الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما إذا ادعى الإفلاس وعليه ثمن متاع فيحبس إلى أن يعلم ما يدعيه، فإذا علم الهلاك سقط عنه رده فيلزمه رد بدله وهو القيمة.
قال: والغصب فيما ينقل ويحول لأن الغصب بحقيقته يتحقق فيه دون غيره؛ لأن إزالة اليد بالنقل وإذا غصب عقارا
ــ
[البناية]
ش: وفي " المبسوط " غصب جارية فغيبها فأقام المغصوب منه بينة أنه قد غصبها فإنه يحبس حتى يجيء بها فيردها.
وقال أبو بكر الأعمش: تأويل المسألة أن الشهود شهدوا على إقرار الغاصب بذلك؛ لأن الثابت من إقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة. أما الشهادة على فعل الغصب لا يقبل مع جهالة المغصوب إذ لا يتمكن القاضي من القضاء بالمجهول فلا بد من الإشارة في الدعوى والشهادة، والأصح أن الدعوة صحيحة لأجل الضرورة فيثبت غصبه بالبينة كثبوته بإقراره فيحبس. ولو قال الغاصب ماتت أو بعتها ولا أقدر عليها تلزم القاضي يومين أو ثلاثة، ومقدار التلوم مفوض إلى رأي القاضي. ولو رضي المالك بالقضاء بالقيمة لا يتلوم.
وفي " الذخيرة " ذكر محمد في السير أنه إذا قضي عليه من غير تلوم قيل: في المسألة روايتان. وقيل: لكن ذكر في السير جواب الجواز بمعناه لو قضى من غير تلوم جاز، وما ذكر في الأصل أن التلوم أفضل.
وقال الشافعي رحمه الله القول للغاصب مع يمينه في لزوم البدل وجهان: أحدهما لا يلزمه حتى يصدقه المالك، والثاني يلزم وهو الأصح، وهذا بعد الحبس وبه قال مالك وأحمد.
م: (كما إذا ادعى) ش: رجل م: (الإفلاس وعليه ثمن متاع فيحبس إلى أن يعلم ما يدعيه) ش: من الإفلاس، وكذا الغاصب إذا ادعى الهلاك يحبس إلى أن يعلم ما يدعيه من الهلاك م:(فإذا علم الهلاك سقط عنه رده) ش: أي سقط عن الغاصب رد المغصوب عينه م: (فيلزمه رد بدله وهو القيمة) ش: أو رد مثله إن كان المغصوب من ذوات الأمثال كما عرف قبل.
[محل الغصب]
م: (قال والغصب فيما ينقل ويحول) ش: أي القدوري والغصب يتحقق فيما ينقل ويحول فقوله والغصب مبتدأ، وقوله فيما ينقل خبره، وقوله ويحول عطف عليه.
فإن قلت: النقل والتحويل واحد فما فائدة ذكرهما معا؟.
قلت: التحويل هو النقل من مكان وإثبات في مكان آخر كما في تحويل الباذنجان والنقل يستعمل بدون الإثبات في مكان آخر. م: (لأن الغصب بحقيقته يتحقق فيه) ش: أي فيما ينقل ويحول م: (دون غيره؛ لأن إزالة اليد بالنقل) ش: أي لأن إزالة يد المالك لا تتحقق إلا بنقل المغصوب ولا نقل في العقار، والغصب بدون الإزالة لا يتحقق م:(وإذا غصب عقارا) ش: في
فهلك في يده لم يضمنه، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وقال محمد رحمه الله. يضمنه وهو قول أبي يوسف رحمه الله الأول، وبه قال الشافعي؛ لتحقق إثبات اليد، ومن ضرورته زوال يد المالك لاستحالة اجتماع اليدين على محل واحد في حالة واحدة، فتحقق الوصفان
ــ
[البناية]
" المغرب " العقار الضيعة، وقيل كل ما له أصل كالدار والأرض.
وفي " العباب " العقار والأرض والضياع والنخل، ومنه قولهم ماله دار ولا عقار م:(فهلك في يده) ش: بأن غلب السيل على الأرض فيثبت تحت الماء أو غصب دارا فهدمت بآفة سماوية أو جاء سيل فذهب بالبناء م: (لم يضمنه) ش: أي العقار م: (وهذا) ش: أي عدم الضمان م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله) .
م: (وقال محمد رحمه الله: يضمنه وهو قول أبي يوسف الأول، وبه قال الشافعي) ش: ومالك وأحمد لخلاف في الغصب لا في الإتلاف، وصورة الخلاف ما ذكرناه وصورة الإتلاف بأن يهدم الحيطان أو عزقها أو كشط تراب الأرض أو ألقى الحجارة فيها أو نقص بفرسه أو بنائه فإنه يضمنه بلا خلاف.
وقد اختلفت عبارات مشايخنا في غصب الدور والعقار على مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف، فقال بعضهم يتحقق فيها الغصب، ولكن لا على وجه يوجب الضمان، وإليه مال القدوري في قوله وإذا غصب عقارا فهلك في يده لم يضمنه عند أبي حنفية وأبي يوسف رحمهما الله؛ لأنه أثبت الغصب ونفى الضمان. وقال بعضهم لا يتحقق أصلا وإليه مال أكثر المشايخ م:(لتحقق إثبات اليد) ش: بالسكنى ووضع الأمتعة وغير ذلك، وهذا تعليل لمحمد رحمه الله وحده؛ لأن عند الشافعي يتحقق الغصب بإثبات اليد بدون إزالة يد المالك.
م: (ومن ضرورته) ش: أي ومن ضرورة إثبات اليد المبطلة م: (زوال يد المالك لاستحالة اجتماع اليدين) ش: أراد به المتمانعين يد الموافقتين فإنه يجوز كالشريكين في عين واحدة من جنس واحد، احترز به عما إذا أجر داره من رجل فإنها في يد المستأجر حقيقة، وفي يد الآخر حكما لكنهما يدان مختلفتان م:(على محل واحد في حالة واحدة) ش: احترز به عما إذا كان على محلين أو في حالتين، فإن هذا لا يكون غصبا بأن ضرب على يد إنسان فوقعت درة من يده في الحجر أو ضرب على ظهره فطار طير كان على ظهره يجب الضمان وإن انعدم الإثبات ولو تجرد، والإثبات عن إزالته لم يصح سببا للضمان م:(فتحقق الوصفان) ش: وهما إزالة يد المالك وإثبات يد الغاصب.
وهو الغصب على ما بيناه فصار كالمنقول وجحود الوديعة ولهما أن الغصب إثبات اليد بإزالة يد المالك بفعل في العين، وهذا لا يتصور في العقار؛ لأن يد المالك لا تزول إلا بإخراجه عنها وهو فعل فيه لا في العقار فصار كما إذا بعد المالك عن المواشي وفي المنقول النقل فعل فيه وهو الغصب. ومسألة الجحود ممنوعة، ولو سلمت في الضمان هناك بترك الحفظ
ــ
[البناية]
م: (وهو الغصب) ش: أي تحقق الوصفين هو الغصب دل عليه قوله فيتحقق كما في قَوْله تَعَالَى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8](سورة المائدة: الآية 8) أي العدل أقرب للتقوى م: (على ما بيناه) ش: يعني عنده على وجه يزيل يده م: (فصار كالمنقول) ش: أي صار غصب العقار كغصب المنقول في تحقيق الوضعين م: (وجحود الوديعة) ش: في العقار، فإنه إذا كان وديعة في يد شخص فجحده كان ضامنا بالاتفاق.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة، أي بفعل حاصل من الغاصب في العين المغصوبة تقريره م:(أن الغصب إثبات اليد بسبب إزالة يد المالك بفعل في العين) ش: ولهذا إذا تجردت الإزالة عن الإثبات يصلح سببا للضمان كما في الوديعة، فإنها إثبات اليد لكن لما لم يتضمن الإزالة لم يصلح سببا م:(وهذا) ش: أي هذا المجموع م: (لا يتصور في العقار؛ لأن يد المالك لا تزول إلا بإخراجه عنها) ش: أي بإخراج المالك عن العقار، وتأنيث الضمير بتأويل الصيغة والدار.
م: (وهو فعل فيه) ش: أي الإخراج فعل في المالك م: (لا في العقار) ش: فانتفت إزالة اليد والكل ينتفي بانتفاء جزئه م: (فصار كما إذا بعد المالك عن المواشي) ش: حتى تلفت، فإن ذلك لا يكون غصبا لها وبعد بتشديد العين، وفي بعض النسخ أبعد من الإبعاد م:(وفي المنقول النقل فعل فيه) ش: أي في المنقول م: (وهو الغصب) ش: أي النقل من المالك هو الغصب؛ لأن فيه يتحقق معنى الغصب وهو تفويت يد المالك المعني في المحل.
م: (ومسألة الجحود) ش: للدين المعلوم م: (ممنوعة) ش: أي جحود الوديعة العقار، يعني لا نسلم أنه إذا جحد الوديعة يضمن وذكر الإمام علاء الدين العالم في طريقة الخلاف: وإذا أودع عند إنسان عقارا فجحد عند أبي حنيفة لا يضمن.
وذكر في " المبسوط " أنه لا يضمن عندهما في الأصح. وقال الناطفي في كتاب " الغصب من الأجناس " كان شيخنا أبو عبد الله الجرجاني يقول: إنه على وجهين إن نقل الوديعة عن الموضع الذي كان فيه حال جحوده وهلكت ضمن وإن لم ينقلها عن موضعها حتى هلكت لا يضمن.
م: (ولو سلمت) ش: وجوب الضمان بجحود الوديعة م: (في الضمان هناك بترك الحفظ
الملتزم وبالجحود تارك لذلك
ــ
[البناية]
الملتزم وبالجحود تارك لذلك) ش: أي للحفظ الملتزم. وفي " المبسوط " إنما يتضمن بالمنع بعد الطلب لا بالجحود وبالجحود يحصل المنع بعد الطلب. قيل ولو سلم أن الجحود غصب حقيقة كما قال بعض أصحابنا، ولكنه ليس بغصب موجب للضمان كغصب الخمر والخنزير في حق المسلم، وهذا الموضع هو الذي وعد المصنف قبل باب السلم بقوله: وبينته في الغصب عند قوله: ومن باع دارا لرجل فأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قول أبي يوسف آخرا.
فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم: «من غصب شبرا من الأرض طوقه الله به يوم القيامة عن سبع أرضين» صريح في إطلاق اسم الغصب في الدور والعقار، فلو لم يكن الغصب متحققا فيها لم يطلق، والكلام على حقيقته ما لم يقم دليل على المجاز.
قلت: الحديث لا يدل على ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل جزاء غصب الأرض التطويق يوم القيامة. ولو كان الضمان واجبا لبينه؛ لأن الضمان في أحكام الدنيا، والحاجة إليه أمس.
والمذكور جميع جزائه، فمن زاد عليه كان نسخا، وذا لا يجوز بالقياس وإطلاق لفظ الغصب عليه لا يدل على تحقيق الغصب الموجب للضمان، كما أنه صلى الله عليه وسلم أطلق لفظ البيع على الحر بقوله من باع حرا، ولا يدل ذلك على البيع الموجب لحكم، على أنه جاء في الصحيحين الحكم بلفظ أخذ، فقال:«من أخذ شبرا من الأرض ظلما، فإنه يطوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين» فعلم أن المراد من الغصب الأخذ ظلما لا غصبا موجبا للضمان.
فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم: «على اليد ما أخذت حتى ترد» يدل على ذلك بإطلاقه، والتقييد بالمنقول خلافه.
قلت: هذا مجاز؛ لأن الأخذ حقيقة لا يتصور في العقار؛ لأن حد الأخذ أن يصير المأخوذ تبعا ليده؛ لأنه مفعول فيه فكان منصرفا إلى المنقول ضرورة ليعمل بالأخذ على حقيقته.
فإن قلت: إزالة اليد ليست بشرط في الغصب، كما لو ركب الدابة وهلكت من غير فعل فإنه يضمنها بالإجماع، وكما لو وهب دارا لرجل بما فيها من الأمتعة فهلكت الأمتعة قبل أن ينقلها الموهوب له، ثم استحقت الدار فللمستحق أن يضمن الموهوب له بلا خلاف، والمسألة في الزيادات ولم تزل إلا منفعته من يد المالك ليست بشرط.