الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن
كانت الأرض والبذر والبقر لواحد، والعمل من الآخر
جازت، لأنه استأجره للعمل بآلة المستأجر، فصار كما إذا استأجر خياطا ليخيط ثوبه بإبرته، أو طيانا ليطين بمرة
وإن
كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر
فهي باطلة، وهذا الذي ذكره ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يجوز أيضا؛ لأنه لو شرط البذر والبقر عليه يجوز، فكذا إذا شرط وحده وصار كجانب العامل. وجه الظاهر أن منفعة البقر ليست من جنس منفعة الأرض؛ لأن منفعة الأرض قوة في طبعها يحصل بها النماء، ومنفعة البقر صلاحية يقام بها العمل كل ذلك بخلق الله تعالى فلم يتجانسا، فتعذر أن تجعل تابعة لها.
ــ
[البناية]
[كانت الأرض والبذر والبقر لواحد والعمل من الآخر]
م: (وإن كانت الأرض والبذر والبقر لواحد والعمل من الآخر جازت) ش: أي المزارعة، وهذا هو الوجه الثالث م:(لأنه استأجره للعمل بآلة المستأجر) ش: أي لأن صاحب البذر والبقر والأرض استأجر الآخر بآلة نفسه م: (فصار كما إذا استأجر خياطا ليخيط ثوبه بإبرته) ش: أي بإبرة صاحب الثوب م: (أو طيانا ليطين بمرة) ش: أي إذا استأجر طيانا المستأجر وهو بفتح الميم وتشديد الراء المهملة وهو المسحاة ويسمى بالفارسية بيل بكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف في آخر لام.
[كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر]
م: (وإن كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر فهي باطلة) ش: أي المزارعة باطلة، وهذا هو الوجه الرابع م:(وهذا الذي ذكره) ش: أي القدوري م: (ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يجوز أيضا لأنه لو شرط البذر والبقر عليه يجوز) ش: أي على صاحب الأرض م: (فكذا إذا شرط وحده) ش: أي فكذا يجوز إذا شرط أن يكون البقر بدون البذر عليه م: (وصار كجانب العامل) ش: إذا شرط البقر على العامل، أراد أن البقر تبع الأرض في هذه الصورة كما هي تبع للعامل إذا كانت من جانبه.
م: (وجه الظاهر) ش: أي ظاهر الرواية م: (أن منفعة البقر ليست من جنس منفعة الأرض؛ لأن منفعة الأرض قوة في طبعها يحصل بها النماء، ومنفعة البقر صلاحية يقام بها العمل كل ذلك بخلق الله تعالى) ش: رد على المعتزلة وتنبيه على أنه من أهل السنة، فإن عند المعتزلة الأفعال الاختيارية من الحيوان منه لا من الله سبحانه وتعالى وإلا هذا الكلام في هذا المقام مستغن عنه.
فإن قلت: هذا كان فيه توهم حتى ينبه أنه من أهل السنة.
قلت: لأنه لما أضاف منفعة الأرض إلى قوة طبعها توهم أن ينسب إلى القول بالطبيعة فدفع ذلك م: (فلم يتجانسا) ش: أي منفعة الأرض ومنفعة البقر لأنهما مختلفان م: (فتعذر أن تجعل تابعة لها) ش: أي إذا كان كذلك تعذر جعل منفعة البقر تابعة لمنفعة الأرض، فلما لم يجعل تابعة كان استحقاق منفعة البقر مقصودا في الزراعة، وهذا لا يجوز كما لو كان من أحدهما
بخلاف جانب العامل؛ لأنه تجانست المنفعتان فجعلت تابعة لمنفعة العامل.
ــ
[البناية]
البقر وحده، والباقي من الآخر حيث لا يجوز بالاتفاق.
م: (بخلاف جانب العمل) ش: جواب عن قوله كجانب العمل، يعني القياس فاسد م:(لأنه تجانست المنفعتان) ش: أي منفعة البقر ومنفعة العامل م: (فجعلت تابعة) ش: أي فجعلت منفعة البقر تابعة م: (لمنفعة العامل) ش: لأن البقر آلة العمل وهي من جنس عمل العامل، وتحقيق هذا البذر إذا اجتمع مع الأرض استتبعه للتجانس وضعف جهة البقر معها، فكان الاستئجار للعامل. وأما إذا اجتمع الأرض والبقر فلم يستتبعه.
وكذا في جانب الآخر فكان في كل من الجانبين معاوضة بين استئجار الأرض وغير الأرض والعامل وغيره، فكان باطلا. ولقائل أن يقول: استئجار الأرض والعامل معترض عليه دون الأخرى فكان أرجح ويلزم الجواز.
واعلم أن مبتنى جواز هذه المسائل فسادها على أن المزارعة تنعقد إجارة وتتم مشتركة، وانعقادها إجارة إذ هو على منفعة الأرض أو منفعة البقر والبذر، لأنه استئجار ببعض الخارج والقياس يقتضي أن لا يجوز في الأرض والعامل أيضا، ولكنا جوزناه بالنص على خلاف القياس، إنما ورد النص فيهما دون البذر والبقر.
أما في الأرض فحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مضى ذكره وتعامل الناس، فإنهم تعاملوا اشتراط البذر على المزارع وحينئذ كان مستأجرا للأرض ببعض الخارج. وأما في العامل ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر التعامل فإنهم ربما كانوا يشترطون البذر على رب الأرض.
فكان حينئذ مستأجرا للعامل لذلك، فاقتصرنا على الجواز بالقبض فيهما وهي غير ما على أصل القياس، وكلما كان في صور الجواز فهو من قبيل استئجار الأرض، والعامل ببعض الخارج أو كان المشروط على أحدهما شيئين متجانسين، ولكن المنظور فيه وهو استئجار الأرض أو العامل بذلك لكونه مورد الأثر، وكل ما كان من صور العدم فهو من قبيل استئجار الآخرين، أو كانت الشروط على أحدهما شيئين غير متجانسين، ولكن المنظور إلى ذلك والضابط في معرفة التجانس، فإنه من كلامه وهو أن ما يبذر فعله عن القوة الحيوانية فهو جنس، وما صدر عن غيرهما فهو جنس آخر، وقد بينا لك هذا في أثناء حل الكتاب، ونعيده لزيادة التوضيح.
أما الوجه الأول: فهو مما كان المشروط على أحدهما شيئين متجانسين، فإن الأرض
وهاهنا وجهان آخران باطلان لم يذكرهما.
ــ
[البناية]
والبذر من جنس والعمل والبقر من جنس، والمنظور إليه استئجار يجعل كأن العامل استأجر الأرض أو رب الأرض استأجر العامل.
والوجه الثاني والثالث: مما فيه استئجار الأرض والعامل أدى الوجه أمر رابع على ظاهر الرواية باطل لأن المشروط شيئان غير متجانسين فلا يمكن أن يكون أحدهما تبعا للآخر بخلاف المتجانسين فالأشرف أو الأصل يجوز أن تسع الأخ والفرع. وأما الأنواع المتفرقة من الأنواع الأربعة فمثل أن يكون البذر من أحدهما والباقي من الآخر فهذه المزارعة فاسدة لأنه يصير مستأجرا للأرض والبقر والعامل جميعا بالبذر ولم يرد الشرع به.
قال فخر الدين قاضي خان في " الجامع الصغير ": وعن أبي يوسف أنه يجوز، لأنه استئجار للعامل والأرض ببعض الخارج، وكل واحد منهما جائز عند الانفراد، فكذا عند الاجتماع. وكذلك إن كان البقر وحده من أحدهما والباقي من الآخر فالمزارعة فاسدة في ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف أنه جوز ذلك، كذا في " تجريد المحيط "، وكذلك إذا كان البقر والبذر من أحدهما والأرض والعمل من الآخر فالمزارعة فاسدة، لأن الشرع لم يرد به.
وفي الخارج اختلاف الرواية في الوجهين في رواية لصاحب البقر والبذر كسائر المزروعات الفاسدة. وفي وراية يكون لصاحب الأرض ويكون ذلك قرضا، وكذلك لو اشترك أربعة من أحدهم البذر، ومن الآخر العمل، ومن الآخر البقر، ومن الآخر الأرض فالمزارعة فاسدة.
وقال محمد بن الحسن في كتاب " الآثار ": أخبرنا عبد الرحمن الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد قال: «اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال واحد: من عندي البذر، وقال: الآخر: من عندي العمل. قال فألقى رسول لله صلى الله عليه وسلم صاحب الأرض وجعل لصاحب العمل درهما لكل يوم، وألحق الزرع كله لصاحب الأرض» انتهى. والفدان بالتشديد والتخفيف اسم للثورين اللذين يحرث بهما. قوله: ألقى صاحب الأرض، يعني لم يجعل له شيئا من الخارج، لأنه لا يستوجب مثل الأرض وأعطى لصاحب العمل كل يوم درهما، لأن ذلك كان أجر مثل عمله ولم يذكر أجر الفدان لكونه معلوما من أجر العامل.
م: (وهاهنا وجهان آخران باطلان لم يذكرهما) ش: أي وجهان آخران باطلان لم يذكرهما