الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فيما يقسم وما لا يقسم
قال: وإذا كان كل واحد من الشركاء ينتفع بنصيبه قسم بطلب أحدهم، لأن القسمة حق لازم فيما يحتملها عند طلب أحدهم على ما بيناه من قبل. وإن كان ينتفع أحدهم ويستضر به الآخر لقلة نصيبه، فإن طلب صاحب الكثير قسم، وإن طلب صاحب القليل لم يقسم، لأن الأول ينتفع به فيعتبر طلبه، والثاني متعنت في طلبه فلم يعتبر. وذكر الجصاص على قلب هذا
ــ
[البناية]
[فصل فيما يقسم وما لا يقسم]
م: (فصل فيما يقسم وما لا يقسم) ش: لما تنوعت مسائل القسمة إلى ما يقسم وما لا يقسم أفردها بالفصل.
م: (قال: وإذا كان كل واحد من الشركاء ينتفع بنصيبه قسم بطلب أحدهم) ش: أي قال القدوري في "مختصره" م: (لأن القسمة حق لازم فيما يحتملها) ش: أي فيما يحتمل القسمة، أراد باحتمال القسمة أن ينتفع كل واحد منهما بنصيبه بعد القسمة م:(عند طلب أحدهم على ما بيناه من قبل) ش: أشار به إلى قوله إذا كانت من جنس واحد أجبر القاضي على القسمة ولا خلاف فيه للعلماء.
م: (وإن كان ينتفع أحدهم ويستضر به الآخر لقلة نصيبه، فإن طلب صاحب الكثير قسم) ش: أي جبرا وبه قال الشافعي وأحمد ومالك رحمهم الله في المشهور عنه، وفي رواية عن مالك لا يجبر، واختاره ابن القاسم، وبه قال أبو ثور.
وقال ابن أبي ليلى: لا يقسم ولكن يباع ويقسم ثمنها، وكذلك إذا كان سائر الشركاء لا ينتفعون بأنصبائهم الطالب يقسمها جبرا.
م: (وإن طلب صاحب القليل لم يقسم) ش: أي إذا كان صاحب القليل لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة لا يقسم، وبه قال الشافعي في الأصح م:(لأن الأول) ش: أي صاحب الكثير م: (ينتفع به) ش: أي بنصيبه م: (فيعتبر طلبه) ش: لأنه طالب بحق ثابت له م: (والثاني) ش: أي صاحب القليل م: (متعنت في طلبه فلم يعتبر) ش: لأن طلب شيئا يستنصر به فلا منفعة له في القسمة فيكون متعنتا في دعواه، وهو من العنت وهو من الشدة.
وفي العباب العنت الوقوع في أمر شاق وقد عنت من باب فعل بالكسر، وعند " تهذيب الديوان " يقال عنت متعنتا إذا جاءك يطلب زلتك.
قلت: والعنت الإثم أيضا، والعنت الزنا والفجور أيضا.
م: (وذكر الجصاص) ش: وهو أبو بكر أحمد بن علي الرازي م: (على قلب هذا) ش: أي على عكس هذا، فقال يقسم إذا طلب صاحب القليل، لأنه رضي بضرر نفسه ولا يقسم إذا
لأن صاحب الكثير يريد الإضرار بغيره والآخر يرضى بضرر نفسه.
ــ
[البناية]
طلب صاحب الكثير، لأنه يوقع الإضرار بغيره، وهو معنى قوله م:(لأن صاحب الكثير يريد الإضرار بغيره والآخر) ش: وهو صاحب القليل م: (يرضى بضرر نفسه) ش: وهكذا نقل الصدر الشهيد في "شرحه لأدب القاضي " عن الجصاص، وكذلك نقل عنه في " الفتاوى الصغرى " وكذلك نقل عن صاحب " الهداية ".
وقال الأترازي: ولنا في هذا النقل عنه نظر، لأن الجصاص وهو أبو بكر الرازي ذكر في "شرحه " ما ذكره الخصاف في " أدب القاضي " بعينه ولم يذكر خلاف ذلك، كذلك ذكره الخصاف في "شرحه لمختصر الطحاوي " كما ذكره أحمد بن عمرو الخصاف ولم يذكر خلاف ذلك، وقال الخصاف في " أدب القاضي ": وإن كان الضرر إنما يدخل على أحدهما لأن نصيبه قليل والآخر نصيبه كثير فطلب صاحب النصيب الكثير القسمة وإن ذلك الآخر، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا يقسم ذلك بينهما، إلى هنا لفظ الخصاف ولم يذكر لمحمد قولا، ولكن الطحاوي ذكر المسألة في "مختصره " تخصيص أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - فقال: إن كان الذي يصيب الطالب منهما ينتفع به لكثرته وما يطلب الآخر فما ينتفع به لقلته فسماها بينهما إلى هنا لفظ الطحاوي رحمه الله.
وقال أبو بكر الرازي وهو الجصاص: لأن للطالب حقا في هذه القسمة وهو الانتفاع بملكه متميزا على حق غيره ومنع غيره من الانتفاع بملكه، والذي أباه إنما يريد الانتفاع بملك غيره ويجبر على القسمة إلى هنا لفظه، ولم يذكر غير هذا. وقال في " الفتاوى الصغرى ": دار بين رجلين وطلبا القسمة جميعا وتراضيا بذلك وليس نصيب كل منهما ما ينتفع، فإن القاضي يقسم ذلك بينهما لأن الملك لهما وقد تراضيا بهذا الضر، وإن طلب أحدهما القسمة وأبى الآخر لم يقسم القاضي بينهما لأن الطالب متعنت مضر بالآخر، وإن كان الضرر يدخل على أحدهما بأن كان نصيبه قليلا بحيث لا يبقى منتفعا بعد القسمة، ونصيب الآخر كثير يبقى منتفعا بعد القسمة فطلب صاحب الكثير القسمة فالقاضي يقسم. وإن طلب صاحب القليل وأبى الآخر لا يقسم، هكذا ذكر الخصاف، يعني في " أدب القاضي ".
وذكر الجصاص على عكس هذا، فذكر في قسمة " الواقعات " دار بين شريكين لأحدهما كثير وللآخر قليل لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة طلب صاحب الكثير القسمة وأبى صاحب القليل قسمت الدار بينهما بالاتفاق وإن طلب صاحب القليل وأبى صاحب الكثير قال الكرخي في "مختصره ": لا يقسم، وإليه مال الفقيه أبو الليث وجعل هذا قول أصحابنا، وبه أخذ شمس الأئمة السرخسي وشيخ الإسلام الأسبيجابي، وذكر الحاكم الجليل في "مختصره " أن يقسم،