الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي يوسف رحمه الله: أن المحجور عليه إذا أعطاه المولى قوت يومه فدعا بعض رفقائه على ذلك الطعام فلا بأس به، بخلاف ما إذا أعطاه قوت شهر؛ لأنهم لو أكلوه قبل الشهر يتضرر به المولى. قالوا: ولا بأس للمرأة أن تتصدق من منزل زوجها بالشيء اليسير كالرغيف ونحوه؛ لأن ذلك غير ممنوع عنه في العادة.
قال: وله أن يحط من الثمن بالعيب مثل ما يحط التجار؛ لأنه من صنيعهم، وربما يكون الحط أنظر له من قبول المعيب ابتداء، بخلاف ما إذا حط من غير عيب؛ لأنه تبرع محض بعد تمام العقد فليس من صنيع التجار.
ــ
[البناية]
من ضرورات الإذن.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله أن المحجور عليه إذا أعطاه المولى قوت يومه فدعا بعض رفقائه على ذلك الطعام فلا بأس به، بخلاف ما إذا أعطاه قوت شهر؛ لأنهم لو أكلوه قبل الشهر يتضرر به المولى) ش: لأنه يحتاج إلى دفع قوت آخر، فإن لم يدفع يضيع العبد وكل ذلك ضرر له.
م: (قالوا) ش: أي المتأخرون من المشايخ م: (ولا بأس للمرأة أن تتصدق من منزل زوجها بالشيء اليسير كالرغيف ونحوه) ش: أي ويجوز الرغيف كالفلس وما دون الدرهم كالخميرة والبصل والملح، وكذا الأمة في بيت مولاها تطعم وتتصدق على الرسيم والعادة بدون الإذن صريحا للعرف والعادة.
فإن قلت: روى أبو أمامة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته عام حجة الوداع «ولا تخرج المرأة من بيت زوجها، قالوا: ولا الطعام، فقال صلى الله عليه وسلم: " الطعام أفضل أموالكم ".» قلت: هذا محمول على الطعام المدخر كالحنطة ودقيقها، فأما غير المدخر فإنها تتصدق به على رسم العادة، وفيه الإذن دلالة.
م: (لأن ذلك) ش: أي التصدق بالشيء اليسير م: (غير ممنوع عنه في العادة) ش: لأن العادة جرت بذلك من غير إنكار من الزوج والولي.
[ما يجوز للعبد المأذون له في التجارة]
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير " م: (وله) ش: أي وللمأذون م: (أن يحط من الثمن بالعيب) ش: يعني إذا ظهر عيب في المتاع الذي باعه ثم وقع الاتفاق على أن يحط من الثمن شيئا فإنه يجوز له ولكن م: (مثل ما يحط التجار؛ لأنه) ش: أي لأن الحط بسبب الغبن م: (من صنيعهم) ش: أي من صنيع التجار. وعند الثلاثة لا يجوز الحط أصلا م: (وربما يكون الحط أنظر له) ش: أي للمأذون أي أكثر نظرا له م: (من قبول المعيب ابتداء، بخلاف ما إذا حط من غير عيب؛ لأنه تبرع محض بعد تمام العقد فليس) ش: أي الحط من غير عيب م: (من صنيع التجار) ش: فلا يجوز.
ولا كذلك المحاباة في الابتداء لأنه قد يحتاج إليها على ما بيناه. وله أن يؤجل في دين قد وجب له لأنه من عادة التجار. قال: وديونه متعلقة برقبته يباع للغرماء إلا أن يفديه المولى. وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: لا يباع ويباع كسبه في دينه بالإجماع.
ــ
[البناية]
م: (ولا كذلك المحاباة في الابتداء) ش: يمكن أن يكون هذا جوابا عن سؤال مقدر تقديره أن يقال كيف جوزتم محاباة المأذون مع أن فيها حطا من الثمن. فأجاب بقوله ولا كذلك بيع المحاباة في ابتداء الأمر م: (لأنه) ش: أي لأن المأذون م: (قد يحتاج إليها) ش: أي إلى المحاباة م: (على ما بيناه) ش: يعني عند قوله: ولو حابى في مرض موته من جميع المال إلى قوله ولا وارث للعبد.
م: (وله) ش: أي وللمأذون م: (أن يؤجل في دين قد وجب له؛ لأنه من عادة التجار) ش: لأن التاجر قد يكون له على غير الجلي دين، ولو لم يمهله ماله لا يتمكن من الكسب، وإن أمهله أياما يتمكن من الكسب فيكون ذلك طريقا لخروج دينه عادة.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وديونه متعلقة برقبته يباع للغرماء) ش: أي يبيعه القاضي بغير رضى المولى بالاتفاق عند أصحابنا أما عندنا فظاهر؛ لأن الحجر على المديون يجوز عندهما. وأما عند أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز الحجر على المديون وجوز هاهنا العذر له؛ لأنه ليس في هذا حجر على المولى؛ لأن المولى محجور عن بيعه قبل ذلك، فإنه لو باع العبد المأذون المديون بغير رضاء الغرماء لا يقدر عليه. فكان هذا بمنزلة التركة المستغرقة بالدين، فإنه يبيع القاضي التركة على الورثة بغير رضاهم كقضاء الدين فكان هذا ولا يكون ذلك حجرا عليهم.
كذا في " الذخيرة " قيل: معنى قوله: يباع الغرماء ما يجبر القاضي المولى على البيع حتى يستقيم على قول أبي حنيفة رضي الله عنه وفيه نظر؛ لأن رواية الذخيرة تدل على أن القاضي يبيعه بدون رضى المولى فلا حاجة إلى هذا المعنى، فافهم م:(إلا أن يفديه المولى) ش: فلا يباع حينئذ لحصول المقصود.
م: (وقال زفر والشافعي رحمهما الله لا يباع) ش: في الدين ويتعلق الدين الفاضل من كسبه بذمته يؤخذ بعد العتق، كما لو استقرض بغير إذن سيده وبه قال أحمد يتعلق بذمة المولى؛ لأنه لزمه بمفاوضة السيد فيجب عليه كالنفقة في النكاح م:(ويباع كسبه في دينه بالإجماع) ش: كما في الحر المديون، وقال في " الطريقة البرهانية ": وأجمعوا على أن الرقبة تباع في الدين الاستهلاك. وقال الإمام علاء الدين العالم في طرفي الطريقة: قال علماؤنا رد قيمة العبد المأذون يباع بدين التجارة. وقال الشافعي: لا يباع ثم قال وعلى هذا الخلاف أرش يد العبد وما اكتسبه العبد من الصيد والحطب والحشيش عندنا يصرف إلى الدين وعنده لا يصرف.
وقال الكرخي في " مختصره ": قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ما يلحق المأذون من
لهما: أن غرض المولى من الإذن تحصيل مال لم يكن لا تفويت مال قد كان له، وذلك في تعليق الدين بكسبه، حتى إذا فضل شيء منه على الدين يحصل له لا بالرقبة، بخلاف دين الاستهلاك؛ لأنه نوع جناية، واستهلاك الرقبة بالجناية لا يتعلق بالإذن. ولنا: أن الواجب في ذمة العبد ظهر وجوبه في حق المولى، فيتعلق برقبته استيفاء كدين الاستهلاك، والجامع دفع الضرر عن الناس، وهذا؛ لأن سببه التجارة وهي داخلة تحت الإذن،
ــ
[البناية]
دين من شراء أو بيع أو استئجار استأجره أو غصب أو وديعة أو مضاربة أو بضاعة أو عارية بجحوده شيئا من ذلك أو دابة عقرها أو ثوب أحرقه أو مهر اشتراها وطئها فاستحقت فذلك كله لازم له يباع فيه، إلا أن يعديه مولاه فإن بيع ذلك اقتسم غرماؤه ثمنه بالحصص على قدر ديونهم بإقرار كان لذلك من العبد أو بينته فأثبته فأثبت ذلك عليه.
م: (لهما) ش: أي لزفر والشافعي رحمهما الله م: (أن غرض المولى من الإذن تحصيل مال لم يكن لا تفويت مال قد كان له) ش: أي ليس غرضه تفويت مال؛ لأنه إنما أذن به ليكسب مالا من الخارج وليس غرضه أن يباع عند الأجل الدين م: (وذلك) ش: أي غرض المولى حاصل م: (في تعليق الدين بكسبه حتى إذا فضل شيء منه) ش: أي من كسبه م: (على الدين يحصل له) ش: أي للمولى م: (لا بالرقبة) ش: معطوف على قوله بكسبه يعني غرضه تعلق الدين بكسبه لا برقبته لما ذكرنا أن فيه تفويت مال قد كان.
م: (بخلاف دين الاستهلاك) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال: إذا استهلك شيئا تعلق دينه برقبته يباع فيه، فهذا كذلك.
فأجاب بقوله بخلاف دين الاستهلاك م: (لأنه) ش: أي الاستهلاك م: (نوع جناية واستهلاك الرقبة بالجناية لا يتعلق بالإذن) ش: إذ وجوبه بالجناية، ولهذا لو كان محجورا عليه بيع بذلك، وليس الكلام في ذلك، وإنما الكلام فيما يتعلق بالإذن.
م: (ولنا: أن الواجب في ذمة العبد ظهر وجوبه في حق المولى فيتعلق برقبته) ش: أي برقبة العبد م: (استيفاء) ش: أي لأجل الاستيفاء م: (كدين الاستهلاك والجامع) ش: يعني بين الاستهلاك وبين الدين الذي ركبه الناس في تصرفاته م: (دفع الضرر عن الناس) ش: فكما أنه يباع في دين الاستهلاك دفعا للضرر.
فكذا يباع في الديون التي ركبه دفعا للضرر م: (وهذا) ش: أي دفع الضرر م: (لأن سببه) ش: أي لأن سبب هذا الدين م: (التجارة) ش: لأن المقروض م: (وهي) ش: أي التجارة م: (داخلة تحت الإذن) ش: بلا خلاف، فإذا كان داخلا تحته كان ملتزما، فلو لم يتعلق برقبته استيفاء لكان إضرارا؛ لأن الكسب قد لا يوجد، والمعتق كذلك فيؤدي حقوق الناس.
وتعلق الدين برقبته استيفاء حامل على المعاملة فمن هذا الوجه صلح غرضا للمولى، وينعدم الضرر في حقه بدخول المبيع في ملكه، وتعلقه بالكسب لا ينافي تعلقه بالرقبة فيتعلق بهما غير أنه يبدأ بالكسب في الاستيفاء إيفاء لحق الغرماء وإبقاء لمقصود المولى، وعند انعدامه يستوفى من الرقبة،
وقوله في الكتاب ديونه المراد منه دين وجب بالتجارة.
ــ
[البناية]
م: (ويتعلق الدين برقبته) ش: جواب عن قولهما: إن غرض المولى من الإذن تحصيل مال
…
إلى آخره، وبيانه: أن تعلق الدين برقبته م: (استيفاء حامل على المعاملة) ش: يعني حامل للغير على أن يعامل معه؛ لأن العاملين إذا عملوا ذلك يعاملون معه، فتكثر المعاملة ويكثر الربح، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، فإن خوف التوى يمنعهم عن ذلك.
م: (فمن هذا الوجه صلح غرضا للمولى) ش: أراد بهذا الوجه هو الذي ذكره من قوله وتعلق الدين برقبته استيفاء حامل على المعاملة. فإن قيل لا يصلح أن يكون غرضا؛ لأنه يتضرر به، والضرر لا يكون غرضا.
أجاب بقوله م: (وينعدم الضرر في حقه) ش: أي في حق المولى م: (بدخول المبيع في ملكه) ش: أي في ملك المولى، وفيه إشكال وهو أن المبيع إن كان باقيا وفيه وفاء بالديون لا يتحقق بيع العبد وإن لم يكن باقيا أو كان وليس فيه وفاء بالديون لم يكن دخوله في ملكه دافعا للضرر.
وأجيب: عنه بأن المراد مبيع قبضه المولى حين لا دين على العبد ثم ركبته ديون، فإنه لا يجب على المولى رده، إن كان باقيا، ولا ضمانه إن لم يكن، بل يباع العبد بالدين، إن اختار المولى، ويكون المبيع جائزا لما فات من العبد.
وذكر في " المغني ": ولو أخذ المولى شيئا من كسبه بلا دين عليه، ثم لحقه دين لا يجب على المولى رد ما أخذ إن كان قائما وضمانه إن كان مستهلكا.
م: (وتعلقه بالكسب) ش: جواب عما يقال أجمعنا أنه تعلق بالكسب فكيف يتعلق بعد ذلك بالرقبة، تقريره أن تعلق الدين بالكسب م:(لا ينافي تعلقه بالرقبة) ش: لأنه لا منافاة بينهما م: (فيتعلق بهما) ش: أي بالكسب والدين م: (غير أنه يبدأ بالكسب في الاستيفاء إيفاء لحق الغرماء وإبقاء لمقصود المولى) ش: نظراء للجانبين م: (وعند انعدامه) ش: أي وعند انعدام الكسب م: (يستوفى من الرقبة) ش: دفعا للضرر عن الناس.
م: (وقوله) ش: أي قول صاحب القدوري م: (في الكتاب) ش: أي " مختصر القدوري " م: (ديونه المراد منه دين وجب بالتجارة) ش: بأن تزوج امرأة، ثم وطئها، ثم استحقت حيث وجب المهر عليه، ولا يظهر ذلك في حق المولى؛ لأن وجوبه بالنكاح، وهو ليس من التجارة.
أو بما هو في معناها كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار وضمان المغصوب والودائع والأمانات إذا جحدها وما يجب من العقر بوطء المشتراة بعد الاستحقاق لاستناده إلى الشراء فيلحق به.
ــ
[البناية]
وأما التزويج بإذن المولى يظهر في حقه تباعا فيه، كذا في " المبسوط ".
م: (أو بما هو في معناها) ش: أي أو دين وجب بسبب ما لسبب معه التجارة م: (كالبيع والشراء) ش: نظير دين التجارة م: (والإجارة والاستئجار وضمان المغصوب والودائع والأمانات إذا جحدها) ش: نظير ما في هو معنى التجارة، وصورة الدين بالإجارة أن يؤاجر شيئا ويقبض الأجرة ولم يسلم المستأجر حتى انقضت المدة وجب عليه رد الأجرة.
فإن قلت: ما معنى ذكر الأمانات بعد الودائع؟
قلت: لأن الأمانة أعم من الوديعة كما في المضاربة والعارية والشركة والبضاعة، وهذه الأشياء عند الجحود بها تنقلب غصبا، فكان التزام هذه الأشياء ضمان غصب؛ لأن الأمين يصير غاصبا للأمانة بالجحود.
م: (وما يجب من العقر) ش: عطف على قوله كالبيع والشراء والإجارة.. إلى آخره، أي ورد الذي يجب على المأذون المديون من العقر م:(بوطء المشتراة بعد الاستحقاق) ش: أي وكالذي يجب على المأذون من العقر، ويجوز أن يكون وما يجب مبتدأة، ويكون قوله فيلحق به خبره ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط أي فيلحق بالمذكور في كونه دينا وجب بما هو في معنى التجارة.
فعلى الوجه الأول: يكون محل " وما يجب " الجر؛ لأنه عطف على المحجور وتكون الفاء في قوله فيلحق به جواب شرط محذوف، أي إذا كان كذلك فيلحق به بأن اشترى جارية فاستحقت ثم وطئها فإنه يجب على العقر م:(لاستناده) ش: أي لاستناد وجوب العقر م: (إلى الشراء فيلحق به) ش: إذ لولا الشراء لوجب الحد فيضاف وجوب العقر إلى الشراء فيكون حكمه كحكمه.
بخلاف ما إذا تزوج امرأة فوطئها ثم استحقت، لأن وجوب المهر بالنكاح وهو ليس بتجارة، وكذلك يؤاخذ بضمان عقد الدابة واحتراق الثوب في الحال وتباع رقبته فيه.
وقيل: هذا محمول على ما إذا أخذ الدابة أو الثوب أولا حتى يصير غاصبا بالأخذ، ثم عقر الدابة وحرق الثوب. وأما إذا عقرها أو حرقه قبل القبض فينبغي على قول أبي يوسف أن لا يؤاخذ به في الحال، وتباع رقبته فيه، كذا في " الذخيرة ".
قال: ويقسم ثمنه بينهم بالحصص لتعلق حقهم بالرقبة فصار كتعلقها بالتركة. فإن فضل شيء من ديونه طولب به بعد الحرية لتقرر الدين في ذمته وعدم وفاء الرقبة به. ولا يباع ثانيا كيلا يمتنع البيع، أو دفعا للضرر عن المشتري ويتعلق دينه بكسبه سواء حصل قبل لحوق الدين أو بعده ويتعلق بما يقبل من الهبة،
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويقسم ثمنه بينهم) ش: يعني إذا باع القاضي العبد يقسم ثمنه بين الغرماء م: (بالحصص لتعلق حقهم) ش: أي حق الغرماء م: (بالرقبة) ش: أي برقبة العبد م: (فصار كتعلقها) ش: الضمير يرجع إلى الحق، فإنما أنثه باعتبار الحقوق؛ لأن لكل غريم حقا فصار تقديره كتعلق حقوق الغرماء م:(بالتركة) ش: أي بتركة الميت، فإن لم يكن بالثمن وفاء يضرب كل غريم في الثمن بقدر حقه كالتركة إذا ضاقت عن إيفاء حقوق الغرماء.
م: (فإن فضل شيء من ديونه) ش: يعني إن بقي شيء من ديون العبد م: (طولب به بعد الحرية لتقرر الدين في ذمته وعدم وفاء الرقبة به) ش: أي بالفاضل من الدين لا سبيل لهم عليه؛ لأنه صار ملكا للمشتري والدين ما وجب بإذنه فلا يظهر في حقه م: (ولا يباع ثانيا) ش: أي لا يباع العبد ثاني مرة إذا لم يف ثمن المأذون بالديون.
م: (كيلا يمتنع البيع) ش: الأول إذ لو علم المشتري أنه يباع عليه لا يشتريه فيمتنع البيع الأول فيتضرر الغرماء م: (أو دفعا للضرر عن المشتري) ش: لأنه لم يأذن له في التجارة فلم يكن وصيا ببيعه بسبب الدين فإنه يباع عليه مع ذلك وإن تضرر به، ولا يلزم مع لو اشتراه البائع الإذن فإنه لا يباع عليه ثانيا وإن كان راضيا بالبيع.
لأن الملك قد تبدل وتبدل الملك كتبدل الذات بخلاف دين نفقة المرأة، فإنه يباع فيها مرة بعد أخرى؛ لأنها تجب شيئا فشيئا، بخلاف المهر فإنه إذا بيع في مهر ولم يف الثمن لا يباع ثانيا، ولا بيع في جميع المهر ويطالب بالباقي بعد العتق، كذا ذكره الإمام التمرتاشي.
م: (ويتعلق دينه) ش: أي دين المأذون بسبب التجارة م: (بكسبه سواء حصل) ش: أي الكسب م: (قبل لحوق الدين أو بعده) ش: وهذا إشارة إلى بيان الكسب الذي يبدأ به والذي لا يبدأ، فالكسب الذي لم ينزعه المولى عن يده يتعلق به الدين سواء كان حصل قبل لحوق الدين أو بعده م:(ويتعلق) ش: أي دين المأذون م: (بما يقبل من الهبة) ش: أو الصدقة قبل لحوق الدين وبعده، وبه قال الشافعي في الأصح.
وقال زفر رحمه الله: إلا به وبه قال الشافعي في قول والهبة للمولى لا حق للغرماء فيها؛ لأنها ليست من التجارة وجوب الدين عليه بسبب التجارة فكانت كسائر أملاك المولى. ألا ترى أنها لو ولدت ثم لحقها دين لا يتعلق بالولد.
لأن المولى إنما يخلفه في الملك بعد فراغه عن حاجة العبد ولم يفرغ ولا يتعلق بما انتزعه المولى من يده قبل الدين لوجود شرط الخلوص له وله أن يأخذ غلة مثله بعد الدين لأنه لو لم يمكن منه يحجر عليه فلا يحصل الكسب، والزيادة على غلة المثل يردها على الغرماء لعدم الضرورة فيها وتقدم حقهم.
ــ
[البناية]
م: (لأن المولى إنما يخلفه) ش: أي إنما يخلف عبد المأذون م: (في الملك بعد فراغه عن حاجة العبد ولم يفرغ) ش: فكان ككسب غير منتزع، وكالوارث فإنه لا يملك شيئا من التركة إلا بشرط الفراغ من دينه. بخلاف الولد؛ لأنه ليس من كسبها كما أن نفسها ليست من كسبها فكذا الولد؛ لأنه حر متولد من عينها فالحق يتعلق بكسبها، حتى لو لحق الدين ثم ولدت يتعلق؛ لأن نفسها تباع في الدين، فكذا ولدها م:(ولا يتعلق) ش: أي الدين م: (بما انتزعه المولى من يده قبل الدين لوجود شرط الخلوص له) ش: أي للمولى وهو خلوص ذمة العبد عن الدين حال أخذ المولى ذلك، فإنه إذا لم يكن على العبد دين فما أخذه المولى منه يكون خالص ملكه، ويلحق بسائر أموال المولى لا حق لغيره فيه.
فإن قلت: يشكل بما إذا كان على العبد دين خمسمائة وله ألف واحدة مع المولى ثم لحقه دين خمسمائة أخرى فإنه يسترد الألف من المولى وإن كان أخذ الخمسمائة قبل لحوق الدين.
قلت: كل واحد من الخمسمائة صالح لأداء الدين فيكون أخذ المولى الألف بغير حق فيؤخذ منه، وعند الأخذ هنا لا دين عليه.
م: (وله) ش: أي للمولى م: (أن يأخذ غلة مثله) ش: أي غلة مثل العبد، يعني يأخذ من مثله من الضريبة التي ضربها عليه في كل شهر، والغلة ما يحصل من زرع أرض أو كراها أو أجرة غلام أو نحو ذلك، يقال أغلت الضيعة فهي مغلة م:(بعد الدين) ش: أي بعد لزوم الدين عليه كما كان يأخذها قبل ذلك استحسانا.
وفي القياس لا يجوز؛ لأن الدين مقدم على حق المولى في الكسب. وجه الاستحسان أن في ذلك نفع الغرماء، وأن حقهم يتعلق بما كسبه ولا يحصل الكسب لإبقاء الإذن في التجارة.
م: (لأنه) ش: أي لأن المولى م: (لو لم يمكن منه) ش: أي من أخذ الغلة م: (يحجر عليه) ش: أي على العبد م: (فلا يحصل الكسب) ش: فيتضرر الغرماء م: (والزيادة على غلة المثل) ش: أي مثل العبد الغني إذا أخذ منه مالا يكون غلة مثله م: (يردها على الغرماء لعدم الضرورة فيها) ش: أي الزيادة؛ لأنه لا يعد ذلك من باب تحصيل الغلة م: (وتقدم حقهم) ش: أي ولتقدم حق الغرماء في تلك الزيادة.
قال: فإن حجر عليه لم ينحجر حتى يظهر حجره فيما بين أهل سوقه؛ لأنه لو انحجر لتضرر الناس به لتأخير حقهم إلى ما بعد العتق لما لم يتعلق برقبته وكسبه وقد بايعوه على رجاء ذلك، ويشترط علم أكثر أهل سوقه حتى لو حجر عليه في السوق، وليس فيه إلا رجل أو رجلان لم ينحجر. ولو بايعوه جاز، وإن بايعه الذي علم بحجره ولو حجر عليه في بيته بمحضر من أكثر أهل سوقه ينحجر، والمعتبر شيوع الحجر واشتهاره فيقام ذلك مقام الظهور عند الكل كما في تبليغ الرسالة من الرسل،
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن حجر عليه) ش: أي على عبد المأذون م: (لم ينحجر) ش: أي لا يصير محجورا م: (حتى يظهر حجره فيما بين أهل سوقه؛ لأنه لو انحجر) ش: يعني بمجرد الحجر م: (لتضرر الناس به لتأخير حقهم إلى ما بعد العتق لما لم يتعلق برقبته وكسبه) ش: لأن العبد إن اكتسب شيئا أخذه المولى، وإن لحقه دين أقام البينة أنه كان قد حجر عليه فيؤخر حقوقهم إلى ما بعد العتق وهو موهوم م:(وقد بايعوه على رجاء ذلك) ش: أي على رجاء تعلق حقهم برقبته أو كسبه فيكون على الإذن إلى أن يعلم حجره.
م: (ويشترط علم أكثر أهل سوقه) ش: لأن في تبليغ عزل الجميع حرجا عظيما ليس في وسع المولى، والتكليف بحسب الوسع. وقال الشافعي: يصلح الحجر بغير علم العبد وأهل السوق كما في عزل الوكيل؛ لأن الإذن عنه نيابة كالوكالة
وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله وفي " الذخيرة " اشتراط علم أكثر أهل السوق بحجره في الحجر القصدي، أما لو ثبت الحجر ضمنا لا يشترط علمهم ولا علم واحد منهم حتى لو باع المولى العبد المأذون ينحجر ضمنا لصحة البيع لزوال ملكه كالعزل الحكمي في الوكيل.
م: (حتى لو حجر عليه في السوق وليس فيه) ش: أي والحال أنه ليس في السوق م: (إلا رجل أو رجلان لم ينحجر ولو بايعوه جاز) ش: لأنه غير محجور عليه م: (وإن بايعه الذي علم بحجره) ش: أن هذه للوصل؛ لأن صحة الحجر التشهير ولم يوجد، وإذ المشروط لا يثبت بدون شرطه؛ لأن الحجر ضد الإذن، فكما أن الإذن لا يقبل التخصيص فكذا الحجر، بخلاف خطاب الشرع إذا علم بحجر واحد حيث لا يقدر في تركه؛ لأن حكمه يثبت في حق من علم به ويقبل التخصيص.
م: (ولو حجر عليه في بيته بمحضر من أكثر أهل سوقه ينحجر، والمعتبر شيوع الحجر واشتهاره فيقام ذلك) ش: أو الشيوع والاشتهار م: (مقام الظهور) ش: أي في ظهور الحجر م: (عند الكل) ش: دفعا للحرج م: (كما في تبليغ الرسالة من الرسل) ش: فإن الشيوع والاشتهار فيها، فيقام مقام