الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا لأنه مفيد لأنه يتصرف للغرماء، بخلاف ما إذا لم يكن عليه دين لأنه يبيعه لمولاه ولا شفعة لمن يبيع له.
قال: و
تسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير
جائز عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -.
ــ
[البناية]
م: (وهذا) ش: أي جواز أخذه بالشفعة م: (لأنه مفيد) ش: أي لأن أخذه بالشفعة مفيد م: (لأنه يتصرف للغرماء) ش: لا للمولى م: (بخلاف ما إذا لم يكن عليه دين لأنه يبيعه لمولاه ولا شفعة لمن يبيع له) ش: أي لأجله، وقد مر أن من بيع له لا شفعة له. وقال شيخ الإسلام الأسبيجابي "في شرح الكافي ": وإذا باع الرجل دارا وله عبد تاجر وهو شفيعها فإن كان عليه دين فله الشفعة، لأنه لا يأخذ لمولاه بل لنفسه، فكان مفيدا. ألا ترى أنه لو اشترى شيئا من مولاه كان جائزا إذا كان عليه دين، فكذا الأخذ بالشفعة، وإن لم يكن عليه دين لا يصح، لأنه يأخذها لمولاه وهو بائع.
وكذا إذا باع العبد والمولى شفيعها فهو على هذا التقسيم، ثم قال شيخ الإسلام: وإذا باع المولى دارا ومكاتبه شفيعها فله الشفعة، لأنه أقرب إلى الأجانب من العبد المأذون، فإنما يأخذ لنفسه فكان أخذه الدار بالشفعة مفيدا.
[تسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير]
م: (قال: وتسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير جائز عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: أي قال في " الجامع الصغير " قال الكرخي في "مختصره": وإذا بيعت الدار، وشفيعها صبي، وهو في حجر أبيه، أو وصي أبيه، أو وصي جده إلى أبيه أو من ولاه عليه إمام أو حاكم فكل واحد منهم في حال ولايته أن يطالب بشفعة الصغير أو يأخذ الدار بالشفعة ويسلم ثمنها من مال الصغير. فإن سكت أحد من هؤلاء في حال ما له المطالبة عن طلب الشفعة للصغير بطلت شفعة الصغير. وكذلك إن سلم الشفعة بالقول فهو تسليم جائز ولا شفعة للصغير إذا بلغ في الوجهين جميعا وليس لأحد من الأب ولاية على الصغير ثم وصي الأب، ثم الجد أب الأب، ثم وصي الجد. فإن لم يكن واحد من هؤلاء فمن ولاه الإمام والحاكم وتسليم الشفعة من هؤلاء جائز في حال ولايتهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال ابن أبي ليلي وزفر ومحمد إن ذلك لا يجوز للصغير على شفعته إذا بلغ، انتهى.
وفي " الدراية ": الشفعة تثبت للصغير عند أكثر أهل العلم. وقال ابن أبي ليلي: لا شفعة للصغير وبه قال النخعي والحارث العكلي، لأن الصبي لا يمكنه الأخذ ولا يمكن انتظاره حتى يبلغ لما فيه من الإضرار بالمشتري ولا يملك وليه الأخذ لأن من لا يملك العفو لا يملك الأخذ وللجمهور عموم الأخبار وقد مر الكلام فيه فيما مضى مستقصى.
وقال محمد وزفر - رحمهما الله -: هو على شفعته إذا بلغ قالوا: وعلى هذا الخلاف إذا بلغهما شراء دار بجوار دار الصبي فلم يطلب الشفعة. وعلى هذا الخلاف تسليم الوكيل بطلب الشفعة في رواية كتاب "الوكالة" وهو الصحيح.
ــ
[البناية]
م: (وقال محمد وزفر - رحمهما الله -: هو على شفعته إذا بلغ) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد - رحمهما الله - في رواية إذا كان النظر في الأخذ. وعن أحمد في ظاهر مذهبه أنه لا يسقط سواء ترك مع النظر وعدمه أو عفا، لأنه حق ثابت له فيملك أخذه ولا يسقط بإسقاط غيره.
م: (قالوا: وعلى هذا الخلاف) ش: أي قال المشايخ وعلى الخلاف المذكور م: (إذا بلغهما) ش: أي الأب والوصي م: (شراء دار بجوار دار الصبي فلم يطلب الشفعة) ش: أي الشفعة مع إمكان الطلب يسقط عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمد ومن تبعه حتى إذا بلغ الصبي لم يكن له حق الأخذ بالشفعة عندهما خلافا لمحمد.
م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور م: (تسليم الوكيل بطلب الشفعة في رواية كتاب "الوكالة") ش: صورته أن يوكل وكيلا بطلب الشفعة فسلم الوكيل الشفعة فتسليمه صحيح عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمد. وفي " المبسوط " إذا وكل وكيلا بطلب الشفعة فسلم الوكيل الشفعة وأقر بأن موكله قد سلم فعند أبي حنيفة رحمه الله يصحان في مجلس القاضي، وعند أبي يوسف في المجلس وغيره. وكان أبو يوسف يقول أولا: لا يصحان في المجلس وغيره ثم رجع وقال: يصحان فيهما، ومحمد مع أبي حنيفة في إقراره في مجلس القاضي، إذا سلم بنفسه. أما الإقرار عليه فلا يصح أصلا، ويقول محمد قال زفر والشافعي والباقي، قوله بطلت الشفعة يتعلق بقوله: الوكيل لا بقوله: تسليم الوكيل فافهم.
وأراد بكتاب الوكالة " المبسوط " م: (هو الصحيح) ش: احتراز عما روي عن محمد أنه مع أبي حنيفة في جواز تسليم الوكيل بالشفعة خلافا لأبي يوسف، وقال شيخ الإسلام علاء الدين الأسبيجابي في شرح "الكافي " وإذا وكل وكيلا بطلب الشفعة فسلم الوكيل الشفعة عند القاضي فتسليمه جائزا وإن سلم عند غيره لم يكن تسليما وإن أقر عند القاضي أن الذي وكل به سلم الشفعة جائز إقراره عليه، وإن أقر عند غير القاضي لم يجز استحسانا، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا يجوز إقراره عليه. وإن أقر عند غير القاضي ولا تسليمه ثم رجع وقال بجواز إقراره بتسليم الشفعة وعند القاضي عند غيره، وعلى الذي وكله.
ثم قال شيخ الإسلام: وذكر في كتاب "الوكالة" قال محمد: لا يجوز تسليم الوكيل الشفعة عند القاضي، ويجوز إقراره على موكله بالتسليم سوى في هذه الرواية بين التسليم
لمحمد وزفر: أنه حق ثابت للصغير فلا يملكان إبطاله كديته وقوده، ولأنه شرع لدفع الضرر، فكان إبطاله إضرارا به، ولهما: أنه في معنى التجارة فيملكان تركه. ألا ترى أن من أوجب بيعا للصبي صح رده من الأب والوصي، ولأنه دائر بين النفع والضرر.
ــ
[البناية]
وبين إقراره بالتسليم بنفسه، والأصح ما ذكر في الوكالة، لأن الوكيل بالشفعة وكيل بالخصومة والوكيل بالخصومة يملك الإقرار على موكله في مجلس القاضي ولا يملك في غير مجلس القاضي عند أبي حنيفة ومحمد. وفي قول أبي يوسف الأول وهو قول زفر لا يملك إلا عند القاضي ولا عند غيره، وفي قوله الآخر يملك عند القاضي وعند غير القاضي.
أما التسليم فمعزل من الجواب في شيء بل هو تصرف مبتدأ، وإنما لا يصح ذلك عند محمد، فأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف يصح بناء على أصل آخر، وهو أن من ملك أخذ الدار بالشفعة يملك التسليم. وعند محمد لا يملك بمنزلة الأب والوصي إنما يملكان تسليم شفعة الصبي عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وعند محمد وزفر لا يجوز، وقد نص على الخلاف فيه، وهذا في معناهما.
م: (لمحمد وزفر: أنه حق ثابت للصغير) ش: أي أن الشفعة حق ثابت متقرر، وتذكير الضمير باعتبار طلب الشفعة م:(فلا يملكان) ش: أي الأب والوصي م: (إبطاله) ش: أي إبطال حق ثابت م: (كديته وقوده) ش: أي قصاصه وقوله ديته في بعض النسخ بالياء آخر الحروف ثم التاء المثناة من فوق بدلالة قود عليه والنسخ الصحيحة المشهورة كديته بالياء آخر الحروف ثم النون، لأنه أعلم وأوفق لرواية " المبسوط " فإن قال: لا تثبت الولاية لهما في إسقاطه كإبراء الدين والعفو عن القصاص الواجب له وإعتاق عبده م: (ولأنه) ش: أي ولأن طلب الشفعة م: (شرع لدفع الضرر فكان إبطاله إضرارا به) ش: أي فكان إبطال دفع الضرر إضرارا بالصبي.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أنه) ش: أي الأخذ بالشفعة م: (في معنى التجارة) ش: لأنه يملك العين بالثمن وهو على الشراء م: (فيملكان تركه) ش: أي يملك الأب والوصي ترك الاتجار، فكذا يملكان ترك الشفعة م:(ألا ترى) ش: توضيحه لما قبله م: (أن من أوجب بيعا للصبي) ش: بأن قال رجل: بعت هذا العبد لفلان الصبي بكذا م: (صح رده من الأب الوصي) ش: أي رده من الأب والوصي، أي رد هذا الإيجاب سواء كان الراد أبا أو وصيا. م:(ولأنه دائر بين النفع والضرر) ش: دليل آخر يتضمن الجواب عن الدية والقود، أي ولأن ترك الشفعة أو طلبها دائر بين النفع بأن بقي الثمن على ملكه الضرر بأن يحصل الصبي إذ الدخيل في الترك على الترك على ما نبينه الآن، بخلاف الدية والقود، فإن تركها ترك بلا
وقد يكون النظر في تركه ليبقى الثمن على ملكه والولاية نظرية فيملكانه، وسكوتهما كإبطالهما لكونه دليل الإعراض. وهذا إذا بيعت بمثل قيمتها، فإن بيعت بأكثر من قيمتها بما لا يتغابن الناس فيه قيل: جاز التسليم بالإجماع لأنه تمحض نظرا. وقيل: لا يصح بالاتفاق لأنه لا يملك الأخذ فلا يملك التسليم كالأجنبي، وإن بيعت بأقل من قيمتها محاباة كثيرة، فعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يصح التسليم منهما
ــ
[البناية]
عوض فيكون إضرارا به.
م: (وقد يكون النظر في تركه) ش: أي في ترك طلب الشفعة م: (ليبقى الثمن على ملكه) ش: أي على ملك الصبي م: (والولاية نظرية) ش: أي ولاية الأب والوصي نظرية، يعني لأجل النظر في حقه م:(فيملكانه) ش: أي إذا كان الأمر كذلك فيملك الأب والوصي ترك طلب الشفعة م: (وسكوتهما) ش: أي سكوت الأب والوصي عن طلب الشفعة حين العلم ببيع الدار م: (كإبطالهما) ش: صريحا م: (لكونه دليل الإعراض) ش: أي لكون السكوت عن الطلب دليل الإعراض عنه مع القدرة عليه.
م: (وهذا) ش: أي هذا الخلاف م: (إذا بيعت) ش: الدار م: (بمثل قيمتها، فإن بيعت بأكثر من قيمتها بما لا يتغابن الناس فيه قيل: جاز التسليم بالإجماع) ش: أي بلا خلاف لمحمد وزفر والشافعي م: (لأنه تمحض نظرا) ش: أي صار نظرا محضا للصبي.
م: (وقيل: لا يصح) ش: أي التسليم م: (بالاتفاق) ش: بين أصحابنا وفي " الكافي " وهو الأصح وهكذا ذكره في " المبسوط " م: (لأنه) ش: أي لأن الولي م: (لا يملك الأخذ فلا يملك التسليم كالأجنبي) ش: حيث لا يملك الأخذ ولا التسليم، فيصير الولي كالأجنبي.
م: (وإن بيعت) ش: الدار م: (بأقل من قيمتها محاباة كثيرة) ش: أي لأجل المحاباة الكثيرة بأن بيعت ما يساوي ألفا بأقل من خمسمائة م: (فعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يصح التسليم منهما) ش: أي من الأب والوصي، لأن ولايتهما نظرية، والنظر في أحدها في مثل هذا لا في تسليمها.
وذكر في " المختصر "" والمختلف " في هذه المسألة عن أبي حنيفة أنه لا يجوز أيضا لأنه امتناع عن دخوله في ملكه لا إزالة عن ملكه فلم يكن تبرعا، فهذا بخلاف رواية " الهداية " وإنما خص قول أبي حنيفة رحمه الله، مع أن قول محمد وزفر والشافعي كذلك، لأن الشبهة ترد على قوله..
فإن تسليم الأب والوصي يجوز عنده إذا بيعت بمثل قيمتها فينبغي أن يجوز بأقل، لما أن
ولا رواية عن أبي يوسف رحمه الله والله أعلم
ــ
[البناية]
هذا البيع وإن كان بالمحاباة الكثيرة فإنه لا يخرج عن معنى التجارة ولهما ولاية الامتناع عن التجارة في ماله، لكن قال: لا يصح فيما يروى عن أبي حنيفة رحمه الله لأن تصرفهما في ماله يدور مع الوجه الأحسن، فلما تعينت جهة الأحسن في هذا المبيع في الأخذ فكان في التسليم قربان ماله بغير الأحسن.
ولهذا المعنى خص قول أبي حنيفة بقوله م: (ولا رواية عن أبي يوسف رحمه الله) ش: وإن كان مع أبي حنيفة في صحة التسليم فيما إذا بيعت بمثل قيمتها.
وفي " الذخيرة " و" المغني ": ولو اشترى الأب دارا للصغير وهو شفيعها يأخذها بالشفعة عندنا إذا لم يكن بالأخذ ضرر للصغير، وبه قال الشافعي وأحمد ينبغي أن يقول: اشتريت الصبي وأخذت بالشفعة، لأن شراءه بماله لنفسه جائز، فكذا بالشفعة. ولو كان مكان الأب وصي فإن كان في الأخذ له منفعة بأن اشتراه بغبن يصير له أن يأخذها على قياس قول أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أبي يوسف كما في شراء الوصي مال الصغير لنفسه.
وللشافعي فيه وجهان، في وجه له الأخذ، وفي وجه لا، وبه قال أحمد للتهمة، أما إذا لم يكن للصغير فالأخذ منفعة لا يجوز أخذها بالإجماع.
ولو كان الصبي شفيع دار اشتراها الوصي لنفسه لا يشهد ولا يطلب الشفعة له للتهمة، فإذا بلغ يأخذها إن شاء.
أما الأب لو اشترى دارا لنفسه والصبي شفيعها فلم يطلب الأب للصغير حتى بلغ ليس للصغير أخذها لبطلان شفعته بسكوت الأب، أما لو باع الأب دارا لنفسه والصبي شفيعها فلم يطلبها الأب للصغير لا تبطل شفعته، حتى إذا بلغ كان له الأخذ. أما الوصي لو باع دارا لنفسه ثم اشترى لنفسه والصبي شفيعها فسكوته لا يبطل شفعته، حتى إذا بلغ له الأخذ. وفي " الجامع الصغير " لو باع الوصي دارا ليتيم والوصي شفيعها فلا شفعة له، إلا إذا باعها وكيل القاضي أو القاضي وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -.