، والمتباينة كالدور؛ لأنه) ش: أي لأن المنزل م: (بين الدار والبيت) ش: لأن المنزل أصغر من الدار وأكبر من البيت، لأن المنزل اسم لدويرة صغيرة فيها بيتان أو ثلاثة، والبيت اسم لسقف واحد له دهليز كما ذكرناه، فالحاصل أن المنزل له منزل بين المنزلتين، فحاله تشبه الدار والبيت جميعا بالطريق الذي ذكرناه م:(على ما مر من قبل) ش: أي في باب الحقوق من كتاب البيوع م: (فأخذ شبها من كل واحد) ش: أي فأخذ المنزل شبها من كل واحد منهما على حدة لاختلاف الجنس.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإن كانت دارا وضيعة أو دارا وحانوتا قسم كل واحد منهما على حدة لاختلاف الجنس) ش: يعني لا يقسم كل قسمة واحدة، بل يقسم كل واحدة منهما على حدة، لأن الدار مع الضيعة جنسان، وكذا الدار مع الحانوت، فيكون قسمة البعض إلى البعض معاوضة فلا يجوز ذلك إلا بالتراضي، وكانت هاهنا تامة بمعنى وجدت، ولهذا لا يحتاج إلى الخبر، وقوله دار بالرفع فاعله وما بعده عطف عليه، ويجوز نصب الدار على تقدير أن يكون كانت ناقصة محذوف الاسم، تقديره فإن كانت البينة دارا.. إلخ.
م: (قال رضي الله عنه: جعل الدار والحانوت جنسين) ش: أي قال المصنف جعل القدوري الدار والحانوت جنسين م: (وكذا ذكر الخصاف) ش: وهو أبو بكر أحمد بن عمرو الخصاف الشيباني صاحب "كتاب أدب القاضي "، قال في " أدب القاضي " وإن كانت دارا وأرضا، أو دارا وحانوتا لم يجمع نصيب كل واحد من ذلك في حد النصفين، وقسم كل واحد من ذلك بينهم على حدة، انتهى. وإنما رضي الخصاف بالذكر لأن هذه المسألة لم تذكر في كتب محمد رحمه الله ولا ذكرها الطحاوي ولا الكرخي في "مختصريهما ".
م: (وقال) ش: محمد رحمه الله م: (في إجارات الأصل إن إجارة منافع الدار بالحانوت لا تجوز) ش: أي إجارة منافع الدار شهرا بسكنى حانوت شهرا لا يجوز، قال في الأصل واستئجار السكنى بالسكنى لا يجوز، واستئجار السكنى بالخدمة يجوز، وذلك لأن الجنس بانفراده يحرم [
…
] ، واحتاج صاحب " الهداية " إلى التوفيق بين ما إذا ذكره الخصاف، وبين ما إذا ذكره في "كتاب الإجارات"، فقال م:(وهذا يدل على أنهما جنس واحد) ش: أي الحانوت
فيجعل في المسألة روايتان، أو تبنى حرمة الربا هنالك على شبهة المجانسة.
ــ
[البناية]
والدار م: (فيجعل في المسألة روايتان) ش: يعني إما يحمل ذلك على اختلاف الرواية، أو يقال إنهما جنسان كما ذكره الخصاف.
م: (أو تبني حرمة الربا هنالك) ش: أي في إجارات الأصل م: (على شبهة المجانسة) ش: يعني إذا كانت منافع الدور ومنافع الحانوت مختلفة رواية واحدة، وتحمل حرمة الربا على شبهة المجانسة من منافع الدار والحانوت لاتحاد أصل السكنى المقصود منهما. وفي " الكافي " هكذا ذكره في " الهداية " وهو مشكل، لأنه يؤدي على اعتبار شبهة بالشبهة، والشبهة هي المعتبرة دون المنازل منها.
وقال تاج الشريعة قيل عليه ينبغي أن لا يصير شبهة المجانسة في حق الحرمة، لأن في حقيقة المجانسة إذا باع الشيء بجنسه يصير شبهة الربا، ففي شبهة المجانسة يعني تصير شبهة الشبهة، وهي لا تعتبر، انتهى.
وقد قال شمس الأئمة الحلواني: إما أن يكون في المسألة روايتان، أو يكون من مشكلات هذا الكتاب. وقيل في جوابه لا بل اعتبر الشبهة، لأن السكنى جنس واحد فيكون كإجارة السكنى بالسكنى، وهي شبهة لا شبهة شبهة، وفيه ضعف كما ترى.