المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف الحجر للفساد أو السفه] - البناية شرح الهداية - جـ ١١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الولاء

- ‌[تعريف الولاء وأنواعه]

- ‌«الولاء لمن أعتق»

- ‌[ولاء العبد المعتق]

- ‌[ولاء المكاتب]

- ‌[تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا لمن ولاؤهم]

- ‌ تزوج بمعتقة قوم ثم أسلم النبطي ووالى رجلا ثم ولدت أولادا

- ‌ولاء العتاقة تعصيب

- ‌فصل في ولاء الموالاة

- ‌كتاب الإكراه

- ‌[تعريف الإكراه وما يثبت به حكمه]

- ‌ أكره الرجل على بيع ماله أو على شراء سلعة

- ‌[أثر الإكراه في الضمان]

- ‌[حكم الإكراه الواقع في حقوق الله]

- ‌[الإكراه على الكفر أو سب الرسول]

- ‌[الإكراه على إتلاف مال]

- ‌[الإكراه على القتل]

- ‌ إكراه المجوسي على ذبح شاة الغير

- ‌[الإكراه على التوكيل بالطلاق]

- ‌[الإكراه على الزنا]

- ‌[من أكره على الردة هل تبين منه امرأته]

- ‌كتاب الحجر

- ‌[تعريف الحجر والأسباب الموجبة له]

- ‌[العقود التي يجريها الصبي والمجنون]

- ‌[حكم ما يتلفه الصبي والمجنون]

- ‌باب الحجر للفساد

- ‌[تعريف الحجر للفساد أو السفه]

- ‌[حكم القاضي بالحجر فرفع الحجر قاض آخر]

- ‌[تصرفات المحجور عليه]

- ‌[الزكاة في مال السفيه]

- ‌[أراد السفيه أن يحج حجة الإسلام]

- ‌[مرض السفيه وأوصى بوصايا في القرب]

- ‌فصل في حد البلوغ

- ‌[علامات بلوغ الغلام والجارية]

- ‌باب الحجر بسبب الدين

- ‌[بيع المفلس ماله لقضاء الدين المستحق عليه]

- ‌[حكم المال الذي استفاده المفلس بعد الحجر]

- ‌[مرض المحجور عليه في الحبس]

- ‌[بيع وتصرف وسفر المحجور عليه لدين]

- ‌[أفلس الرجل وعنده متاع لرجل بعينه]

- ‌كتاب المأذون

- ‌[تعريف العبد المأذون]

- ‌[إذن المولى لعبده في التجارة إذنا عاما أو في نوع معين]

- ‌[زواج العبد المأذون له في التجارة]

- ‌[هل للعبد المأذون أن يعتق على مال]

- ‌[ما يجوز للعبد المأذون له في التجارة]

- ‌[موت مولى العبد المأذون أو جنونه]

- ‌[الحكم لو أبق العبد المأذون له في التجارة]

- ‌[الاستيلاد وأثره على الإذن والحجر]

- ‌[ديون العبد المأذون له في التجارة]

- ‌[عتق العبد المأذون الذي عليه دين]

- ‌[قدم مصرا فباع واشترى وقال إنه عبد لفلان]

- ‌[فصل في أحكام إذن الصغير]

- ‌كتاب الغصب

- ‌[تعريف الغصب]

- ‌[هلاك المغصوب]

- ‌ رد العين المغصوبة

- ‌[محل الغصب]

- ‌[ضمان المغصوب]

- ‌ غصب عبدا فاستغله فنقصته الغلة

- ‌[نماء المغصوب وزيادته في يد الغاصب]

- ‌فصل فيما يتغير بفعل الغاصب

- ‌[غصب فضة أو ذهبا فضربها دنانير أو دراهم]

- ‌ غصب ساجة فبنى عليها

- ‌ خرق ثوب غيره خرقا يسيرا

- ‌[غصب أرضا فغرس فيها أو بنى]

- ‌ غصب ثوبا فصبغه أحمر، أو سويقا فلته بسمن

- ‌من غصب عينا فغيبها فضمنه المالك قيمتها

- ‌[فصل مسائل متفرقة تتعلق بالغصب]

- ‌ غصب عبدا فباعه فضمنه المالك قيمته

- ‌ غصب جارية فزنى بها فحبلت ثم ردها وماتت في نفاسها

- ‌[ضمان الغاصب منافع المغصوب]

- ‌فصل في غصب ما لا يتقوم

- ‌ أتلف المسلم خمرا لذمي أو خنزيره

- ‌ غصب من مسلم خمرا فخللها

- ‌ غصب ثوبا فصبغه ثم استهلك

- ‌[غصب خمرا فخللها بإلقاء الملح فيها]

- ‌ كسر لمسلم بربطا أو طبلا أو مزمارا أو دفا

- ‌ غصب أم ولد أو مدبرة فماتت في يده

- ‌[غصب السكر والمنصف فأتلفها]

- ‌كتاب الشفعة

- ‌[تعريف الشفعة]

- ‌[حكم الشفعة وأسبابها]

- ‌الشفعة للشريك في الطريق

- ‌[الشفعة في النهر الصغير]

- ‌[الشفعة في الخشبة تكون على حائط الدار]

- ‌[الحكم لو اجتمع الشفعاء]

- ‌[موجب الشفعة]

- ‌[الشهادة على الشفعة]

- ‌[كيفية تملك الشفعة]

- ‌باب طلب الشفعة والخصومة فيها

- ‌[أخبر الشفيع بكتاب أن الدار التي لك فيها شفعة قد بيعت]

- ‌[ألفاظ تدل على طلب الشفعة]

- ‌[هل تسقط الشفعة بالتأخير]

- ‌ المنازعة في الشفعة

- ‌[الخيار في الشفعة]

- ‌[فصل في الاختلاف في الشفعة]

- ‌[ادعاء المشتري عكس ما يدعيه البائع في الشفعة]

- ‌فصل فيما يؤخذ به المشفوع

- ‌[زيادة المشتري للبائع في الثمن هل تلزم الشفيع]

- ‌[اشترى دارا بعرض كيف يأخذها الشفيع]

- ‌[باع عقارا بعقار كيف يأخذ الشفيع بالشفعة]

- ‌ اشترى ذمي بخمر أو خنزير دارا وشفيعها ذمي

- ‌[فصل مشتمل على مسائل بغير المشفوع]

- ‌[بنى المشتري أو غرس ثم قضى للشفيع بالشفعة]

- ‌[الشفيع لا يكلف قلع الزراعة]

- ‌ أخذها الشفيع فبنى فيها أو غرس ثم استحقت

- ‌[انهدمت دار الشفعة أو جف شجر البستان من غير فعل أحد]

- ‌[اشترى أرضا وعلى نخلها ثمر أيأخذها الشفيع بثمرها]

- ‌باب ما تجب فيه الشفعة وما لا تجب

- ‌[الشفعة في جميع ما بيع من العقار]

- ‌لا شفعة في العروض

- ‌المسلم والذمي في الشفعة سواء

- ‌[ملك العقار بعوض هو مال هل تجب فيه الشفعة]

- ‌[الشفعة في الدار التي جعلت صداقا]

- ‌[الشفعة في الهبة]

- ‌[الشفعة فيما إذا باع أو اشترى بشرط الخيار]

- ‌[الشفعة فيما إذا ابتاع دارا شراء فاسدا]

- ‌[اشترى دارا فسلم الشفيع الشفعة ثم ردها المشتري بخيار أو بعيب]

- ‌[باب ما تبطل به الشفعة]

- ‌[ترك الشفيع الإشهاد حين علم بالبيع]

- ‌ صالح من شفعته على عوض

- ‌[موت الشفيع وأثره في بطلان الشفعة]

- ‌ باع الشفيع ما يشفع به قبل أن يقضى له بالشفعة

- ‌[وكيل البائع إذا باع وهو الشفيع هل له الشفعة]

- ‌[بلغ الشفيع أن الدار بيعت بألف درهم فسلم ثم علم أنها بيعت بأقل]

- ‌[فصل الحيل في الشفعة]

- ‌[باع دارا إلا بمقدار ذراع منها في طول الحد الذي يلي الشفيع]

- ‌ الحيلة في إسقاط الشفعة

- ‌[مسائل متفرقة في الشفعة]

- ‌[اشترى خمسة نفر دارا من رجل ولها شفيع]

- ‌ اشترى نصف دار غير مقسوم فقاسمه البائع

- ‌ باع أحد الشريكين نصيبه من الدار المشتركة وقاسم المشتري الذي لم يبع

- ‌ باع دارا وله عبد مأذون عليه دين فله الشفعة

- ‌تسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير

- ‌كتاب القسمة

- ‌ القسمة في الأعيان المشتركة

- ‌[تعريف القسمة وشروطها]

- ‌[كيفية القسمة في المكيلات والموزونات]

- ‌[تنصيب القاضي قاسما]

- ‌[شروط القاسم]

- ‌أجرة القسمة

- ‌فصل فيما يقسم وما لا يقسم

- ‌[قسمة العروض]

- ‌[لا يقسم ما يتلفه القسم]

- ‌[قسمة الحمام والبئر والرحى]

- ‌[كيفية قسمة الدور مشتركة في المصر الواحد]

- ‌فصل في كيفية القسمة

- ‌لا يدخل في القسمة الدراهم والدنانير إلا بتراضيهم

- ‌إذا اختلف المتقاسمون وشهد القاسمان قبلت شهادتهما

- ‌باب دعوى الغلط في القسمة والاستحقاق فيها

- ‌[اختلفا في التقويم في القسمة]

- ‌[اختلفوا عند القسمة في الحدود]

- ‌[فصل في بيان الاستحقاق في القسمة]

- ‌لو وقعت القسمة ثم ظهر في التركة دين محيط ردت القسمة

- ‌ ادعى أحد المتقاسمين دينا في التركة

- ‌فصل في المهايأة

- ‌ولو وقعت فيما يحتمل القسمة ثم طلب أحدهما القسمة يقسم

- ‌[هل يبطل التهايؤ بموت أحد المتقاسمين]

- ‌ تهايآ في العبدين على أن يخدم هذا هذا العبد

- ‌لو تهايآ في دارين على أن يسكن كل واحد منهما دارا جاز

- ‌ التهايؤ في الغلة

- ‌ التهايؤ على المنافع فاشتغل أحدهما في نوبته زيادة

- ‌[كان نخل أو شجر بين اثنين فتهايآ على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة يستثمرها]

- ‌كتاب المزارعة

- ‌[تعريف المزارعة وحكمها]

- ‌[فساد المزارعة]

- ‌[شروط صحة المزارعة]

- ‌ كانت الأرض لواحد والعمل والبقر والبذر لواحد

- ‌[أوجه المزارعة]

- ‌ كانت الأرض والبذر والبقر لواحد، والعمل من الآخر

- ‌ كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر

- ‌[بيان المدة في المزارعة]

- ‌[شرط أحد العاقدين في المزارعة]

- ‌[الأثر المترتب على المزارعة]

- ‌[الأثر المترتب على صحة المزارعة]

- ‌[الأثر المترتب على فساد المزارعة]

- ‌[كان البذر من قبل رب الأرض في المزارعة]

- ‌ جمع بين الأرض والبقر حتى فسدت المزارعة

- ‌[كان البذر من قبل العامل في المزارعة]

- ‌ عقدت المزارعة فامتنع صاحب البذر من العمل

- ‌[امتنع الذي ليس من قبله البذر في المزارعة]

- ‌ امتنع رب الأرض والبذر من قبله وقد كرب المزارع الأرض

- ‌ مات رب الأرض قبل الزراعة بعدما كرب الأرض وحفر الأنهار

- ‌[الأثر المترتب على فسخ المزارعة]

- ‌[نبت الزرع ولم يستحصد في المزارعة]

- ‌ انقضت مدة المزارعة والزرع لم يدرك

- ‌[مات المزارع فقالت ورثته نحن نعمل إلى أن يستحصد الزرع وأبى رب الأرض]

- ‌[أجرة الحصاد في المزارعة]

- ‌[شرط الجداد على العامل في المزارعة]

- ‌كتاب المساقاة

- ‌[تعريف المساقاة]

- ‌ لو شرطا الشركة في الربح دون البذر

- ‌[الشرط في المساقاة]

- ‌[شرط المدة في المساقاة]

- ‌[تسمية الجزء مشاعا في المساقاة]

- ‌[ماتجوز فيه المساقاة وما لا تجوز]

- ‌تبطل المساقاة بالموت

- ‌[فساد المساقاة]

- ‌[التزم العامل الضرر في المساقاة]

- ‌[موت العامل في المساقاة]

- ‌[انقضاء المدة في المساقاة]

- ‌[فسخ المساقاة]

- ‌[مرض العامل في المساقاة]

- ‌كتاب الذبائح

- ‌[تعريف الذكاة]

- ‌ الذكاة شرط حل الذبيحة

- ‌[شروط الذابح]

- ‌[حكم ذبيحة الكتابي]

- ‌[ذبيحة المجوسي والمرتد]

- ‌[ذبيحة الكتابي إذا تحول إلى غير دينه]

- ‌[ذبيحة الوثني وحكم ما ذبح في الحرم]

- ‌[شروط الذبح]

- ‌[حكم أكل متروك التسمية]

- ‌المسلم والكتابي في ترك التسمية سواء

- ‌[حكم التسمية في ذكاة الاختيار]

- ‌ رمى إلى صيد وسمى وأصاب غيره

- ‌[يذكر مع اسم الله تعالى شيئا غيره عند التذكية]

- ‌ عطس عند الذبح فقال: الحمد لله

- ‌[قول الذابح بسم الله والله أكبر]

- ‌[مكان الذبح]

- ‌العروق التي تقطع في الذكاة

- ‌[قطع نصف الحلقوم ونصف الأوداج في الذكاة]

- ‌ الذبح بالظفر والسن والقرن

- ‌[آلة الذبح]

- ‌ الذبح بالليطة

- ‌[ما يستحب في الذبح]

- ‌[ما يكره في الذبح]

- ‌[يضجع الذبيحة ثم يحد الشفرة]

- ‌[بلغ بالسكين نخاع الذبيحة أو قطع الرأس]

- ‌ يجر ما يريد ذبحه برجله إلى المذبح

- ‌ ذبح الشاة من قفاها فبقيت حية حتى قطع العروق

- ‌[ذكاة ما استأنس من الصيد]

- ‌[النحر للإبل]

- ‌[الحكم لو نحر ناقة أو بقرة فوجد بها جنينا]

- ‌فصل فيما يحل أكله وما لا يحل

- ‌[أكل كل ذي ناب من السباع]

- ‌[حكم الفيل]

- ‌[حكم اليربوع وابن عرس]

- ‌ أكل الرخم والبغاث

- ‌غراب الزرع

- ‌[الغراب الأبقع الذي يأكل الجيف والغداف]

- ‌[حكم أكل الحشرات وهوام الأرض]

- ‌[الزنبور والسلحفاة]

- ‌ أكل الحمر الأهلية والبغال

- ‌ لحم الفرس

- ‌أكل الأرنب

- ‌[طهارة جلد ملا يؤكل لحمه بالذكاة]

- ‌[جلد الآدمي والخنزير]

- ‌[حيوان البحر من السمك ونحوه]

- ‌[أكل الطافي من السمك]

- ‌[ميتة البحر تعريفها وحكمها]

- ‌[أكل الجريث والمارماهي وأنواع السمك والجراد من غير ذكاة]

- ‌[السمك إذا مات بآفة أو حتف أنفه]

الفصل: ‌[تعريف الحجر للفساد أو السفه]

‌باب الحجر للفساد

قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يحجر على الحر العاقل البالغ السفيه وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا مفسدا يتلف ماله فيما لا غرض له فيه ولا مصلحة. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله وهو قول الشافعي رحمه الله:

ــ

[البناية]

[باب الحجر للفساد]

[تعريف الحجر للفساد أو السفه]

م: (باب الحجر للفساد) ش: أي لأجل الفساد. ولما فرغ عن الحجر المتفق عليه شرع في بيان الحجر المختلف فيه، والمراد بالفساد السفه، وهو خفه تعتري الإنسان من غضب أو فرح فتحمله على العمل بخلاف موجب الشرع والعقل مع قيام العقل، وقد غلب في عرف الفقهاء على تبذير المال أو إتلافه على خلاف مقتضى العقل والشرع، يقال سفهت الريح الشجر إذا مالت به، ومسائل هذا الباب مبنية على قول الأصحاب، لا على قول أبي حنيفة رحمه الله لأنه لا يرى حجر الفساد والسفه.

م: (قال أبو حنيفة لا يحجر على الحر العاقل البالغ السفيه) ش: أي خفيف العقل، وهو غير المعتوه، فإن المعتوه ناقص العقل. وفي " المبسوط ": من عادة السفيه التبذير والإسراف في النفقة وأن يتصرف تصرفا لا لغرض أو عوض لا يعده العقلاء من أهل الديانة عوضا مثل دفع المال إلى المغنين واللعابين وشراء الحمار الطيارة بثمن غال والغبن في التجارات عند غير محمد.

وقال صاحب " المحيط الكبير ": في طريقة المولى الحجر على الحر العاقل البالغ السفيه المبذر لماله في الخير والشر غير جائز عند أبي حنيفة. قال أبو يوسف ومحمد: يجوز، ثم إنهما اختلفا فيما بينهما في السفيه إذا بلغ محجور أو مطلق، قال محمد يبلغ محجورا ولا يحتاج إلى حجر القاضي. وقال أبو يوسف: يبلغ مطلقا ويحتاج إلى حجر القاضي، فأجمعوا على أنه يمنع عنه المال إلى أن يبلغ خمسا وعشرين سنة، ثم اختلفوا بعد ذلك، قال أبو حنيفة لا يمنع عنه ماله بعد خمس وعشرين سنة، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: يمنع عنه ما دام السفه قائما.

م: (وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا) ش: بتشديد الذال المعجمة، وقاله م:(مفسدا) ش: تفسير لقوله مبذرا م: (يتلف ماله في ما لا غرض له فيه ولا مصلحة) ش: كالإلقاء في البحر أو الإحراق بالنار ونحو ذلك.

م: (وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله وهو قول الشافعي رحمه الله) ش: ومالك

ص: 88

يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ماله لأنه مبذر ماله بصرفه لا على الوجه الذي يقتضيه العقل فيحجر عليه نظرا له اعتبارا بالصبي بل أولى، لأن الثابت في حق الصبي احتمال التبذير وفي حقه حقيقته، ولهذا منع عنه المال. ثم هو لا يفيد بدون الحجر لأنه يتلف بلسانه ما منع من يده. ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه مخاطب عاقل، فلا يحجر عليه اعتبارا بالرشيد،

ــ

[البناية]

وأحمد رحمهما الله م: (يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ماله) ش: كالبيع والشراء والإجازة ونحوهما مما يحتمل الفسخ، وأما التي لا يحتمله فلا يحجر فيه كالطلاق والعتاق والإقرار بالحدود والقصاص.

م: (لأنه مبذر) ش: أي لأن السفيه مبذر م: (ماله بصرفه لا على الوجه الذي يقتضيه العقل) ش: وكل من هو كذلك م: (فيحجر عليه نظرا له اعتبارا بالصبي) ش: حيث يحجر عليه م: (بل أولى، لأن الثابت في حق الصبي احتمال التبذير وفي حقه) ش: أي وفي حق السفيه م: (حقيقته) ش: أي حقيقة التبذير م: (ولهذا منع عنه المال) ش: أي ولأجل وجود حقيقة التبذير فيه منع عنه أي عن السفيه المال بالنص بقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5](سورة النساء: الآية 5) .

م: (ثم هو) ش: أي منع المال م: (لا يفيد بدون الحجر لأنه يتلف بلسانه ما منع من يده) ش: بأن يبيع ماله بالغبن الفاحش فيؤدي ذلك إلى إتلاف ماله، قيل: هذا الذي ذكره في الدليل إنما يصح على قولهما، وأما على قول الشافعي، فلا يصح، لأن حجر السفيه عنه بطريق الزجر والعقوبة عليه والفائدة تظهر فيما إذا كان السفيه مفسدا في دينه مصلحا في ماله كالفاسق، فعنده يحجر عليه زجرا وعقوبة ولا يحجر عليه عندهما.

قلت: لا نسلم أن الشافعي يرى ذلك بطريق الزجر والعقوبة فقط، بل يراه بهذه الطريقة وبطريقة ما قالا أيضا، فإن عنده يجوز الحجر بما جاز أو به، وفي الفسخ أيضا وهما لا يريانه بالفسق، فحينئذ ما ذكره من الدليل يصح على قولهما، وعلى قوله أيضا فيما اتفق معهما فيه، فافهم.

م: (ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه) ش: أي أن السفيه م: (مخاطب عاقل) ش: وفي هذا الوصف إشارة إلى أهلية التصرف، لأن التكليف يقتضي التمكن من الاستيفاء جريا على موجب التكليف، والاستيفاء إنما يكون بالوصول إلى الأموال وذلك بالتمليك والتملك وبالعقل يثبت أهلية التمييز والشرع جعل الرشيد بسبيل من التصرفات تمليكا وتملكا لهذا المعنى، وأنه موجود في حق السفيه لأنه مكلف عاقل كالرشيد م:(فلا يحجر عليه اعتبارا بالرشيد) .

ص: 89

وهذا لأن في سلب ولايته إهدار آدميته وإلحاقه بالبهائم وهو أشد ضررا من التبذير، فلا يحتمل الأعلى لدفع الأدنى، حتى لو كان الحجر دفع ضرر عام كالحجر على المتطبب الجاهل والمفتي الماجن

ــ

[البناية]

ش: فإن قيل: ينتقض هذا بالعبد فإنه مخاطب عاقل ويحجر عليه.

قلت: إنما قال إنه مخاطب، وهو مطلق، والمطلق يتصرف إلى الكامل، والبعد ليس بكامل في كونه مخاطبا لسقوط الخطابات المالية كالزكاة، وصدقة الفطر، والأضحية والكفارات المالية، وبعض الخطابات الغير مالية كالحج، والجمعة، والعيدين، والشهادات وشطر الحدود وغيرها. ولو قال لأنه مخاطب عاقل حر سقط الاعتراض.

م: (وهذا) ش: أي عدم الحجر م: (لأن في سلب ولايته إهدار آدميته وإلحاقه بالبهائم) ش: باعتبار قوله في التصرفات م: (وهو) ش: أي الحجر عليه م: (أشد ضررا من التبذير فلا يحتمل الأعلى) ش: الذي هو الحجر م: (لدفع الأدنى) ش: الذي هو التبذير م: (حتى لو كان في الحجر دفع ضرر عام كالحجر على المتطبب الجاهل) ش: وهو الذي يعالج الناس من الكتب من غير مراجعة على المشايخ ولا وقوف على غوامض الكليات، ولا معرفة بطباع الأدوية ولا تشخيص الأمراض العارضة كأبناء هذا الزمان الذين يتولون وظائف الحكمة ورياستها بواسطة المال وإعانة الظلمة.

م: (والمفتي الماجن) ش: وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده: والمفتي الجاهل وهما متقاربان، لأن ضررهما عام، وهو من مجن الشيء مجن مجونا إذا صلب وغلظ، وقولهم رجل ماجن كأنه أخذ من غلظ الوجه وقلة الحياء، وليس بعربي محض، قاله ابن دريد.

والمفتي الماجن الذي يعلم الناس الحيل الباطلة، مثل أن يعلم المرأة حتى ترتد فتبين من زوجها، ويعلم الرجل أنه يرتد فتسقط عنه الزكاة ثم يسلم ولا يبالي أن يحرم حلالا أو يحلل حراما يفسد على الناس دينهم، ولقد شاهدت بالديار المصرية طائفة قد تحلوا بحلية الفقهاء واستولوا على مناصب الأجل من العلماء بمخالطتهم الظلمة وأرباب الدولة ومشاركتهم إياهم فيما هم فيه من الفساد، وأعطوا لهم بما يطابق أغراضهم الفاسدة وبما يوافق أهواءهم الكاسدة فضلوا وأضلوا، ولقد قرع سمعي من بعض الثقات أن واحدا منهم قد أفتى لملك لهم كبير بإباحة الإتيان في مماليكه مستدلا بقول الله عز وجل {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] (النساء: الآية 3) ، وآخر قد أباح شرب الخمر بمصر مستدلا بأنها لا تقذف بالزبد وهو شرط في الحرمة. وآخر أفتى بجواز السماع، والرقص، وسماع الملاهي مستدلا بلعب الحبشة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالحراب، والدرق، وبالجاريتين المغنيتين، ونحو ذلك مما ذكر عنهم من الترهات،

ص: 90

والمكاري المفلس جاز فيما يروى عنه، إذ هو دفع ضرر الأعلى بالأدنى، ولا يصح القياس على منع المال؛ لأن الحجر أبلغ منه في العقوبة ولا على الصبي؛ لأنه عاجز عن النظر لنفسه وهذا قادر عليه نظرا والشرع مرة بإعطاء آلة القدرة

ــ

[البناية]

والأباطيل أعاذنا الله من شر هؤلاء الذين {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 104](سورة الكهف: الآية 104)، {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 200] (سورة البقرة: الآية 200) .

م: (والمكاري المفلس) ش: لأنه يتلف أموال الناس، فإنه إن مات حمولته في الطريق وليس له أخرى، والمستكري لا يجد شيئا إلا بالبيع ولا بالإجارة، فيؤدي ذلك إلى إتلاف أموال الناس ولا سيما مكارية الحج بفسادهم ظاهرة للناس فلا يحتاج إلى البيان م:(جاز فيما يروى عنه) ش: أي جاز الحجر فيما يروى عن أبي حنيفة م: (إذ هو دفع ضرر الأعلى بالأدنى) ش: أي لأن الحجر على هؤلاء دفع الأعلى، أي الضرر الأعلى وهو الضرر العام بالضرر الأدنى، وهو الضرر الذي يلحق المحجور.

م: (ولا يصح القياس على منع المال) ش: هذا جواب عن قولهما، ولهذا منع عنه المال، أي لا يصح قياس جواز الحجر عليه على جواز منع المال منه م:(لأن الحجر أبلغ منه في العقوبة) ش: أي لأن الحجر على السفيه أبلغ من منع المال عنه في العقوبة، يعني منع المال إنما هو بطريق العقوبة عليه ليكون زجرا له على التبذير، والحجر أبلغ فيه في العقوبة فلا يقاس عليه.

قيل: هذا يلزم على الشافعي رحمه الله لأنه يرى الحجر عليه عقوبة، أما عندهما الحجر عليه نظرا له.

وقيل: هذا على طريق بعض مشايخنا حيث قال إنه بطريق العقوبة، وقيل في وجه منع هذا القياس أن منع المال شرع غير معقول المعنى إذ منع الأدنى عن التصرف وهو مالك غير معقول فلا يقاس عليه.

وقيل: إن اليد للآدمي على المال نعمة زائدة وإطلاق اللسان في التصرفات أصل فلا يقاس إبطال أعلى النعمتين على أدناهما.

م: (ولا على الصبي) ش: جواب أيضا عن قولهما اعتبارا بالصبي أن لا يقاس السفيه بالصبي م: (لأنه) ش: أي لأن الصبي م: (عاجز عن النظر لنفسه) ش: فلذلك احتج ضرورة إلى صيرورة الغير وليا والمولى عليه لا يلي التصرف.

م: (وهذا) ش: أي السفيه م: (قادر عليه) ش: أي على النظر لنفسه لكمال عقله م: (نظرا والشرع مرة بإعطاء آلة القدرة) ش: من العقل، والحرية، والبلوغ، وإن كان يعدل عن السنن

ص: 91

والجري على خلافه لسوء اختياره، ومنع المال مفيد لأن غالب السفه في الهبات والتبرعات والصدقات وذلك يقف على اليد.

ــ

[البناية]

بالعقل بهواه م: (والجري على خلافه) ش: أي وجري السفيه على خلاف ذلك م: (لسوء اختياره) ش: لا يعجزه، فكان قياس قادر على عاجز فلا يصح.

م: (ومنع المال مفيد) ش: هذا جواب عن قوله، ثم هؤلاء يفيد الحجر، يعني أن منع المال بدون الحجر مفيد م:(لأن غالب السفه في الهبات والتبرعات والصدقات) ش: دون التجارات م: (وذلك يقف على اليد) ش: أي لا يملك إلا بالقبض، فإذا لم يكن في يده شيء يمتنع عن ذلك، وإن فعل لم يفد.

فإن قلت: قول تعالى {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282](البقرة: الآية 282) ، يدل على الحجر، لأنه تعالى جعل السفيه وليا عليه، فإذا كان عليه ولي كان موليا عليه، وكونه موليا عليه دليل أنه محجور عليه.

وروي عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، أنه اشترى دارا بأربعين ألف درهم، وطلب علي من عثمان رضي الله عنهما أن يحجر عليه، فشارك الزبير بن العوام، فلما بلغ ذلك عثمان رضي الله عنه قال: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير بن العوام، وإنما علل بهذا؛ لأن الزبير كان مجتهدا في التجارة، فلو كان هذا عيبا لما شاركه الزبير، فطلب علي، وتعليل عثمان، واحتيال عبد الله بهذه الحيلة يدل ذلك على منعهم الحجر على الحر، ولم ينقل عن غيرهم خلافا فكان إجماعا.

وحدث أبو عبيد في غريب الحديث بإسناده إلى عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال: ألا إن الأسينع أسينع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال سابق الحاج، أو قال سبق الحاج فأدان معرضا فأصبح قد دين به فمن له عليه دين فليغد بالغداة فلتقسم ماله بينهم بالحصص، فهذا دليل أن عمر رضي الله عنه حجر عليه بسبب الإفلاس وباع ماله من غير رضاه.

قلت: الجواب عن الآية أن الله تعالى جوز المداينة مع السفيه كما جوزه مع المصلح، هذا يدل على أن السفيه لا يوجب الحجر، ويقال إن السفيه هاهنا هو المجنون والصغير وعليه كثير من أهل التأويل وذلك بانعدام العقل أو نقصانه، وكذا يحمل السفيه في قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] فيسقط به الاحتجاج أيضا في الحجر، والمراد نهي الأزواج عن دفعه المال إلى النساء وجعل التصرف إليهن كما كانت العرب تفعله، ألا ترى أنه قال أموالكم وذلك يتناول المخاطبين بهذا المعنى لا أموال السفهاء.

ص: 92