الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهما أن ولاء الموالاة أضعف حتى يقبل الفسخ وولاء العتاقة لا يقبله، والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي. ولو كان الأبوان معتقين فالنسبة إلى قوم الأب لأنهما استويا والترجيح لجانبه لشبهه بالنسب أو لأن النصرة به أكثر.
قال: و
ولاء العتاقة تعصيب
وهو أحق بالميراث من العمة والخالة لقوله عليه السلام للذي اشترى عبدا فأعتقه: «هو أخوك ومولاك إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو خير لك وشر له، ولو مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته»
ــ
[البناية]
ضعيفة، لهذا لا يستحق لها العصوبة.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله م: (أن ولاء الموالاة أضعف) ش: من ولاء العتاقة م: (حتى يقبل الفسخ) ش: بأن أراد أحدهما فسخه م: (وولاء العتاقة لا يقبله) ش: أي الفسخ م: (والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي) ش: أراد بالضعف ولاء الموالاة، وبالقوي ولاء العتاقة.
م: (ولو كان الأبوان معتقين فالنسبة إلى قوم الأب لأنهما استويا) ش: أي لأن الأبوين استويا في المعتوقية م: (والترجيح لجانبه) ش: أي لجانب الأب م: (لشبهه) ش: أي لشبهه الولد م: (بالنسب) ش: بالحديث المذكور م: (أو لأن النصرة به) ش: أي بقوم الأب م: (أكثر) ش: من النصرة بقوم الأم.
[ولاء العتاقة تعصيب]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وولاء العتاقة تعصيب) ش: أي موجب للعصوبة والتعصيب هو جعل الإنسان عصبة، ومنه قولهم الذكر يعصب الأنثى، أي يجعلها عصبة م:(وهو) ش: أي مولى العتاقة م: (أحق بالميراث من العمة والخالة) ش: وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وعن ابن مسعود رضي الله عنهما تقدم ذوي الأرحام على مولى العتاقة، وروي عن عمر وعلي مثله.
م: (لقوله عليه السلام للذي اشترى عبدا فأعتقه: «هو أخوك ومولاك إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهر خير لك وشر له. ولو مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته» ش: الكلام في هذا الحديث على أنواع، الأول أنه أخرجه الدارمي في "مسنده " أخبرنا يزيد بن هارون عن الأشعث عن الحسن «أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل فقال: إني اشتريت هذا فأعتقته فما ترى
وورث ابنة حمزة رضي الله عنهما على سبيل العصوبة مع قيام وارث،
ــ
[البناية]
فيه، قال:"أخوك ومولاك إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو شر له وخير لك"، قال: فما ترى في ماله؟ قال: "إن مات ولم يدع وارثا فلك ماله» .
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا أبو عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن رضي الله عنه قال: «أراد رجل أن يشتري عبدا فلم يقض بينه وبين صاحبه، فحلف رجل من المسلمين بعتقه فاشتراه فأعتقه فذكره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو شر له وخير لك"، قال: فكيف بميراثه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن لم يكن له عصبة فهو لك» .
ورواه أيضا محمد في كتاب الولاء من الأصل عن أبي يوسف عن إسماعيل بن سلم عن الحسن البصري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني: أن هذا الحديث مرسل من مراسيل الحسن البصري الصحيحة وهي مقولة عندنا يعمل بها.
النوع الثالث: في معناه فقوله: هو أخوك يعني في الدين، قوله: إن شكرك يعني إن شكرك بالمجازاة على ما صنعت إليه فيه خير له؛ لأنه انتدب لما ندب إليه، ولأنه يثاب بمقابلة شكره؛ لأن شكر النعمة مندوب، قوله: وشر لك لأنه أوصل إليك بعض الثواب في الدنيا فينقص بقدره في الآخرة من الثواب.
قوله: وإن كفرك فهو خير لك لأنه يبقى ثواب العمل كله في الآخرة وشر له؛ لأنه كفر النعمة وكفران النعمة قبيح، قال صلى الله عليه وسلم:«من لم يشكر الناس لم يشكر الله» ، رواه أحمد وغيره قوله: ولم يترك وارثا أي وارثا وهو عصبته. قوله: كنت أنت عصبته يدل على أن المراد لم يترك عصبة حيث لم يقل كنت أنت وارثه.
م: (وورث) ش: بالتشديد أي ورث النبي صلى الله عليه وسلم: م: (ابنة حمزة رضي الله عنهما على سبيل العصوبة مع قيام وارث) ش: وهو بنت الميت، وذلك لأن «النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بنت الميت
وإذا كان عصبة يقدم على ذوي الأرحام وهو المروي عن علي رضي الله عنه فإن كان للمعتق عصبة من النسب فهو أولى من المعتق؛ لأن المعتق آخر العصبات، وهذا لأن قوله عليه الصلاة والسلام:"ولم يترك وارثا" قالوا: المراد منه وارث هو عصبة بدليل الحديث الثاني فتأخر عن العصبة دون ذوي الأرحام.
ــ
[البناية]
النصف والباقي لبنت حمزة» وقد مر بيان الحديث من قريب مستوفى.
م: (وإذا كان) ش: أي المعتق بكسر التاء م: (عصبة) ش: أي المعتق بفتح التاء م: (يقدم على ذوي الأرحام) ش: لأن العصبة هو الذي يأخذ ما أبقته أصحاب الفرائض وهو مقدم على ذوي الأرحام م: (وهو المروي عن علي رضي الله عنه) ش: يعني تقديم المولى على ذوي الأرحام، وهو المروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يثبت هذا عن علي رضي الله عنه بل الثابت عنه خلاف ذلك، فإن عبد الرزاق أخرج في "مصنفه " وقال أخبرنا الثوري أخبرني منصور عن حصين عن إبراهيم قال: كان عمر وابن مسعود رضي الله عنهما يورثان ذوي الأرحام دون الموالي فقلت لعلي بن أبي طالب فقال كان أشدهم في ذلك، انتهى.
والذي ذكره هو المروي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخرج عبد الرزاق في "مصنفه " قال: أخبرنا عمر عن قتادة أن زيد بن ثابت كان يورث الموالي دون ذوي الأرحام. ولو قال "المصنف" وهو المروي عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما لكان أصح وأبعد من الخطأ.
م: (فإن كان للمعتق) ش: بفتح التاء م: (عصبة من النسب فهو أولى من المعتق؛ لأن المعتق) ش: بكسر التاء م: (آخر العصبات) ش: لأنه عصبة سببية فتأخر عن العصبة النسبية م: (وهذا) ش: أي كون العصبة من النسب أولى بالميراث من المولى م: (لأن قوله عليه الصلاة والسلام: «وإن لم يترك وارثا قالوا المراد منه وارث هو عصبة» ش: يرفع قوله عصبة على أنه صفة لقوله وارث م: (بدليل الحديث الثاني) ش: الباء تتعلق بقوله قالوا، أي قالت: العلماء ذلك مستدلين بالحديث الثاني وهو حديث بنت حمزة رضي الله عنهما، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم جعلها عصبة مع وجود الوارث.
لأن البنت الصلبية وارثة وليست بعصبة، فعلم بهذا أن قوله صلى الله عليه وسلم: فإن مات ولم يترك وارث وارثا هو عصبة لا وارث مطلق م: (فتأخر) ش: أي الموالي م: (عن العصبة) ش: أي عن عصبة المعتق بفتح التاء م: (دون ذوي الأرحام) ش: يعني لا يتأخر عنهم، بل يتقدم عليهم كما ذكرنا.
قال: فإن كان للمعتق عصبة من النسب فهو أولى منه لما ذكرنا وإن لم يكن له عصبة من النسب فميراثه للمعتق تأويله: إذا لم يكن هناك صاحب فرض ذو حال. أما إذا كان فله الباقي بعد فرضه؛ لأنه عصبة على ما روينا، وهذا لأن العصبة من يكون التناصر به لبيت النسبة وبالموالي الانتصار على ما مر والعصبة تأخذ ما بقي، فإن مات المولى ثم مات المعتق فميراثه لبني المولى دون بناته،
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن كان للمعتق) ش: بفتح التاء م: (عصبة من النسب فهو أولى منه لما ذكرنا) ش: أراد به قوله: وإذا كان عصبة تقدم على ذوي الأرحام م: (وإن لم يكن له عصبة من النسب فميراثه للمعتق) ش: بكسر التاء، وهو المولى م:(تأويله) ش: أي تأويل قول القدوري فميراثه للمعتق م: (إذا لم يكن هناك صاحب فرض ذو حال) ش: ذكروا لهذه الجملة تأويلين.
أحدهما: أن معنى قوله صاحب فرض ذو حال الفرض كالأب والجد، فإن لهما حالا سوى حال الفرض وهي العصوبة، فالمعتق لا يرث مع وجودهما، بل الأب أو الجد يأخذ الباقي بعد فرضه.
والثاني: أن معناه ذو حال واحد كالبنت، فإن كان مثل ذلك فللمعتق الباقي بعد فرض ذلك الوارث. وقال الأترازي: يكون الضمير في فله الباقي على التأويل الأول راجعا إلى صاحب الفرض، وعلى الثاني إلى المعتق.
وقال صاحب " العناية " والثاني أوجه؛ لأنه علل قوله م: (أما إذا كان فله الباقي بعد فرضه) ش: أي بعد أخذ فرضه بقوله م: (لأنه عصبة على ما روينا) ش: أشار به إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «ولو مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته» م: (وهذا) ش: أشار إلى قوله م: (لأن العصبة من يكون التناصر به لبيت النسبة) ش: أي القبيلة، يقال للقبيلة الواحدة بيت النسبة م:(وبالموالي التناصر) ش: أي ويكون بالمولى الانتصار، وهكذا في بعض النسخ، م:(على ما مر) ش: أشار به إلى ما ذكره في أول كتاب الولاء بقوله وكانت العرب تناصر بأشياء وقرر النبي صلى الله عليه وسلم تناصرهم بالولاء بنوعيه م: (والعصبة يأخذ ما بقي) ش: هذا من تمام الدليل، وتقريره فله الباقي؛ لأنه عصبة والعصبة تأخذ الباقي.
م: (فإن مات المولى ثم مات المعتق فميراثه لبني المولى دون بناته) ش: أراد أن الذكور من أولاد المولى يرثون العتق دون الإناث منهم، حتى لو مات ولم يترك إلا بنت المعتق فميراثه لبيت المال
وليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن بهذا اللفظ ورد الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخره: أو جر ولاء معتقهنّ
ــ
[البناية]
لا لبنت المعتق في ظاهر الرواية، ولكن بعض مشايخنا يفتون بدفع المال إليها في هذا الزمان لعدم بيت المال وقصور احتياط القضاة وبيت المال كان في زمن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ولهذا أفتوا بإعطاء المال للابن والابنة من الرضاع لا لبيت المال لعدمه، كما أفتى أصحاب الشافعي بإرث ذوي الأرحام في هذا الزمان لعدم بيت المال، كذا في " الذخيرة "" وفرائض السجاوندي ".
ثم استدل على ذلك بقوله م: (لأنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن، بهذا اللفظ ورد الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخره «أو جر ولاء معتقهن» ش: الكلام فيه على أنواع: الأول: أن هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أخرج البيهقي عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم كانوا يجعلون الولاء أكبر من العصبة ولا يرثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن.
وأخرج أيضا عن إبراهيم قال: كان عمر وعلي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم لا يرثون النساء من الولاء إلا ما أعتق. وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه " عن الحسن أنه قال: لا ترث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو كاتبن.
وأخرج نحوه عن ابن سيرين وابن المسيب وعطاء والنخعي، وروى عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الحرار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لا تورث النساء من الولاء إلا ما كاتبن أو أعتقن.
النوع الثاني: في معناه: فقوله: إلا ما أعتقن كلمة هاهنا بمعنى من كما في قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: 5](سورة الشمس الآية: 5) ، أي ومن بناها، وهاهنا محذوفات مقدرة منها المستثنى منه فتقدير الكلام ليس للنساء من الولاء شيء إلا ولاء ما أعتقته أو ولاء ما أعتقه من أعتقنه أو ولاء ما كاتبن أو ولاء ما كاتبه من كاتبنه، وذكر في شرح كتب الفرائض بعد قوله أو كاتب أو كاتبن أو دبرن أو دبر من دبرن أو جر ولاء معتقهن أو معتق معتقهن، انتهى.
وكذلك التقدير في هذا ولاء ما دبره أو ولاء ما دبره من دبره أو جر ولاء معتق معتقهن،
وصورة الجر قدمناها،
ــ
[البناية]
أو ولاء معتق معتقهن أو ولاء مكاتب مكاتبهن، أو ولاء مدبرهن أو ولاء مدبر مدبرهن والولاء الذي هو مجرور معتقهن أو الولاء الذي هو مجرور معتق معتقهن.
النوع الثالث: في صورة ما ذكر، فصورة ولاء معتقهن ظاهرة بأن أعتقت عبدها ثم مات المعتق وترك معتقته هذا فولاه لها، فلو أعتق معتقها عبدا آخر ومات المعتق الأول، ثم الثاني فولاء الثاني لها أيضا، وهذا صورة معتق المعتق، وصورة ولاء مكاتبهن بأن قالت امرأة لعبدها كاتبتك: عل ألف درهم مثلا فقبل العبد ذلك.
فإذا أدى بدل الكتابة يكون ولاؤه للمرأة، وصورة ولاء مكاتب مكاتبهن بأن كاتب هذا المكاتب عبدا فولاء مكاتب المكاتب لها أيضا إذا لم يكن المكاتب الأول.
وصورة ولاء مدبرهن بأن دبرت امرأة عبدها بأن قالت له: أنت حر إن دبرتني أو بعد موتي أو إذا مت ونحوه، ثم ارتدت والعياذ بالله وألحقت بدار الحرب وقضى القاضي بإلحاقها فعتق مدبرها ثم جاءت المرأة إلى دار الإسلام ثم مات المدبر وترك مدبرته هذا فولاؤه لها وصورة ولاء مدبر مدبر مدبرهن بأن اشترى هذا المدبر بعد الحكم بعتقه عبدا ثم دبره ثم مات وجاءت المرأة إلى دار الإسلام قبل موت مدبرها أو بعده ثم مات المدبر الثاني فولاؤه لمدبرة مدبره، وصورة جر ولاء معتقهن بأن زوجت امرأة عبدها معتقة الغير فولدت منه.
ولهذا يثبت نسب الولد منه ويكون حدا تبعا لأمه؛ لأن الولد تبع الأم في الرق والحرية وولاء الولد لمولى الأم يعقلون عنه ويرثون منه، فلو أن المرأة أعتقت العبد جر بإعتاقها إياه ولاء ولده إلى نفسه ثم من نفسه إلى مولاه. حتى لو مات المعتق ثم مات ولده وترك معتقة أبيه فولاؤه انتقل من موالي أمه إليها وصورة جر ولاء معتق معتقهن بأن أعتقت امرأة عبدا ثم اشترى المعتق عبدا وزوج معتقة غيره من عبد فولد بينهما ولد فولاء هذا الولد لمولى أمه، فلو أن المعتق أعتق عبده جر بالإعتاق ولاء معتقه إلى نفسه ثم يرجع منه إلى مولاه.
م: (وصورة الجر قدمناها) ش: وفي بعض النسخ قد بيناها، وأشار به إلى قوله فإن ولدت بعد عتقها أكثر من ستة أشهر إلى أن قال جر الأب ولاء ابنه، والجد هل يجر الولاء، فقال الحاكم في "كافيه ": قال الشعبي: إذا أعتق الجد جر الولاء.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله لا يجر الجد الولاء ولا يكون مسلما بإسلام الجد. وفي " السروجية " قال شريح وسفيان ومالك وأهل المدينة: إن الجد يجر ولاء ولد الابن من موالي نفسه.
وبه قال الأوزاعي وابن أبي ليلى وابن المبارك. وقال زفر إن كان الأب حيا فالجد لا يجر
ولأن ثبوت المالكية والقوة في المعتق من جهتها، فينسب الولاء إليها وينسب إليها من ينسب إلى مولاها، بخلاف النسب؛ لأن سبب النسبة فيه الفراش وصاحب الفراش إنما هو الزوج والمرأة مملوكة لا مالكة.
وليس حكم ميراث المعتق مقصورا على بني المولى بل هو لعصبته الأقرب فالأقرب؛ لأن الولاء لا يورث ويخلفه فيه من تكون النصرة به، حتى لو ترك المولى أبا وابنا فالولاء للابن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله
ــ
[البناية]
الولاء، وإن كان ميتا يجر الولاء. وفي " الأسرار " و" شرح الأقطع " ثم قال الشافعي: يجر الولاء.
ولنا: أن الجد يدلى إليه بواسطة فلم يجر الولاء كالأخ والعم، ولا يكون مسلما بإسلام الجد، إذ لو جاز اتباعه الجد في الإسلام جاز اتباعه جد الجد إلى ما لا نهاية له فيلزم أن يكون الكفار كلهم مسلمين تبعا لآدم عليه السلام: ولا وجه إلى ذلك للزوم الجمع بين النقيضين.
م: (ولأن ثبوت المالكية) ش: هذا دليل ثان عقلي على أن ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن فأعتق من أعتقن، تقديره أن ثبوت المالكية يعني كونه مالكا م:(والقوة في المعتق) ش: بفتح التاء م: (من جهتها) ش: أي من جهة المعتقة، وكل من ثبت من جهته شيء ينسب إليه؛ لأنه علته إذ ذاك تنتسب بالولاء إليها، أي إلى المعتقة م:(فينسب الولاء إليها وينسب إليها من ينسب إلى مولاها) ش: أي مولى المعتقة؛ لأن معتق المعتق ينسب إلى معتقه بالولاء، وفي ذلك لا فرق بين الرجل والمرأة.
م: (بخلاف النسب) ش: فإنه لا يثبت إلا من الفراش م: (لأن سبب النسبة فيه الفراش، وصاحب الفراش إنما هو الزوج) ش: لأنه المالك م: (والمرأة مملوكة لا مالكة) ش: فلا ينسب إليه الفراش.
م: (وليس حكم ميراث المعتق) ش: بفتح التاء م: (مقصورا على بني المولى، بل هو لعصبته الأقرب فالأقرب؛ لأن الولاء لا يورث) ش: حتى يكون لأصحاب الفروض منه نصيب، فلو كان بالإرث لكان الذكر والأنثى سواء، ولكن الولاء باعتبار النصرة والنصرة بالذكور لا الإناث للضعف بينهن فيخلف المولى الذي أعتق العبد في الولاء من يتحقق النصرة به، فكان الولاء للذكور دون الإناث، وهو معنى قوله: م: (ويخلفه فيه) ش: أي يخلف المولى الذي أعتق في الولاء م: (من تكون النصرة به) ش: والنصرة بالذكور دون الإناث م: (حتى لو ترك المولى أبا وابنا فالولاء للابن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله) ش: صورته امرأة أعتقت عبدا ثم مات العبد فميراثه للابن خاصة عندهما.
وبه قال الشافعي ومالك والثوري والشعبي والزهري وابن المسيب وعطاء والحسن والحكم وقتادة وأكثر الفقهاء، وهو قول أبي يوسف أولا ثم رجع وقال لأبيهما السدس والباقي
لأنه أقر بها عصوبة، وكذلك الولاء للجد دون الأخ عند أبي حنيفة لأنه أقرب في العصوبة عنده، وكذا الولاء لابن المعتقة حتى يرثه دون أخيها لما ذكرنا، إلا أن عقل جناية المعتقة على أخيها لأنه من قوم أبيها، وجنايته كجنايتها. ولو ترك المولى ابنا وأولاد ابن آخر معناه بني ابن آخر فميراث المعتق للابن دون بني الابن؛ لأن الولاء للكبر
ــ
[البناية]
للابن؛ لأن الأب عصبة كالابن، والابن والأب في القرب سواء فيكون حكمهما سواء، وبه قال أحمد والنخعي والأوزاعي ومشايخ وإسحاق.
م: (لأنه) ش: أي لأن الابن م: (أقربهما عصوبة) ش: أي من حيث العصوبة والولاء بالعصوبة ولا يظهر عصوبة الأب مع الابن م: (وكذلك الولاء للجد دون الأخ عند أبي حنيفة) ش: يعني لو ترك جد موالاة أبا ابنه وأخاه لأب وأم وأخاه لأب وأم أو لأب كان ميراثه للجد عند أبي حنيفة م: (لأنه أقرب) ش: أي لأن الجد أقرب من الأخ م: (في العصوبة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله، وبه قال أبو ثور.
وعند أبي يوسف ومحمد كلاهما سواء، وبه قال أحمد والشافعي في قول لأنهما عصبتان، فيكون الولاء بينهما نصفين كالأخوين، وعند مالك أن المال للأخ وهو قول عن الشافعي وهكذا روي عن زيد رضي الله عنه.
م: (وكذا الولاء لابن المعتقة حتى يرثه) ش: الضمير يرجع إلى المعتق، صورته امرأة أعتقت عبدا ثم ماتت وتركت ابنها وأخاها ثم مات العبد ولا وارث له غيرها فالميراث لابنها م:(دون أخيها) ش: وعليه إجماع الصحابة والتابعين والفقهاء، وما روي عن علي رضي الله عنه أن امرأة ماتت وخلفت ابنها وأخاها وابن أخيها أن ميراث مولاها لأخيها وابن أخيها دون ابنها فقد رجع علي رضي الله عنه إلى قول الجماعة م:(لما ذكرنا) ش: أشار به إلى قوله لأنه أقربهما عصوبة.
م: (إلا أن عقل جناية المعتقة) ش: بفتح التاء م: (على أخيها) ش: أي على أخ المعتقة م: (لأنه من قوم أبيها) ش: أي لأن الأخ من قوم أبيها، والأصل في العقل قوم الأب وابنها لا ينسب إلى قوم أبيها، بل ينسب إلى قوم زوجها م:(وجنايته كجنايتها) ش: أي جناية المعتق كجناية المعتقة م: (ولو ترك المولى ابنا وأولاد ابن آخر، معناه بني ابن آخر فميراث المعتق) ش: بفتح التاء م: (للابن دون بني الابن؛ لأن الولاء للكبر) ش: بضم الكاف وسكون الباء الموحدة، وكبر الشيء في اللغة معظمة، قال الله تعالى:{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11](سورة النور: الآية 11) ، قرأ يعقوب وحميد الأعرج بالضم، قال ابن السكيت: يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. وفي " العباب " وقولهم هو كبر قومه بالضم، أي هو أقعدهم في النسب.
هو المروي عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم منهم: عمر، وعلي، وابن مسعود رضي الله عنهم،
ــ
[البناية]
وفي الحديث: «الولاء للكبر» وهو أن يموت الرجل ويترك ابنا وابن ابن فالولاء للابن دون ابن الابن، وقوله الكبر أي للأقرب، انتهى.
وقال الكاكي: أي لأكبر أولاد المعتق، والمراد أقربهم نسبا لا أكبرهم سنا، ألا ترى أن المعتق إذا مات وترك ابنين كبيرا وصغيرا ثم مات المعتق والولاء بينهما نصفان لاستوائهما في القرب إلى الميت من حيث النسب، كذا ذكره شيخ الإسلام.
وقال الأسبيجابي في شرح "الكافي ": وأرادوا بالكبر القرب؛ لأن الأكبر من الأولاد يكون وجوده أقرب إلى وجود الأب من غيره، فكنوا به عنه، وفي " شرح الأقطع " وقولهم الولاء لكبر خرج على المعتاد وهو أن الابن يكون أكبر من ابن الابن في أكثر الأحوال وإن كان في حالة قد يكون ابن الابن أكبر من عمه. وقال في " المغرب " المراد أقرب الأولاد نسبا لا أكبرهم سنا. وقال في " الفائق " في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:«مات رجل من خزاعة أو من الأزد ولم يدع وارثا، فقال: ادفعوه إلى أكبر خزاعة» أي ادفعوا ماله إلى أكبرهم وهو أقربهم إلى الجد الأول، ولم يرد كبر السن. وقال الحاكم في "كافيه " وتفسيره عندهم، أي تفسير قوله صلى الله عليه وسلم:«الولاء للكبر» ، رجل أعتق عبدا ثم مات وترك ابنين ثم مات أحد الابنين وترك ابنا ثم مات المعتق فميراثه لابن المعتق لصلبه دون ابن ابنه، وكذلك القول في كل عصبة على هذا القياس في أن الولاء للكبر منهم ذلك الوقت.
وقال في شرح " الطحاوي ": ولو مات وترك خمسة بني ابن المعتق وابن ابن المعتق من آخر فالميراث أسداسا؛ لأنهم يرثون بالعصبة وعصوبتهم بالسوية.
م: (هو المروي عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم) ش: أي قولهم: الولاء للكبر مروي عن جماعة معدودة من الصحابة رضي الله عنهم م: (منهم عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم) ش: روى الدارمي في "مسنده " أخبرنا يزيد بن هارون أن أشعث عن الشعبي عن عمر وعلي وزيد أنهم قالوا: الولاء لكبر، قالوا: يعنون بالكبر ما كان أقرب بأم وأب ورواه من طريق آخر وزاد فيه ابن مسعود. ورواه القاسم بن حزم السرقسطي في كتاب " غريب الحديث " أخبرنا محمد بن علي حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم عن علي وزيد وعبد الله رضي الله عنه أنهم كانوا يقولون: الولاء لكبر، قال ومعناه لا تفد الناس بالمعتق يوم يموت المعتق. وقال في موضع آخر قال يعقوب الولاء للكبر بضم الكاف وهو أكبر ولد الرجل.
وغيرهم أجمعين، ومعناه القرب على ما قالوا والصلبيّ أقرب
ــ
[البناية]
م: (وغيرهم أجمعين) ش: مثل عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأبو مسعود البدري وزيد بن ثابت، وقد أخرج البيهقي عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبر من العصب، وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا الثوري عن منصور عن إبراهيم أن عمر وعلي وزيد بن ثابت كانوا يجعلون الولاء للكبر، وبه قال عطاء وطاوس وسالم بن عبد الله والحسن وابن سيرين والشعبي وإسحاق وأبو ثور وداود وغيرهم م:(ومعناه) ش: أي معنى قوله: الولاء للكبر م: (القرب على ما قالوا والصلبيّ أقرب) ش: أي الابن الصلبي أقرب إلى الميت.